المنصف لم يكن منصفا

المنصف لم يكن منصفا / محمد بدر
مما قراناه في موروثنا الشعبي أنّ رجلا ألقى بنفسه في البحر ليمارس هواية السباحة دون أن يكون قد تدرب عليها ، فصارعته الأمواج وكاد أن يغرق ، وبينما هو على هذا الحال ، رأى رجلا على الساحل ، فصاح به مستنجدا ، وبدل أن يسارع لإنقاذه بدأ يلومه على نزوله البحر دون علم وقبل أخذ دورات في السباحة ، فأجابه الموشك على الغرق ، يا هذا أنقذني أولا ثمّ لمني .
حال الشعب السوري الآن كحال الغريق ، فهو يبحث عمّن ينقذه من القتل والتدمير والإبادة أولا . بينما المتفرجون أمثالنا عندهم من ترف الوقت ليناقشوا ويطالبوا ويناشدوا ويحلّلوا . إنّ مزيدا من الوقت يعني مزيدا من المعاناة ومن الضحايا . فليست النائحة الثكلى كالمستأجرة مهما كان درجة تعاطفها واهتمامها . فالأولويّة الأولى التي يجب الاهتمام بها هي إنقاذ الناس والمحافظة على حياتهم .
لقد كان مؤتمر تونس مضيعة للوقت ومحبطا لشعب يعاني ويعيش ظروفا تتطلب سرعة القرارات بالنجدة والمساعدة . كما أن الرئيس التونسي المنصف المرزوقي لم يكن منصفا عندما قارن بين الوضع في اليمن وسوريا . ويبدو أن الرئيس الذي لم يتمالك نفسه أثناء قسم الرئاسة من البكاء على شهداء ومصابي الثورة التونسية لم يتعامل بنفس الحساسيّة مع الشعب السوري علما أن عددهم أقل بكثير مما هو في سوريا .
كان يتوقع من حكام تونس الجدد أن يكونوا أكثر شعورا وفهما بمعاناة غيرهم سيما أنهم عانوا من الاضطهاد والتشريد والسجن والنفي ، فلا يعرف الشقاء إلا من ذاقه ولا الظّلم إلاّ من تجرّعه . إلاّ انه من الأنصاف والاعتراف بأهل الفضل أن نقول بأن موقف المملكة العربية السعودية وقطر خاصّة وباقي دول الخليج العربي كان متميزا . حفظ الله سوريا قوية موحّدة وحقّق لشعبها ما يصبو إليه من عزّة و حريّة وكرامة .