جواد العناني : من حق الحسن بصفته هاشمياً أن يرد على من يهاجمهون آل هاشم !
أطل الأمير الحسن بن طلال يوم الجمعة الماضي على شاشة التلفزيون الأردني ضمن برنامج "ستون دقيقة"، والذي تقدمهُ المُذيعة المجتهدة عبير الزبن.
وكانت المقابلة زاخرة بالموضوعات، فالأمير لم يظهر على الشاشة الأردنية الرسمية منذ فترة.
ولذلك، فإنني أتفهم تماماً رغبته القوية في أن يكون شاملاً، موضوعياً، ومتحدثاً بلهجة واضحة مباشرة مع الناس.ولقد تابعت ما قيل عن اللقاء.
ورغم الاستحسان العام، فقد كانت لبعض قراء المواقع والصحف استفسارات وتعليقات على بعض ما قاله سمو الأمير.
وهنالك نقطتان جديرتان بالتحليل والمتابعة مما استوقف الناس.
أولاهما دفاع الأمير عن تراث الهاشميين الذي تناوله بعض رجال الحراك الشعبي في الأردن بألفاظ وأفكار سلبية، وأحياناً بلُغة التحدي والهجوم، وهؤلاء في الأردن قلة ولهم رأيهم الخاص بهم، والخلاف معهم خلاف رأي وفكر، وليس خلافاً شخصياً.
ومن حق سمو الأمير الحسن بصفته هاشمياً من غير منصب سياسي أن يرد على من يهاجمهون آل هاشم.
ومفهوم "آل هاشم" عند الأمير ليس امتيازاً لسلالة الرسول الأعظم ينالون بموجبه حقوقاً ومكاسب، ولا هم مجرد أشخاص نبلاء، بل هم في رأيه ورثة فكرة النهضة العربية وثورتها المباركة، وأن كونهم من سلالة الرسول الأعظم يضع عليهم مسؤوليات خاصة، ويمنحهم الشرعية التاريخية.
ومن يقرأ مذكرات الملك عبدالله المؤسس يعلم كم كان الرجل حليماً، ومتفاعلاً مع الآخرين.
وقد تقبل النقد، والحرد من القيادات الشعبية والفكرية، وثابر حتى حوَّل البلد إلى مفهوم موحد، وهوية جامعة، وكيان راسخ مؤسسي. ولذلك، فإن الهاشميين بصفتهم القيادية، وضلع الأردن الأول في المثلث الذي يضم كذلك القطاع العام، والقطاع الخاص قد ساهموا في رفع شأن الأردن وأبنائه.
فإذا كان للأردن فضل على كل أبنائه والقادمين إليه، فإن للهاشميين أيضاً فضل على أبناء البلد. ولقد قطع الأردن وأبناؤه شوطاً بعيدا منذ أن تولى الهاشميون قيادته.وأما النقطة الثانية التي استوقفتني كثيراً هي قول الأمير في معرض حديثه عن ساحة النخيل، إنه يود أن يقوم بعملية تنخيل..
وأقول إلى الذين لا يعرفون الأمير الحسن كما عرفته وعرفت لغته وأسلوبه، إنه يتحدث أحياناً بلغة توارد الخواطر والعصف الدماغي. أي أن كلمة معينة يقولها تذكره بأشياء أخرى فيقولها بتواتر سريع قد لا يستوعبه الذين يستمعون إليه.
وفي معرض حديثه عن أماكن التجمع للحراك الشعبي، قيل له إن هنالك ساحة للنخيل. فخطرت على باله فكرة التنخيل، وقد قصد بها فكرة التفريق بين الحب والزوان في المنخل، أو ليس هذا هو المعنى الأصلي للتنخيل؟.
أما أن يفهم البعض أن الأمير قصد بذلك تنخيل الناس وتصفيتهم، فهؤلاء يصطادون في الماء العكر.
فليس من سمات الهاشميين، ولا من أخلاقهم استعمال الألفاظ بمعناها اللامبالي بانسانية الانسان عامة، والأردني خاصة.
لقد خرج الأمير ليقول للمعارضة إن الحوار الاقتصادي والسياسي يكون على موائد الفكر والمرجعية، وإن الاعتصام بالشارع ليس له أي قيمة إذا لم يؤد إلى جلوس الأطراف الثلاثة مع بعضهم بعضا للتحاور فكرياً ووفق مرجعية المعلومات الصحيحة والأفكار المدروسة. وقد فعلنا ذلك أيام الميثاق الوطني.
وإذا كان هنالك اعتصام سببه الشعور بالتهميش، وغياب الاستراتيجية بأولويات واضحة تنتهجها الحكومات، وعدم حل المشكلات التي بقيت معنا في حالات النمو والانكماش، فإن الحل لها هو الحوار البناء التفاعلي. لقد صدق الأمير مليكه وشعبه في القول. وعلينا ألا نفسد اللحظة بإساءة تفسير ما قاله الأمير ..
..
.