السفير الأميركي: جولاتي على المحافظات ليست تدخلا في الشأن الأردني


اخبار البلد-حاورته: تغريد الرشق-عمان - نفى السفير الأميركي في الأردن ستيوارت جونز، ان تكون جولاته على المدن والمحافظات الأردنية، تأتي بهدف "التدخل في الشؤون الأردنية الداخلية"، مضيفا ان آخر ما يريده هو ان يظن الناس في الأردن بأنه يحاول التدخل في هذه الشؤون.
واكد جونز في أول حوار صحفي يجريه منذ توليه منصبه بعمان في ايلول (سبتمبر) 2011، وخص به "الغد"، ان بلاده لديها الكثير من البرامج التنموية والاقتصادية في الأردن، وانه خلال زياراته لبعض المحافظات، يريد التأكد من ان هذه البرامج "تعمل بشكل جيد للشعب الأردني".
واعتبر ان جولاته في المدن الأردنية تمكنه من ان يقدم معلومات للمستثمرين ورجال الأعمال الأميركيين، رغبة منه بجذب شركات لتستثمر في المملكة، وبشكل خاص "خارج العاصمة عمان".
واكد ايضا انه "يبغي التعرف اكثر وتعلم المزيد" عن الأردن، سيما وان الولايات المتحدة الأميركية، وعبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، لديها خطة استراتيجية لخمسة أعوام في الأردن، لذا فإن ما يسعى لمعرفته هو، ليس فقط ماذا فعلت بلاده، او ماذا تفعل، ولكن "ما الذي يريدنا الناس ان نفعله".وحول الإصلاح في الأردن، اكد السفير الأميركي على الدعم، الذي يحوزه جلالة الملك عبدالله الثاني من الولايات المتحدة، في المسيرة الإصلاحية التي يقودها جلالته، برغم ان "الملك عبدالله لا يحتاج لدعم اميركا في الإصلاح"، بحسب عبارات السفير، الذي اضاف إن جلالته "قائد استمع لشعبه منذ وقت طويل.. ونتيجة لذلك، فإنه بادر بعملية الإصلاح قبل حلول الربيع العربي".
واشاد جونز بما قدمه جلالته الى "الأردن"، من خريطة طريق للإصلاح، واصفا ما انجز لغاية الآن من إصلاح في الأردن بالـ "مثير للإعجاب".
وفيما اشار الى زيارة الملك الأخيرة الى واشنطن، بين ان جلالته استقبل بحفاوة وبترحاب من قبل الإدارة الأميركية والكونغرس، بشقيه الجمهوري والديمقراطي، وقد استقبل بترحاب، كذلك، من المجتمع الأميركي المسلم، موضحا ان هناك احتراما "هائلا" لجلالته في واشنطن، وان اميركا تراه قائدا لديه رؤية وشجاعة في "منطقة معقدة جدا".
وفيما يلي نص الحوار:

• ما سبب زيارتك الى محافظة مادبا يوم الخميس الماضي، وكيف تصفها؟
- كان يوما رائعا في مادبا، ومهما ومفيدا جدا لي. بدأنا الجولة في الجامعة الأميركية في مادبا، وتشرفت بلقاء رئيسها الجديد الدكتور جورج حزبون، وبرؤية سمو الأمير مرعد بن رعد رئيس مجلس ادارة الجامعة، وكانوا لطيفين بأخذي بجولة في الجامعة. بالطبع تحاورنا حول الطرق، التي يمكن بها للسفارة والجامعة العمل سويا، لأن احد مهام السفارات الأميركية في الخارج، هي المساعدة في تعزيز الصلات الأكاديمية بين الجامعات الأميركية والجامعات في العالم.
وبما ان هذه الجامعة جديدة، لذلك نحب اكتشاف طرق لمساعدتهم في تأسيس اتصالات لهم في اميركا، كما ان الجامعة لديها برنامج رائع للغة الانجليزية، وربما هناك طرق لدعم ذلك من قبلنا، اضافة الى برنامج لغة عربية ممتاز للأجانب، وهذا مهم للدبلوماسيين الأميركان، واتمنى ان يكون هناك الكثير لنفعله سويا.
