عزيز القوم


قال عليه الصلاة والسلام : - ارحموا عزيز قوم ذلّ - ، وكان رسولنا يتمثل في هذا القول الفصل ، وبهذه الشهادة المصدقة منه ، العربي المعروف حاتماً الطائي حين رأى ولده وابنته أسيرين بين الأسرى من قومهم ، فقدّر وهو خير من يقدّر أن مثل هذا الرجل يجب أن لا يُضام ولا يُذل فعاجل بمكرمة منه بإطلاق سراح القوم جميعهم من أجل عزيزهم حاتم ، ومثل هذا العزيز يجب أن نقف احتراماً له ، فتاريخه في إغاثة الملهوف ، وإكرام الضيف قد شفع له عند رسول الله ، إن تاريخه يقول : إنه ما ضر قومه يوماً ، بل ساعدهم ، وبنى لهم مجداً شفع لهم ، وحررهم من الأسر ، إنه ما خدعهم بل صدقهم القول ، والفعل ، إنه لم يسرق مالهم ، بل أعطاهم من ماله ، إنه لم يكذب ، لم ينافق ، وبذلك أصبح عزيز قومه ، بشهادة من لا تُـردُّ شهادته ، مثل هذا الرجل فقط علينا أن نصونه ، ونحميه ، إنه لم يسع في حياته نحو منصب وزاري في قومه ، ولا قيادة حربية في عشيرته ، لكنه كان أميناً على مصلحة الأمة ، وقد أدّى حق الأمانة .
إننا اليوم ننظر حولنا ونحن في حيرة من أمرنا ، نحاول أن نجد عزيزاً لنا نقف معه ، وله ، ونرفض أن يُضام ، ونقلّـب أسماء الذين وصلوا إلى مراتب عُليا – والحديث هنا عنهم فقط - في هذا البلد الصغير بحجمه ، الكبير بإنسانه ، ونبحثُ ، ثم نبحثُ ، وأخيراً نعثر على قلة من الكرام بيننا ، على كثرة الأسماء التي وصلت إلى المناصب العُليا ، ألا يحقُّ لنا بعدها أن نبقى في حيرة من أمرنا ؟؟
قال عليه الصلاة والسلام : - أقيلوا عثرة الكريم - ، وأي كريم أراد رسولنا أن نُقيل عثرته ؟... إنه عزيز القوم مثل الذي كان شافعاً وشفيعاً لقومه ، وكما نقول في أمثالنا الشعبية – كبير القوم خادمهم - ، من هنا ، ومن هذا المفهوم ، وبدقة هذا الفرز لكبار القوم ، وأعـزّته أقول : أنا مع كل كريم قوم ، وعزيز قوم ، حتى لو كان فلاحاً بسيطاً ، وهم كثيرون ، أو أمّـاً قدمت للوطن علماء ، وشهداء ،وهنّ كثيرات ، ولن أكون مع فاسدٍ خان أمانة وظيفته ، وظلم الناس مهما علت مرتبته الوظيفية ، فـمسمّى الوظيفة ليس شافعاً ، وكل ألقاب الزيف لن تشفع له ، ويكفيه خزيٌ وعارٌ بين قومه أنه يستحق عن جداره ، الذل الذي أصابه .