في اخطر تصريح لقيادي من حركة الاخوان المسلمين سالم الفلاحات: نظامنا السياسي متعفن
اخبار البلد- كتب الصحفي طارق النعيمات في موقع اسلام اون لاين:
قال القيادي الإسلامي والمراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين سالم الفلاحات، إن أمام الإسلاميين تحدي بناء الدولة الحديثة في دول الربيع العربي، مشيرا إلى أن المؤشرات تنبئ عن حكمة ومرونة مارسها إسلاميو المغرب ومصر وتونس، تؤسس لتجربة ناجحة.
وشدد الفلاحات، في حوار خاص مع "إسلام أون لاين"، على أن النظام السياسي في الأردن قد بلغ مرحلة وصفها بـ"العفن"، لافتا إلى أن الحركة الإسلامية اتخذت شعار إصلاح النظام وليس تغييره، وأن الحديث عن المس بصلاحيات الملك "فزاعة" يلوذ بها الفاسدون، للفت الأنظار عن الإصلاح السياسي الحقيقي.
· وردت أنباء مفادها أنكم تلتقون بالقائمين على السفارات الغربية وتتحاورون معهم.. فما هي ملابسات هذه الحوارات؟ وهل صحيح أنكم بحثتم ملف الإصلاح السياسي مع السفارة الأمريكية؟
أولا، نحن أمة الحوار، بناء على قاعدة "وجادلهم بالتي هي أحسن"، والأساس أن يتفاهم الناس وأن يتحاوروا، وهذا ما استقرت عليه ممارسات جماعة الإخوان المسلمين، ولم نستثن أحدا من الحوار، إلا من يعتبر أنه لا وجود للطرف الآخر، وفي الحالة التي لا تتوفر فيها كرامة المحاور، فإننا لن نقحم أنفسنا بمثل ذلك الحوار، لا في السابق ولا حاليا.
نحن وضعنا فيتو - بقرار رسمي من الجماعة وما يزال معمولا به حتى هذه اللحظة -على الحوار مع أمريكا منذ العام 2003 عندما أقدمت على غزو العراق، ولم نحاور أي مسؤول رسمي أمريكي أو من ينوب عنه، وليس لدينا أي علم بأي شخص خرق القرار من الحركة الإسلامية، ومن يخالف القرار فسيخضع لقوانين الجماعة في هذا الخصوص.
ولقد صرح السفير الأمريكي في عمان مؤخرا، أنه اتصل مع الجماعة، لكن ما هي النتيجة؟ هل جلس معه أحد؟ هل استجاب له أحد؟ وإذا حصلت استجابة، فليزودنا باسم هذا الشخص. من الواضح أن الأمر برمته حملة تشويه، ولا تحمل تصريحات السفير أية قيمة.
بالنسبة للجهات الأخرى غير الأمريكيين والإسرائيليين، فإنه لا مانع من الحوار معها، فلقد خضنا حوارات عدة مع دول الاتحاد الأوروبي، وكانوا يحرصون على معرفة وجهة نظر الحركة الإسلاميةفيما يسمونها "قضايا غائمة" حصل فيها تشويه وتضخيم.
· وهل قيل لكم من طرف هذه السفارات إنكم مقبلون على تشكيل حكومة، كما تشير بعض التقارير الصحفية؟
أنا شخصيا لم أشارك في الحوار، فأنا بعيد عن أي موقع رسمي في الجماعة حاليا، لكن ما نقل لي، هو سؤال الغربيين هو عن رأي الإخوان في التعددية السياسية والأقليات والمرأة، وتم الاستيضاح حول مدى قبول الحركة الإسلامية للآخر، فيما إذا وصلت للحكم، وحرص المحاورون الغربيون على السؤال عن كل التهم التي تثار ضد الحركة الإسلامية، خصوصا مع صعود الإسلاميين البارز في الانتخابات التي جرت في دول الربيع العربي.
