الاستخبارات الإسرائيلية تدفع ثمن الهزيمة!
اخبار البلد-
يجب أن يكون هذا قد استغرق أشهراً للتحضير لتنسيق القوات البرية - الجوية - البحرية في مسألة مشتركة، ولكل منها أهداف تكتيكية واضحة مع كامل الاستعداد. لا يمكن أن يكون مجرد استجابة قصيرة الأجل للتطورات الأخيرة.
إنه فشل استخباراتي هائل لإسرائيل وسيكون له عواقب داخلية.
يحدث هذا بعد 50 عاماً من حرب عام 1973، والتي لا يمكن أن تكون مصادفة. ولم تكن أهداف الحرب في ذلك الوقت أن تفوز مصر عسكرياً، ولكن تغيير المعادلة الإقليمية من خلال إظهار أن الوضع الراهن غير مقبول. أيضاً، في أكتوبر (تشرين الأول) 1973 حارب الرئيس أنور السادات للسلام، وأرسل إشارات كثيرة قبل وبعد الحرب، أنه على استعداد للاعتراف بإسرائيل وبرغبته في دخول أميركا وسيطاً للمباحثات، فانتصر في حربه وانتصر في دبلوماسيته. اليوم مختلف تماماً عن المواجهات السابقة التي حاولت فيها الجماعات الفلسطينية الضغط على إسرائيل بضربات صاروخية. هذه المرة دخلت الفصائل المستوطنات الإسرائيلية والكيبوتز، وأخذت رهائن لذلك، إذا أخذنا ما حدث بنيات حسنة وبأن لا خلفيات إقليمية وراءه، نقول: إن «حماس» تريد التفاوض أو ردع إسرائيل.
ونبقى في دائرة أخذ الأمور ببراءة، وبأن «حماس» قررت وحدها وخططت وهاجمت وحتى هي لم تكن تتوقع ما حققته، ونقول: إنه من الممكن أن تكون «حماس» قررت فجأة ومن دون أي مناسبة أن تخبر العالم بأن الجولات السابقة من القتال، التي لم تغير أي شيء لغزة، لا يمكن أن تستمر. بدلاً من ذلك، قررت استعمال كل قوتها لفرض صيغة جديدة تجبر الجهات الفاعلة الخارجية - العرب والغرب - للمشاركة، مع فهم أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر.
ولكن هذا أيضاً رهان، يمكن أن يؤدي بسهولة إلى انتصار باهظ الثمن، إذا - وهذا حتمي - شنّت إسرائيل هجوماً لم يسبق له مثيل؛ لأن نوع ما تعرضت له لم يسبق له مثيل، مع عدم وجود طرف خارجي مستعد أو قادر على الاحتواء. عندها لا يمكن التنبؤ بالعواقب. يرى مراقب سياسي مصري أن بعض الفصائل الفلسطينية التي تملك زمام أمور الشعب الفلسطيني لا تعترف باسرائيل كأمر واقع وتحارب للحرب ولهدف غير واقعي. لن يحدث أبداً، وهو محو إسرائيل من على الخريطة، وتعدّ أي دم إسرائيلي مكسباً وأي دم فلسطيني نصراً وشهادة، ما هو مؤكد هو أن هذا يبدو إلى حد كبير وكأنه يوم تغيير قواعد اللعبة.
صحيح، ومن دون أدنى شك، أن استخبارات أقوى الدول وأكبرها تفشل بين الحين والآخر في الحصول على المعلومات التي تنبئ بالمخاطر، ومنها إسرائيل التي تغنّت طويلاً باستخباراتها التي أثارت إعجاب الكثيرين حول العالم، وأصبح جهاز الموساد مادة دسمة في القصص والأفلام. سقط الموساد ثلاث سقطات كبيرة منذ تأسيسه بأمر من ديفيد بن غوريون في ديسمبر (كانون الثاني) 1949. الأولى عندما فشل في الحصول على معلومات الحشود المصرية - السورية في أكتوبر 1973 على الرغم من تأكيد زعيم عربي لغولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك، أن هناك تحضيراً لحرب مشتركة مصرية - سورية، وقد وُثِقَت بتقرير الموساد وكانت حرب سقطت فيها الدفاعات الإسرائيلية ومعها مقولة الجيش الذي لا يقهر.السقوط الثاني لاستخبارات إسرائيل كان في حرب 2006 عندما خطف مقاتلو «حزب الله» جنوداً عبر الشريط الحدودي مع لبنان؛ فكان اجتياح إسرائيلي تكبّد فيه الجيش خسائر بشرية ومادية سببها خطأ المعلومات لدى الموساد الذي لم يرصد تحضيرات «حزب الله» من حفر خنادق وبناء ملاجئ ونقل مقاتلين ومدافع إلى المنطقة الحدودية.
السقوط الثالث لاستخبارات إسرائيل كان في اجتياح «حماس» في عملية «طوفان الأقصى»، وقد تدوولت معلومات بأن المناورات والتدريبات التي كانت تقوم بها «حماس» والتي تم رصدها، حللها الموساد على أنها موجهة إلى الداخل الفلسطيني بغزة وليس لعمل عسكري ضد إسرائيل
مهما كانت أسباب السقوط الاستخباراتي الإسرائيلي، وهو بلا شك سيخضع لتحقيقات ومحاسبة وإعادة بناء للنظام الأمني الإسرائيلي برمته، إلا أن هذا سيكون ليوم آخر. العالم اليوم يترقب ارتدادات الحدث، على العالم وليس فقط الشرق الأوسط، ومثال ذلك أن الغرب وبالأخص الولايات المتحدة ستعطي الأولوية لمؤازرة إسرائيل على حساب أوكرانيا؛ مما يقوي كفة روسيا في الحرب العبثية الدائرة هناك. وليس مستبعداً أن تقوم إسرائيل بعملية عسكرية خارج حدودها لضرب مصادر تسليح وإمداد «حماس» والأذرع الداعمة.
المؤكد، أن الشرق الأوسط وربما العالم بعد عملية «طوفان الأقصى» سيكون مختلفاً عما سبق تماماً، كما تغير العالم بعد عمليه 11 سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة.
لكن يجب عدم السماح لـ«حماس» بفرض المعادلة التي تقررها في المنطقة، وعدم السماح لإيران باستغلال القضية الفلسطينية.