حتى لا تكون الإنتخابات النيابية المقبلة الحبة الأولى على طاحونة المحكمة الدستورية
اخبار -البلد- المحامي الدكتور ابراهيم العموش -يجمع العقلاء من أبناء هذا الوطن على أن التعديلات الدستورية التي دخلت حيز النفاذ في الأول من تشرين الأول لعام 2011 قد أرست قواعد الإصلاح السياسي الهادف إلى تجذير الديمقراطية واحترام إرادة الشعب وتعزيز سيادة القانون. ونتناول في هذا المقام المادة 58 (معدلة) من الدستور والتي نصها: "1- تنشأ بقانون محكمة دستورية يكون مقرها في العاصمة وتعتبر هيئة قضائية مستقلة بذاتها، وتؤلف من تسعة أعضاء على الأقل من بينهم الرئيس يعينهم الملك". وتنص المادة 59 (معدلة) من الدستور على أن: "1- تختص المحكمة الدستورية بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وتصدر أحكامها باسم الملك، وتكون أحكامها نهائية وملزمة لجميع السلطات وللكافة، كما تكون أحكامها نافذة بأثر مباشر ما لم يحدد الحكم تاريخاً آخر لنفاذه .. إلخ".
وقد استرعى انتباهي نص المادة (6) من مشروع قانون الهيئة المستقلة للإنتخابات الذي تناقشه حالياً اللجنة القانونية النيابية ونصها: "أ- يكون للهيئة مجلس مفوضين مؤلف من رئيس وأربعة أعضاء يعينون بإرادة ملكية لمدة ست سنوات قابلة للتجديد. ب- 1- لغايات الفقرة (أ) من هذه المادة، ترفع إلى الملك قائمة بالأسماء المقترحة للتعيين في المجلس يتم إعدادها من لجنة برئاسة رئيس الوزراء وعضوية كل من رئيس مجلس الأعيان ورئيس مجلس النواب ورئيس المجلس القضائي. 2- في حال شغور منصب رئيس مجلس النواب، يحل محله آخر رئيس لمجلس النواب، وإذا تعذر ذلك فيحل محله آخر نائب لرئيس مجلس النواب".
ولما كان قانون الهيئة المستقلة للإنتخابات، أحد أهم القوانين اللازمة لتنفيذ الإصلاحات السياسية لما فيه من ضمانة لسلامة العملية الإنتخابية إشرافاً وإدارة، فإن السؤال هنا يدور حول مدى دستورية هذا النص، وتحديداً نص الفقرة (ب) من المادة (6) من مشروع القانون المشار إليه.
أذكر أن المسودة الأولى لمشروع هذا القانون التي أعدت في أواخر شهر أيلول من عام 2011، في وقت كان فيه لكل دقيقة قيمة، قد خلت من مثل نص الفقرة (ب) المشار إليها، وبالتالي فإن هذه الفقرة أضيفت إلى مشروع القانون في مرحلة لاحقة.
ونعود إلى السؤال عن دستورية هذه الفقرة وخطورة إقرارها على قانون الهيئة المستقلة وعلى الإنتخابات النيابية المقبلة التي ستشرف عليها وتديرها الهيئة المستقلة للإنتخابات. ولا بد هنا من الإشارة إلى أن بطلان هذه الفقرة لعدم دستوريتها، من شأنه أن يعرض العملية الإنتخابية المقبلة لمخاطر لا تحمد عقباها.
