لماذا نبكي في الأوقات السعيدة؟ ما سبب "دموع الفرح"؟

أن تبكي وأنت حزين أو متألم فذلك أمر طبيعي، ولكن أن تبكي في اللحظات السعيدة فذلك يثير العديد من الاسئلة، فكيف تكون سعيدًا وتبكي كأنك حزين في ذات الوقت؟ وهل هُناك سببًا علميًا لما يُسمى "دموع الفرح"؟

ما سبب " دموع الفرح " ؟ يرى مجموعة من علماء النفس أن "دموع الفرح" قد تكون الطريقة المناسبة التي يستعيد فيها الجسم توازنه العاطفي، وكما أشاروا فإن ردة الفعل والاستجابة للمشاعر الإيجابية القوية بأخرى سلبية تؤدي إلى توازن الجسم وتسمح للشخص بتهدئة الانفعالات الشديدة بسرعة

أشار العلماء إلى أن مثل هذه الأفكار تساهم في زيادة فهمهم لكيفية التعبير عن العواطف ومراقبتها من قبل الأفراد ويرتبط ذلك بشكل كبير بالصحة النفسية والجسدية، بالإضافة إلى نوعية العلاقات الاجتماعية التي يشيرون إليها بأهمية كبيرة. وهؤلاء العلماء أشاروا إلى أن هناك أيضًا بعض الأدلة التي تشير إلى العكس من ذلك، حيث يمكن أن تثير المشاعر السلبية القوية تعبيرات إيجابية

فعلى سبيل المثال؛ يمكن للأشخاص أن يعبروا عن مشاعر الحزن أو الغضب بالضحك أو التصرفات الإيجابية. وقد تكون هذه التفاعلات طريقة للتعامل مع المواقف الصعبة أو المخيفة والتخفيف من تأثيرها. ففي بعض الأحيان، يمكن أن يكون الضحك هو رد فعل الشخص في مواجهة المشاعر السلبية القوية، مما يساهم في تحسين المزاج وتخفيف الضغط النفسي

ما هي فوائد دموع الفرح؟ البكاء ليس مقتصرًا على الحزن فقط، بل يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على مشاعر الإنسان في مواقف مختلفة. توضح ألينا فران، الطبيبة النفسية واختصاصية العلاج الأسري، أن البكاء عند الحزن يمكن أن يجلب الراحة والتحسن للشخص. وبالمثل، البكاء عند الفرح يمكن أن يزيد من مشاعر السعادة والارتياح. إن دموع الفرح تساعد في تنظيم المشاعر والتحكم فيها بشكل فعال. علمًا أن الأشخاص الذين يمكنهم التعبير عن مشاعرهم وتفريغ الضغوط عن طريق البكاء قد يعانون من تقلبات مزاجية أقل بالمقارنة مع الأشخاص الذين لا يبكون

تمثل دموع الفرح نوعًا من التعبير العاطفي، وتملك تأثيرًا مهدئًا ومريحًا. يمكن أن يشبه تأثير البكاء على الفرح تأثير الحضن أو التدليك اللطيف، حيث يخفف الإجهاد ويعزز الاسترخاء. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي دموع الفرح إلى إفراز هرمون الإندورفين في المخ، والذي يلعب دورًا في تعزيز مشاعر السعادة والرفاهية وتحسين المزاج. بشكل عام، البكاء يمكن أن يكون آلية مهمة لتخفيف المشاعر السلبية والكآبة، وقد يساهم في تحقيق الانفراج العاطفي والنفسي

متى تنهمر دموع الفرح؟ تبين الدكتورة ألينا فران أن البكاء عند الفرح يعكس طريقة طبيعية يتخلص بها الجسم من المشاعر القوية. فالدموع تعبر عن حالتنا العاطفية وتمثل وسيلة لنقل مشاعرنا للآخرين. ويمكن أن تساعد دموع الفرح في التخلص من التوتر والقلق، وتحتوي على هرمونات مضادة للتوتر ومسكنات للألم الطبيعية بشكل أكبر من الدموع الناتجة عن أسباب أخرى. وهذا يساعد في تهدئة وراحة الشخص

من الجدير بالذكر أن النساء عمومًا يبكين أكثر من الرجال، وهذا أمر طبيعي. يُعتبر هذا التعبير الصريح عن المشاعر وطريقة البكاء عند الفرح والسعادة وسيلة للتعبير عن العواطف بشكل صحي وطبيعي، وله تأثير إيجابي على الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية

نظريات عن دموع الفرح دراسات ونظريات متعددة تظهر الأسباب المحتملة لظاهرة بكاء الفرح:

فقدان السيطرة على المشاعر: تشير نظرية العالمين ميسيلي وكاستلفزانشي إلى أن جميع أنواع البكاء تنبع من شعور الإحباط والعجز والاستسلام

تعزيز التواصل مع الآخرين: بعض المختصين يعتقدون أن البكاء هو وسيلة لتعزيز العلاقات الاجتماعية مع الآخرين

مشاعر مكبوتة: يبكي بعض الأشخاص دموع الفرح عند تجربة أحداث مبهجة، ولكنهم في الوقت نفسه قد يكون لديهم مشاعر حزن مكبوتة لم يعبّروا عنها سابقًا

تنظيم توازن الجسم: الدموع تحتوي على مواد مختلفة مثل إنزيمات ودهون وإلكتروليتات ومستقلبات. البعض يعتقد أن هذه المواد قد تؤثر بشكل إيجابي على الجسم، وأن إطلاق هرمونات مثل البرولاكتين وليو-إنكيفالين من خلال البكاء يمكن أن يساعد في تنظيم التوازن الجسدي والعاطفي للجسم

استعادة التوازن العاطفي: باحثون في جامعة ييل يعتقدون أن البكاء يساعد في استعادة التوازن العاطفي ويساعد على التعافي من المشاعر القوية، سواء كانت سعيدة أو حزينة أو مخيفة. هذا يساعد في الحفاظ على توازن المشاعر والعواطف في الحياة اليومية

يمكن أن تكون هذه النظريات مفهومة للكثيرين، حيث تساعد في تفسير لماذا نبكي عندما نكون سعداء وكيف يمكن أن يكون البكاء طريقة طبيعية لتعبير عن مجموعة متنوعة من المشاعر والأحاسيس