بعد فشل «التهجير».. «توزيع الغزّيين» على أميركا وأوروبا؟

بعد العراقيل التي واجهتها خطة التحالف الصهيوأميركي لتهجير سكان قطاع غزّة إلى صحراء سيناء، وبخاصّة إثر رفض الجانب المصري التجاوب مع جريمة ضد الإنسانية كهذه، بدأت الأوساط الصهيواميركية ذاتها تتحدث عن الخطة/باء (وربما تعقبها الخطة/جيم, إذا ما فشلت الخطة الجديدة). تقوم/الخطة باء على عدة خطوات لتفكيك الكثافة السكانية في القطاع وتخفيض أعداد ساكِنيه, بعيداً عن فكرة التهجير أو التوطين في دول الجوار, على ما ذكرت صحيفة «العربي الجديد» أمس, اعتماداً على مصادر عديدة منها دبلوماسية غربية، لافتة إلى حدوث ما اسمته «تحوّلاً غربياً وأميركياً» بشأن خطط تفكيك الكثافة السكانية في القطاع، بعد تراجُع مخطط تهجير سكان القطاع إلى محافظة شمال سيناء المصرية.

ماذا عن تفاصيل المخطط الجديد؟.

يقوم الطرح الجديد–ودائماً وفق الصحيفة–على تقديم «تسهيلات واسعة» لسكان القطاع, عبر تصاريح الإقامة وفُرص العمل في الولايات المتحدة وعدداً من الدول الأوروبية, التي «تُبارك» المقترح بالإضافة إلى بعض الدول العربية، على أن تكون الأولوية –وفق المقترح-، لسكان مناطق «شمال القطاع", فضلاً عن أنه/الطرح الجديد يأتي ــ وفق المصدر ذاته ــ ضمن خطة «متوسطة المدى». خاصّة ان دولاً في المنطقة أبّدت استعداداً للتعاون مع الإدارة الأميركية في هذا الإطار من خلال استقبال «عدة آلاف» من سكان القطاع في قطاعات مُختلفة.

ثمّة ما يستدعي التوقف عنده والتدقيق في مراميه وأهدافه. إذ قال مصدر دبلوماسي «غربي» رفض الكشف عن اسمه للصحيفة، أن الطرح الخاص بتقديم تسهيلات بشأن انتقال «سُكان» قطاع غزّة للعمل والإقامة خارج غزّة، لقي قبولاً من بعض عواصم المنطقة، لافتاً إلى أن «هذا الطرح", حتماً ستكون له «ضوابط» لمنع تسلّل أصحاب «الأفكار المُتشدّدة»، وفق تعبيره. مُضيفاً المصدر الدبلوماسي الغربي, أن الطرح هذا عُرِض على دول إقليمية لكنه لم يزلْ في طور المناقشات, لكن استطردَ – يمكن القول بأنه مُقترح قد يكون مقبولاً، خاصّة أن بعض الدول بحاجة إلى أعداد كبيرة من العمالة».

هل ثمة فرصة لتنفيذ هذا المقترح؟.

يجيب المصدر الدبلوماسي الغربي نفسه أن «الفُرص» قد تكون كبيرة، خصوصاً ـ يُفسّر المصدر ــ في ظل الدمار الكبير في القطاع، لا سيما المناطق الشمالية، ما يجعل الحياة فيها «مُستحيلة»، مُتابِعاً.. وسيكون سكان تلك المناطق في حاجة إلى «الاستقرار", وبالتالي – واصلَ – ستُرحب أعداد من سكان غزّة بالإنتقال «للعيش بشكل أفضل من أجل أبنائهم». (يالإنسانية الغرب المتنور.. حقاً).

** استدراك:

ثمّة تجربة صهيوــ اميركية مُماثِلة، حصدت «فشلاً «في العام 2006؟. إذ بعد العدوان الصهيوني على لبنان في 12 تموز 2006 (تصِفه تل أبيب «حرب لبنان الثانية", أما حرب لبنان الأولى, فهي «اجتياح بيروت» في العام 1982, التي أطلقَ عليها مُجرم الحرب بيغن «حرب سلامة الجليل", واعداً مستوطني الجليل بهدوء يمتد لأربعين عاماً).

المهم.. كان أحد أهداف تلك الحرب «تهجير» سكان الجنوب اللبناني, فعمل العدو الصهيوني على تدمير قراه وبلداته ومدنه, وبعد وقف النار وصدور قرار مجلس الأمن رقم 1701, في 14/ 8/ 2006. علت أصوات داخل لبنان وخارجه, تدعو «نازحي» الجنوب, بـ"عدم العودة» حتى «إعادة إعمار» ما خلّفته الحرب, لكن سكان الجنوب سارعوا بالعودة من فورهم, بعد أن اكتشفوا أن المخطط الصهيو ــ أميركي, مدعوماً من قوى داخلية, رغم تفريغ الجنوب من كُتلته الديموغرافية التي في معظمها من مَذهب معين يُشكل حاضنة للمقاومة, ما يعني (عدم عودة المُهجرين من سكانه), إراحة لإسرائيل وضمان «نهائي» لمستوطني شمالها الفلسطيني المُحتل.

ما أشبه الليلة.. بالبارحة. فهل تحصد خطة «توزيع الغزّيين» على أميركا وأوروبا والمنطقة. الفشل ذاته الذي حصدته خطة «تفريغ» الجنوب اللبناني من سكانه؟.