أميركا تدخل على خط النزاع الأرمني الأذري.. هل يتكرر سيناريو أوكرانيا؟
أخبار البلد - مع دخول الولايات المتحدة في مواجهة مع روسيا فيما يتعلق بمعضلة "قره باغ" وتأكيدها دعم أرمينيا في نزاعها مع أذربيجان بخصوص الإقليم، يخشى مراقبون أن يتكرر سيناريو الحرب في أوكرانيا التي دخلت عامها الثاني.
ويقول محللون أن الولايات المتحدة التي تتبع سياسة غامضة على مدى الأعوام الثلاثين الماضية تجاه النزاع بين أرمينيا وأذربيجان على الإقليم، وجدت بالصراع الحالي فرصة لإلقاء اللوم على روسيا والتي لم تتمكن من السيطرة على الاوضاع، حتى بوجود قوة سلام من قواتها في الإقليم.
ورغم ذلك يرى محللون أن اختلاف نسبي في سياسة الديمقراطيين في الولايات المتحدة والذين يحكمون عبر الرئيس الأميركي جو بايدن عن الجمهوريين الذين كانوا أقل حماسة في دعم أرمينيا في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
فقبل الحرب في أوكرانيا كانت واشنطن تفضل تجنب الغوص في تفاصيل النزاع لاعتبارات عدة أبرزها تجنب توتر العلاقة مع أنقرة داخل حلف شمال الاطلسي "الناتو" وكانت النظرة إلى تركيا كرأس حربة في مواجهة المعسكر الشرقي.
الميل الراهن لدى واشنطن نحو أرمينيا يعدو إلى حد كبير من خلال الرغبة في الضغط على روسيا على خلفيات نزاعها في أوكرانيا ومحاولة خلق بؤرة توتر تقلق روسيا في حديقتها الخلفية وفقا لمحللين.
ومقارنة بين تصريحات سابقة للرئيس السابق دونالد ترامب وتصريحات أطلقها الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن تظهر الفارق بين الجمهوريين والديمقراطيين بشأن أزمة قرة باغ رغم دخول متغير جديد ألا وهو الحرب التي تخوضها روسيا في أوكرانيا.
فقد كان ترامب قال في اليوم التالي لاندلاع المعارك في أيلول (سبتمبر) 2022، أن بلاده تتمتع "بعلاقات جيدة" بمنطقة القوقاز، ووعد أيضا برؤية كيف يمكن لواشنطن أن توقف الصراع.
وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنذاك دعا وقتها أرمينيا وأذربيجا للامتثال لاتفاق وقف إطلاق النار، وقال "يجب أن يتم حل هذا الصراع من خلال المفاوضات والمناقشات السلمية، وليس من خلال النزاع المسلح، مضيفا وبالتأكيد ليس مع دول أطراف ثالثة، تأتي لتضفي قوتها على ما هو بالفعل برميل بارود".
أما التصريحات الراهنة للرئيس بايدن فأكد فيها دعم واشنطن لما أسماه "مساعي أرمينيا لتحقيق سيادتها ووحدة أراضيها"، مشددا على مواصلة تعزيز التعاون مع يريفان في مجالات الأمن والطاقة والقضايا الإنسانية.
وفي سياق السياسة الاميركية الراهنة لا يمكن إغفال خشية واشنطن، التي تواجه مشكلات متزايدة في العلاقات مع أنقرة خلال السنوات الأخيرة، أن تتجاوز تركيا إطار التضامن الأوروبي الأطلسي، نظرا للمشكلات في علاقات تركيا مع اليونان وفرنسا، لكن حتى هذا النوع من التعاون المشوب بالإشكاليات، يبدو أكثر ملاءمة لواشنطن من انهياره الكامل، وبروز تعاون محتمل بين اللاعبين الآخرين في المنطقة، الأمر الذي يمكن أن يهدد النفوذ والمصالح الأميركية.
وحول آخر مستجدات الازمة الراهنة في قرة باغ فيلتقي بمقر الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل(أمس) حكمت حاجييف مستشار الرئيس الأذربيجاني وأمين مجلس الأمن في أرمينيا أرمين غريغوريان، لمناقشة التطورات في إقليم ناغورني قره باغ، في وقت يواصل فيه السكان الأرمن في الإقليم التدفق نحو الأراضي الأرمينية.
وشارك في اللقاء إلى جانب حاجييف وغريغوريان مستشارو كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال.
وبحث اللقاء ترتيبات الاجتماع المرتقب بين الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في الخامس من الشهر المقبل بمدينة غرناطة الإسبانية.
يأتي ذلك في حين سيطرت الجهود الدبلوماسية على التطورات في إقليم ناغورني قره باغ، حيث التقت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامنثا باور، رئيس الوزراء الأرميني في يريفان، وشددت على ضرورة استمرار وقف إطلاق النار في قره باغ وخروج من يرغب من سكان الإقليم منه.
وأول من أمس، وصل وفد أميركي رفيع المستوى إلى العاصمة الأرمينية يريفان لبحث التطورات في إقليم قره باغ. ويضم الوفد إلى جانب باور، يوري كيم نائبة وزير الخارجية الأميركي.
ونقل الوفد الأميركي رسالة من الرئيس جو بايدن إلى باشينيان أكد فيها دعم واشنطن لمساعي أرمينيا لتحقيق سيادتها ووحدة أراضيها، مشددا على مواصلة تعزيز التعاون مع يريفان في مجالات الأمن والطاقة والقضايا الإنسانية.
وقال باشينيان، إن ما سماه مسار "التطهير العرقي لأرمن قره باغ يتواصل بشكل تراجيدي وإن بلاده حاولت الحيلولة دون وصول الأمور إلى ما هي عليه إلا أنها لم تجد آذانا صاغية".
وشدد رئيس الوزراء الأرميني على ضرورة اتخاذ خطوات صريحة لمنع تصعيد الوضع بشكل أكبر.
وفي سياق المواقف الأميركية، أعلنت الولايات المتحدة أن روسيا أظهرت أنها شريك لا يمكن الاعتماد عليه بعدما حملت أرمينيا موسكو مسؤولية الإخفاق في منع سيطرة القوات الأذربيجانية على ناغورني قره باغ.
وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحفيين "أظهرت روسيا أنه لا يمكن الاعتماد عليها كشريك أمني".
وكان باشينيان، قد انتقد قبل يومين موسكو لرفضها التدخل في النزاع الذي انتهى بموافقة الانفصاليين المدعومين من أرمينيا على إلقاء سلاحهم.
في المقابل، أعلن الكرملين رفضه ما سماها محاولة تحميل موسكو وقوات حفظ السلام الروسية مسؤولية الوضع في إقليم قره باغ.
وقال الكرملين إنه من غير الممكن الحديث حاليا عن مدة بقاء قوات حفظ السلام الروسية في قره باغ.
وأضاف أن روسيا ترفض سعي الدول التي ليس لديها إمكانية الوساطة في قره باغ لتأكيد وجودها في المنطقة.
وقالت وزارة الخارجية الروسية إن خطاب رئيس الوزراء الأرميني بشأن الاستقلال تضمن كلاما غير مقبول بشأن روسيا، وأشارت إلى أن باشينيان بتصريحاته المناهضة لموسكو يحاول التنصل من مسؤولية إخفاقاته في السياسات الداخلية والخارجية، وإلقاء اللوم على موسكو.