خلافات داخل المستعمرة
حركة حماس أثبتت أنها الأكثر تضليلاً قبل تنفيذ عمليتها النوعية باجتياح الحدود بمئات المقاتلين، الذين داهموا مواقع الإسرائيليين في يوم احتفالهم بالعيد وصباح السبت، فوقعت المفاجأة وأصابهم الذهول، فقتل من قُتل وتم أسر أو اختطاف أو احتجاز من بقي.
عملية نوعية غير مسبوقة بالمضمون والهدف، وبشكل وإجراءات التنفيذ، قامت بها حماس ضد المستعمرة، وسجلت تفرداً في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي شبيها بأفعال الراحل خليل الوزير أبو جهاد، وشجاعة أحمد جبريل أبو جهاد، لدى فتح والجبهة الشعبية القيادة العامة، بل تماهت واقتربت مع مبادرة مصر وسوريا في معركة أكتوبر عام 1973.
لا أحد يقلل من قدرات المستعمرة وتفوقها وإمكاناتها المتاحة المدعومة حتى نخاع العظم من قبل الولايات المتحدة التي قدمت لها الغطاء السياسي في ارتكاب المذابح والتدمير لقطاع غزة والقتل لأكبر عدد من الفلسطينيين، وتقديم الأسلحة الفتاكة التي تُذيب اللحم والعظم الفلسطيني، وتصل قنابلها للأعماق بهدف تدمير الأنفاق تحت الأرض، والإخلال بخارطة المقاومة الفلسطينية التحتانية.
رغم ذلك، ورغم التفوق، سجلت المستعمرة وقواتها أنها وقعت بهزيمة تكتيكية، تظهر بردة فعلها غير المسبوقة بهذا الإجرام والبشاعة في القتل والتدمير المقصود.
نتنياهو وفريقه العسكري والأمني: 1- هيرتس هيلفي رئيس الأركان، 2- أهارون حاليفا رئيس الاستخبارات أمان، 3- رونين بار رئيس المخابرات الشاباك، 4- ديفيد برنياع رئيس المخابرات الخارجية الموساد، إضافة إلى القيادات الحزبية السياسية التي تتولى مواقع عسكرية أمنية: 1- يوآف جالانت وزير الدفاع، 2- ايتمار بن غفير وزير الأمن، 3- سموترتش وزير الدفاع المشارك، 4- تساهي هنغبي مستشار الأمن القومي، سيتحملون مسؤولية الفشل لما جرى يوم 7 أكتوبر، هُم يدركون ذلك وقد صرح سلفاً مدير المخابرات الشاباك رونين بار أنه يتحمل مسؤولية الإخفاق عما حصل يوم المفاجأة 7 أكتوبر.
ما يفعلوه طوال الأسبوعين بعد 7 أكتوبر من قتل ودمار بحق أهالي قطاع غزة من قتل مكشوف وهدف معلن إنما هو عقوبة وانتقام بهدف تحقيق نتائج المفاجأة أمام المجتمع الإسرائيلي ليقولوا بدل الصاع الفلسطيني، حملناهم أضعافها، ولكنهم لن يتمكنوا من التهرب من المساءلة وتشكيل لجنة تحقيق في وقت لاحق بعد استنفاد ردهم الدموي الإجرامي.
تفعل حماس إنسانيتها وأخلاقها بإطلاق سراح المدنيين من الأسرى أو المختطفين المحتجزين لديها، على دفعات وبشكل تدريجي، حتى ولو كانوا من مزدوجي الجنسية وهم على الأغلب كذلك، ويبقى لديها الجنود والضباط، لأنها بذلك تقدم صورة وسلوكا أخلاقيا يُسقط عنها ما أمكن صفة الإرهاب أمام المجتمع الدولي.
معركة 7 أكتوبر وتداعياتها ليست أول المواجهات، فقد سبقها العشرات، ولن تكون آخرها، بل هي محطة مواجهة نوعية لها من التداعيات الإيجابية والسلبية في مسار رحلة الصراع واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني المنهوبة، على طريق الحرية والاستقلال والعودة.