النغم الإلهي
عند اقتران الرّهبة بالحقيقة...وتقدم الروح يهديها السلام ...حينها لا بد من استدراك طلوع شمس جديدة كل يوم وكل إيمانٍ ...وشأن ٌ خط الله رسمه ليكون آيَةً بقلب الوجود ...وبقلب كل متفكر بصير...فهنيئا للحروف أن اكتتبت بقصة تَعبُر عبر العيون للبصيرة ...ليتم اجتماع الشّعور بالطمأنينة بعد كل مخاضات الألوان العسيرة...
في قرية هادئة بعيدة عن صخب المدينة، مطلة على ساحل البحر...تتغاوى بها أشجار الصنوبر على تلالها وأشجار الزيتون في صحرائها ... نشأت طفلة في كنف والدين مؤمنين بالله تعالى وبوحدانيته، وببعض من الأنبياء بما يتوافق مع مذهبهم وشريعتهم.
استقطبت هذه الطفلة عطف والديها بعد أن اختار الله تعالى إلى جواره الابن الأكبر والبنت الصّغرى في هذه العائلة ...عندها أصبحت رفيف الطفلة التي نروي لكم حكاياتها، ونحيطكم علما بكلّ أحلامها وآلامها .
فهي طفلة, جميلة, ذكية, رقيقة الملامح، ينبثق من عينيها ذكاء حادّ...قد حباها الله بحبِ عميق من لدن أبويها ... فهي بالنسبة لهما هبة الرّحمن، وهي الأمل، وهي بمثابة الفرحة والحلم الذي ينمو ويكبر ... هي النبتة التي تهفو لها روحاهما, كانت تشبه والدها إلى حد بات يتباهى بها في كل مجلس ومناسبة، فتعلّقه بها ما انفكّ يتطرد يومًا بعد يوم حتى إنه لم يعد يفارقها ألبتة حتى خلال نومه .
هو الوالد الذي تتلمذ على يد أساتذة في مدرسة إسلامية , تعلم من خلالها مبادئ الدين الحنيف كالوضوء والصلاة والأركان الخمسة، ولكن ولسوء حظه وبين ليلة وضحاها أصبح مسئولا(( مسؤولا))
عن عائلة مكونة من سبعة أفراد هو أكبرهم؛ فلا مناص من إعالتهم بعد وفاة والده ., مما اضطره إلى ترك المدرسة.
ولكن بالرغم من هذا كان رجلا تقيًّا أنعم الله عليه بالإيمان . هذا الأب أنشأ أبناءه على الفطرة الصحيحة ...هي توحيد الله والخوف من اليوم الآخر...
غرس فيهم أصول الدين وعلمهم التفريق بين الحلال والحرام... رغم أنه كان مكبلا بمذهب لن يفسح له المجال لكي يعيش إسلامه الصحيح الذي رافقه في المرحلة الأولى من عمره ألا( وهي المرحلة الابتدائية )...فحفظ إيمانه بين حنايا روحه ولم يبح به للعلن، ولكن أحاط أولاده بأصوله كاملة...وتمنى في قرارة نفسه أن يهتدي أبناؤه إلى الطريق السّوي، وأن يعتنقوا الدين الحق.
هذه التنشئة ظهرت بوادرها مبكرًا في القلب الصغير ... فؤاد رفيف !!! وعقلها الناضج قبل أوانه... العجيب وليس بعجيب أن هالة الإيمان كانت تلازمها منذ الصغر... فكانت تتمتع بحسن الإدراك وبسرعة البديهة والهدوء والتأمل في الخلق والخالق... و طفت نبتة الإبداع على صفحات حياتها منذ سنوات عمرها الأولى... بدأت ترافق القلم والورقة وتقيم على ضفاف الحرف. فرفيف كتبت الشعر والخاطرة وهي في سن العاشرة... كانت عاشقة للقراءة ....تختار وتنتقي أشياءها بنفسها، ولم تعطِ فرصة لأحد لكي يفرض عليها رأيًا.
كانت شخصيتها تتميز بالقوة والعقل والفكر المتزن، فهي شخصية قيادية بطبيعتها، ولدت وتمخضت هكذا... وأيضًا تدحرجت دموع الحيرة والحزن من عينيها مبكرًا.
أحاط الله رفيف بنوره منذ صغرها...فهي التي يخشى البدر حسنها...وعند ارتفاع صوت الآذان ينادي للصلاة كانت الفتاة تسرع الخطى نحو شرفتها؛ لتتمعّن في سماع هذا النّداء الآتي من بعيد، وهي لم تكن تفقه بعد معناه أو سبب انسيابه في الفضاء... لكنه كان بمثابة النغم الإلهي الذي يشد انتباهها دون وعي منها، فتجد نفسها شاردة الفكر معلقة العينين بالأفق غير المتناهي على امتداد البحر ...فحداثة سنّها لم تخوّل لها استيعاب ما يدور حولها...غير أنّها كانت تعشق هذا النغم وتألفه وكأنه تسبيحة قلبها البريء.
