بين ماض وحاضر!

لا تزال روح شيخ القلعة حاضرة بين ثنايا جدرانها تطوف بأرجائها منذ أكثر من 180 عاما كيف لا وهو اللذي سطر تاريخا ملئه الفخر والكرامة وحملته كتب التاريخ مخطوطا بدماء أبنائه مزدانا بأروحهم ...ابراهيم الضمور ذلك الشيخ الجليل حكم الكرك التي ما إن ذكرت تبعها التاريخ والمجد طائعين منذ الأمد كيف لا وهي التي كانت مدخلا لتحرير القدس في عهد الناصر صلاح الدين ولا تزال آثار أقدامه محفورة في تاريخها على صخرها وترابها ولا يزال تمثاله يتوسط أرضها...ذلك الشيخ آبى إلا أن يكتب تاريخا في الدفاع عن الوطن ودروسا في التضحية من أجل أرضه و ضيفه فقدم ولديه فداءا للكرك وأهلها فلا شيء يغلو على الوطن وليس بعيدا عن ذلك زوجته علياء تلك التي كانت نعم الناصح والدليل ولا تزال كلماتهما الى قائد الحملة على الكرك "اذا ما عندك حطب من الكرك نبعثلك" لاشعال النار التي سيحرق فيها ولديهما لرفضهم تسليم مدينة الرجال... كلمات تترك في القلب رهبة وفي الجسد رعشة و ارتجافا فتركا بذلك لمن يعتبر من قصتهما اسلوبا ونموذجا فذا في القيادة ومنارة انارت قلوب الشرفاء فبقي ضوءها يسطع الى اليوم في زمن تكالبت على جسد الوطن وحوش تعلمت في سراديب الحقد والظلال فدمروا خير هذا البلد و نهبوا أرضه و رزقه .

روح الشيخ ما زالت نابضة في قلوب من أحبوا الوطن كما هي روح وصفي ذلك النشمي السلطي و هزاع المجالي ... كل من احبهم سيرسم طريقه مقتبسا من نورهم فكل يوم يأتي نفتقدهم أكثر فأكثر... وما زالت ارواحهم تتألم على ما حدث وما يحدث للشعب الذي سيموت قهرا... سيموت بحثا عن حقه المسلوب وصوته المكتوم ...فحاله الان يحتضر وعند موته يأخذ قاتلوه الذين توالوا عليه براءة من التهم ويكرم كل من طعن سيفه في جسدهم ...كيف لا وهم من احسنو حبك خيوط المؤامرة فكان فسادا مشروعا وسرقة مباحة.

كم نفتقد شيخنا الجليل كم نفتقد أمثاله وأمثال هزاع و وصفي أولئك المغيبون عن خوارط السياسة ومراكز القرار بفعل تلك العصابة التي قسمت جسد الوطن فأساءت للوطن ولمواطنيه ونظامه.

فكل شبر من بلادي منهك من فساد
بعد أن كان كريما مطعما كل العباد
صار مديونا ممطى تابعا وله قياد
حاربوا الشرفاء فينا واعتلوا قمم الفساد
فكلما أنجب وصفي قتل سرا في المهاد
أو كلما نادى مناد أن حي يوما لجهاد
قد أصبح الحر عميلا وصار مطلوب البلاد
واصبح اللص شريفا والمفسدون له مداد
فاجنحوا للحرب هيا قبل بيع في مزاد
أخرجوا صفا منيعا حاربوا جند الفساد
صار مأجورا عميلا همه ذر الرماد
قصده التخريب والتحريض ذلكم كل المراد
لا شيء يدعو للخروج ..فالبلاد طهورة من ظلم عاد
وكأن شيئا لم يكن والحق ساد!
أي يوم يُنظرون يوم يرتفع السواد!
يوم تفنى الارض ويستجدى الحداد!

أرى وكأن قادم أجيالنا سيتذكر رموز عصرنا الحالي ويبحث عن أمثالهم كما نتذكر نحن وصفي اليوم ونفتقده لأن القادم كما يلوح بالافق أسوأ.

M7mad_dmour@yahoo.com