ملف توزيع أموال صندوق نقابة "استقدام العاملات" يهز وزارة العمل وقرار وشيك يحسم الجدل قريباً


*وزارة العمل حذرت وأنذرت وهددت وديوان المحاسبة يصدر كتابين بالرفض وفتوى محامي النقابة شرحت التفاصيل

*مجلس النقابة استند لقرار صرف مئات الآلاف إلى الهيئة العامة وديوان المحاسبة لا علاقة له بالقرارات التنفيذية

*مهلة مدتها 30 يوماً تنهتي خلال يوم لاستعادة الأموال التي وزعت على 160 مكتباً

*وزارة العمل هددت بحل النقابة وتشكيل هيئة مؤقتة والجميع على مفترق طرق

أخبار البلد- هبة الحاج

ملف توزيع الأموال الفائضة في صندوق نقابة مكاتب إستقدام واستخدام العاملين في المنازل من غير الأردنيين، دخل زاوية حرجة أو بالأحرى دائرة ضيقة بعد أن كشرت وزارة العمل عن أنيابها وسطرت كتباً في ظل المتاهة أو القفزة المفاجئة حيث صعد الجميع على الشجرة بانتظار من يحسم الجدل القانوني والملف الشائك المعقد الصعب الذي سيدفع ثمنه من يثبت أنه مسؤول عن ارتكاب الخطأ في حال اكتشافه خصوصًا أن العد العكسي لساعة الزمن للمهلة التي حُددت من قبل الوزارة التي اعتبرت أن توزيع ما قيمته 483 ألف دينار، على أعضاء الهيئة العامة سابقة خطيرة لا بد من مواجهتها ومعالجة آثارها بكل حكمة وروية وضمن القانون والتعليمات والأسس.

البعض من أعضاء الهيئة العامة يتقاذفون الاتهامات فيما بينهم، وكل طرف يتنصل من المسؤولية ويدَعي أنه طبق القانون ولم يخالفه، إلا أن وزارة العمل التي قررت أن تحسم الجدل وتضع حدًا للنهاية المؤسفة من خلال الطلب من الهيئة الإدارية بضرورة استعادة ما جرى توزيعه من أموال تحت طائلة حل مجلس النقابة وتعيين هيئة مؤقتة قبل أن تتخذ قرارات من شأنها قلب الطاولة رأسا على عقب على كل الذين يعتقد أنهم خالفوا القانون واستغلوا الأموال في غير الغاية المخصصة لها.

القصة لها جذور وتبعات وبدايات قامت "أخبار البلد" برصد الحكاية منذ البداية، لعلها تضع القارئ بتفاصيل ما جرى موثقةً حديثها وروايتها بكثير من الأوراق والوثائق الرسمية والمراسلات الخطية التي تؤكد أن هذا الملف يعتبر الأخطر والأهم على مكتب الوزيرة الجديدة ناديا الروابدة التي قالت كلمتها عبر الوزارة والوزير السابق يوسف الشمالي بحثًا عن نهايات عنوانها الأبرز هو المحافظة على المال العام.

وفيما يلي التفاصيل الكاملة لأخطر ملف يتم تداوله في الغرف المغلقة والجهات ذات العلاقة، فيما يحبس الجميع الأنفاس ويقف البعض الآخر على أطراف أصابعه بانتظار القرار الذي من المتوقع أن يصدر خلال الـ 24 ساعة القادمة.

قامت نقابة أصحاب مكاتب إستقدام واستخدام العاملين في المنازل من غير الأردنيين بالدعوة لاجتماع هيئة غير عادي في المقر الرئيسي للنقابة بتاريخ 9 آب 2023، والغاية من الاجتماع كانت مناقشة موضوع التصرف في المبالغ المالية الموجودة في صندوق النقابة وآلية الإستفادة منها، إلا أن النصاب كان غير قانونيًا في الجلسة بسبب عدم اكتمال عدد الحضور من أعضاء الهيئة العامة واقتصار حضور الاجتماع على 18 عضوًا مسدد لاشتراكه، فقامت بالدعوة لاجتماع هيئة عامة غير عادي ثاني في فندق بريستول- عمان بتاريخ 23 آب 2023 حسب أحكام النظام، لمناقشة ذات الغاية في الاجتماع الأول.

وقررت الهيئة العامة توزيع مبلغ 3000 دينار لكل مكتب استقدام بالتساوي، نضرًا لما تم تقديمه للنقابة من طلبات من عدد من أعضاء الهيئة العامة تفيد بطلب المساعدة المالية (النقدية) بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعرضوا لها بسبب جائحة كورونا وما تبعها من ظروف اقتصادية عالمية صعبة، بحسب ما جاء في محضر اجتماع الهيئة العامة غير العادي (الثاني) لسنة 2023 (10)، علما بأن أزمة كورونا وتداعياتها وآثارها الاقتصادية قد تلاشت وانتهت وهذا واضح من الأرقام التي تم استقدامها للمكاتب والاي تظهر نموا في أعداد استقدام العاملات.