...كانت تعشق رنة الآذان تعشق كلمة :(الله أكبر ... الله أكبر... ) تَلزم مكانها بالشرفة وتنظر إلى أعلى... لترى وتتمتع بمنظر الأفق وهو يلتحم بالبحر...وتناجي ربّها الواحد الأحد ... يا الله، ما هذا الصوت؟؟ ولماذا في هذه الأوقات دائمًا أسمع هذه النغمة ؟؟...ولماذا قلبي يعشقها وأشعر أنني منك قريبة ؟؟...كانت تزور عينيها دمعة حيرة ويرتطم عقلها بصخرة عدم المعرفة والغموض...كانت تريد أن تعرف ولكن كيف وهي تعتنق مذهب طائفة عائلتها ؟؟ مذهب أحاطها وكبل عقلها.
كانت تعشق أن تختلي بصمتها وحيرتها وتخرج إلى البحر ... هناك على الشاطئ الفسيح تجد الملاذ الحقيقي لأفكارها ...تجلس على صخرة وتمد قدميها لتلامس الموجة الهادئة؛ فتطفئ برودة الماء لهيب الصراع داخلها الذي لم يفارقها مذ وطأت روحها نور الحياة ...كانت تتحدث بصوت عالِ لشعورها أن المكان ملكها وحدها
...وتنظر إلى السماء فتعانق عيناها اللون الأزرق الصافي، فينطق لسانها بما يخامر وجدانها:أعلم يا رب أنك موجود، وأنت خالق البشر وخالق الكون ...فأنت لك اليد العليا ولا يدَ فوقها...ولكني لا أعلم هل أنا على حق وعائلتي على حق، أم نحن على الباطل؟! ...يا رب، أرسل لي علامة تهديني للطريق ... ابعث لي من يخرجني من حيرتي ويجفف دمعتي... طفلة تستغيث و تترجى وتتمنى من ربها أن ينجدها من تمزّقها، ويرسي أشرعة قلبها وعقلها على الحقيقة المجردة دون غموض أو انحياز لعقيدة معينة ... فهي تطلب من مالك الكون الحقيقة ... والحقيقة فقط...ثم تعود أدراجها على أملِ في غدٍ أفضل ... يجوز أن يستجيب لها الله ويلبي نداءها... تساؤلات نمت بروحها وكبرت معها.
كبرت رفيف وصوت الآذان يصاحبها ويملأ ثنايا القلب والعقل ... تائهة تتخبط بين الحق والباطل ... تزوجت في سن مبكرة وهي بعمر السادسة عشر... واجهت صعوبات كثيرة مع زوجها؛ فكان نصيبها زوجًا متسلطًا أنانيًّا، رمى بطفولتها خلف ظهره متنكرًا لما كانت تقاسيه من وحدة وخوفٍ من مصيرِ مجهولٍ، فلم تكن حياتها الزوجية سهلة... كانت الفجوة كبيرة بينها وبين زوجها... فتسلطه واستبداده وقتله لبذرة الإبداع في قلبها وعقلها- أمر من المحال التعايش معه ...وبعد سنوات من القهر أفاقت رفيف وحولها أربعة أبناء ، هم كل حياتها ... كانت تلعب معهم ليؤنسوا وحشتها ويملؤوا فراغ الزوج الذي نادرًا ما كان يهتم بأطفاله ويلاعبهم... هذه الأم الذي اتّشح قلبها بالقهر، كانت تقاوم بكل ما لديها لتبقى بجانب أطفالها وترعاهم ...كانت تنظر إليهم وكأنهم كنوز الدنيا بين يديها، و تتحمل عبء الحياة مع قرينها من أجلهم...وفي يوم من الأيام قررت العودة إلى المدرسة التي حُرمت منها بسبب زواجها المبكر، وأن تكمل تعليمها الجامعي وتخطو خطوات واثقة نحو إثبات ذاتها ...
قاست وتعذبت بسبب الحيرة التي تملكتها، فهي كانت دؤوبة في البحث عن الحقيقة ...
فرفيف كانت تقرأ كتاب تفسير الجلالين(...بدأ في التفسير جلال الدين المحلي ولكنه مات قبل أن ينهيه، فتابع عنه تلميذه جلال الدين السيوطي رحمهما الله) وتحاول أن تقارن بين هذا الدين وما نشأت عليه من تعاليم طائفتها...كانت تبكي لأنها كانت تشعر بالفرق، وأن هناك خطأ ما لا تستطيع إدراكه.
وفي يومٍ من الأيام وهي في الحرم الجامعي كانت تجلس في المقصف تأكل...
