آفاق الاتفاق الجديد مع الصندوق
تم التوقيع على إتفاق جديد بين الأردن وصندوق النقد الدولي للإصلاحات الاقتصادية والهيكلية لمدة أربع سنوات بقيمة إجمالية تصل الى 1.2 مليار دولار، يتوقع أن يتم المباشرة به بعد انتهاء الاتفاق الحالي في مارس 2024. يمكن أن يكون لهذا الاتفاق تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الأردني.
من الواضح أن قرار اللجوء إلى الصندوق مرة أخرى تأثر بعدة عوامل، بما في ذلك الوضع الاقتصادي الداخلي والتطورات الاقليمية والدولية، ومن وجهة نظر الحكومة يعتبر هذا القرار إستراتيجيًا ويعكس تفضيلاتها وتقديرها لأفضل السياسات الاقتصادية في ظل الظروف الراهنة.
وكما كشف البيان الصحفي الصادر عن الصندوق بتاريخ 9 تشرين الثاني 2023، سيستمر البرنامج الجديد في دعم الأردن في مواجهة الصدمات الجديدة، مع التركيز على مواصلة سياسات الضبط المالي لوضع الدين العام على منحنى منخفض مستمر والحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي وتسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية لدعم النمو وتعزيز خلق فرص العمل.
لذا، نتوقع من هذا الاتفاق أن يساعد في إدارة ملف الدين بفعالية أكبر، كأن يتضمن تدابير لتقليل العجز في الموازنة العامة وتنفيذ إصلاحات مالية، مما يؤدي في النهاية إلى مسار دين أكثر استدامة.
كما نتوقع من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي أن يتضمن تدابير لتعزيز النمو الاقتصادي من خلال تبني إصلاحات هيكلية واستثمارات كبيرة في قطاعات رئيسية في الاقتصاد. ويكون ذلك من بين سياسات أخرى، تحسين بيئة الأعمال والبنية التحتية، الامر الذي يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي المستدام. كما أن توفير الدعم من خلال برنامج جديد للصندوق الممدد Extended Fund Facility غالبًا ما يبعث برسائل تطمئن المستثمرين الدوليين والمانحين. ويفترض أن يعمل الاتفاق على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال زيادة استقرار الاقتصاد وتحسين مناخ الاستثمار العام، مما يؤدي إلى زيادة فرص العمل وتنويع اقتصاد البلاد. برنامج صندوق النقد الدولي يركز على الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية وسوق العمل، بهدف إنشاء قطاع خاص أكثر ديناميكية قادر على خلق المزيد من فرص العمل وتحقيق انخفاض ملموس في البطالة، لاسيما بين النساء والشباب.
ونفترض أن يستمر إتفاق صندوق النقد الدولي في توفير شبكات أمان اجتماعية وبرامج مساعدة مستهدفة، يمكن أن تساعد في حماية السكان الأكثر ضعفًا أثناء الإصلاحات الاقتصادية. هذا أمر بالغ الأهمية للتخفيف من التأثيرات السلبية للتكيفات الهيكلية على أفقر شرائح المجتمع. يمكن أن يهدف الاتفاق إلى استقرار سعر الصرف، مما يمكن أن يحافظ على مستويات متدنية من التضخم ويعزز الاستقرار الاقتصادي العام. فالعملة المستقرة يمكن أن تجذب الاستثمار وتدعم نمو الأعمال. ولا شك أن من أقوى دعامات الاقتصاد الاردني هو الجانب النقدي بما لديه من إحتياطيات أجنبية كبيرة واستقرار في سعر الصرف وجهاز مصرفي متين، لكنه بحاجة لتوفير أدوات مالية ذاتية المنشأ خلاقة من أموال المودعين توفر التمويل لكافة القطاعات الاقتصادية وخاصة التي تساهم في النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.
كما يمكن لاتفاق صندوق النقد الدولي أن يزيد من وصول البلاد إلى الأسواق المالية الدولية، وأن يساعد في تأمين تمويل إضافي من مصادر مختلفة لدعم الاستثمار العام ومشاريع التنمية الأخرى. ومن جهة ثانية، فإن توفير الاتفاق لقروض جديدة، سيزيد من عبء الدين العام للدولة. لذا، يجب الحرص على ان تكون جوانب الانفاق لهذه القروض على مشاريع تنموية تساهم في زيادة معدلات نمو الناتج وخلق فرص عمل مستدامة.
من المهم ملاحظة أن نجاح هذا الاتفاق يعتمد بشكل كبير على كيفية تنفيذه والشروط والسياسات الخاصة التي يحتوي عليها. قد تكون إصلاحات اقتصادية وإجراءات التقشف تحديًا للسكان في الأجل القصير، ولكن إذا تم تصميمها بشكل جيد وإدارتها بفعالية، يمكن أن تؤدي إلى استقرار اقتصادي وازدهار على المدى الطويل.
التأثير الفعلي للبرنامج الجديد على الدين، والنمو، والاستثمار الأجنبي المباشر، والتوظيف، وغيرها ستعتمد على تفاصيل الاتفاق وكيفية تنفيذ ا لحكومة الأردنية للإصلاحات والسياسات المتفق عليها. ستعمل الحكومة والصندوق على مراقبة التقدم الذي يحققه الاقتصاد ضمن البرنامج وقد يتم تعديل الشروط وفقًا لضمان تحقيق الأهداف. من المهم أيضًا أن تتواصل الحكومة مع الجمهور وتشاركهم لبناء الدعم للإصلاحات وشرح فوائدها على المدى الطويل.