الخصاونة : لا توجه لإجراء تعديل على الحكومة حالياً

اخبار البلد_ أكد رئيس الوزراء عون الخصاونة أنه لا يوجد أي مبرر للتشكيك بنوايا الحكومة "الإصلاحية"، معتبرا أن الحكومة "مستعجلة أكثر من غيرها لإجراء الانتخابات"، وأنها ستقدم مشروع قانون الانتخابات لمجلس النواب في الموعد، الذي حددته في خطاب الثقة، الشهر المقبل.
وتوقع الخصاونة، الذي يوضح سبب عدم التزامه بإجراء الانتخابات قبل نهاية العام الحالي، أن تجري هذه الانتخابات "في أقرب مما نعتقد، لكن بدون أن نحدد اليوم مواعيد محددة، فالمصداقية هي أن تفي بما تستطيع".
وقال، في مقابلة مع "الغد"، إن أحد أهم أسباب الاحتقان والمشاكل السياسية في الأردن، هي أن الانتخابات كانت، في كثير من الأحيان، مزورة. معبرا عن اعتقاده أن المفتاح الحقيقي للحياة الديمقراطية والإصلاح السياسي، هو في أن "تكون هناك انتخابات نزيهة، وبعيدة عن التزوير، ولا يرقى إليها الشك".
وبين الرئيس الخصاونة أن الحكومة تفكر بإعادة النظر بالدوائر الانتخابية، باتجاه توسيع وتكبير بعضها، معتبرا أن هذا الإجراء من شأنه أن يمنع، ظهور المال السياسي، الذي ظهر وجهه القبيح في الانتخابات الأخيرة، والتي سبقتها، وتغيير نوعية النواب، من نواب خدماتيين إلى نواب لمنطقة أكبر، وأكثر تسييسا، مشددا على أن ما نعاني منه الآن هو "انحياز النوعية في الحياة النيابية إلى الخدماتية، مقارنة بالخمسينيات". وزاد أنه "وبعد مزج الدائرة الصغيرة بالدائرة الوهمية والصوت الواحد وصلنا إلى تفتيت المجتمع الأردني".
وفيما يتعلق بالتعديلات الدستورية، ومطالبة الحركة الإسلامية وقوى سياسية أخرى بمزيد منها، أكد الخصاونة أن فتح الدستور لتعديلات جديدة قبل الانتخابات النيابية القادمة غير مطروح من قبل حكومته.
وأضاف: "أنا ضد تقليص صلاحيات الملك في الدستور، بموجب المادتين 34 و35 من الدستور، لسبب بسيط جدا، وهو، أنه في الوضع الحالي، فإن الملك عندما يكلف حكومة ما، وتنال أو تحجب عنها الثقة، فهو تعبير عملي عن أن الشعب هو مصدر السلطات، وأن الحكومة لديها قوة نيابية"، لافتا إلى أن المهم الآن هو "تأسيس الهيئة المستقلة للانتخابات بصورة مناسبة، وإجراء انتخابات نزيهة وغير مزورة".
وأوضح أن فتح ملفات الفساد وتوقيتاتها ليس في يد الحكومة، معتبرا أن هذه مهمة هيئة مكافحة الفساد. رافضا دعوات البعض لـ"محاكمة عهد سياسي".
وقال: "أنا رجل قانون، والتطهير والمحاكمة السياسية "كلام فاضٍ"، بل وهذا عيب، وليس من الإدارة فتح كل الملفات مع بعضها".
كما رفض الخصاونة منطق إجراء تسويات مالية في قضايا الفساد، مقابل إسقاط العقوبة، وقال: "أنا لا أؤمن بالتسويات لحل قضايا الفساد، وربما يكون هناك استثناءات، تتم في بعض الملفات، إلا أن مفهوم أن "أسرق وبعدين برجع المصاري" غير مقبول". معتبرا أن هذا الأمر "ضد شعوري بالعدالة ومشجع للفساد".
وأكد على عدم وجود قرار سياسي بتقديم أو تأخير ملف فساد دون آخر، وقال "الحكومة لا تتدخل بكيفية ورود هذه الملفات".
فيما يتعلق بموضوع الخصخصة، كشف الخصاونة أن الحكومة كلفت محامين أردنيين ومحامية أجنبية، يعملون حاليا على تدقيق اتفاقيات الخصخصة، و"تفسير النصوص في الاتفاقيات، وبما يخدم صالح الأردن، وتحديد المناطق المعنية، أن كانت امتيازا أم لا، وإنهاء أي إجحاف في الاتفاقيات".
وجدد تأكيده أن الحكومة لا تعارض الخصخصة كمبدأ، وقال "الخصخصة بحد ذاتها لها ما لها، وعليها ما عليها، ولا تعني بالضرورة فسادا، وثمة شروط يجب إتمامها لإنجاح عملية الخصخصة، تتعلق بنقل الأموال وشراء الأسهم والأصول، وهكذا".
وزاد أن التحقيق "سيكشف" إن كان هناك "مخالفات تمت في الاتفاقيات" الخاصة بالخصخصة. وقال إن ما يعني الحكومة اليوم، وهي تدرس موضوع اتفاقيات الخصخصة، "هو تكبير العوائد للخزينة من عملية الخصخصة، وزيادة حقوق الأردنيين".