وكان مجلس النقابة قد طلب فتوى قانونية من المحامي الخاص بهم لتكون فتوى استرشادية تنير لهم الطريق باعتبار أن توزيع الأموال الفائضة يمثل حدثاً هاماً وملفاً خطيراً، باعتبار أن أموال النقابات وفقا للقانون تعتبر أموالاً عامة لا يجوز التصرف بها أو هدرها أو استخدامها لغير الغايات المستخدمة، فرد المحامي إبراهيم الحنيطي، أنه لا يجوز انفاق أموال النقابة إلا بما يحقق أهدافها حسب النظام الداخلي والقوانين النافذة وبما يتفق والمعايير المحاسبية الدولية وأن ذلك الاتفاق خاضع لرقابة ديوان المحاسبة.

وتابع المحامي الحنيطي، أن الرأي القانوني بالإجراء محل الاستشارة أنه لا يجوز القيام به إلا بعد الحصول على موافقة أو رأي خطي من ديوان المحاسبة بمدى إمكانية ذلك ومطابقته للمعايير المحاسبية.

الأمر الذي دفع مجلس النقابة للتعاطي مع الفتوى القانونية التي رمت الكرة في ملعب المجلس وحذرته من خطورة التصرف النقدي المباشر دون أخذ موافقة ديوان المحاسبة وغيرهم، الأمر الذي دفع المجلس إلى طلب مشورة ديوان المحاسبة قبل أن يتم توزيع مئات الآلاف من الدنانير على مكاتب استقدام العاملات وبالفعل وجه الكتاب بشكل خطي ورسمي، إلا أن ديوان المحاسبة رد على كتاب الفتوى والاستفسار بأنه لا يجوز صرف الأموال دون وجه حق وخارج أهداف النقابة معتبراً أن دوره رقابي وليس جهة استشارية أو تنفيذية حيث جاء في الرد الأول بتاريخ 13/8/2023 ما مضمونه: أن ديوان المحاسبة جهة رقابية دستورية تمارس صلاحياتها في الرقابة على القرارات والاجراءات ذات الأثر المالي لدى الجهات الخاضعة لرقابتها ولا يشارك باتخاذ القرارات التنفيذية وان ما ورد في كتابكم المشار اليه انفاً انما يدخل ضمن الأعمال التنفيذية التي تدخل ضمن اختصاص النقابة وبالتالي يخرج عن اختصاصات وصلاحيات الديوان علماً أنه يمكن للنقابة اتخاذ الاجراءات والقرارات المالية التي من شأنها تحقيق أهداف النقابة كما ورد من أحكام قانونية في النظام الداخلي للنقابة.

وعندما تم استغلال الكتاب ومحاولة الدخول من خلال عمومية المفردات والمصطلحات اضطر ديوان المحاسبة إلى أن يقطع الشك باليقين ويحسمها على طريقة "وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان" حيث كان الرد الثاني بتاريخ 17/8/2023 واضحاً وضوح الشمس صريحاً جامعاً مانعاً لا لُبس فيه وهو يمنع التصرف في الأموال وتوزيعها حيث جاء في الرد الحازم الحاسم ما يلي: ، أن ما ورد في الكتاب السابق حول ذات الموضوع المشار إليه، لا يعني بأي حال من الأحوال موافقة ديوان المحاسبة على قيام النقابة باتخاذ القرار المشار إليه، وأن ديوان المحاسبة يؤكد على أنه جهة رقابية دستورية يراقب مدى تقيد الجهات الخاضعة لرقابة الديوان بموجب أحكام المادة (109/أ) من قانون العمل الأردني رقم (8) لسنة 1996 وتعديلاته التي تنص على أن أموال ومخصصات النقابات والاتحاد العام للنقابات ونقابات أصحاب العمل تخضع لرقابة ديوان المحاسبة.

وعندما بدأت الأخبار تتداول وتنتقل بين أوساط أعضاء الهيئة العامة الذين تقاذفوا الأخبار خارج أسوار نقابتهم باتجاه الدوار الثامن حيث وزارة العمل باعتبارها المظلة والواجهة التنظيمية والرقابية والإشرافية على نقابة استقدام العاملين في المنازل التي وجهت كتابًا ناريًا واضحاً صريحاً شاملاً مفصلاً يحذر من الاقتراب من المال الفائض ويهدد في الوقت ذاته بضرورة استرادده بالحال وتهدد بالتلويح لحل المجلس وتعيين هيئة مؤقتة ومحاسبة المسؤولين عن هذا القرار في حال عدم قدرة المجلس على استعادة واسترجاع الـمبالغ الموزعة على 160 مكتباً، ونقتبس من رد وزارة العمل الذي جاء بصفحتين اثنتين بتاريخ 31/8/2023، "أرجو عدم التصرف بأموال النقابة ووقف صرف أي مبالغ مالية مهما كانت وتحت أي مسمى من أموال النقابة لأعضاء الهيئة العامة للنقابة، حيث أن أموال النقابة تعتبر أموال عامة وتخضع لتدقيق ديوان المحاسبة، وذلك لحين ورود رأي ديوان التشريع والرأي بهذا الخصوص".

