ذكورنا الاشاوس يطيلون السنتهم على السوريات اللاجئات

 
كلما حدثت مصيبة في بلد عربي،كنا بحمد الله،في الصدارة،عبر تحويل مصيبة غيرنا الى منفعة عندنا،على قاعدة مصائب قوم عند قوم فوائد.

من العراقيين الذين فروا من العراق الى هنا وتشليحهم اموالهم،بايجارات كاوية،وبمعاملة فوقية،وبتذمر يتنكر لكل المواقف الشريفة للعراقيين معنا،مروراً بموجات المرضى العرب من اليمن وغيرها والطلبة العرب ايضاً،واستغلالهم بكل الوسائل وصولا الى الليبيين المرضى،وتشليحهم اموالهم بايجارات حارقة،وبمبالغات في فواتير العلاج،وصولا الى موجة لجوء الاف العائلات السورية الى الاردن.

العقلية الانتهازية لبعضنا،تفكر كيف تستفيد جيدا من هجرة السوريين وهربهم من الموت،لان ثقافة السوق باتت تطغى على كل شيء،ثقافة المول والخصومات والبيع والشراء والفهلوة،مقابل تبدد جزئي لمناخات القيم والاخلاق والدين،ولايلاحظ بعضنا اننا كلما تخلينا عن القيم لصالح الفهلوة كلما عدنا الى الخلف.

تجلس هنا وهناك،فلا تسمع حديثا هذه الايام الا عن الزوجة السورية التي يمكن الزواج منها بمائة دينار،او بمائتي دينار وماعليك الا ان تذهب الى المفرق او عمان او الرمثا او اربد او الكرك،لتختار حورية من حوريات الشام،لان اهالي هؤلاء يريدون سترة بناتهم،ويقبلون بزيجات عاجلة،دون شروط،مجرد مهر عادي،وزواج سريع،لان الاب المكلوم يريد ستر ابنته بأي زواج ،حتى لو تقدم لها الاعور الدجال.

وتصبح القصة موضة في الكلام،ويتفوق بعضنا في الإساءات اللفظية ليهين اهلنا من الشعب الشقيق والكريم والاصيل،ولولا فرسان بلادنا الاشاوس،لما تزوجت سورية،ولولا رجالنا الكرماء اصحاب المعدن النقي الاصيل،لما تم ستر سورية،وهكذا تصبح القصة باباً للتندر.

الذي لم يغسل وجهه منذ شهرين،يهدد زوجته بالزواج عليها من سورية،بمهر بخس،والذي لايؤدي حقوق بيته ولا حقوق والده او والدته،او عائلته،يصبح فارساً مغوارا يريد غزو مضارب السوريات في الاردن للعودة باحداهن،وكأنهن رخيصات بلا اهل،ليتناسى بعضنا ان للسوريات كرامة وشرفا،وانهن مثل بنات اي واحد فينا،وعرضهن من اعراضنا،في مدن السوق،التي يريد سماسرتها بيع قيمها،وتحويلها الى واجهات للعرض.

قمة العار والعيب والاسفاف والرخص هذا المستوى من الكلام الذي وصلنا اليه،لاننا نظن اننا احسن من غيرنا،ونظن ان مصائب العالم تأتي لشعوب دون شعوب،فلا نحسب حسابا للغد،حتى يرحمنا الله،اذ اين الكرامة في هذا الكلام الذي يردده بعضنا،واين المروءة الغائبة،واين الخوف من الله؟!.



كل واحد فينا معرض لظروف صعبة،فهل يقبل يومها ان تصير بناته او عرضه،تجارة في جلسات الساهرين،واسترخاصاً لشعب عربي كريم هو منا ونحن منه بكل الاحوال،ثم ان الدنيا دوائر تدور وتدور،ولا احد يضمن ان نبقى بمأمن من غدرات الزمان،فهل نقبل لبناتنا مثلما نتحدث عن بناتهم؟!.

اذا حدثت حالات زواج بين مواطنين عندنا وبين اخوات سوريات،فهذا امر طبيعي لاننا ابناء امة واحدة،وجيران،ومن محيط وجداني واحد،والاب السوري اذا قرر ستر ابنته بزواج من انسان طيب من اولادنا،فهذا لايعني اننا امام مزاد رخيص،يجعل الواحد فينا يظن نفسه فارسا وما عليه الا غزو بيت من بيوت السوريين اللاجئين للعودة بعروس،مقابل دراهم معدودة.

اي انتهازية ورخص واسفاف هذا الذي بات يعشش في عقول بعضنا،لان بعضنا يتعامل مع العربي القادم الينا باعتباره طريدة وفريسة يتوجب سلخها ماليا واجتماعيا،ولنا في نماذج العراقيين والليبيين والسوريين،وغيرهم،ادلة على ان بعضنا لم يعد يتورع عن التعامل مع الدم العربي باعتباره تجارة،مقابل شعارات عروبية نتغنى بها،ونفعل عكسها.

امر مؤلم ان يطغى السفلة على المشهد،مقابل الاردنيين الذين لهم مواقف خيرة وكريمة مع اهلنا السوريين بالدعوة الى مناصرتهم ومعالجتهم وجمع المال لهم،ومقابل الاردنيين الذين وقفوا مع العراق وفلسطين ولبنان وحتى سوريا،لكنها القلة القليلة التي تريد فرض ثقافة السوق على الضمير الوطني،ثقافة المغتربات وجمع المنافع،دون اخلاق او ولاءات او حسابات.

مؤسف جدا هذا الظن بالنفس الى الدرجة التي بات بعضنا يظن ان الله ينكب العراقيين حتى نستفيد نحن،وينكب الليبيين حتى تشتغل مستشفياتنا،وينكب السوريين حتى يتزوج عزابنا،وليبقى السؤال حول الثارات التي زرعناها في قلوب العرب في محنهم،وعن تجمع الفواتير،وعمن سيقف معنا،اذا واجهتنا محنة في يوم من الايام؟!.

الذي يسترخص السورية ويعتقد انها ستتزوجه بمائة دينار،عليه ان يتذكر عرض اخته ايضا،حتى لايبعث الله له من يسترخص عرضه ايضا،في اي ظرف،والحذر كل الحذر من فسحة الله التي يعطيها لنا،لان خلفها الكثير من الصبر،والتأخير يشي بجمع الحسابات لا شطبها.

حمى الله سورية،وردها الينا من غربتها.