طبخاتنا الشهية وطبخاتهم المشبوهة!
أخبار البلد- أحرص صباح كل جمعة أن يكون إفطار العائلة من إعدادي. إما أن أذهب إلى المخبز وأحضر مناقيش زعتر أو أقوم أنا بإعداد هذه الأكلة وأصبحت من اختصاصي رغم أن زوجتي محترفة طبخات قديمة وحديثة. لزانيا، بيتزا، منسف، مسخن، مقلوبة، محاشي، مخشي كوسا، حراق اصبعه، و بيصارة . وأكيد أن معظمكم لا يعرف «البيصارة «.
إنها الحاجة أم الاختراع. حاجة أمي عندما كان عليها أن تطعم أفراد عائلة من ثمانية أفراد. لا حشائش من الأرض سلمت من «اختراع» أمهات زمان. ففي موسم الملوخية يتم تنشيف كمية كبيرة، وعندما تنشف تماماً يتم فركها حتى تصبح ناعمة وتخزن في خريطة - ليس خارطة - من القماش وغالباً من كيس طحين «المؤن» الفارغ، وتعلق في ركن من المطبخ أو الحوش.
في أيام الشتاء يصبح المجد للبيصارة فهي تحتوي ألذ أكلات البرد. العدس أو الفول المقشر مع الملوخية. يغلي العدس إلى درجة ما قبل الذوبان بقليل ثم يضاف اليه حفنة ملوخية ويترك يغلي قليلاً. قبل الاستواء يعد في قلاية الثوم مع زيت الزيتون توضع على البابور - عفواً الغاز هذه الأيام ، وبمجرد أن يحمر الثوم يرفع عن النار ويصب على طنجرة الألومنيوم وتغطى الطنجرة فوراً لكي لا تتسرب رائحة الثوم الشهية.
الطنجرة لم تكن بايركس او تيفال او ستانليس ستيل بل فقط من الألومنيوم. وهذه لا يعرفها جيل اليوم. أذكر ان ابنتي عندما طلبت منها امها أن تحضر لها الطنجرة قالت : أي واحدة ماما، الطنجرة الفضية؟ تقصد الألومنيوم، ضحكنا.. لا أدري هل على هذا الزمن أم على زمن الفقر والطنجرة الواحدة الوحيدة في البيت.
دقائق وتصب البيصارة في صحنين او ثلاثة بجانبها فلفل أحمر شطة وليمون وكثير من أرغفة الخبز الذي أصبحوا يحذروننا منه هذه الأيام.
عندما سمعت صبية قريبة لنا فيديو يحذر من «مضار» الخبز اندهشت وقالت «طيب بإيش بدنا نغمس؟» تذكرت عندها عادل إمام في مشهد يجلس فيه في مطعم راق فجاء الجرسون بأطباق من المأكولات وفي صحن صغير قطعة خبز مدورة صغيرة. فقال له عايز خبر، أجابه تفضل هذا هو. قال عادل «ده خبز؟ أنا عايز خبز أغمس فيه مش أحلف عليه.
عودة إلى الإفطار الذي أصبح ماركة مسجلة باسمي عند العائلة، زوجتي وابنتي وأبنائي وزوجاتهم وأحفادي. ولمن فتحت شهيته عليها اعدادها بسيط.
أولاً وثامناً أن تكون لديك الرغبة. تاسعاً : تفتح حبة البندورة من ثلثلها العلوي بحيث تبقى متصلة من طرفها. يفرغ قليل مما في داخلها ثم يُحشى مكانه مخلوط الثوم والبقدونس والكزبرة ان وجدت.
توضع في مقلاة زيت زيتون ساخن وتغطى. تترك على نار هادئة حتى تحمر كثيراً بما يشبه الاحتراق الخفيف.
ولمن يرغبها حارة يمكن وضع فرمات من الفلفل الأخضر أو حتى قرنين او ثلاثة حسب الرغبة.
أما البتنجان فلا يحتاج قليه إلى معلمانية. ويفضل أن يقلى بقشره لأن الفائدة في القشر حسب خبراء وأطباء التغذية الذين حيرونا «من أين تُؤكل الكتف».
ما رأيكم بهذه «الطبخات»؟
أليست أفضل من «الطبخات» التي تعد لنا نحن العرب تحت الطاولة. لا نشم رائحتها ولا ندري من طبخها ولا كيف. نفاجأ بها ونُجبر على أكلها. فقد قيل «الجوع كافر». وثمة في هذا الزمن من هم أكثر كفراً من الجوع.
آخر هذه الطبخات، وليست الأخيرة طبعاً، ما يجري اعداده لتقسيم سوريا وإقامة «دولة» في الجنوب من السويداء ودرعا ومحيطهما، ودولة في الشمال الشرقي من دير الزور وإدلب ومحيط شرق الفرات . السودان على الجرار منذ فصلوا عنه جنوبه، ومصر جاييها الدور فمخطط تقسيمها إلى دويلات واحدة قبطية والثانية نوبية والثالثة سيناوية والرابعة سنية.
هذا المخطط جاهز منذ الثمانينات بانتظار التنفيذ. مالم يستيقظ العرب ويتخلصوا من «السرطان» الذي زرعوه في فلسطين ونخر جسد الأمة وتفشى في كل.. دولها.
طبخاتهم كثيرة وكلها سرية. أما لماذا فحتى الطفل بات يعرف ومن يدعي أنه لا يعرف فإنه يتبع مقولة «المعرفة شقاء»!