بعد ذلك، زرت مشروعا للوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) في مادبا، ويهدف لتعزيز التنمية الاقتصادية في المجال السياحي اساسا، واخيرا التقيت بمجموعة رائعة من الشباب من "هيئة شباب كلنا الأردن"، في مقر صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية في مادبا. شباب متطوعين في مجتمعهم يقومون بعمل مدني جيد.
ثم تناولنا طعام الغداء مع محافظ مادبا فاروق القاضي، واعضاء من مجتمع اعمال مادبا، ومن هيئة تنشيط السياحة. تحدثنا حول الكثير، ولكننا ركزنا على السبل التي يمكن من خلالها ان تدعم السفارة جهودهم في ترويج السياحة في مادبا، والتدريب على وظائف في قطاع السياحة ومشاريعها.
• ما هي المدن والمحافظات الأردنية التي زرتها حتى الآن؟
- الى جانب مادبا، زرت السلط والزرقاء، في حين ذهبت الى المفرق لحضور فعالية هناك، وأحب ان ازور مدينة اربد، التي كنت انوي زيارتها، ولكن الزيارة تأجلت، كما اتطلع لزيارة الكرك. صحيح انني ذهبت الى هناك، ولكن فقط كسائح، اخذت عائلتي الى قلعة الكرك، ولكني لم اذهب في زيارة رسمية الى هناك.
• في زيارتك الأخيرة للسلط، فضلت تناول الغداء في بيت احد رجال المدينة، ولم تحضر غداء رسميا تم اعداده على شرفك في مستشفى الحسين. لماذا اعتذرت عن الغداء مع جهة رسمية؟ قد يكون هذا ما دفع لاعتراض بعض الناس على زياراتكم للمحافظات، واعتبار جولاتك تدخلا في شؤوننا الداخلية، ما تعليقك؟
- اعتقد بأن في هذا قليلا من "اساءة القراءة لما جرى".. فهدف زيارتي للسلط، كانت افتتاح القسم المجدد لرعاية الطفولة المبكرة والأمومة في مستشفى الحسين، وزرت كذلك مشاريع لـ (USAID)، في مجال التنمية الاقتصادية للمشاريع الصغيرة، وبعد انتهاء الزيارة الرسمية، سألوني اذا كنت اريد تناول الغداء في المستشفى، فقلت لهم انني لا استطيع، لأني قبلت دعوة اخرى على الغداء ولا استطيع الاعتذار، وان الذين دعوني "حضروا لي المنسف". وما جرى هو أنني لبيت دعوة رجل من رجالات السلط.  كان دعاني قبل حوالي 3 اسابيع عندما التقيته خلال زيارتي للزرقاء وهذا كرم منه، وقبلت هذه الدعوة الطيبة وكان حدثا جميلا، نحن في العادة نعد برنامجا لزيارتي لأي مدينة. وقال (مازحا) هناك مقولة سابقة عن الدبلوماسيين وما يمكن ان يفعلوه من اجل بلدهم، بالنسبة لي انا حدثت هذه المقولة وجعلتها :"الدبلوماسي، رجل صادق يضطر ان يأكل نيابة عن بلده، فقد زدت 5 كيلوغرامات منذ مجيئي الى هنا".
• من كان هناك على الغداء؟
- مجموعة من الناس من المجتمع المحلي، وشيوخ التقيتهم خلال زيارتي للزرقاء، وآخرون كانوا مدعوين. كان غداء لطيفا، فقد قام صاحب البيت بدعوة من يريد، وسألني هل ادعو آخرين، قلت له بالطبع.
• عن ماذا كان الحديث، هل تناولتم الشؤون الداخلية الأردنية او الإصلاحات؟
- لم نتطرق الى هذه الأمور، توقعت ان نتحدث عن السياسة لكن هذا لم يحدث. لم يتحدث احد في هذا، تحدثنا عن برامج المساعدات الأميركية، وعن المستشفى، وعن المنسف، فعلى سبيل المثال كنت للتو في المستشفى في افتتاح مشروع كلف 2.3 مليون دولار لتجديد مركز النسائية ومركز الطفولة المبكرة، وتحدثنا عن مشاريع الأعمال الصغيرة، وقالوا إنهم يريدون استثمارات اميركية اكثر في الأردن. تحدثنا عن زيارة جلالة الملك الأخيرة الى واشنطن، وكيف كانت ناجحة بامتياز، وقد اهتموا بذلك.
