عندما تحدث الحسن بن طلال سياسيا يلغة الأمير واقتصاديا بلغة المفكر ... عمر شاهين


يؤسفني ان يصبح تقيم الحال السياسي، عبر ما يكتب من ناشطي الفيس بوك أو المجموعات، ويؤخذ دوما جهة من النقد وتضع على الجانب جهة أخرى، فلا ادري من قيم ردود الفعل حول الحوار التاريخي لسمو الأمير حسن ابو راشد بأنه اغضب الأردنيين، من توجه إلى ستة ملايين أردني وسألهم حتى يخرج بهذه نتيجة، فانا شخصيا سالت عدة أصدقاء وكان هناك من استمتع واستفاد والمقابل استاء من وجهة نظره نحو الحراك وكلمة ' تنخيل'  وآخرون تأثروا بنقد المتحمسين من الفيس بوك وظنوا أن الأمير حسن اغضب البعض ولكن شخصيا كأردني من أبناء الوطن أقول لأبي راشد سمو الأمير لقد وضعت النقاط على الحروف ولكن رؤيتك للحراك الأردني كانت لا تحمل صوابا.
ويمكن أن نقول أن الحديث كان يتمحور بين الأمير والمفكر فعندما قيم الحراك اغفل عن أخطاء الدولة التي أغضبت الشارع ولم يبين حرص الحراك على احترام النظام والمحافظة على ثباته مع الاصرار على حق الشعب بسلطاته كما نصها الملك عبدالله الأول واغتصبت عام 1956، وعندما تحدث بلغة المفكر كان يحلل أسباب الأزمة الأردنية الاقتصادية والخارجية.وكنت أتمنى ألا يحكم الأمير على بعض الأصوات القليلة التي تسيء للقصر على عموم الحراك.
مقدما الأمير حسن في التلفزيون الأردني  لم يتعرض لأحد ولم يشتم أحدا لا شخصا ولا نسبا فلم يمعن على الستة ملايين أردني بل قصد من يسيء للعائلة الهاشمية، ويتعرض لاجداده وأي منطق بالكون يمنع الأمير من الدفاع عن نفسه وعن ملوكنا وارثهم، وباعتقادي انه قصد الرد على احمد عويدي العبادي الذي وصف كما نشر في اليوتيوب، الهاشميين أنهم محتلين، ومن حق الأمير أن يدافع عن أسرة عريقة اسست الدولة الهاشمية الحديثة .
وأما التنخيل أيا كان تفسيرها فهل أصبحت قوى المعارضة والحراك الشعبي منزهة عن الحوار والنقاش، أليس ممكن أن تتقبل تنخيل رأيها من مفكر أممي وامير هاشمي ورمز سياسي كبير قادنا والمرحوم الحسين في أصعب مراحل التاريخ إلى بر الأمان ونعمنا بأردن آمن في الفترة التي كان الحسن بن طلال الرجل الثاني، وهو الأمير الذي نال النكران من القوى السياسية التي حجبته تزامنا مع إقصائه من القصر، ومن نكران الجميل أن نتصيد ولن أقول ننقد لان ما حدث تحوير الكلام عن موضعه وهذا لا يليق بالنية الحسنة التي يجب أن نتعامل بها مع شخص بحجم قامة بهام السحاب مثل الأمير حسن .
بعيدا عن المناكفات والحوار، فاني أصنف ذلك الحوار بأنه تاريخي بامتياز وضع به الخبير والحكيم الذي قضى خمسون عاما في مطبخ القرار والمطلع على الشأن الداخلي الأردني والعربي والدولي النقاط على الحروف وان كنت رأيت غضبا وتأثرا بعكس الهدوء الذي يتسم دوما على جلالة الملك عبدالله فاني شخصيا أدرك ان قوة النظام تأتي من ركنيين أساسين الأول صناع السياسية الخارجية المتنافستان على الأردن وهما بريطانيا وأمريكا وكذلك استقراء الشارع الأردني وخاصة مدن الثقل السكني والعشائري . وبعيدا عن تحليل الصورة لسمو الأمير فاني أجد بان أبا راشد قد لخص مصاعبنا وهو يضع خطة إنقاذ وطنية واضحة خرجت من قراءة ما يحدث في الوطن .