فهمست لها صديقتها وقالت لها: لا يجوز أن تأكلي أمام المسلمين؛ فهم صائمون!! فتعجبت رفيف ورفعت عينيها الملتحفتين بالحيرة ونظرت بتعجب لوجه صديقتها!! وقالت لها: لماذا يصوم المسلمون ؟؟ فقالت لها: إنه شهر رمضان، شهر مقدس عند المسلمين، فيه أُنزل القرآن على نبيهم، وفيه كُتب عليهم الصيام، ونحن لا نأكل أمامهم وهم صائمون . فاغرورقت عينا رفيف بالدموع؛ لأنها شعرت أنها أخطأت، ولكنها استفادت بمعرفتها قدسية شهر رمضان الكريم... فعادت إلى بيتها والحديث يتردّد صداه في خلدها فتشتعل بداخلها نار تلهب وجدانها حيرة وألمًا... (( شهر رمضان!! وهو شهر الصيام بالنسبة للمسلم، وهو الشهر الذي أَنزل الله فيه القرآن على محمد بن عبد الله (رسول المسلمين وخاتم الأنبياء)...)) تألمت رفيف ... وشعرت أن الله حَرمها من نعمة هذا الشهر ... ولماذا؟؟ لماذا كتب الله عليها الحيرة ؟؟؟ صرخت رفيف بصوت مكتوم صرخة جلجلت خلايا جسدها وقالت: قلبي يريد هذا الدين !! قلبي عاشق لمحمد ولشهر رمضان ... قلبي يهفو إلى القرآن... فبكت بشدة... بكاء تهتز له أركان السماء، وصممت على اعتناق الحق مهما حدث.
كانت لها صديقة وجارة مسلمة ... علمتها بعض الأشياء البسيطة عن الإسلام، منها: صلاة الاستخارة ، .... ...واحتضنت كل تعاليم السيدة عن الإسلام بين حناياها... كانت تتعلم من جارتها في السر ... تسرق الوقت لتذهب إلى جارتها لتشرب من نبعها الصافي... لتسمع منها ما يَشرح صدرها ما يَقتل حيرتها وينحر الباطل من الوريد إلى الوريد ... كان ليلها طويلا والممر مظلمًا معتمًا تريد الخروج منه ولا تعرف كيف!! فكانت جارتها هي وريقات الأمل التي تعلقت بها...ذات يوم قامت لصلاة الاستخارة وأدتها كما علمتها جارتها، ثم قامت لفراشها لتعانق يومًا جديدًا وحيرة جديدة ... ولكن ما حدث لها كان معجزة من المعجزات ، فالله على كل شيء قدير...في صورةِ ملاكٍ تراءى لها فجرًا قائلا:( إنا كافأناكم بالإسلام دينًا وبمحمد رسولا) فكتبتها يدها دون دراية بما تكتب، ودون أن تعي ما يُملى عليها !!
فعندما ظهرت تباشير الصباح استيقظت رفيف( المختارة للدين الحنيف) وقرأت المكافأة فركضت مسرعة -وتجتاحها فرحة عامرة لا تعرف مصدرها- إلى جارتها، وقصت عليها ما حدث، وسلمتها ما أمُلي عليها... ففرحت الجارة وقبلتها وزادت في التقبيل وقبلت يدها... وقالت لها:(( هنيئا لك يا ابنتي، أنا ولدت مسلمة ولم يتراءَ لي هذا الذي تراءى لك... فالحمد والشكر لله رب العالمين)) وتواعدا على الذهاب إلى المفتي في دار الفتوى لتقصا عليه هذه الرواية، واصطحبتا الدليل المكتوب بخطِ يدٍ مأمورةٍ لَتكتب ما أملي عليها، فباركها الشيخ الجليل وقال لها:( ربك بعث لك بملاك يبشرك بالدين الحنيف... فالله جل علاه اختارك من فوق سبع سموات لتكوني من المسلمين...كمكافأة لك يا ابنتي، فهنيئا هنيئا لك).. فعادت وهي تسبح في نورالله ... مأخوذة من كم النور الذي
يخترق جسدها وعقلها...
عادت أدراجها إلى منزلها إلى بيتها وزوجها...