• البعض يفهم جولاتك على اساس أنها تدخل، ويرى آخرون بأنك سفير لدولة اجنبية، ومن الطبيعي ان تتعرف على الثقافة والحياة الأردنية خلال زياراتك.. ماذا تقول انت عن سبب جولاتك؟
- آخر ما اريده هو ان يظن الناس في الأردن أنني احاول التدخل. بلادي فخورة جدا بشراكتها مع الأردن ونشعر انها شراكة ثنائية، ونحصل على فوائد ثنائية ممتازة من هذه الشراكة، ففي 2011 زودت اميركا الأردن بـ 840 مليون دولار كمساعدات، لا نتوقع منها ربحا، بل سنستفيد نحن والأردن، فالأردنيون سيكونون بصحة افضل بسبب استثماراتنا في الصحة مثلا، ونحن نسهم ببرامج مكثفة لتحسين ومعالجة المياه مثلا. ليس فقط في عمان بل في العقبة والسلط وإربد والزرقاء.
بالنسبة لبرنامج تجديد المستشفى في السلط، نحن نفعل هذا مع 18 مستشفى آخر في البلاد، ضمن برنامج (شامل) بـ 38 مليون دولار، للأمومة ومراكز الطفولة، وهذه ليست اجراءات احادية، بل شراكة، وهذا البرنامج في السلط مثلا، تم إكماله من قبل وزارة الصحة، ويوفر الآن عناية طبية بمستوى العناية التي نحصل عليها في اميركا. نحن نوفر الأموال ووزارة الصحة قامت بالمشروع، وتأكدت ان كل شيء ينتهي في الوقت المطلوب. اذن هناك شراكة كاملة بيننا، نطور الخطة سويا، ونوفر الأموال وهم يطبقونها، وفي التعليم كذلك، فهناك خلق فرص عمل عبر برامجنا الاقتصادية.
لدينا برامج في كل الدولة، وأريد التأكد انها تعمل جيدا للناس في الأردن، وايضا اريد التعلم اكثر عن الأردن. لدينا خطة استراتيجية عبر (USAID) لخمسة اعوام. ما اريد معرفته هو ليس فقط ماذا فعلنا وماذا نفعل، ولكن، ما الذي يريدنا الناس ان نفعله. بالطبع نحن نتحدث مع الحكومة في المقام الأول عن ذلك، ولكني اود ان اسمع ما يفكر الناس به تجاه برامجنا. نلتقي مع الحكومة دائما، ونلتقي بشكل منتظم مع وزير التخطيط.
• كيف ترون عملية الإصلاح في الأردن بشكل عام؟
- اولا، قبل ان آتي الى هنا، وفي رسالة قدمتها في بلادي عند تعييني كسفير اميركي في المملكة في أيار (مايو) الماضي، قلت ان الأردن يلعب دورا خاصا في المنطقة، وقلت ان الملك عبدالله الثاني قائد استمع لشعبه، منذ وقت طويل قبل الربيع العربي، وانه كنتيجة لذلك بادر بعملية الإصلاح، وقدم لبلاده خريطة طريق للإصلاح، ورغم انه لا يحتاج لدعمنا في الاصلاح، الا انه يحوز على هذا الدعم منا بالتأكيد.
• كيف ترى اميركا وتيرة عملية الإصلاح في الأردن؟
- ما يهم، هو ما يراه وما يظنه الشعب الأردني. اعتقد أن ما انجز لغاية الآن مثير للإعجاب مثل التعديلات الدستورية. اميركا ستقدم أي دعم تقني يطلب منها ضمن روح الشراكة التي تحدثنا عنها.
• لماذا تسعون الى الحوار مع الاسلاميين،  هل تحاولون تحسين علاقتكم معهم، وسط احتمالات نجاحهم في الانتخابات المقبلة في الأردن؟ وهل تتوقعون ذلك؟
- نحن لا نتنبأ بأي شيء. موقفنا كان دائما أننا منفتحون للتحدث مع أي مجموعة سياسية تود لقاءنا، كما قالت وزيرة الخارجية كلينتون: "ان من المهم الحديث مع هذه المجموعات"، لأننا نريد ان نعرف ما هي مواقفهم، وتحديدا ما هي وجهات نظرهم عن امور مثل الانتخابات والديمقراطية وحقوق الانسان. نحن منفتحون لهذا الاتصال وهذه سياستنا.