"نظام سياسي متعفن"
· بعد أكثر من عام على بدء الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح في الأردن، هل ترون أن النظام استجاب لهذا الحراك أم أن الأوضاع لم تتغير؟
الشعوب العربية منذ سنوات وهي تتململ وتغلي، ولكن بطش الأنظمة كان يمنعها من الثورة، وعندما وصلت الأمور إلى النقطة الحرجة، ثارت الشعوب وقدمت حريتها على حياتها، هذه الحالة امتدت إلى الأردن بشكل مختلف، ونحن في الحركة الإسلامية قررنا أن هدفنا في الحالة الأردنية هو إصلاح النظام، وأن نمضي مع الشارع في حراكه، وأننا لا ننصب أنفسنا قادة للناس، وأيضا لا نتركهم يصارعون الظلم وحدهم.
نعتقد أن النظام السياسي الأردني تعفن وبلغ درجة من الانحطاط في وأد الحريات وتقديم أصحاب الولاءات على أهل الكفاءات، والتسبب بحالة من الانهيار الاقتصادي والمديونية المتراكمة التي يتحملها الشعب، فقد زاد العجز في موازنة الدولة عن ملياري دولار.
ويتفق الأردنيون على أن الإصلاح في الأردن يجب أن يكون شاملا، وأن يرتكز على الإصلاح السياسي، وهذا الأمر تعوزه تعديلات جوهرية في الدستور الأردني، وليس فقط متابعة بعض الفاسدين ومحاكمتهم، ولن يلهينا تعديل بعض الأنظمة والقوانين حتى لو كانت إيجابية، فالغاية هي الإصلاح الشامل الذي يبدأ بالشق السياسي ويليه الاقتصادي والاجتماعي والتربوي.
· لكن المعارضة غير متفقة على سقف الإصلاح، فالبعض يطالب بحكومة برلمانية، وآخرون يطالبون بتقييد صلاحيات الملك، وهناك من تجاوز كل ذلك، وطالب بإسقاط النظام الملكي واستبداله بجمهورية، فما الذي تريده الحركة الإسلامية في هذا المجال؟
سقف الحركة الإسلامية حددته الجماعة في 17 - 3 - 2011 في قرار اتخذ بأعلى المؤسسات القيادية في الجماعة. ويتلخص هذا السقف بأننا نريد إصلاح النظام، فلا نريد تغيير النظام، وفي الوقت نفسه لا نريد إصلاحا شكليا، وحددنا مطالب الإصلاح بسبعة نقاط، ولا يختلف معنا في هذه النقاط إلا المستبدون والفاسدون وقوى الشد العكسي.
ونريد أن نطبق ما نص عليه الدستور، وهو أن النظام الأردني نيابي ملكي وراثي، وليس ملكيا نيابيا، فالنيابة المنتخبة من الشعب سبقت الملكية، وللأسف فإن هناك مواد في الدستور تخالف هذه القاعدة وتنسفها، الأمر الذي حول النظام في الأردن إلى ملكي شبه مطلق.
وطالبنا بإجراء تعديلات دستورية تفضي إلى الفصل بين السلطات، وتفرز مجلسا نيابيا منتخبا بشكل نزيه من خلال قانون انتخاب يمثل الأردنيين تمثيلا أقرب إلى الصحة والصواب، وتكون فيه قائمة نسبية لا تقل عن 50 في المائة، بحيث يستطيع المواطن خلالها تنويع خياراته الانتخابية، حتى ولو كان النائب في محافظته نفسها، فالعبرة في الكفاءة. ونريد مجلسا يمثل الأردن كلها، وليس مجلسا يمثل الحارات والمصالح الضيقة.
ونريد أن يكون مجلس الأعيان منتخبا ومختارا من الشعب، وأن لا يعين تعيينا، وذلك للوصول إلى مجلس أمة منتخب، ويجب كف يد وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية عن التدخل في الانتخابات، وأن تكون هناك هيئة شعبية مستقلة مشرفة على الانتخابات لا تعينها الحكومة، بحيث تكون مستأمنة على الانتخابات لتضمن نزاهتها، وعندما يتم انتخاب مجلس نواب تشكل الأغلبية فيه الحكومة.
والشيء المهم أيضا أن يحارب كل من تورط في الفساد ويقدم إلى المحاكمة، ولا يقتصر الفساد على المتورطين بقضايا مالية، بل يشمل ذلك المستبد والمفسد السياسي، فمن تلاعب في نتائج الانتخابات وإرادة الشعب هو أخطر فاسد، وحتى الآن لم نسمع عن تقديم فاسد واحد من هذا النوع إلى القضاء .