البيت الذي يوجد فيه من يمتعض عند سماع صوت الآذان ... فعندما يعلو صوت الآذان: (الله أكبر... الله أكبر...) يصرخ من في البيت :أغلقوا النوافذ؛ لا نريد سماع هذا الصوت...وهي المؤمنة المسلمة الموحدة كيف تتعامل مع هذا كله ... كيف تتعامل مع زوجها الذي يحاربها ويحاول بشتى الطرق أن يرتدّ بها إلى سبيل الظلام، ويعتّم نور الحق الذي سكن قلبها وروحها ...كان يناهضها ويحاول أن يجور على مكامنها بتسليط عائلتها عليها ... هذه العائلة التي نعتتها بالكفر والضلال لمجرد اعتناقها الإسلام والنطق بالشهادتين... كانت تسرق الوقت كعادتها لتذهب إلى جارتها ... كانت تتحجج بشتى الحجج لكي تكون قادرة على الذهاب لها لكي تتعلم الصلاة على أصولها ومواقيتها كما أمرنا الله... ولكي تتعلم قراءة القرآن والتفسير القرآني... توالت الأيام وهي في صراع مع زوجها ومع عائلتها ودموعها لا تجف وسؤالها لله لا ينضب : يا رب ، يا الله، هل أنا على حق؟؟؟ أم على ضلال؟! كانت تسأل وقلبها يجيب: إنك على حق وهم على ضلال...ولكن رحمة الله واسعة فلم يَرد لها أن تطول حيرتها ويطول ألمها ... فأرسل الله تعالى نفس الملاك الذي أرسله في المرة الأولى يقول لها:(حاء ... ميم)(حاء ... ميم) فقط لا غير!! ... حدثت لسان حالها وهي متعجبة تائهة، ولكن تشعر أن بر الأمان اقترب وأن السر في هذين الحرفين، ما هذا؟؟ وماذا يعنيان ؟؟(حاء ... ميم؟؟).فكعادتها لم تجد ملجأ لحيرتها إلا جارتها، فبكت وركضت لجارتها تقص عليها ما حدث ... وسألتها ما هي الحاء ميم؟! فََعرفت السر ... نعم، إنه السر الذي سوف تجد بين ثناياه الطمأنينة والأمان والاستقرار والثبات على الدين الحق ... فكان جواب الجارة: أن(( الحاء ...ميم)) مفتاح سبع سور في القرآن الكريم تُشير وتؤكد على تنزيل الكتاب الكريم العظيم من الله رب العالمين تبارك وتعالى...وترسيخ لما أرادهُ الله من عبده، وهذه السور هي 1- غافر...2- فصلت...3-الشورى...4-الزخرف.....5-الدخان...6-الجاثية...7-الأحقاف
.وهنا احتضنت بكل قوتها الدين الإسلامي وشرائعه وعقائده... فارقتها الحيرة وخرجت مضيئة من الممر المظلم إلى المساحات الشاسعة من النور الإيمان... وأكملت رفيف طريقها في درب الحق ونحرت بكلتا يديها الباطل ... ولم تَكل ولم تتوقف... كي تتعمق في دينها الحنيف...وتغيرت حياتها ولم تعد تسرق الوقت لتتعلم من جارتها ... على العكس فلقد فارقت من كان يصرخ امتعاضًا من صوت الآذان، وانتقلت بكلّ ثقة وامتلاء وتزوجت من رجلٍ مؤمنٍ قلبًا وقالبًا، وهبها ما كانت تحتاج له وما كانت تسعى إليه. فقد وهبها بكل حب...حرية الرأي والاختيار،
ومنحها القدرة على الإبداع، فهذا الزوج الصالح هو مكافأة آخرى من الله سبحانه وتعالى...
تطلق رفيف العنان لخيالها وتسرح بعيدًا لتتذكر كيف اجتمعت أول مرة مع زوجها الحالي ... كان لقاؤها به في ملتقى شعري في فيلا صديقة مشتركة بينهما، قدمتها الصديقة له وقالت: أقدم لكَ نموذجًا نادرًا من النساء، رفيف الرقيقة القوية شاعرة وأستاذة في الأدب العربي. وأشارت إلى الرجل وقالت :"هذا الشاعر والدكتور خالد المهدي، أكيد سمعتِ عنه يا رفيف، فهو غني عن التعريف."... فمد الرجل يده إلى رفيف وهو مأخوذ بجمالها وبهاء وجهها الملفت وقال:"أهلين رفيف، تشرفت بك "... سلمت رفيف وهي تشعر بشيء خفيّ تجاه هذا الغريب...فهي تشعر أنه سوف يكون له شأن في حياتها... انسحبت من المجلس وخرجت للشرفة وهي تشعر وترى بحسّها الأنثويّ أن نظراته لا تحيد عنها ... ظلت حوالي الساعة بالشرفة تتأمّل القمر المكتمل في أبهى صوره...تبحر فيه كما كانت تفعل وهي صغيرة، كانت تهرب لتجد راحتها بين أحضان نور هذا الكوكب المتصدر عرش السّماء...وتفرغ أحلامها نجومًا تنثرها حوله. وفجأة وهي تداعب أحلامها سمعت صوتًا منخفضًا كالهمس يقول: تتزوجيني؟! التفتت مندهشة وتعجبت لطلبه فقال لها خالد: سمعت عنكِ ما لم أستطع مقاومته، ولن أفرط في امرأة مثلك يغار منها القمر، ويهاب قوّتها أشدّ الرّجال حنكة وعقلا... نظرت إليه بعينيها المتألقتين تحت ضوء القمر وقالت : وأنا لن أفرط في رجلِ من خيرة الرجال، نعم أتزوجك ... سطعت شمس السعادة على وجه رفيف؛ الدين الحق والزوج الصالح وراحة القلب والبال فهنيئًا لك رفيف على إسلامك والحمد الله رب العالمين ... فسبحان الله الذي يهدي من يشاء.
