من يدير الحرب على غزّة.. أميركا أم إسرائيل؟
اخبار البلد-
لم تعد ثمة شكوك في ان واشنطن..خبراؤها,جنرالاتها واجهزتها الإستخبارية والإعلامية, هم مَن يديرون حرب الدولة العنصرية على قطاع غزة, خاصة بعد مشاركة الرئيس الأميركي بايدن ومن قبله وزير خارجيته/بلينكن الذي تفاخر بأنه يُشارك اسرائيل حربها كـ «يهودي»، مُشاركتهما في جلسات حكومة الطوارئ/مجلس الحرب, وإعلانه على الملأ أنه يدعم اسرائيل بلا تردّد في حربها على قطاع غزّة (وإن كان حرص كما بلينكن) القول «حربها على حماس»،في إختزال بل بالضد من الوقائع التي يتابعها مئات ملايين العالم على الهواء مباشرة، حرب الإبادة الجماعية والتطهير العِرقي التي يمارسها جيش العدو الصهيوني، غير آبه بل مُطمئن الى دعم العالم الحر الذي تقوده الولايات المتحدة, والذي تجلّى من بين أمور اخرى ليس فقط في «رفض» الدعوات الى وقفٍ «إنساني» للحرب، بعد قرار حكومة الطوارئ الفاشية، إغلاق كل أسباب الحياة أمام 2.3 مليون نسمة, عبر قطع إمدادات الماء والكهرباء والوقود والغذاء عن كامل قطاع غزّة، ودائماً في تبنّي الرواية الصهيونية, حول قصف المستشفى المعمداني واتهام حركة الجهاد الإسلامي بالوقوف خلف هذا الهجوم، حيث تسابقت وكالات الاستخبارات الغربية المدنية/والعسكرية, للترويج لرواية ناطق جيش العدو, وآخرها الإستخبارات العسكرية الفرنسية امس.
وإذا كان الرئيس الأميركي قد أطلق سلسلة من التصريحات خلال زيارته تل أبيب, التي إستطالت مدتها الى عشر ساعات, بعد أن أُعلن أنها لن تزيد عن خمس ساعات، نافياً أنه دعا الى وقف لإطلاق النار, عندما سارع مُستشاره للأمن القومي اليهودي/ سوليفان, للقول ان الرئيس «لم يسمع» السؤال، فإن ما أعلنه صباح أمس وزير دفاعه الجنرال/ أُوستن.. «التأكيد» لنظيره الإسرائيلي/ غالانت التزام واشنطن بـ«ردع» أي جِهة تسعى لتصعيد النزاع مع اسرائيل، مكرّراً التأكيد على الدعم الأميركي لدفاع اسرائيل عن نفسها, والتزام بلاده «بردع أي جهات فاعلة مِن الدول أو غير الدول, تسعى لتصعيد النزاع». ناهيك إعلان البنتاغون أمس تزويد اسرائيل بقنابل مُوجهة وصواريخ للقبة الحديدية بشكل شبه يومي», ذلك كله يكشف من بين أمور أخرى،عمق إنخراط الولايات المتحدة في الحرب الصهيونية الدائرة الآن، بل سعيها لتوسيع دائرة الحرب تمهيداً للشروع في تنفيذ مُخطّط «الشرق الأوسط الجديد» بنسخته «البايدنِية/الديمقراطية», (بمعنى كما يراه فريق بايدن المُتصهين, وليس كما رأته كوندليزا رايس في عهد بوش الإبن, بعد حرب تموز/ 2006 على لبنان).
هنا تبرز مسألة أخرى منحها بايدن أمس أولوية على دعوات وقف إطلاق النار, او «هُدنة انسانية» لإدخال المساعدات الى قطاع غزّة عبر معبر رفح, التي خضعت للعبة التوقعات لدى بايدن, عندما واصل القول أنه «يتوقّع» دخول المساعدات خلال 24 – 48 ساعة. وكان قال الشيء ذاته الخميس الماضي مُحدداً يوم الجمعة, لكن ذلك ذرّا للرماد في العيون, لتتكشف الأمور قبل ظهر أمس عندما سُمح لعشرين شاحنة بالعبور, في وقت أعلنَ فاشيّيو تل ابيب ان «لا» وقود لغزة، ما عنى تحوّل مشافي القطاع الى مقابر, فضلا عن «أوامر» القتلة الصهاينة بإخلاء تلك المشافي تمهيدا بالطبع لتدميرها.
نقول: حاول بايدن إبعاد الأنظار عن المسائل الملحة التي تفرض نفسها على حرب نتنياهو وجنرالاته القتلة على قطاع غزّة، عندما «اكتشف» ان حماس هاجمت اسرائيل يوم السبت السابع من الشهر الجاري، لعرقلة قطار «التطبيع» بين دول عربية واسرائيلية، مقزماً المسألة في هذا المسار، طامساً عن قصد جذور الصراع وتواطؤ واشنطن المتواصل منذ احتكارها «عملية السلام», ليس فقط بعد حرب اكتوبر/73 بل خصوصاً منذ مؤتمر مدريد 1991 عندما أعلن بوش الأب بحماسة وغطرسة ان الولايات المتحدة دفنتْ «عار فيتنام» في الصحراء العربية. ودائماً بعد رعايتها في حديقة الورود في البيت الأبيض التوقيع على اتفاق أوسلو 13/9/1993، ما لبث شارون بمباركة من بوش الإبن وكونداليزا رايس, إعلان دفنه وأتبعه بتسميم عرفات والتخلّص منه.
الخلاصة ثمة سيناريوهات متعددة تطرحها أوساط استخبارية وسياسية غربية أوروبية وأميركية وخصوصاً صهيونية، تتحدث عن مرحلة ما بعد «إطاحة حكم حماس», أي تدمير قطاع غزّة وتحويله الى أرض يباب, غير صالحة للسكن تماما كما فعل المحتل الأميركي في مدينة الموصل العراقية. كان آخرها ما أوردته صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية, عن «مسؤولين إسرائيليين», بأن تل ابيب تُخطط لقطع كافّة الصِلات بقطاع غزّة عقب الإطاحة بحركة حماس, وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين إن «إسرائيل لن تكون جزءاً من الحل في ما يخص توفير العمل (للغزيّين). لقد قطعنا هذا الحبل السري». مُضيفا: أن المعابر الحدودية التي كانت تعمل بين إسرائيل وقطاع غزة، لن يُعاد فتحها بعد الحرب، لأن «هذا انتهى».
كما أكد وزير الدفاع الإسرائيلي/غالانت للجنتي الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، أن إسرائيل «لن تكون مسؤولة عن الحياة في قطاع غزة» بعد انتهاء الحرب.
فهل تخلّى نتنياهو/وبايدن عن تهجير اهالي غزة وإلحاق نكبة «ثانية» بالشعب الفلسطيني, تمهيدا لإعلان قيام «إسرائيل الكبرى» على «كامل «ارض فلسطين التاريخية؟.