صلاحيات الملك
· ولكن هناك من يتهمكم بوجود غموض في برنامجكم الإصلاحي، خصوصا تجاه صلاحيات الملك؟
نحن نريد تطبيق الدستور الذي نص على أن النظام نيابي ملكي، والملك نفسه شكل لجنة في وقت سابق لإعادة النظر في المواد الدستورية، وهؤلاء الذين يضعون خطوطا حمراء على صلاحيات الملك غير معنيين بالأردن، بل يحرصون على مصالحهم الخاصة.
نحن في برنامجنا لا نستهدف الملك، بل نهدف إلى بناء وطن حر ديمقراطي، وأن نكون جميعا في خدمة الوطن وقضاياه، وليس لأحد أن يتمترس بحقوقه أو امتيازاته على حساب الوطن، وقد أقر الملك التعديلات التي أجريت على الدستور مؤخرا، وبعضها مس صلاحياته بشكل غير مباشر قبل التعديل.
وأنا أرى أن التخويف من المس بصلاحيات الملك فزاعة يطلقها الذين سرقوا القرار الأردني والمال ومقدرات البلد، حتى إذا لم يبقَ لديهم حجة يواجهون بها المصلحين، رفعوا لافتة صلاحيات الملك. العالم اليوم في القرن الواحد والعشرين والأنظمة السياسية تطورت وتقدمت، فلماذا لا نتطور ونستفيد من غيرنا؟
من المعارضة إلى الحكم
· انتقل الإسلاميون مع الربيع العربي من خانة المعارضة إلى سدة الحكم في بعض الدول، وهو أمر يضعهم على المحك أمام الرأي العام، فما تقييمك لقدرة الإسلاميين على بناء دولة الحرية التي يطالب بها الناس؟
الإسلام حكم في حقبة زمنية بخلفية حضارية راقية، واستطاع أن يبني دولة قوية، كما أن الأفكار الشيوعية والرأسمالية والاشتراكية أخذت فرصتها في الحكم وجربها المواطن العربي وذاق من ويلاتها ما ذاق.
والإسلاميون يتطورون ويستفيدون من كل التجارب في كل دول العالم، تحت قواعد "الحكمة ضالة المؤمن"، ولا "إكراه في الدين"، و"أنتم أعرف بشؤون دنياكم".
ناشطو الإسلام السياسي بقوا طوال العقود الماضية بين جدران السجون والمنافي، ولا غرابة في أن ينتخب الناس الإسلاميين لأنهم قريبون منهم، ولأن منهج الحركات الإسلامية لا يحمل إسلاما جديدا مختلفا عن الذي تؤمن به الشعوب.
وما ظهر حتى الآن من وعي وممارسة من إسلاميي تونس والمغرب ومصر يدلل على أن الإسلاميين قادرون على القيام بالدور واستيعاب الآخرين، وعدم استبعادهم، حتى لو اختلفوا معهم أيديولوجيا، وقد قدم الإسلاميون المختلفين معهم إلى مواقع سياسية، كما حدث في الحالة التونسية، وآمل أن تستمر هذه الخطوات، وأن تقدر من قبل غير الإسلاميين.
الإسلاميون ذاقوا مرارة القمع والاستبعاد، وليس من المنطق ولا يمكن أن يكرر الإسلاميون التجربة نفسها، ونحن نظن أنه في حال توفر انتخابات حرة، فإن الشعوب في الغالب ستختار الإسلاميين ليحكموها.
لكن التحدي مطروح أمام الحركات الإسلامية حال وصولها إلى الحكم، وهو هل ستنحاز لنفسها وتنسى أنها رائدة أمتها؟هل ستستفيد من التجارب السابقة؟ هل لديها مقدرة على استيعاب الآخرين؟ هذه الأسئلة مطروحة على الحركة الإسلامية.