في قرية هادئة بعيدة عن صخب المدينة، مطلة على ساحل البحر...تتغاوى بها أشجار الصنوبر على تلالها وأشجار الزيتون في صحرائها ... نشأت طفلة في كنف والدين مؤمنين بالله تعالى وبوحدانيته، وببعض من الأنبياء بما يتوافق مع مذهبهم وشريعتهم.
استقطبت هذه الطفلة عطف والديها بعد أن اختار الله تعالى إلى جواره الابن الأكبر والبنت الصّغرى في هذه العائلة ...عندها أصبحت رفيف الطفلة التي نروي لكم حكاياتها، ونحيطكم علما بكلّ أحلامها وآلامها .
فهي طفلة, جميلة, ذكية, رقيقة الملامح، ينبثق من عينيها ذكاء حادّ...قد حباها الله بحبِ عميق من لدن أبويها ... فهي بالنسبة لهما هبة الرّحمن، وهي الأمل، وهي بمثابة الفرحة والحلم الذي ينمو ويكبر ... هي النبتة التي تهفو لها روحاهما, كانت تشبه والدها إلى حد بات يتباهى بها في كل مجلس ومناسبة، فتعلّقه بها ما انفكّ يتطرد يومًا بعد يوم حتى إنه لم يعد يفارقها ألبتة حتى خلال نومه .
هو الوالد الذي تتلمذ على يد أساتذة في مدرسة إسلامية , تعلم من خلالها مبادئ الدين الحنيف كالوضوء والصلاة والأركان الخمسة، ولكن ولسوء حظه وبين ليلة وضحاها أصبح مسئولا(( مسؤولا))
عن عائلة مكونة من سبعة أفراد هو أكبرهم؛ فلا مناص من إعالتهم بعد وفاة والده ., مما اضطره إلى ترك المدرسة.
ولكن بالرغم من هذا كان رجلا تقيًّا أنعم الله عليه بالإيمان . هذا الأب أنشأ أبناءه على الفطرة الصحيحة ...هي توحيد الله والخوف من اليوم الآخر...
غرس فيهم أصول الدين وعلمهم التفريق بين الحلال والحرام... رغم أنه كان مكبلا بمذهب لن يفسح له المجال لكي يعيش إسلامه الصحيح الذي رافقه في المرحلة الأولى من عمره ألا( وهي المرحلة الابتدائية )...فحفظ إيمانه بين حنايا روحه ولم يبح به للعلن، ولكن أحاط أولاده بأصوله كاملة...وتمنى في قرارة نفسه أن يهتدي أبناؤه إلى الطريق السّوي، وأن يعتنقوا الدين الحق.
هذه التنشئة ظهرت بوادرها مبكرًا في القلب الصغير ... فؤاد رفيف !!! وعقلها الناضج قبل أوانه... العجيب وليس بعجيب أن هالة الإيمان كانت تلازمها منذ الصغر... فكانت تتمتع بحسن الإدراك وبسرعة البديهة والهدوء والتأمل في الخلق والخالق... و طفت نبتة الإبداع على صفحات حياتها منذ سنوات عمرها الأولى... بدأت ترافق القلم والورقة وتقيم على ضفاف الحرف. فرفيف كتبت الشعر والخاطرة وهي في سن العاشرة... كانت عاشقة للقراءة ....تختار وتنتقي أشياءها بنفسها، ولم تعطِ فرصة لأحد لكي يفرض عليها رأيًا.
كانت شخصيتها تتميز بالقوة والعقل والفكر المتزن، فهي شخصية قيادية بطبيعتها، ولدت وتمخضت هكذا... وأيضًا تدحرجت دموع الحيرة والحزن من عينيها مبكرًا.
أحاط الله رفيف بنوره منذ صغرها...فهي التي يخشى البدر حسنها...وعند ارتفاع صوت الآذان ينادي للصلاة كانت الفتاة تسرع الخطى نحو شرفتها؛ لتتمعّن في سماع هذا النّداء الآتي من بعيد، وهي لم تكن تفقه بعد معناه أو سبب انسيابه في الفضاء... لكنه كان بمثابة النغم الإلهي الذي يشد انتباهها دون وعي منها، فتجد نفسها شاردة الفكر معلقة العينين بالأفق غير المتناهي على امتداد البحر ...فحداثة سنّها لم تخوّل لها استيعاب ما يدور حولها...غير أنّها كانت تعشق هذا النغم وتألفه وكأنه تسبيحة قلبها البريء.
