ابومازن بين فكيّ اليمينين


لسنا هنا بصدد تقييم الماضي فالربيع العربي يأتينا بِتَغَيُّراتٍ يومية , لا نعرف إلى أين تُفْضي, لكننا متفائلون بالمستقبل . وأُشير هنا إلى أن قيادات فتح النظيفة أيّدت الربيع العربي لأن الفلسطينيون حركة تحرر والثورات العربية جاءت بهدف التحرر من قيود الحكام الأصنام. وتحرر الشعوب العربية يَشُدُّ من أزر الشعب الفلسطيني. ومن هنا , فإنني لا أشك في نوايا الرئيس محمود عباس بشأن المصالحة التي بادر إليها رغم التهديدات الصهيونية . فمحادثات سلطته مع الصهاينة في عمان باءت بالفشل جراء التعنت الصهيوني الذي لم تفلح المفاوضات معه في إيقاف بناء الوحدات الإستيطانية وتسمينها , كما لم تفلح في وقف إستمرارية النهج الصهيوني تجاه تهويد القدس.
إن تشكيك بعض قيادات حماس في نوايا الرئيس محمود عباس مرفوض, لأن المصالحة هي مطلب شعبي قبل أي شيء آخر. وأؤكد هنا , أن قيادات حماس منقسمة تجاه قضية المصالحة . والخلافات ظهرت إلى العلن بين القيادي محمود الزهار ومن معه من جهة والسيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة ومن معه من جهة أخرى. مع العلم أن من رأى في هذه الخلافات أنها بين حماس الداخل والخارج ليس صائباً, فعشية المؤتمر الصحفي الذي عقده الزهار للتنديد باتفاق الدوحة , صرح النائب المقدسي المبعد أحمد عطون أن موقف الزهار هو موقف شخصي لا يمثل موقف الحركة , لكن إصرار الأخير ينذر بحدوث إنشقاقِ في صفوف الحركة.
ولأن ثورات الشعوب العربية قامت لتتخلص من فساد أنظمتها وتنشد حريتها وتضمن لها كرامتها, سارع الرئيس أبومازن في تطهير صفوف السلطة من الفاسدين التابعين الذين كانوا ضد مشروع المصالحة , فلماذا لا تَقْدِم حماس على التخلص ممن يعيقون إتمام المصالحة من صفوفها باعتبارهم يعملون ضد مطالب شعبهم؟
لم يتوانى الرئيس عباس عن مقارعة الصهاينة في أروقة الأمم المتحدة , عندما قدم فلسطين قضية عالمية ونجح في ذلك , غير آبهٍ بالتهديدات والضغوطات التي مورست عليه. وحقق بذلك إنتصاراً ديبلوماسياً واعترافاً دولياً وعزل دولة إسرائيل وقلّلَّ من نفوذها. وبالمصالحة التي ينشدها سيكون الوضع الفلسطيني أرقى وأمثل.
على حركة حماس أن تضع مصلحة الشعب الفلسطيني نصب أعينها , هذه المصلحة التي لا تتحقق إلا بالمصالحة الوطنية بعيدة عن التجاذبات بين الفصائل فكلها مقاوِمة , وتبنت خطَّ المقاومة.
وتجد أن رغبة الفلسطينيين بان يبقى الصراع محصورا مع العدو الصهيوني لكي يتمكن من مقارعته بكل الوسائل المتاحة له لا أن يعطي جل اهتمامه لأمور داخلية تبعده عن مركز صراعه الرئيسي