• أتحدث تحديدا عن الإسلاميين. هل تحاولون الاتصال بهم بشكل مباشر او غير مباشر؟
- اشرنا لهم بجاهزيتنا، وبأننا سنكون سعيدين للقائهم. السفارة منفتحة للتواصل مع قادة سياسيين وأعضاء أحزاب من جميع الأطياف السياسية في الأردن، وهذا هو العمل الذي يزاوله الدبلوماسيون يوميا، في جميع أرجاء العالم.
كما ان كلينتون قالت، "نؤمن أن من مصلحة الولايات المتحدة التواصل مع جميع الأحزاب الملتزمة بالمبادئ الديمقراطية، خصوصا غير العنيفة منها"، وفي كل حديثنا مع هذه المجموعات، نشدد على أهمية احترام حقوق الأقليات، والمشاركة الكاملة للمرأة، ونحن نتعامل مع هذه المجموعات، بناء على ما تفعله، وليس على تسمياتها.
 بعض مسؤولي السفارة، وليس انا، كانت لهم اتصالات مع ممثلين عن حزب جبهة العمل الاسلامي والاخوان المسلمين واشاروا لهم برغبتنا في التواصل معهم.
•  إذاً انتم تريدون الحوار معهم؟
- نعم، نحن منفتحون لذلك.
• ماذا عن زيارة الملك الأخيرة لواشنطن؟
- عندما زار الملك واشنطن، استقبل بحفاوة وترحاب من قبل الإدارة الأميركية والكونغرس بشقيه الجمهوري والديمقراطي، واستقبل بترحاب من المجتمع الأميركي المسلم، هناك احترام هائل لجلالته في واشنطن. نراه كقائد لديه رؤية وشجاعة في منطقة معقدة جدا. مرة اخرى فخورون جدا بشراكتنا.
وأنا اشعر بالفخر لحصولي على هذا المنصب، واملك سعادة شخصية لأمثل اميركا في الأردن، كما اتطلع الى فرص وطرق نستطيع من خلالها بناء علاقة بطرق خاصة للمساعدة في خلق المزيد من فرص العمل والنشاط الاقتصادي، خصوصا في القطاع الخاص في الأردن.
• هل هناك مساعدات اميركية جديدة للأردن؟
- هناك الكثير من الدعم الجديد. مثلا تحدثنا عن برامج ضمانات المشاريع الصغيرة والمتوسطة. هذا اعلن عنه سابقا ولكنه جديد. تحدثنا عن برامج للمياه في الزرقاء بتكلفة 275 مليون دولار، وهذا العام ستستضيف اميركا وتترأس قمة الـ"جي 8"، وبما ان فرنسا كانت بدأت شراكة دوفيل العام الماضي، فنحن سنستمر بها لايجاد دعم مباشر لعدد من الدول في المنطقة، وبشكل خاص الى الأردن، ونتطلع لجعلها شراكة مفيدة للأردن ودول اخرى.
• كلمة اخيرة تقولها؟
- نريد ان نروج للمزيد من النشاط الاقتصادي بين الأردن واميركا، وخلق مزيد من تجارة الأعمال عبر برامجنا. احاول إحضار شركات اميركية للتجارة والاستثمار في الأردن. احاول ان اجعل شركات اميركية تؤسس قواعد او مكاتب اساسية لها هنا، لأني اؤمن بأن الأردن سيكون مكانا جيدا لتأسيس مثل هذه القواعد للشركات الأميركية والتي تستطيع من خلال مكاتبها هنا ان تعمل مع العراق والخليج والمنطقة، واذا سالتني بماذا اقضي معظم وقتي فعلا، أقول هو بإحضار شركات اميركية للتجارة والاستثمار في الأردن.
واحب ان اؤكد في الختام، أنني عبر جولاتي الى المدن الأردنية، استطيع ان اقدم معلومات للمستثمرين ورجال الأعمال الأميركيين، فأنا اريد ان احضر شركات لتستثمر بشكل خاص خارج العاصمة عمان، فعندما يسألني رجل اعمال اميركي مثلا عن المنطقة الصناعية في اربد، وهل بها ماء وكهرباء، وهل هي مناسبة للاستثمار، فإذا لم أكن مطلعا على الوضع، كيف سأجيبه واقول له، إنها ممتازة؟