...كانت تعشق رنة الآذان تعشق كلمة :(الله أكبر ... الله أكبر... ) تَلزم مكانها بالشرفة وتنظر إلى أعلى... لترى وتتمتع بمنظر الأفق وهو يلتحم بالبحر...وتناجي ربّها الواحد الأحد ... يا الله، ما هذا الصوت؟؟ ولماذا في هذه الأوقات دائمًا أسمع هذه النغمة ؟؟...ولماذا قلبي يعشقها وأشعر أنني منك قريبة ؟؟...كانت تزور عينيها دمعة حيرة ويرتطم عقلها بصخرة عدم المعرفة والغموض...كانت تريد أن تعرف ولكن كيف وهي تعتنق مذهب طائفة عائلتها ؟؟ مذهب أحاطها وكبل عقلها.
كانت تعشق أن تختلي بصمتها وحيرتها وتخرج إلى البحر ... هناك على الشاطئ الفسيح تجد الملاذ الحقيقي لأفكارها ...تجلس على صخرة وتمد قدميها لتلامس الموجة الهادئة؛ فتطفئ برودة الماء لهيب الصراع داخلها الذي لم يفارقها مذ وطأت روحها نور الحياة ...كانت تتحدث بصوت عالِ لشعورها أن المكان ملكها وحدها
...وتنظر إلى السماء فتعانق عيناها اللون الأزرق الصافي، فينطق لسانها بما يخامر وجدانها:أعلم يا رب أنك موجود، وأنت خالق البشر وخالق الكون ...فأنت لك اليد العليا ولا يدَ فوقها...ولكني لا أعلم هل أنا على حق وعائلتي على حق، أم نحن على الباطل؟! ...يا رب، أرسل لي علامة تهديني للطريق ... ابعث لي من يخرجني من حيرتي ويجفف دمعتي... طفلة تستغيث و تترجى وتتمنى من ربها أن ينجدها من تمزّقها، ويرسي أشرعة قلبها وعقلها على الحقيقة المجردة دون غموض أو انحياز لعقيدة معينة ... فهي تطلب من مالك الكون الحقيقة ... والحقيقة فقط...ثم تعود أدراجها على أملِ في غدٍ أفضل ... يجوز أن يستجيب لها الله ويلبي نداءها... تساؤلات نمت بروحها وكبرت معها.
كبرت رفيف وصوت الآذان يصاحبها ويملأ ثنايا القلب والعقل ... تائهة تتخبط بين الحق والباطل ... تزوجت في سن مبكرة وهي بعمر السادسة عشر... واجهت صعوبات كثيرة مع زوجها؛ فكان نصيبها زوجًا متسلطًا أنانيًّا، رمى بطفولتها خلف ظهره متنكرًا لما كانت تقاسيه من وحدة وخوفٍ من مصيرِ مجهولٍ، فلم تكن حياتها الزوجية سهلة... كانت الفجوة كبيرة بينها وبين زوجها... فتسلطه واستبداده وقتله لبذرة الإبداع في قلبها وعقلها- أمر من المحال التعايش معه ...وبعد سنوات من القهر أفاقت رفيف وحولها أربعة أبناء ، هم كل حياتها ... كانت تلعب معهم ليؤنسوا وحشتها ويملؤوا فراغ الزوج الذي نادرًا ما كان يهتم بأطفاله ويلاعبهم... هذه الأم الذي اتّشح قلبها بالقهر، كانت تقاوم بكل ما لديها لتبقى بجانب أطفالها وترعاهم ...كانت تنظر إليهم وكأنهم كنوز الدنيا بين يديها، و تتحمل عبء الحياة مع قرينها من أجلهم...وفي يوم من الأيام قررت العودة إلى المدرسة التي حُرمت منها بسبب زواجها المبكر، وأن تكمل تعليمها الجامعي وتخطو خطوات واثقة نحو إثبات ذاتها ...
قاست وتعذبت بسبب الحيرة التي تملكتها، فهي كانت دؤوبة في البحث عن الحقيقة ...
فرفيف كانت تقرأ كتاب تفسير الجلالين(...بدأ في التفسير جلال الدين المحلي ولكنه مات قبل أن ينهيه، فتابع عنه تلميذه جلال الدين السيوطي رحمهما الله) وتحاول أن تقارن بين هذا الدين وما نشأت عليه من تعاليم طائفتها...كانت تبكي لأنها كانت تشعر بالفرق، وأن هناك خطأ ما لا تستطيع إدراكه.
وفي يومٍ من الأيام وهي في الحرم الجامعي كانت تجلس في المقصف تأكل...
