الغطاء النباتي.. 11566 حريقا في 9 أشهر
أخبار البلد - سنويا، تلتهم ألسنة النيران، مساحات واسعة من غابات المملكة، تحت وقع تأثير التغيرات المُناخية، والسلوكيات غير المستدامة للمجتمعات المحلية، ما يأتي على أعداد كبيرة من الأشجار الحرجية والمثمرة.
مجموع حوادث الغطاء النباتي منذ بداية العام الحالي، ولغاية مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، بلغت 11566، مقارنة بـ11646 العام الماضي، وفق الناطق الإعلامي بمديرية الأمن العام العقيد عامر السرطاوي، وشملت بحد قوله "حرائق الأعشاب الجافة، ومحاصيل حقلية، وأشجار مثمرة، وحرجية".
وكانت المملكة شهدت عدة حرائق في الأشهر الماضية، آخرها حريق غابات الصفصافة ووادي الشامية بين محافظتي جرش وعجلون في تموز (يوليو)، والذي أتى على مساحة 1200 دونم، في مناطق حرجية مختلفة بينها النجدة ووادي الشام في بلدة ساك، وفق تصريحات رسمية.
وكانت المملكة شهدت عدة حرائق في الأشهر الماضية، آخرها حريق غابات الصفصافة ووادي الشامية بين محافظتي جرش وعجلون في تموز (يوليو)، والذي أتى على مساحة 1200 دونم، في مناطق حرجية مختلفة بينها النجدة ووادي الشام في بلدة ساك، وفق تصريحات رسمية.
تكسو الأنواع الشجرية المخروطية، وعلى رأسها الصنوبر الحلبي، الجزء الأكبر من مساحة الغابات في الأردن، والتي تثب نسبتها على 1 %، ما يجعلها عرضة لاشتعال النيران بسرعة كبيرة، بخاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق.
خبير الغابات د. ليث الرحاحلة، أكد أن "ارتفاع درجات الحرارة صيفا، والممارسات الخاطئة التي يرتكبها متنزهون، تؤدي لزيادة فرص نشوب الحرائق في المملكة"، مبينا لـ"الغد"، أن "أجزاء من غاباتنا، تتسم بكونها نباتات عريضة الأوراق كالسنديان والملول، ما يجعلها أكثر مقاومة لدرجات الحرارة والحرائق، على عكس تلك التي توجد فيها أشجار الصنوبريات".
وضرب مثلا على ذلك، بأن "أراضي غابات وصفي التل، تكسوها أشجار من أنواع الصنوبريات، وبصورة نقية وبنسبة 100 %، والتي في حال تعرضها للحرائق، فإن سرعتها تتضاعف بشكل كبير جداً".
وحول الغابات الموجودة في الشمال، فإنها "تتميز بوجود أنواع أشجار عريضة الأوراق، لذلك فإن سرعة انتشار الحريق تكون أقل بكثير"، بحسبه.
كما أن "بعد وقرب المجتمعات المحلية عن ومن مواقع انتشار الغابات، يلعب دورا رئيسا كذلك في مسألة نشوب الحرائق"، موضحا ارتباط ذلك الأمر بالحرائق، وبأن "ممارسة المجتمعات نشاطات غير مستدامة كحرق نواتج عملية التقليم في ظل وجود الأعشاب الجافة على الطبقة السطحية، يتسبب بانتشار الحريق بسرعة كبيرة"، وأحياناً "النشاطات الزراعية القائمة على حرق الأعشاب السطحية للتخلص من الضارة، تتسبب بامتداد الحريق سطحياً الى داخل الغابات، ما يقلل من امكانية التحكم بانتشاره"، وفقه.
ولخفض نسب الحرائق لا بد، في رأيه "البدء من عملية التخطيط للغابات، بحيث تبتعد الجهات المعنية عن زراعة الصنوبريات بنسب كبيرة، والتركيز على الأنواع المختلطة"، مضيفا أن الإدارة المتكاملة للحرائق، هي من أهم الخطوات الواجب على صانعي القرار في العالم اتخاذها، والتي لا تعتمد على إجراءات حماية الغابات فقط، بل وعلى أخرى وقائية تمنع من حدوثها".