وللإجابة على هذا السؤال، نعرض لقرار المجلس العالي لتفسير الدستور رقم 1/2008 المتعلق بتعيين رئيس ديوان المظالم وما إذا كان يجوز او يحق للسلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) المشاركة او التوصية بتعيين رئيس ديوان المظالم ومدى توافق ذلك مع نصوص الدستور. فالمادة (5) من مشروع قانون ديوان المظالم آنذاك كانت تنص على ما يلي: "أ- يتولى إدارة الديوان رئيس يتم تعيينه بإرادة ملكية سامية بناءً على تنسيب من مجلس الوزراء المستند إلى توصية لجنة مؤلفة من: 1- وزير العدل 2- رئيس ديوان المحاسبة 3- عضو من مجلس الأعيان يسميه رئيس مجلس الأعيان 4- عضو من مجلس النواب يسميه رئيس مجلس النواب 5- قاضٍ من الدرجة العليا يسميه رئيس المجلس القضائي. ب- توصي اللجنة المشار إليها في الفقرة (أ) من هذه المادة بأسماء خمسة أشخاص ممن تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها في المادة (4) من هذا القانون ومن المشهود لهم بالعدالة والنزاهة والحيدة وتتخذ اللجنة توصياتها بأغلبية أعضائها على الأقل".
وقد تضمن القرار التفسيري المشار إليه ان الدستور الأردني في المواد (24-27) قد أخذ بمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وحدد لكل سلطة صلاحياتها واختصاصاتها حصراً. فأناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك، وأناط السلطة التنفيذية بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه، وأناط السلطة القضائية بالمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها. فبالنسبة للسلطة التشريعية، وفقاً لمنطوق القرارالتفسيري، تملك حق التشريع في جميع الأمور باستثناء تلك التي أنيط حق التشريع فيها بسلطة أخرى بمقتضى نص خاص في الدستور.
ويتابع القرار التفسيري "لقد خولت المادة (45) من الدستور مجلس الوزراء ولاية عامة في إدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية". "وأناطت المادة (120) من الدستور بالسلطة التنفيذية صلاحية التشريع في امور عينتها حصراً بما في ذلك صلاحية تعيين الموظفين وعزلهم والإشراف عليهم بحدود صلاحياتهم واختصاصاتهم". وقد استخلص المجلس العالي ما يلي: "1- كما هو معلوم، فإنه لا تجوز إضافة أي اختصاصات جديدة لأي سلطة دستورية غير الإختصاصات التي نص الدستور عليها. كما أنه لا يجوز التعدي على الصلاحيات الدستورية لأي سلطة او الإنتقاص منها او المشاركة فيها من قبل أي جهة أخرى. 2- إن مشروع قانون ديوان المظالم قد اعتبر رئيس الديوان موظفاً عاماً يعين بإرادة ملكية سامية بناءً على تنسيب من مجلس الوزراء. 3- إن نصوص الدستور لم تخول الأعيان أو النواب أو القضاة صلاحية تعيين الموظفين العامين أو الإشتراك بالتوصية أو التنسيب بتعيينهم. فقد حصر الدستور هذه الصلاحية بالسلطة التنفيذية. وبناءً على ما تقدم، وبما أن رئيس ديوان المظالم، وحسب مشروع القانون، وهو موظف عام، وبما انه ليس من اختصاص وصلاحيات الأعيان والنواب والقضاة الدستورية تعيين الموظفين العامين او المشاركة بالتنسيب أو التوصية بتعيينهم، فإنه لا يجوز ولا يحق للأعيان أو النواب أو القضاة الإشتراك بتعيين الموظفين العامين أو التوصية أو التنسيب بتعيينهم".
وبتطبيق القرار التفسيري المشار إليه على حكم الفقرة (ب) من المادة (6) من مشروع قانون الهيئة المستقلة يمكن الجزم بأنه لا صلاحية دستورية لرئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الأعيان ورئيس المجلس القضائي في التوصية بتعيين أعضاء الهيئة المستقلة للإنتخابات، وأن صلاحية التنسيب بتعيينهم تنحصر في السلطة التنفيذية الممثلة، لهذه الغاية، بمجلس الوزراء استناداً لأحكام المادتين (45) و(120) من الدستور.
