مطب «لقد وقعنا في الفخ»!

أخبار البلد-

 

للمطبات أنواع لا تسلم منها حتى الرحلات الجوية! ما يعنينا في هذا المقام ذلك المطب الاصطناعي الذي لا يكاد شارع في عاصمتنا الحبيبة أن يخلو منه. ومن صنوفه المطب المنحني برفق، ومنه المحدّب بحنق، ومنه -لا هذا ولا ذاك- ولا يمكن تسميته إلا بالمطب الفخ، ذلك الذي صحّح فيه الجمهور «الزعيم» عادل أمام -بارك الله في عمره- أثناء أدائه دور الكومبارس في مسرحية يقول فيها تلك الجملة فقط، نظير رشوة قدمها في فيلم «مرجان أحمد مرجان» لمخرج المسرحية!

بين كل مطب ومطب، يغالي سائق أرعن في سرعته، ويطلق العنان لبوق مركبته احتجاجا على من تمهّل أمامه للتخفيف من وطأة الوقوع في المطب إن استحال تفاديه. كوننا من محبي السلام والوئام، معظمنا يتجاهل الفعل الأخرق أو يترفّع عن الرد، فيكون صفحا جميلا، لكن بعض الخرقاء من الرعونة التي لا يسرعون فقط، بل يتجاوزون السائق المتمهل لعبور المطب بسلاسة وأمان، وأحيانا لا يتورّعون من تجاوزه عن يمينه لا شماله، فتخيلوا -يرحمنا وإياكم الله- إن تصادف الأمر مع تلك الدراجات التي تحمل طلبات الوجبات «السريعة» والأراجيل!

وها هو الصيف يودّعنا، فأيلول «ذنبه مبلول»! حينئذ ستتكرر مشاهد ألفناها، عاما بعد عام، حفر وبرك مائية وربما بالوعات «رفع عنها الغطاء» لغايات تصريف مياه الأمطار فوق معدلات الهطول الطبيعية، وكأننا نشكو حتى من سخاء السماء! فهل نصر على الوقوع في الفخ في «الفصول الأربعة»؟! أم أن المطب مجرد شمّاعة يتخذها البعض كما يتخذ غيرها للوم الآخر، ولا أحد يقر ويعترف ولو مرة بـ «الخشبة» التي في عينه، وقد أشبع أخاه تعييرا بـ «قشة» كما جاء في تعليم السيد المسيح..

ماذا لو أطل علينا صاحب قرار بإزالة المطبات كلها، بشعار «نحو أردن بلا مطبات 2025» مثلا؟ إن تراجعت نسبة السرعة والتجاوز الخاطئ ما نسبته فقط 25%. صدقا، قد تكفينا نسبة أقل بكثير، اثنان ونصف بالمئة فقط، إن علم صاحب القرار أن صانع القرار -وهو كل واحد منا- صادق النية في التصحيح، وجادّ في التقويم.

المطبات تعيقنا وتزعجنا جميعا. هي بالنسبة للبعض قاتلة كما هو الحال بالنسبة لمريض الجلطة أو المهدد بتكرارها. وهي مقعدة، كما هو الحال لمن يعانين من هشاشة العظام وهي نسبة لا يستهان بها حتى بين الفئات العمرية الشبابية وما قبل الكهولة، فما بالنا لا نراعي حرمة الرفق بكبارنا ونعلم أن كسرهم -لا قدر الله- في غاية الألم والخطورة، وله تداعيات تعاني منها الأسرة بأكملها.

تأمينات الصحة في أغنى دول العالم لن تكفي دفع فواتير التهور والرعونة. والمستفز حقا لتقديم الحلول لا للغضب، هو ألا نسمح للسائقين «العدائيين» وليس المتهورين فقط، بتحديد نوعية حياة أي منا. نؤمن أن الحياة بيد الله وحده، لكن «اعقلها وتوكل».. أضعف الإيمان في مواجهة أولئك العدائيين هو كفّ أيديهم، بمعنى سحب رخصهم تدريجيا ونهائيا إن لزم الأمر، عندها لن تكون هناك حاجة لمطب واحد فننجو جميعا من الفخ!