لكن الحركات الإسلامية ليست الطرف الوحيد في معادلة نجاحها أو فشلها في تجربة الحكم، فهناك الشعب، وهناك الأنظمة السياسية في العالم، وهو ما يطرح التساؤل، هل سيبقى العالم مستمرا على رفض خيارات الناس الحقيقية أم سيتعامل معها؟ هل سيترك العالم الإسلاميين يمارسون تجربتهم من دون تدخل، وأن يعاملوا بالمثل على أساس المصالح القومية؟
وبتقديري، فإن الحركة الإسلامية من خلال ما شهدناه في تونس ومصر لديها الحكمة والحنكة السياسية، لأن الإسلام يتيح هذه المرونة، إضافة إلى التجربة الطويلة للحركات الإسلامية التي ستمكنها من تحقيق التطور والمضي قدما تجاه وحدة عربية إسلامية حقيقية، وليست كتلك التي رفعتها الشعارات القومية، وشرذمت الأمة لتتكامل القدرات والإمكانيات لتعود للأمة العربية الإسلامية عزتها، وتعيد دورها في رسم المشهد الإنساني.
جرائم الأسد
· ما هي رؤية الحركة الإسلامية للأوضاع في سوريا مع استمرار سكوت الدول العربية والعالم عن المجازر التي تحصل، وما هو المخرج من هذه الأزمة برأيك؟
عندما بدأت المعركة مع العراق بما يمثله من تاريخ وحضارة ورمز إسلامي للأمة، وقفنا إلى جانبه، ولم نلتفت إلى خلافاتنا مع حزب البعث هناك، وهذا أمر طبيعي ولا نمنّ به على أحد، لأن هذا واجبنا، كذلك نسينا خلافنا مع البعث السوري ونسينا ما جرى من مذابح ارتكبها النظام هناك في حماة وغيرها والتي أخذت آلاف الأبرياء بسبب بعض أفكارهم الإسلامية، وكان موقفنا أن ننحاز لأمتنا، مهما كانت الخلافات مع الأنظمة السياسية، وها هو حزب العدالة والتنمية في مصر يتوافق مع الحزب الناصري، رغم كل ما ارتكبه عبدالناصر من جرائم بحق الإخوان.
وأريد أن أوضح حقائق عدة في الموضوع السوري: أولا، نحن نرفض التدخل الأجنبي، وثانيا، إن الشعوب يجب أن تنال حريتها.
نحن على يقين بأن التدخل الدولي لن يتم إلا إذا رأت أمريكا ورأى العالم أن كفة الشعب السوري قد رجحت، عندها سيتدخلون ويسجلون نقطة، وآمل ألا يحدث ذلك، ونحن رأينا ما حدث في ليبيا، فبعد أن تقدم الشعب المدني الذي لم يعرف التدرب على السلاح قبل ذلك، وعندما رأوا أن الشعب سيحسم معركته قصر أو طال الموضوع، تدخلوا وأعينهم ترنو إلى النفط الليبي.
والأمريكيون يقولون الآنإننا لن نساعد المعارضة السورية بالسلاح، لأن القاعدة موجودة هناك، وهذه فرية تبيح لهم السكوت على الجرائم التي يرتكبها النظام رغم أن أكبر تمثال للحرية في العالم موجود عندهم، وهم يقولون بشكل أو بآخر إن مصلحتهم ومصلحة العدو الصهيوني هي في بقاء نظام الأسد، بدل أن يأتينظام آخر لا يعرفونه.
ولعل الله قدر للشعب السوري أن ينجز ثورته السلمية المدنية بسلاح الصبر والثبات والصمود، وباستيقاظ ضمائر أبناء الجيش السوري الذين يخرجون عن دائرة التسلط الأسدي وينضمون إلى شعبهم بأسلحتهم المتواضعة، ليقفوا إلى جانبه في مواجهة هذا النظام المجرم البائد الذي يدّعي المقاومة، وهو لم يطلق رصاصة واحدة، ومكن العدو الصهيوني من التمتع بالجولان.
أنا أعتقد أن دماء كثيرة ستسيل في سوريا، ونسأل الله أن يحفظ دماءهم، لكن السوريين مصممون على الحرية وقد دفعوا أثمانا كبيرة، فهذا الشعب دفع فاتورة باهظة فيالصبر على الظلم، ودفع ثمنا كبيرا في الثورة على الاستبداد، ووصل إلى قناعة بأن كل ما يدفعه في سبيل حريته سيكون أهون من الصبر على الظلم