فلسطين تنادي الحرية والعدالة: في زمن "الإمبرالية الغربية الجديدة"
اخبار البلد- ما يحصل في فلسطين بإستخدام مصطلح "من حق دولة الإحتلال الدفاع عن نفسها"، على إعتبار أن مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وميثاق ومقاصد الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، هي خاصة ومقتصرة فقط من أجل "دولة الإحتلال"، أما الفلسطينيون فهم خارج إطار الإنسانية في نظر هؤلاء.
وهنا أتساءل: أين مواقفكم ومبادئكم الإنسانية والقانونية والحقوقية والمؤسساتية تجاه شعب يعيش تحت الإحتلال منذ 75 عاماً ويعاني الاستفزازات والإعتداءات اليومية وأعمال الإرهاب المستمرة والتوغلات القسرية، من مصادرة الأراضي والتهجير وهدم المنازل وقتل الأبرياء وإعتقال المدنيين وإستباحة الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس والخليل وبيت لحم وغيرها، أمام أعيونكم منذ عام 1948 وليومنا هذا؟ والإجابة بكل بساطة أنكم أصحاب "الإمبرالية الغربية الجديدة" للهيمنة والسيطرة وتعزيز النفوذ لإستعمار الشعوب من جديد بطريقة مختلفة، بهدف نهب خيرات وثروات تلك الشعوب والبلدان وضمان تبعيتها.
فلقد إستجاب الفلسطينيون لنداء السلام عام 1991 وقاموا بالتوقيع على إتفاق السلام "إتفاقية أوسلو" عام 1993 ووافقوا على شروط الرباعية الدولية لتحقيق السلام والإستقرار مقابل الأرض، وقاموا بكل ما يلزم من تعهدات وواجبات على السلطة الوطنية الفلسطينية تجاه عملية السلام ومخرجاتها الأمنية والإقتصادية والسياسية. في المقابل لم تلتزم دولة الإحتلال بالاتفاقات الموقعة ورفضت الإمتثال لقرارات الشرعية الدولية تجاه حل القضية الفلسطينية وفق القانون الدولي والقرارات ذات الصلة، ولازالت تمعن بإحتلال الأرض والإنسان وتقوض فرص تحقيق الأمن والسلام والإستقرار في فلسطين والمنطقة.
فلا يزال الشعب الفلسطيني يعاني العدوان والتهجير منذ عقود، في ظل صمت المجتمع الغربي والولايات المتحدة بالأخص، وهم الحريصون على حماية مبادئ حقوق الإنسان تجاه الجميع بإستثناء الفلسطينيين الذين ترتكب بحقهم الجرائم العنصرية يومياً من قبل دولة الإحتلال دون مساءلة. وعليه، فالإضطهاد المستمر من قبل "الإمبريالية الغربية الجديدة" بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، هو أحد أهم أسباب غياب حل القضية الفلسطينية وفق القانون الدولي والقرارات ذات الصلة، وبالتالي فإن إنعدام تحقيق الأمن والسلام والإستقرار في المنطقة هو بسبب غياب العدالة والحرية وتقرير المصير وعودة اللاجئين للشعب الفلسطيني، والتنفيذ الكامل لقرارات الشرعية الدولية بإنهاء الإحتلال لكافة الأراضي الفلسطينية التي أحتلت عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على حدود الرابع من حزيران عام 67 وعاصمتها القدس الشريف.
فالولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية تصف ما يحصل في فلسطين أنه عمل "إرهابي" وعدواني من طرف الفلسطينيين ولدولة الإحتلال كامل الحق في الدفاع عن نفسها، وتسارع بمد يد العون والمساعدة لدولة الإحتلال بالمال والعتاد بمليارات الدولارات، في المقابل، فالفلسطينيون يعانون ظروفا إضطهادية وعدوانية تهدد حياتهم منذ عقود، فماذا أنتم فاعلون تجاه معاقبة دولة الإحتلال التي لازالت خارج الفصل السابع من قانون العقوبات لميثاق الأمم المتحدة على أفعالها؟ ولازلتم تعارضون أي مشروع قرار يدين دولة الإحتلال الإسرائيلي داخل أروقة الأمم المتحدة بالفيتو أو الإمتناع عن التصويت، ولازلتم تضعون العقبات أمام المبادرات والمقترحات الصينية والمنظمات الدولية لتسوية القضية الفلسطينية، ولا تريدون للصين ومقترحاتها ومبادراتها النجاح في المنطقة العربية، وفي النهاية تتحدثون عن إحترام الأمن والسلم الدوليين ومبادئ حقوق الإنسان.