يقرا الأمير أولا الصعوبات الحياتية للمواطن الأردني فيضعها في مشكلة المياه التي تعد المعيق الأول للمواطن في المحافظات الكبرى ويسال إن كان هناك ربيعا عربيا فلما نتفوق على هذه الصعوبة ونطالب بحقنا المائي وكذلك مشكلة الوقود الذي يحيط بحياة المواطن من التنقل إلى التدفئة والطبخ وحتى تكلفة الكهرباء،ووصف لنا كيف يهرب المواطن من وسائل التدفئة والطبخ حتى عاد إلى البريموس،   وسال الأمير حسن عن وجود جيران أثرياء نفطيا واقتصاديا ومع ذلك شكلنا لعقود طويلة خاصرة آمنة لهم، وهم تخلو عن المواطن الأردني وتركوه يواجه البراميل النفطية وحيدا.
فيما اغفل المفكر ان بيع مقدرات الوطن وضعها في حالة شح ووجهها نحو الإركان على الضرائب مما أرهق الطبقة الوسطى التي تعاني من ضعف واضح في مدخولها مقابل الغلاء وارتفاع الأسعار وتراجع الدعم الحكومي عن الأسعار وحتى الوقود مقارنة مع ما يدفع من رواتب ضئيلة في القطاعين العام والخاص.
وفي ذلك يستطرد الأمير ليضع أصبعه على أزمة التعليم التي ترهق الدولة عبر المنح والبعث وكذلك الذي يعلم أبنائه على حسابه. وان قال احدهم إن حق التعليم واجب فلا أظن أن دولة مثل الأردن تقدم هذه النسبة العالية جدا من لجامعات، ومع ذلك فصناعة التعليم أوجدت خنقا آخر وهي البطالة المتعلمة وهذا الكم الهائل من الخريجين اوجد أزمة لأي يمكن استيعابها في سوق العمل العربي وكذلك الداخلي وطبعا هذا خطا قاتلا كان في تحويل التعليم العالي إلى مهنة تجارية.
في ظل ذلك يتوجه الأمير إلى مناقشة الوضع السياسي   وهنا اذكر كلمة الأمير لان الحوار عندما   تعلق الساحة الداخلية لم يكن يتحدث بها بلغة المفكر بل ابن القصر فاغفل النصف الأخر وهو روعة وجمالية الحراك الأردني الذي قدم نموذج بطريقة طرحه وحرصه على الوطن ومع ذلك يؤسس لنا أن عدد الحراك المشارك لا يؤهله إن يتحدث باسم وطن أو محافظة ولكن لم أجد مني قول هذا فكلمة حراك ذيبان تعني المتحركين سياسيا من ذيبان، ويقفز الأمير إلى نقد السلطة السياسية والنيابية وهذه النظرية صحيحة ولكن غفل الأمير أو وراثة الحكومات هي من صناعة القصر وكذلك مجلس النواب الذين يعرف انه اختيار المخابرات العامة لذا قال الأمير كلاما جميلا لو كان حقا لدينا ديمقراطية لحكمنا وقتها على اختيار الشعب وتوريثه.
تبق الإشارة الأهم   وهي إزالة  ألغام إسرائيل على الحدود في وقت كثر الحديث عن وطن بديل وخلاص إسرائيل من عدة خصوم إن تم القضاء على حزب الله وإيران ودخول الدول المحيطة لها بفوضى وساعتها قد تتخذ فيها إسرائيل على التهجير..
يقرا كلام الحسن بن طلاب بلغة الأمير والمفكر فقد كان أميرا في السياسية منحازا إلى القصر ولكنه أبدع كمفكر عندما تعامل كمحلل، لذا لنأخذ ونقدر من كلامه.
Omar_shahen78@yahoo.com