فهمست لها صديقتها وقالت لها: لا يجوز أن تأكلي أمام المسلمين؛ فهم صائمون!! فتعجبت رفيف ورفعت عينيها الملتحفتين بالحيرة ونظرت بتعجب لوجه صديقتها!! وقالت لها: لماذا يصوم المسلمون ؟؟ فقالت لها: إنه شهر رمضان، شهر مقدس عند المسلمين، فيه أُنزل القرآن على نبيهم، وفيه كُتب عليهم الصيام، ونحن لا نأكل أمامهم وهم صائمون . فاغرورقت عينا رفيف بالدموع؛ لأنها شعرت أنها أخطأت، ولكنها استفادت بمعرفتها قدسية شهر رمضان الكريم... فعادت إلى بيتها والحديث يتردّد صداه في خلدها فتشتعل بداخلها نار تلهب وجدانها حيرة وألمًا... (( شهر رمضان!! وهو شهر الصيام بالنسبة للمسلم، وهو الشهر الذي أَنزل الله فيه القرآن على محمد بن عبد الله (رسول المسلمين وخاتم الأنبياء)...)) تألمت رفيف ... وشعرت أن الله حَرمها من نعمة هذا الشهر ... ولماذا؟؟ لماذا كتب الله عليها الحيرة ؟؟؟ صرخت رفيف بصوت مكتوم صرخة جلجلت خلايا جسدها وقالت: قلبي يريد هذا الدين !! قلبي عاشق لمحمد ولشهر رمضان ... قلبي يهفو إلى القرآن... فبكت بشدة... بكاء تهتز له أركان السماء، وصممت على اعتناق الحق مهما حدث.
كانت لها صديقة وجارة مسلمة ... علمتها بعض الأشياء البسيطة عن الإسلام، منها: صلاة الاستخارة ، .... ...واحتضنت كل تعاليم السيدة عن الإسلام بين حناياها... كانت تتعلم من جارتها في السر ... تسرق الوقت لتذهب إلى جارتها لتشرب من نبعها الصافي... لتسمع منها ما يَشرح صدرها ما يَقتل حيرتها وينحر الباطل من الوريد إلى الوريد ... كان ليلها طويلا والممر مظلمًا معتمًا تريد الخروج منه ولا تعرف كيف!! فكانت جارتها هي وريقات الأمل التي تعلقت بها...ذات يوم قامت لصلاة الاستخارة وأدتها كما علمتها جارتها، ثم قامت لفراشها لتعانق يومًا جديدًا وحيرة جديدة ... ولكن ما حدث لها كان معجزة من المعجزات ، فالله على كل شيء قدير...في صورةِ ملاكٍ تراءى لها فجرًا قائلا:( إنا كافأناكم بالإسلام دينًا وبمحمد رسولا) فكتبتها يدها دون دراية بما تكتب، ودون أن تعي ما يُملى عليها !!
فعندما ظهرت تباشير الصباح استيقظت رفيف( المختارة للدين الحنيف) وقرأت المكافأة فركضت مسرعة -وتجتاحها فرحة عامرة لا تعرف مصدرها- إلى جارتها، وقصت عليها ما حدث، وسلمتها ما أمُلي عليها... ففرحت الجارة وقبلتها وزادت في التقبيل وقبلت يدها... وقالت لها:(( هنيئا لك يا ابنتي، أنا ولدت مسلمة ولم يتراءَ لي هذا الذي تراءى لك... فالحمد والشكر لله رب العالمين)) وتواعدا على الذهاب إلى المفتي في دار الفتوى لتقصا عليه هذه الرواية، واصطحبتا الدليل المكتوب بخطِ يدٍ مأمورةٍ لَتكتب ما أملي عليها، فباركها الشيخ الجليل وقال لها:( ربك بعث لك بملاك يبشرك بالدين الحنيف... فالله جل علاه اختارك من فوق سبع سموات لتكوني من المسلمين...كمكافأة لك يا ابنتي، فهنيئا هنيئا لك).. فعادت وهي تسبح في نورالله ... مأخوذة من كم النور الذي
يخترق جسدها وعقلها...
عادت أدراجها إلى منزلها إلى بيتها وزوجها...