وأمام صراحة منطوق هذا القرار التفسيري الذي هو جزء لا يتجزأ من أحكام الدستور، لا مجال للقول بأن الفقرة (ب) من مشروع قانون الهيئة المستقلة متفق وأحكام الدستور، وأن هذه الفقرة إن بقيت في القانون - لا قدر الله - سيكون من شأن وجودها أن تصبح العملية الإنتخابية المقبلة الحبة الأولى على طاحونة المحكمة الدستورية.
وبالمقابل هناك من يجادل بان أعضاء الهيئة المستقلة ليسوا موظفين عامين، وبالتالي لا يسري عليهم ما يسري على رئيس ديوان المظالم من أحكام، ومع الإحترام، فإن نصوص مشروع القانون المذكور تدلل بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذه الهيئة لا تختلف عما سواها من هيئات الدولة. فعلى سبيل المثال تنص المادة (21) من مشروع قانون الهيئة المستقلة على أن موازنة الهيئة تدرج ضمن مشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية، وكذلك تنص المادة (24) من المشروع ذاته على أن الهيئة تتمتع بالإعفاءات والتسهيلات المقررة للوزارات والدوائر الحكومية، وتنص المادة (25) من ذات المشروع على أن تخضع الهيئة لرقابة ديوان المحاسبة. وعليه فلا مجال للقول بأنها تتفرد بطبيعة خاصة تخرج أعضاء مجلس مفوضيها من إطار مفهوم الموظف العام. وعلاوة على ذلك، فإن القول بان أعضاء مجلس مفوضي الهيئة لا يتمتعون بصفة الموظف العام يتعارض مع ما خلص إليه الديوان الخاص بتفسير القوانين في قراره رقم 7/1990 والذي جاء فيه "إنه من المتفق عليه فقهاً وقضاءً ان المؤسسة العامة الرسمية هي مصلحة إدارية تنشأ بقانون ولها استقلال مالي وإداري وتتولى إدارة مرفق عام في نطاق السياسة العامة للدولة". وبتدقيق أحكام ونصوص مشروع قانون الهيئة المستقلة للإنتخابات والتي عرضنا لبعضها، نجد بما لا يدع مجالاً للشك، بأن هذه الهيئة لا تختلف، ولا يجوز أن تختلف عن الهيئات العامة الأخرى في الدولة.
وللباحث أمل في أن لا يقر مجلس النواب هذه الفقرة عند مناقشته القانون تحت القبة وأن يتنبه إلى أن التشريع، بوجود المحكمة الدستورية المنتظرة، لم يعد بالأمر اليسير وأن اليقظة عند ممارسة الصلاحيات التشريعية وفحص مواد أي قانون على محك الأحكام الدستورية هو أدعى للسلامة.
وقد استرعى انتباهي نص المادة (6) من مشروع قانون الهيئة المستقلة للإنتخابات الذي تناقشه حالياً اللجنة القانونية النيابية ونصها: "أ- يكون للهيئة مجلس مفوضين مؤلف من رئيس وأربعة أعضاء يعينون بإرادة ملكية لمدة ست سنوات قابلة للتجديد. ب- 1- لغايات الفقرة (أ) من هذه المادة، ترفع إلى الملك قائمة بالأسماء المقترحة للتعيين في المجلس يتم إعدادها من لجنة برئاسة رئيس الوزراء وعضوية كل من رئيس مجلس الأعيان ورئيس مجلس النواب ورئيس المجلس القضائي. 2- في حال شغور منصب رئيس مجلس النواب، يحل محله آخر رئيس لمجلس النواب، وإذا تعذر ذلك فيحل محله آخر نائب لرئيس مجلس النواب".
ولما كان قانون الهيئة المستقلة للإنتخابات، أحد أهم القوانين اللازمة لتنفيذ الإصلاحات السياسية لما فيه من ضمانة لسلامة العملية الإنتخابية إشرافاً وإدارة، فإن السؤال هنا يدور حول مدى دستورية هذا النص، وتحديداً نص الفقرة (ب) من المادة (6) من مشروع القانون المشار إليه.