والفلسطينيون كذلك يعانون أوضاعا إقتصادية وإجتماعية ومعيشية صعبة منذ عقود، ولديهم موظفون في الدولة الفلسطينية المراقب غير العضو في الأمم المتحدة ورواتبهم 80% على سبيل المثال لا الحصر هنا، وتقوم دولة الإحتلال الإسرائيلي بإقتطاع تلك الأموال شهرياً لتركيع الشعب الفلسطيني وتتحكم بالمعابر والحدود، فلماذا أيها الديمقراطيون الغربيون لا تقدموا يد العون والمساعدة بجزء من هذه المليارات لدعم الفلسطينيون حتى يلبوا إحتياجات موظفيهم والمساعدة في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، التي لازلتم لا تعترفون بها وأنتم أصحاب مصطلح مبدأ "حل الدولتين"، وأنتم كذلك تمتنعون عن التصويت لصالح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وفي بعض الأحيان تعارضون ذلك؟
في مقابل ذلك، جاءت جمهورية الصين الشعبية وقد تكون الدولة الوحيدة في هذا الموقف تجاه ما يحصل الأن في فلسطين، وأعلنت موقفها الصريح والثابت أن الركود الطويل الأمد في العملية السياسية لا يمكن تحمله، وأن السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية يكمن في تنفيذ مبدأ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على حدود الرابع من حزيران عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية، وأيضاً ينبغي على المجتمع الدولي أن يعزز ذلك بالإلحاح والإهتمام بجدية لحل القضية الفلسطينية بهدف تحقيق السلام والإستقرار الدائم، وعليه ستواصل الصين العمل مع المجتمع الدولي لبذل جهود لا تكل لتحقيق هذا الهدف. وعليه، فالصين تدعم حق فلسطين بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة "بثبات وحزم"، وتدعم الحقوق الوطنية الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وفق القانون الدولي والقرارات ذات الصلة، وتنادي بعدالة القضية الوطنية الفلسطينية ورفع الظلم عنها بعيداً عن التهميش والإزدواجية من قبل بعض الأطراف الدولية.
عربياً وإسلامياً
فالمطلوب عربياً وإسلامياً أن تسارع تلك الدول لبناء تحالف إستراتيجي فعال مع الصين، بهدف التحرك الفوري وبجهود موحدة لمطالبة المجتمع الدولي برفع الظلم عن الشعب الفلسطيني الذي طال أمده، وذلك بالإعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وفق القانون الدولي والقرارات ذات الصلة، وبضرورة مطالبة إسرائيل الفورية بإنهاء إحتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 والإعتراف بالقدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين، والإلتزام بحل قضية اللاجئين وفق القرار الأممي 194. وكذلك الإلتزام بمبادرة السلام العربية عام 2002، والتي تطالب بإنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود67 وعودة اللاجئين والإنسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل إعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية ودولة الإحتلال.
فلسطينياً
فالمطلوب فلسطينياً أن تسارع فلسطين بكل مكوناتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية والفكرية والثقافية، بمطالبة القيادة السياسية الفلسطينية لبناء تحالف إستراتيجي مع الصين في كافة المجالات والقطاعات، وأن تدعم الجهود والمبادرات والأفكار الصينية تجاه حل وتسوية القضية الفلسطينية، وذلك بالتعاون والتنسيق والتشاور الفعال بين الطرفين، والتي تتناسب مع مطالب الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والإتفاقيات ذات الصلة. والبعد عن الرهان على الموقف الأمريكي والأوروبي تجاه حل القضية الوطنية الفلسطينية، فهم يريدونها على حالها لكسب الوقت وإتاحة الفرصة لدولة الإحتلال لضم ما بقي من فلسطين والسيطرة عليها، وعندئذ فتلك دول "الإمبريالية الغربية الجديدة" تسعى للسيطرة على الأخرين بهدف بسط الهيمنة وتعزيز النفوذ من أجل نهب الخيرات والثروات وتعزيز التبعية.