لم تنم النواطير بل غُيبوا يا سعادة النائبة


لقد لفت إنتباهي وعند متابعتي لبعض جلسات النواب المتعلقة بمناقشة قانون الموازنة العامة كلمات بعض النواب والنائبات ولعل أبرز ما لفت نظري وفاجأني ما قامت به النائبة ناريمان الروسان عندما وضعت على فمها عبارة الصمت أبلغ من الكلام ورفعت يافطة مكتوب عليها "نامت نواطير الوطن عن حراسته ...فعاث فيه بغاث الطير والرخم"، ولكنني مع تأييدي لما قالته أو كتبته سعادتها أقول إن نواطير الوطن وأبنائه الغيورين قد همشوا وأقصوا وغُيبوا حتى اعتقد بعضهم وهنا كان الخطأ الجسيم أنه من الصعب جدا أو من المستحيل تغيير الوضع الذي يسير عليه الوطن من خلال توريث المناصب وغياب العدالة وكتم الحريات أو شراء بعض الذمم بمنصب أو جاه أوغير ذلك الكثير، حتى تسلم بغاث الطير على رأيك سيدتي زمام الأمور وتسلطوا على مال الشعب ونهبوا موارد البلد وجففوا كل منابع العطاء فيه، عاثوا فسادا وإفسادا بدعم من أعلى الجهات بالدولة الأردنية وها نحن اليوم نكتشف ولو قليلا من الكوارث التي جلبتها علينا سياسة الليبراليون الجدد بل إنهم المدمرون الجدد، فعندما غيبت أعمدة الوطن وأولاده الغيورين من شتى المنابت والأصول واستبدلوا بقوم نظروا للوطن -ولأنه لا يعنيهم بشيء- على أنه غنيمة ومكسب يجب أن يظفروا منه قدر الإستطاعة، وجدوا أن الأمور بلا حسيب ولا رقيب وأن الدعم لامحدود لهم، وأذكركم بأنه عندما طلب النواب قبل عدة سنوات مساءلة البهلوان عوض الله ماذا حصل كان وزير تخطيط فتم تعديل الحكومة وبعدها بأشهر قليلة جدا تم تعينه وزيرا للمالية وعندما طلب بعض النواب مساءلته من جديد استقالة الحكومة أو عدلت أو تم حل مجلس النواب لا أذكر تماما، ومن ثم تم تعيينه بالديوان الملكي ... هذا هو السبب الرئيسي لما نحن فيه اليوم، عدم محاسبة الفاسدين بل والتغاضي عنهم والشد على أيديهم أحيانا بدلا من قطعها.
لن أتحدث عن الفساد فقد مل الشعب الكلام دون نتيجة حقيقية، ولكنني أؤكد أن الفساد شوه وجه أردننا الجميل وهو الذي أوصلنا لمرحلة من التأرجح وعدم الثبات وقادنا إلى رؤية مظلمة وطريق غير واضح المعالم ولكني أسأل الله جل جلاله أن يهيأه ويبينه جليا لكل الغيورين والذي يسعون بصدق وأمانة وإخلاص لتغيير الصورة النمطية عن المسؤول وعن أصحاب الوظائف العليا، وأتمنى وأرجو أن يصبح الأردن حقيقة لأبنائه وأهله وليس حكرا على فلان ولا علان، وأدعو الله أن تكون المرحلة المقبلة مرحلة أمل وتفاؤل لعصر جديد من العمل والعطاء لا يُغيب به أحد ولا يهمش به طرف ولا تستقوي به جهة على أخرى، مرحلة عطاء وبناء يصبح المواطن بها شريكا حقيقيا ومشاركا بفاعلية باتخاذ القرارت المتعلقة بحياته اليومية، فمن المفروض والمنطقي جدا ألا تقتصر حياته على تحمل صدمات الآخرين وكوارثهم التي لم يعد الوقت يسمح بأي منها، ولكنني سأتحدث عما هو مطلوب من الجميع في هذه المرحلة المفصلية التي نعيش هذه الأيام، من وجهة نظري الشخصية البسيطة يجب أن يكون هناك محاكمة عادلة وسريعة لكل الفاسدين وأعوانهم ومن تستر عليهم أيضا، حتى لا نبقى محاصرين بين أربعة أضلاع وهي توقيف الفاسدين ومن ثم رفض تكفيلهم ومن ثم تكفيلهم وبعدها تنام القضية، ومن ثم إنجاز قانون إنتخاب عصري يرضي جميع الأطراف تجري عليه إنتخابات بلدية وبرلمانية حرة ونزيهة ترضي الجميع... من يفوز ومن لم يحالفه الحظ، ومن الواجب علينا التنبه للخطر الدائم والعدو الأول لهذه الأمة والقابع على ثرى فلسطين الحبيبة؛ لأنه عدو متربص ماكر، فعلينا تفوت أي فرصة يحاول هذا العدو أو غيره من خلالها العبث بالنسيج الوطني أو بالوحدة الوطنية والهوية الأردنية، ويجب أن نتمتع بالحرية الحقيقية فهي مطلب الجميع ولكننا نريدها حرية تخدم البلد وتأخذ بيد الصالحين من أبنائه وتكشف ولا ترحم من تسول له نفسه العبث بمقدرات الشعب واستغلال منصبه أو مكانه نريدها حرة ونزيهة وبعيدة عن كل الشبهات والأجندات، ومن بعد كل هذا نتمنى أن نصل بأردننا الغالي إلى بر الأمان يكون فيه الجميع سواء أمام القانون، لا تمييز بين أحد على الآخر لا بالجينات الوراثية ولا بالواسطة ولا بالمحسوبية، وأن تصبح القدرة والكفاءة العلمية والعملية والتفوق هو معيار تعيين أي مسؤول بأي منصب كان بعد تنافس شريف وحقيقي، إن الأمة اليوم تمر بمنعطف خطير ومنخفض عاصف أسأل الله عز وجل أن تأتي نتائجه بالخير والبركة والطمأنية والإستقرار للأمة كلها، وأن تحصد هذه الأجيال نتاج ما زرعت... خيرا وأمانا واستقرارا وحرية مسؤولة، اللهم احفظ الأردن وأهله وسائر الدول العربية والإسلامية واحقن دماءهم وآمن روعاتهم وفرج عليهم إنك مولنا نعم المولى ونعم النصير.

Abomer_os@yahoo.com