قبل أن نثور


نكره الوصول لمرحلة القول (كنا نحبك )والى القناعة بأننا قد دخلنا ظلمات (انكسار إرادة نظام الحكم )وفقد قدرته على إنفاذ قراراته واتخاذ مواقف تنفيذية حاسمة .وعلى مقاومة جموح التحديات التي اقتحمت الساحة الأردنية في سياق الربيع العربي .
ما يبعث على التشاؤم هو عدم توفر دليل واحد على انحسار موجة التذمر والاستياء .ودوام الشكوى من أن المؤسسة الحاكمة لم تستوعب لغاية الآن حقيقة انها نعيش في أجواء ثورية غير اعتيادية ،لا تتناسب معها السياسات التقليدية في الإصلاح ،ودخولها في واقع جديد يرفض المراوغة والتباطؤ ومبدأ التدرج في التغيير الذي قد يكون مقبولا ومقنعا في مرحلة ما قبل العواصف التي بدأت باقتلاع الأنظمة العربية التي لا ترضخ لإرادة الشعوب والإطاحة بها نظاما تلو نظام .
مشكلة تلبك النظام وارتباكه في إدارة ملف ألازمة الوطنية المتصاعدة منحصرة بأنه لا زال يلتصق ببطانته التقليدية ،وفشل فيما يبدو بتخليص نفسه من قيود القوى الداخلية النافذة التي تحجب عنه الرؤيا ،وتجعله حائرا وعاجزا عن معرفة أين يتجه .
باستثناء ما يمس مؤسسة العرش والوحدة الوطنية نحن نؤمن بكل ما يطرحه رموز المعارضة (شبيلات والعويدي وتوجان ).فلأكثر من عقد من الزمن والأردن يشهد انتظاما مروعا لدورة الترهل والانفلات ،أدت لتغيير أكثر من وزارة في عام واحد بسبب عدم تنفيذ توجيهات الملك ،وكان لهذا آثاره وتداعياته المدمرة فتعاقب أربعة وزراء على الوزارة الواحدة في اقل من عام ،وجرى تعيين شقيق رئيس الوزراء مديرا للمخابرات، وابن شقيق وزير الداخلية مديرا للأمن العام ،وغير ذلك من ممارسات اللانضوج التي جعلت الأردن مسرحا للسخرية والتهكم، وللفساد والنهب ،وعاجزا تسجيل انجازا واحدا يمكن الاعتزاز به .
كلما أشعل جلالة الملك أضواء الإصلاح يطفئونها .وقد تمادوا بمحاولات تغليف قضايا الفساد بغلاف ملكي . والعروة الوثقى بين الحاكم والمحكوم أوشكت على الانفصام .وآن الأوان أن يدرك النظام اليافع أن الولاء المشروط أو المنقوص تسببت به بطانته الممتدة منذ فترة الخداج الأولى.تماما مثلما فعلت الوجوه الغريبة التي تم استدعائها لتحكمنا ولم نكن نسمع بها ولا نعرفها قبل ان تباغتنا و تتولى أمر التلاعب بمصيرنا ،وتستبيح حرمات تفاصيل حياتنا .
لنا في بعض أنظمة الدول الشقيقة أسوة حسنة ،وقد أخذت بزمام المبادرة وتغيرت تغيرا ذاتيا سبق تدخل الشعوب .بل ان مطالب الشارع الأردني أكثر عفوية وبساطة، وتوحدت في اغلبها على استرداد لقمة العيش التي سرقتها شبكات الفساد ولا شيء أكثر من ذلك .
لكن التوحد لن يطول كثيرا إذا لم يستعاد المال المنهوب على وجه السرعة .وإجراء انتخابات برلمانية غير مزورة تمهد لقيام حكومة برلمانية عصرية ،وذلك لن يتم الا بعد التخلص من البطانة الحالية التي اعتاشت وترعرعت على الفساد ،وهي أول من يحارب ويقاوم برامج الإصلاح والتغيير ويعرقل إرادة الملك .
انظروا لجهة الشمال .فالزائر الأسود قد يطرق بابنا في أي وقت .وبعيرنا محملا بما لا يطيق وهناك من يحتفظ بالشعرة ويتحين الفرص ليقصم ظهر أمننا واستقرارنا .ونحن لا نتسول ولا نشحد الإصلاح .وسنثور ضد الفساد وقوى الشد العكسي المتمركزة في مواقع صنع القرار . وسنبقى على حبنا وولائنا للعرش الهاشمي .ولن نقول يوما كنا نحبك.fayz.shbikat@yahoo.com
رئيس الشبكة الأردنية للأمن الاجتماعي