أذكر أن المسودة الأولى لمشروع هذا القانون التي أعدت في أواخر شهر أيلول من عام 2011، في وقت كان فيه لكل دقيقة قيمة، قد خلت من مثل نص الفقرة (ب) المشار إليها، وبالتالي فإن هذه الفقرة أضيفت إلى مشروع القانون في مرحلة لاحقة.
ونعود إلى السؤال عن دستورية هذه الفقرة وخطورة إقرارها على قانون الهيئة المستقلة وعلى الإنتخابات النيابية المقبلة التي ستشرف عليها وتديرها الهيئة المستقلة للإنتخابات. ولا بد هنا من الإشارة إلى أن بطلان هذه الفقرة لعدم دستوريتها، من شأنه أن يعرض العملية الإنتخابية المقبلة لمخاطر لا تحمد عقباها.
وللإجابة على هذا السؤال، نعرض لقرار المجلس العالي لتفسير الدستور رقم 1/2008 المتعلق بتعيين رئيس ديوان المظالم وما إذا كان يجوز او يحق للسلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) المشاركة او التوصية بتعيين رئيس ديوان المظالم ومدى توافق ذلك مع نصوص الدستور. فالمادة (5) من مشروع قانون ديوان المظالم آنذاك كانت تنص على ما يلي: "أ- يتولى إدارة الديوان رئيس يتم تعيينه بإرادة ملكية سامية بناءً على تنسيب من مجلس الوزراء المستند إلى توصية لجنة مؤلفة من: 1- وزير العدل 2- رئيس ديوان المحاسبة 3- عضو من مجلس الأعيان يسميه رئيس مجلس الأعيان 4- عضو من مجلس النواب يسميه رئيس مجلس النواب 5- قاضٍ من الدرجة العليا يسميه رئيس المجلس القضائي. ب- توصي اللجنة المشار إليها في الفقرة (أ) من هذه المادة بأسماء خمسة أشخاص ممن تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها في المادة (4) من هذا القانون ومن المشهود لهم بالعدالة والنزاهة والحيدة وتتخذ اللجنة توصياتها بأغلبية أعضائها على الأقل".
وقد تضمن القرار التفسيري المشار إليه ان الدستور الأردني في المواد (24-27) قد أخذ بمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وحدد لكل سلطة صلاحياتها واختصاصاتها حصراً. فأناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك، وأناط السلطة التنفيذية بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه، وأناط السلطة القضائية بالمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها. فبالنسبة للسلطة التشريعية، وفقاً لمنطوق القرارالتفسيري، تملك حق التشريع في جميع الأمور باستثناء تلك التي أنيط حق التشريع فيها بسلطة أخرى بمقتضى نص خاص في الدستور.
ويتابع القرار التفسيري "لقد خولت المادة (45) من الدستور مجلس الوزراء ولاية عامة في إدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية". "وأناطت المادة (120) من الدستور بالسلطة التنفيذية صلاحية التشريع في امور عينتها حصراً بما في ذلك صلاحية تعيين الموظفين وعزلهم والإشراف عليهم بحدود صلاحياتهم واختصاصاتهم". وقد استخلص المجلس العالي ما يلي: "1- كما هو معلوم، فإنه لا تجوز إضافة أي اختصاصات جديدة لأي سلطة دستورية غير الإختصاصات التي نص الدستور عليها. كما أنه لا يجوز التعدي على الصلاحيات الدستورية لأي سلطة او الإنتقاص منها او المشاركة فيها من قبل أي جهة أخرى. 2- إن مشروع قانون ديوان المظالم قد اعتبر رئيس الديوان موظفاً عاماً يعين بإرادة ملكية سامية بناءً على تنسيب من مجلس الوزراء. 3- إن نصوص الدستور لم تخول الأعيان أو النواب أو القضاة صلاحية تعيين الموظفين العامين أو الإشتراك بالتوصية أو التنسيب بتعيينهم. فقد حصر الدستور هذه الصلاحية بالسلطة التنفيذية. وبناءً على ما تقدم، وبما أن رئيس ديوان المظالم، وحسب مشروع القانون، وهو موظف عام، وبما انه ليس من اختصاص وصلاحيات الأعيان والنواب والقضاة الدستورية تعيين الموظفين العامين او المشاركة بالتنسيب أو التوصية بتعيينهم، فإنه لا يجوز ولا يحق للأعيان أو النواب أو القضاة الإشتراك بتعيين الموظفين العامين أو التوصية أو التنسيب بتعيينهم".