ومن بين هذه الإجراءات "تنفيذ حملات للتوعية المجتمعية المحلية، والسماح لأهالي المناطق التي تكثر فيها الغابات، بجمع الأحطاب الموجودة ضمن أرض الغابة، لمنع تفاقم الحريق حال حدوثه، وهي خطوة بدأ الأردن بتطبيقها حديثا، وعبر نظام متخصص لتلك الغاية".
ومن الإجراءات المهمة أيضا "وضع الأشرطة الخضراء في الغابات التي تبلغ نسبة المخروطية فيها 100 %، وهي عبارة عن نباتات عريضة الأوراق، تزرع بين كل شجرة أو مجموعة، بحيث تعمل على منع امتداد الحريق، وانتشاره في الغابة".
وبحسب نتائج تقرير البلاغات الوطني الرابع، فـ"الغابات ستكون من أكثر الانظمة البيئية هشاشة للتغير المُناخي، وذلك ضمن أفضل وأسوأ السيناريوهات في الأعوام 2050، 2070، و2100"، وفق المختص بالتنوع الحيوي إيهاب عيد.
ولفت الى أن "التغير المُناخي وضعف الحماية للغابات، سيضاعفان من التأثيرات السلبية مستقبلاً، إذ يتوقع بأن تفقد المملكة مساحات أكبر من الغابات، لتتحول الى جزر هشة".
وحول انعكاسات حرائق الغابات على التنوع الحيوي، أجملها عيد بـ"نفوق الكائنات الحية النباتية والحيوانية، خصوصا في ظل وجود عدد كبير من هذه الأنواع المرتبطة بالغابات، مثل الدلق الصخري والسنجاب الفارسي".
ومن بين أنواع النباتات التي يرتبط وجودها بالغابات "الاوركيد التي تنتشر بكثرة، نتيجة المُناخ والبيئة التي توفرها غابات الصنوبر الحلبي"، بحد قوله.
ولعل هجرة الحيوانات "تعد من أكثر الظواهر المرتبطة بحرائق الغابات، وهذا الأمر يدفعها للبحث عن مسكن جديد لها، وعن المأكل كذلك، والتي جميعها قد تُسهم بتزايد نسب نفقوها".
ولا يقتصر الأمر على ذلك، وفق عيد، إذ إن "الحرائق تؤدي لتفتت الأنظمة البيئية، ما يزيد من فرص الحيوانات على التحرك، الذي يؤثر على التزاوج، والعثور على الطعام، لتجعلها تلك العوامل عرضة لمواجهة الانقراض"، مشددا على أن "التغيير في البنية الفيزيائية للنظام البيئي للغابات، قد يجعلها أقل ملاءمة لبعض أنواع النباتات والحيوانات".
ويتعدى تأثير الحرائق مسألة التنوع الحيوي، فهو "يؤثر على المشهد الطبيعي، وخدمات الأنظمة البيئية، ما يتسبب بفقدان الصفة الجمالية الهامة للغابات"، وفق عيد، الذي عدّ أن ذلك "يؤثر سلبا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للسكان، خصوصا أن الغابات تمثل نقطة جذب سياحي محليا وعالميا في أي دولة".
وبحسب كتيب تقييم القوائم الحمراء لأنواع الثدييات المعروفة في الأردن فإن "33 نوعا من الثدييات مهددة بالانقراض من أصل 85 نوعا تم تقييمها"، ومن مجموع الأنواع المهددة بالانقراض "يوجد ما لا يقل عن ستة أنواع مرتبطة مباشرة بالغابات التي في حال اختفائها، سينتهي معها وجود هذه الثدييات، ليرتفع عدد المنقرض منها الى 12 نوع على أقل حد".