وأضاف وزير العمل السابق يوسف الشمالي في كتاب لاحق معزز ومكمل يحمل صادر بتاريخ 4/9/2023 وصلت نسخته لـ"أخبار البلد"، "سندًا لأحكام الفقرة (أ) من المادة (116) من قانون العمل الأردني رقم (8) لسنة 1996 وتعديلاته فأنني انذركم بإزالة المخالفة والعمل على استرجاع كافة المبالغ المالية التي صرفت من أموال النقابة إلى أعضاء الهيئة العامة وذلك خلال (30) يوماً من تاريخ تبليغكم هذا الكتاب، وبخلاف ذلك سيتم تنفيذ احكام المادة (116) من قانون العمل لسنة 1996 وتعديلاته.

بدورها حاولت "أخبار البلد" بعد اطلاعها على جميع الكتب الواردة والمرسلة فيما بين النقابة وديوان المحاسبة ووزارة العمل، التواصل مع الأطراف المعنية لمعرفة آخر المستجدات التي طرأت على هذا الملف وخصوصًا أن المهلة التي منحتها وزارة العمل للنقابة شارفت على الانتهاء، إلا أنها لم تتوفق بأخذ إجابة كافية وافية من النقابة حول الموضوع، أو حتى من وزارة العمل التي صرحت لنا وفق ناطقها الرسمي محمد الزيود أن المسؤول عن الملف ديوان المحاسبة ولا يجوز التصريح حول الأمر إلا بعد صدور تقرير منه، وقد حاولنا الاتصال مع الرئيس السابق للنقابة لورنس ابو زيد والذي حولنا إلى الرئيس الحالي أحمد الفاعوري، إلا أنه لم يستجيب على اتصالاتنا، وعندما تواصلنا مع نائب النقيب طارق النوتي بين لنا أن النقابة لديها حلولاً وأن القرار الصادر بخصوص الصرف هو قرار هيئة عامة وليس إدارية.

لم يتبقَ على المهلة الزمنية الممنوحة بحذر من قبل وزارة العمل سوى سويعات قليلة وينتهي "السامر" وسط احتمالات متعددة ومشرعة ومفتوحة على كل شيء ولا نعلم كيف تفكر الوزيرة الجديدة ناديا الروابدة التي ورثت الملف الأصعب والشائك من الوزير يوسف الشمالي الذي ترك الملف على شكل قنبلة موقوتة قد تنفجر على أكثر من صعيد خصوصاً وأن مجلس النقابة الذي يتسلح بالهيئة العامة صاحبة الاقتراح بالتوزيع ثم تبنته الهيئة الإدارية باجتماعات قانونية في ظل وجود أطراف أخرى تؤكد بأن المجلس وحتى لو كان يملك ثقة الهيئة العامة بالمطلق، إلا أنه كسر القاعدة والقانون وخالف التعليمات التي حذرته من مغبة الدخول في متاهة خطيرة قد توصله إلى حبل المشنقة، حيث تهدد وزارة العمل بأنها لم تسمح مطلقا بالتطاول على أموال النقابات أو التعدي عليها أو توزيعها .. فالوزيرة الروابدة وهي بالمناسبة صاحبة خبرة وتجربة وقريبة من العمال والعمل باعتبارها مديرة سابقة لمؤسسة الضمان الجتماعي فهي متشددة لتنفيذ القانون ولن تسمح مطلقاً لأي هيئة أو مجلس أن يخطف المال الفائض المخصص للأجيال والظروف الصعبة في ظل وجود أقاويل بأن الأموال الموزعة كانت قبيل موعد الانتخابات الأخيرة وأنها أثرت بشكل واضح على نتائج الانتخابات وأن هدفها مطلقا لم يكن التخفيف عن المكاتب وظروفها الاقتصادية؛ لأنها جاءت بعد سنتين من تداعيات كورونا بالإضافة إلى أن المبلغ الموزع لا يمكن أن يحل مشكلة، مما يتطلب فتح تحقيق موسع وشامل مع كل الأطراف وبمشاركة كل الجهات الرقابية والمالية بهدف استعادة وإعادة المبالغ الموزعة والتي للأسف قضت على احتياطي الصندوق الذي كان يجب أن يتم استثماره لمشاريع تجارية واستثمارية تدر عوائداً دائمة للهيئة العامة والنقابة وهي كثيرة لو أرادت الهيئة الإدارية ولكن نترك الأمر لصاحب الأمر والشأن ليقول كلمته والتي يبدو أنها ستكون حاسمة وحازمة من الوزيرة الروابدة المعروف عنها بأنها لا تجامل احداً في المال العام "وإنَّ غدًا لناظِرِه لَقريبٌ".