عن «المزاد» الصهيو أميركي «المفتوح».. لِ«تهجير» الشعب الفلسطيني؟

لم تعد ثمة شكوك, خاصة في ظل تواصُل حرب الإبادة الجماعية, التي يشنها جيش المجرمين الصهاينة, بدعم أميركي مُعلن.. ميداني, إستخباري, عسكري, سياسي, دبلوماسي وإعلامي, بأن تل أبيب وواشنطن عازمتان على المُضيّ قُدماً, في «تفريغ» كامل قطاع غزة من سكانه. ليس فقط شماله كما يبدو للبعض, بل وسطه وخصوصاً جنوبه الذي بات مُكتظّاً بنازحيه, الذين يُعانون الجوع والعطش, ويفتقدون الدواء والإيواء

مؤشرات ذلك لم تبدأ منذ وجّه جيش جنرالات الموت, دعوته أهالي شمال القطاع وخاصة سكان مدينة غزة للتوجّه نحو الجنوب, بل ان ما فشلت تل أبيب وواشنطن في تمريره بإقامة مخيمات في صحراء سيناء المصرية, ما لبث أن تحوّل إلى مزاد مفتوح وعلني, طرحَه بوقاحة وصلف العدو الصهيوني كما مُشغله الأميركي, (وإن كان البيت الأبيض يستخدم لغة مغسولة, تقول الشيء ونقيضه في الآن ذاته). عبر وسائل الإعلام والتصريحات التي تصدر هنا وهناك, في تل أبيب ونيويورك وواشنطن. حيث تقدمت الصفوف فيها صحيفة «وول ستريت جورنال", المعروفة بقربها اللصيق, بل ا?ناطقة باسم أصحاب ررؤس الأموال والشركات مُتعددة الجنسيات اليهود والمتصهينين في غالبيتهم

إذ خرجتْ «وول ستريت جورنال» أول أمس بتقرير لافت في توقيته وخطير في مضامينه, يتحدث عن «الواجب» المترتب على «المجتمع الدولي» لإيجاد حلول تصبّ في خانة «إنقاذ المدنيين", في ظل القصف «العنيف» الذي يستهدف مناطق متفرقة من قطاع غزة

من قرأ المقدمة «المُثيرة» السابقة/أعلاه, ظنّ أن الصحيفة الأميركية المُتصهينة ستدعو إسرائيل على الفور, لوقف إطلاق النار وعدم التعرّض للمدنيين والمشافي, والبنى التحتية وخاصة مدارس الأُونروا ومرافقها. فإذا بها تقودنا إلى فخ أكثر خطورة في نتائجه وأبعاده, على مستقبل الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني التحرري. إذ أضافت الصحيفة المتصهينة - في تقريرها المُفخّخ - قائلة: إحدى الأفكار هي أن تقبل البلدان (في جميع انحاء العالم) أعداداً محدودة من الأسر الغزيّة, التي أعربت عن «رغبتها» (كيف عرفوا رغبات هؤلاء؟) في الانتقال إلى?مكان آخر.. مُستطردة/الصحيفة الاميركية: أن أوروبا «تتمتّع» بتاريخ طويل في مساعدة اللاجئين الفارّين من الصراعات وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك، مُضيفة: بالنظر إلى هذه الأمثلة «ينبغي» على البلدان في «جميع أنحاء العالم», أن توفّر ملاذاً لسكان غزة، وبوسع هذه البلدان - واصلتْ سرديتها المسمومة - أن تُحقّق هذه الغاية من خلال إنشاء «برامج نقلٍ جيدة التنظيم ومُنسّقة دولياً»، ويمكن - تابعتْ لأعضاء المجتمع الدولي أن يتعاونوا لتقديم حزم الدعم المالي لـِ«مرة واحدة» لسكان غزة المهتمين بالانتقال, لـ«المساعدة في تكاليف ?لنقل وتسهيل تأقلم اللاجئين مع مجتمعاتهم الجديدة»

أخيراً يصل » تقرير» الصحيفة إلى نهايته المطلوبة, على النحو التالي: نحن «ببساطة» في حاجة إلى «حِفنة» من الدول, لتقاسم مسؤولية «استضافة» سكان غزة، وحتى - واصلتْ المزاد الصهيوني المفتوح - لو استقبلتْ كل دولة ما لا يقل عن عشرة آلاف شخص، فإن ذلك سيساعد في تخفيف الأزمة.. مُختتمة تقريرها بوعظ شيطاني صهيوني بالقول: المجتمع الدولي لديه واجب «أخلاقي» وفرصة لإظهار التعاطف, ومساعدة «شعب غزة» على التحرّك نحو مستقبل أكثر ازدهاراً, و"العمل معاً» لتحقيق قدر أكبر من السلام والاستقرار في الشرق الأوسط». (تَقصِد بالطبع إراحة ?سرائيل وتمكينها, من التمدّد وابتلاع المنطقة وليس فقط الضفة الغربية وقطاع غزة)

ثم جاءت المفاجأة

تقرير الصحيفة الأميركية المتصهينة لم يكن «يتيماً", بل كان لـ"نائبين» صهيونيين في الكنيست. أحدهما الفاشي الليكودي مندوب تل أبيب في الأمم المتحدة/داني دانون، والآخر يتبع حزباً محسوباً على «اليسار الصهيوني المُزيّف» ويرأسه يائير لبيد/يوجد مستقبل واسم النائب/رام بن باراك. ثم سارع وزير المالية في حكومة الفاشيين الصهاينة وزعيم حزب «الصهيونية الدينية» المتطرف/سموترتش, للإشادة بالبيان, مُعتبراً أن «إستيعاب الفلسطينيين من قطاع غزة في دول العالم», هو «الحل الصحيح» للصراع الفلسطيني/الإسرائيلي، وأضاف مستعيداً الاسطورة?الصهيونية المعروفة بعد النكبة قائلاً: مُعظم سكان غزة هم الجيل الرابع والخامس من لاجئي العام 1948. الذين - تابعَ - بدلاً من إعادة تأهيلهم منذ فترة طويلة, على أساس شخصي وإنساني مثل مئات الملايين من اللاجئين في جميع أنحاء العالم، تم احتجازهم كـ«رهائن في غزة في الفقر والاكتظاظ»، وكانوا رمزاً للرغبة في تدمير دولة إسرائيل وإعادة اللاجئين إلى يافا وحيفا وعكا وطبريا»، وفق تعبيره

ما يعكس من بين أمور أخرى, الدعوات الصهيو ــ أميركية التي لم تتوقف منذ النكبة, لـ«إلغاء» وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين/ الأونروا, وإلحاق اللاجئين الفلسطينيين بـ«المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين/ UNHCR». ما يعني حتما شطب حق العودة نهائياً, وإسقاطه عن جدول الأعمال