النمط الاستهلاكي... مؤثر في نسب التضخم
أصدرت دائرة الإحصاءات العامة أمس تقريرها الشهري حول الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك لشهر آب الماضي، والذي رصد ارتفاعا نسبته 0.88% (أقل من نقطة مئوية واحدة) مقارنةً مع الشهر المقابل من عام 2022، وما يعادل تراكميا ارتفاعا بنسبة 2.45% مقارنةً بنفس الفترة من العام 2022.
تفصيلات الارتفاع كانت واضحة في جانب مجموعة من السلع والخدمات على رأسها الطاقة والتعليم والايجار، التي زادت بنسب متفاوتة اثرت على زيادة في نسبة التضخم خلال الشهر الماضي، بعض منها تأثر بالتغيرات الجذرية على صعيد المناخ وارتفاعات درجات الحرارة بشكل غير مسبوق ساهم في زيادة الطلب على الطاقة الكهربائية واستخدامها، واخرى كانت اختيارية بالنسبة للمواطن، وغيرها اجبارية ومفروضة على مجمل الاستهلاك ومتمثل ذلك في ارتفاع التكاليف الاصلية والتي تزيد مع زيادة الاستخدام، عدا عن تأثر الاردن على مستوى السلع بمجريات الاحداث حول العالم وارتفاع اسعار بعض السلع الغذائية، وبالمحصلة كان هناك نمط استهلاكي مختلف عما كان عليه قبل خمس سنوات على الاقل.
في المحصلة هناك ظرف قاسٍ ذو اثر ملموس على حياة الناس، وادى الى عدم قدرة الكثير على الوفاء بالتزاماته الشهرية الاساسية على سبيل المثال الايجار والتنقل حتى بلغ مستوى كلف التعليم.
في نظرة شمولية لواقع الحال الاردني، فان هناك عدة اسباب كامنة وراء هذه الظروف التي يمكن اعتبارها شديدة التعقيد، فلم نكتفِ كمواطنين بجملة هذه التعقيدات بل كان لنمطنا الاستهلاكي الدور المؤثر في زيادة تكاليف المعيشة، فاصبح القادر وغير القادر يأخذ قرارات غير عملية لتغطية نفقات ليست بالاساسية من خلال الاقتراض وتحمل اعبائه لسداد نفقات يمكن الاستغناء عنها، فعلى سبيل المثال يذهب البعض الى تكليف نفسه فوق طاقته في الحاق ابنائه في مدارس خاصة ذات انظمة اجنبية وبتكاليف باهظة ولو على حساب قدرته المادية، واخرون يحملون انفسهم ديونا واعباء مالية شهرية مصطنعة لامتلاك بيت او سيارة اعلى مما يطيقه دخلهم الشهري.
عدا عن ذلك اصبح اسلوب شراء السلع والصرف على الخدمات ذات الطابع التكميلي يوازي او يفوق الصرف على الاساسيات على الرغم من محدودية القدرات، وبالتالي فان جزءا ليس بالقليل من المجتمع الاردني اصبح محط سؤال واستفسار لدى الكثير ممن لا يعيشون في المملكة ويصفون مواطنيها وسكانها بانهم شعب مرفه وشكواه من غلاء المعيشة مبالغ فيه.
اننا كمواطنين مسؤولون عن زيادة تكاليف معيشتنا في ظل ثابت دخلنا بعد ان اتخذنا من «التقليد الأعمى في نمطنا الاستهلاكي» شعارا لنا وخلقنا حاجات ترفيهية جاءت على حساب اخرى اساسية، لكن لم ننسَ ان نكيل اللوم المستمر على النهج الحكومي في معالجة مشكلاتنا المالية من خلال فرض الضرائب او زيادة الاسعار، كما نتناسى اننا جزء من العالم يتأثر بمجريات احداث عالمية قاسية على الاقتصاد العالمي.
تعديل سلوكنا الاستهلاكي والصرف بحسب قدراتنا المالية دون افراط او تفريط سيسهم في تخفيف وطأة المؤثرات القصرية الواقعة علينا، وسيخفف حتما من تأثيرات عوامل عديدة اسهمت في زيادة اسعار سلع اساسية واخرى تكميلية، فالجميع مسؤول عن زيادة نسبة التضخم.