وبتطبيق القرار التفسيري المشار إليه على حكم الفقرة (ب) من المادة (6) من مشروع قانون الهيئة المستقلة يمكن الجزم بأنه لا صلاحية دستورية لرئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الأعيان ورئيس المجلس القضائي في التوصية بتعيين أعضاء الهيئة المستقلة للإنتخابات، وأن صلاحية التنسيب بتعيينهم تنحصر في السلطة التنفيذية الممثلة، لهذه الغاية، بمجلس الوزراء استناداً لأحكام المادتين (45) و(120) من الدستور.
وأمام صراحة منطوق هذا القرار التفسيري الذي هو جزء لا يتجزأ من أحكام الدستور، لا مجال للقول بأن الفقرة (ب) من مشروع قانون الهيئة المستقلة متفق وأحكام الدستور، وأن هذه الفقرة إن بقيت في القانون - لا قدر الله - سيكون من شأن وجودها أن تصبح العملية الإنتخابية المقبلة الحبة الأولى على طاحونة المحكمة الدستورية.
وبالمقابل هناك من يجادل بان أعضاء الهيئة المستقلة ليسوا موظفين عامين، وبالتالي لا يسري عليهم ما يسري على رئيس ديوان المظالم من أحكام، ومع الإحترام، فإن نصوص مشروع القانون المذكور تدلل بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذه الهيئة لا تختلف عما سواها من هيئات الدولة. فعلى سبيل المثال تنص المادة (21) من مشروع قانون الهيئة المستقلة على أن موازنة الهيئة تدرج ضمن مشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية، وكذلك تنص المادة (24) من المشروع ذاته على أن الهيئة تتمتع بالإعفاءات والتسهيلات المقررة للوزارات والدوائر الحكومية، وتنص المادة (25) من ذات المشروع على أن تخضع الهيئة لرقابة ديوان المحاسبة. وعليه فلا مجال للقول بأنها تتفرد بطبيعة خاصة تخرج أعضاء مجلس مفوضيها من إطار مفهوم الموظف العام. وعلاوة على ذلك، فإن القول بان أعضاء مجلس مفوضي الهيئة لا يتمتعون بصفة الموظف العام يتعارض مع ما خلص إليه الديوان الخاص بتفسير القوانين في قراره رقم 7/1990 والذي جاء فيه "إنه من المتفق عليه فقهاً وقضاءً ان المؤسسة العامة الرسمية هي مصلحة إدارية تنشأ بقانون ولها استقلال مالي وإداري وتتولى إدارة مرفق عام في نطاق السياسة العامة للدولة". وبتدقيق أحكام ونصوص مشروع قانون الهيئة المستقلة للإنتخابات والتي عرضنا لبعضها، نجد بما لا يدع مجالاً للشك، بأن هذه الهيئة لا تختلف، ولا يجوز أن تختلف عن الهيئات العامة الأخرى في الدولة.
وللباحث أمل في أن لا يقر مجلس النواب هذه الفقرة عند مناقشته القانون تحت القبة وأن يتنبه إلى أن التشريع، بوجود المحكمة الدستورية المنتظرة، لم يعد بالأمر اليسير وأن اليقظة عند ممارسة الصلاحيات التشريعية وفحص مواد أي قانون على محك الأحكام الدستورية هو أدعى للسلامة.