الشعب السوري يتلقى طعنات من أصدقائه

تلقى الشعب السوري الطواق للتحرر من أيدي أكثر الأجهزة الأمنية شراسة طعنات من "أصدقائه" الذين إجتمعوا في تونس في بيان أقل مايمكن وصفه بأنه سلسلة من المُهل والتريث لحين قتل ماتبقى على كل مايتحرك في كل محافظة سورية منتفضة. هذا البيان يعكس غرابة هذه الدول في كيفية التعامل مع الإنتفاضة السورية وقلة تقدير وإحساس. إذ أنه لم يأتي إلا بتكرار الجُمل الغير مسؤولة والغير مجدية لوقف الإبادة كالتحذير والتنديد والطلب وإلقاء المسؤوليات من هنا لهناك.
لقد عجزت الدول " الصديقة للشعب" عن تطبيق نصف العقوبات الإقتصادية التي تم إقرارها في مؤتمرات وإجتماعات سابقة والتي كانت كفيلة وجديرة بالضغط الفعّال على نظام الأسد بدلاً من تمييع القضية وتحويلها من قضية تحرر من الذل إلى قضية مساعدات إنسانية.
إنتهى المؤتمر ومازال المئات من المدنيين يموتون من الجوع والقصف والإعدام بدم بارد يوميا, فلا تحول سلمي تم قبوله ولاتدخل عربي تم إتخاذه ولا ممرات إنسانية آمنه تمت ولاحتى إجبار نظام الأسد على الأقل بوقف القتل والتجويع.
كيف بالإمكان أن يطلب المؤتمر الذي يدعي أنه لأصدقاء الشعب السوري بحكومة وحدة وطنية في الوقت الذي يرفض نظام الأسد تعليق قتل شعبه لمدة ساعتين فقط؟ والتي بحد ذاتها مرفوضة لأن هذا الطلب وكأنه ضوء أخضر لنظام الأسد بقتل شعبه وتجويعه وخنقه 22 ساعة ويتم بعدها الصليب والهلال الأحمر بتجميع الجثامين ونقل المرضى وتمهيد الطريق لهذا النظام بإستأناف المجازر, في الوقت الذي تحتشد الجيوش العسكرية داخل الصومال مثلا للقضاء على مجموعة صغيرة هناك. كان على الأقل يجب أن يُناقش في آليات وإجراءات سريعة للتصدي للهجوم الأسدي المدعوم عسكريا في العتاد والرجال من روسيا وإيران ولبنان, وليس بالضرورة أن يكون الخيار لذلك هو التدخل العسكري الأجنبي كما يحاول البعض تصويره وإعطاء الرخصة لهذا النظام بالإبادة بحجة أننا لانريد تدخل عسكري, لكن على الأقل يخرج بقرار دعم الجيش السوري الحر بكل الوسائل التي تضمن التصدي للشبيحة والخونة من أتباع النظام الأسدي وحماية الشعب السوري. فلا يمكن أن نبقى متوجسين من حرب أهلية في الوقت الذي يقوم به نظام الأسد بكل أنواع الحروب ضد شعبه الطائفية منها والإنسانية.
حتى الإعتراف بالمجلس الوطني السوري بعد شهور طويلة كممثل للمعارضة كان طعنة لأغلب الثائرين داخل سوريا وخارجها.. فبعد تصعيد الناشطين في حمص من تحذير المعارضة ومخاطبتها بشكل تصعيدي ضد تخاذلها وفي ظل الإختلافات المحتدمة بين أطياف المعارضة وإنقسامها حتى داخل بنيتها وعدم تقديم هذه المعارضة لأكثر من 6 شهور لأي دعم حقيقي وملموس للمواطنين داخل سوريا أو حتى دعم الجيش السوري الحر بالشكل الذي يطلبه ويحتاجه بالإضافة إلى تلوث سمعة بعض أعضائه يتم الإعتراف به !! وكان الأولى تقديم تأمين ممرات إنسانية آمنة وتأخير هذا الإعتراف لحين إثبات قدرته على تحمل أي مرحلة إنتقالية مقبلة.
وهنا نشيد بالموقف السعودي الذي كان واضحاً ومن غير "لف ودوران" إذ انسحب وزير خارجيته من المؤتمر بعد إلقاءه كلمته من المؤتمر لعدم تقديمه أي حماية سريعة للشعب السوري من بطش الإجرام الذي يرتكبه نظام الأسد وعدم فاعليته, وإذ إعتبر أن تقديم المساعدات الإنسانية فقط غير كاف أيضا.
نعم هذا غير كاف والشجب والتنديد غير كاف والتضليل والإلتفاف على مطالب الشعب غير ناجح والدعوات المتكررة أصبحت مملة ونرفض كل من يحاول من هذا الموقف السعودي أن يطعن فيه بحجة أنه تواطئ بإحتلال العراق وتخاذل مع القضية الفلسطينية التي إعتاد البعض ذكرها لأي دولة عربية وخليجية لا من أجل تذكيرنا بل من أجل طمس وتشويه أي خطوة إيجابية تقوم بها أي دول عربية تجاه قضية ما, وهذا لاينفي أي تهم عنهم لكن توقيت الردود يأتي كمن قال خيرا أراد به سوءا.
مايقوم به نظام الأسد هو عبارة عن إبادة جماعية متتالية منظمة وحشية لا إنسانية تقلصت وإنحصرت بسببه تعدد الخيارات لوقف هذه الحرب, وبقيت الحلول مابين أمرين: إمّا نقل السلطة سلمياَ أو خوض معركة كفاحية ثورية من أجل نيل الإستقلال والحرية والكرامة والتي بالتأكيد سيكون ثمنها تقديم النفيس والغالي.. لقد حان الآن ولو متأخرا من هؤلاء الأصدقاء فهم حقيقة مصطلح "الصداقة" بلغتها البسيطة من غير إعراب ولا تبحير ومن ثم فاليلتقوا في مؤتمر يسمونه " مؤتمر الصديق وقت الضيق" كي تكون قراراتهم تردع الإجرام الأسدي من إراقة دماء الشعب السوري الطاهر " طوعاً أو كرهاً" وإلا هم في خانة المشاركين في قتل الأبرياء.