البيت الذي يوجد فيه من يمتعض عند سماع صوت الآذان ... فعندما يعلو صوت الآذان: (الله أكبر... الله أكبر...) يصرخ من في البيت :أغلقوا النوافذ؛ لا نريد سماع هذا الصوت...وهي المؤمنة المسلمة الموحدة كيف تتعامل مع هذا كله ... كيف تتعامل مع زوجها الذي يحاربها ويحاول بشتى الطرق أن يرتدّ بها إلى سبيل الظلام، ويعتّم نور الحق الذي سكن قلبها وروحها ...كان يناهضها ويحاول أن يجور على مكامنها بتسليط عائلتها عليها ... هذه العائلة التي نعتتها بالكفر والضلال لمجرد اعتناقها الإسلام والنطق بالشهادتين... كانت تسرق الوقت كعادتها لتذهب إلى جارتها ... كانت تتحجج بشتى الحجج لكي تكون قادرة على الذهاب لها لكي تتعلم الصلاة على أصولها ومواقيتها كما أمرنا الله... ولكي تتعلم قراءة القرآن والتفسير القرآني... توالت الأيام وهي في صراع مع زوجها ومع عائلتها ودموعها لا تجف وسؤالها لله لا ينضب : يا رب ، يا الله، هل أنا على حق؟؟؟ أم على ضلال؟! كانت تسأل وقلبها يجيب: إنك على حق وهم على ضلال...ولكن رحمة الله واسعة فلم يَرد لها أن تطول حيرتها ويطول ألمها ... فأرسل الله تعالى نفس الملاك الذي أرسله في المرة الأولى يقول لها:(حاء ... ميم)(حاء ... ميم) فقط لا غير!! ... حدثت لسان حالها وهي متعجبة تائهة، ولكن تشعر أن بر الأمان اقترب وأن السر في هذين الحرفين، ما هذا؟؟ وماذا يعنيان ؟؟(حاء ... ميم؟؟).فكعادتها لم تجد ملجأ لحيرتها إلا جارتها، فبكت وركضت لجارتها تقص عليها ما حدث ... وسألتها ما هي الحاء ميم؟! فََعرفت السر ... نعم، إنه السر الذي سوف تجد بين ثناياه الطمأنينة والأمان والاستقرار والثبات على الدين الحق ... فكان جواب الجارة: أن(( الحاء ...ميم)) مفتاح سبع سور في القرآن الكريم تُشير وتؤكد على تنزيل الكتاب الكريم العظيم من الله رب العالمين تبارك وتعالى...وترسيخ لما أرادهُ الله من عبده، وهذه السور هي 1- غافر...2- فصلت...3-الشورى...4-الزخرف.....5-الدخان...6-الجاثية...7-الأحقاف
.وهنا احتضنت بكل قوتها الدين الإسلامي وشرائعه وعقائده... فارقتها الحيرة وخرجت مضيئة من الممر المظلم إلى المساحات الشاسعة من النور الإيمان... وأكملت رفيف طريقها في درب الحق ونحرت بكلتا يديها الباطل ... ولم تَكل ولم تتوقف... كي تتعمق في دينها الحنيف...وتغيرت حياتها ولم تعد تسرق الوقت لتتعلم من جارتها ... على العكس فلقد فارقت من كان يصرخ امتعاضًا من صوت الآذان، وانتقلت بكلّ ثقة وامتلاء وتزوجت من رجلٍ مؤمنٍ قلبًا وقالبًا، وهبها ما كانت تحتاج له وما كانت تسعى إليه. فقد وهبها بكل حب...حرية الرأي والاختيار،
ومنحها القدرة على الإبداع، فهذا الزوج الصالح هو مكافأة آخرى من الله سبحانه وتعالى...
تطلق رفيف العنان لخيالها وتسرح بعيدًا لتتذكر كيف اجتمعت أول مرة مع زوجها الحالي ... كان لقاؤها به في ملتقى شعري في فيلا صديقة مشتركة بينهما، قدمتها الصديقة له وقالت: أقدم لكَ نموذجًا نادرًا من النساء، رفيف الرقيقة القوية شاعرة وأستاذة في الأدب العربي. وأشارت إلى الرجل وقالت :"هذا الشاعر والدكتور خالد المهدي، أكيد سمعتِ عنه يا رفيف، فهو غني عن التعريف."... فمد الرجل يده إلى رفيف وهو مأخوذ بجمالها وبهاء وجهها الملفت وقال:"أهلين رفيف، تشرفت بك "... سلمت رفيف وهي تشعر بشيء خفيّ تجاه هذا الغريب...فهي تشعر أنه سوف يكون له شأن في حياتها... انسحبت من المجلس وخرجت للشرفة وهي تشعر وترى بحسّها الأنثويّ أن نظراته لا تحيد عنها ... ظلت حوالي الساعة بالشرفة تتأمّل القمر المكتمل في أبهى صوره...تبحر فيه كما كانت تفعل وهي صغيرة، كانت تهرب لتجد راحتها بين أحضان نور هذا الكوكب المتصدر عرش السّماء...وتفرغ أحلامها نجومًا تنثرها حوله. وفجأة وهي تداعب أحلامها سمعت صوتًا منخفضًا كالهمس يقول: تتزوجيني؟! التفتت مندهشة وتعجبت لطلبه فقال لها خالد: سمعت عنكِ ما لم أستطع مقاومته، ولن أفرط في امرأة مثلك يغار منها القمر، ويهاب قوّتها أشدّ الرّجال حنكة وعقلا... نظرت إليه بعينيها المتألقتين تحت ضوء القمر وقالت : وأنا لن أفرط في رجلِ من خيرة الرجال، نعم أتزوجك ... سطعت شمس السعادة على وجه رفيف؛ الدين الحق والزوج الصالح وراحة القلب والبال فهنيئًا لك رفيف على إسلامك والحمد الله رب العالمين ... فسبحان الله الذي يهدي من يشاء.