وجزم الخصاونة أن شركة "كميل هولدينغ ليمتد"، التي تعاقدت معها الحكومة الأردنية في خصخصة الفوسفات، هي "شركة بروناوية"، وبين أنه "وصلت الحكومة الأردنية رسالة من الحكومة البروناوية، تفيد بأن الشركة تابعة لحكومة بروناي (..)".
ورغم تنبيه الخصاونة إلى صعوبة وضع الموازنة العامة للدولة في ظل ارتفاع العجز، إلا أنه عبر عن ثقته وحرص حكومته على ثبات واستقرار سعر صرف الدينار الأردني، وقال "بالنسبة للحكومة ثبات واستقرار الدينار أمر في غاية الأهمية". وزاد "لست قلقا على وضع الدينار، كما أني مطمئن نسبيا إلى ما نتلقاه من دعم دولي على عدة أصعدة، وقد لمست ذلك جيدا، خلال زيارة جلالة الملك الأخيرة إلى واشنطن". وأضاف "لست خائفا على استقرار البلاد اقتصاديا، ومتفائل بأوضاعنا، لكن يجب أن نظل حذرين".
وفي محور الإعلام، كشف الخصاونة أن الحكومة تتجه لوضع قانون "منظم" لعمل المواقع الإلكترونية، لكنه لفت إلى أنه "لم يكتب" في هذا المشروع، بعد أي حرف.
وأشار الخصاونة إلى أن ملامح القانون، كما نفكر به، هو الوصول إلى حل وسط، ومعادلة مقبولة بين حرية التعبير وحقوق الأشخاص، وصيانة حرماتهم وأعراضهم من القذف والتشهير.
وفي إطار مفهوم الولاية العامة لدى الرئيس الخصاونة، قال "أعتقد أن هناك صفات، يجب توافرها بالرئيس، أهمها النزاهة والشجاعة والشخصية القوية، ولكن إذا كان رئيس الوزراء ضعيفا، أو ان منتهى غايته وأمله أن يكون رئيسا للحكومة، فإنه سيفرط بالولاية العامة، ولو جاء تشكيل حكومته نتيجة انتخابات نيابية".
وبين الخصاونة أنه "لا يفكر" حاليا في إجراء تعديل وزاري، على حكومته، ونفى، ردا على سؤال لـ"الغد" أن يكون قد هدد بالاستقالة بعد أحداث المفرق، والاعتداء على مقر جبهة العمل الإسلامي، لكنه قال، في هذا السياق، "لم أكن راضيا" عما حدث.
وحول العلاقة مع حركة حماس بعد الزيارة الأخيرة لرئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، بمعية ولي عهد قطر، كشف الخصاونة أنه ستكون هناك دعوة قريبة لمشعل لزيارة عمان . وأوضح أنه "لا نية" لإعادة العلاقة مع حماس، بصورتها التي كانت عليها سابقا (قبل العام 1999)، أي افتتاح مكتب لها هنا".
وتاليا تفاصيل اللقاء:

• الإصلاح السياسي هو ما يشغل الناس حاليا، وسؤال موعد الانتخابات النيابية هو المطروح بقوة، ما الذي يمنع الدكتور الخصاونة من تحديد موعد تقريبي لإجراء الانتخابات، وخصوصا أن عدم تحديد موعد هو ما يدفع للتشكيك بنوايا الحكومة برغبتها إجراء الانتخابات؟
- أولا، لا يوجد أي مبرر للتشكيك بنوايا الحكومة. والحكومة مستعجلة أكثر من غيرها لإجراء الانتخابات، وسنقدم قانون الانتخابات للنواب في الوقت، الذي حددته الحكومة في خطاب الثقة في شهر آذار (مارس) المقبل.
وفي هذا السياق، لنتحدث بأريحية، باعتقادي أحد أهم أسباب الاحتقان والمشاكل السياسية في الأردن، هو أن الانتخابات كانت، في كثير من الأحيان، مزورة، وأعتقد أن المفتاح الحقيقي للحياة الديمقراطية والإصلاح السياسي هو في أن تكون هناك انتخابات نزيهة، وبعيدة عن التزوير، ولا يرقى إليها الشك، وأنها غير مزورة. لنتفق على هذه القاعدة أولا.
أيضا، فقد وجدنا أن أفضل وسيلة لضمان نزاهة الانتخابات، هو في وجود هيئة مستقلة للإشراف ولإدارة الانتخابات، بحيث لا تشرف عليها الحكومات.
الهيئة المستقلة للانتخابات أرسل مشروع قانونها إلى مجلس النواب خلال الوقت المحدد والمعلن سابقا، قد يكون هناك نوع من التباطؤ في مجلس النواب في الانتهاء من القانون، ولا أريد أن أشكك - لا سمح الله- في نوايا مجلس النواب، وكل ما آمله هو أن يسرعوا في بحث وإقرار القانون.
المشكلة أن إقرار القانون بحد ذاته لا يضمن أن يكون هناك هيئة مستقلة للانتخابات، بل يجب أن تنشأ الهيئة عمليا على الأرض، وأن لا تكون على الورق، فيما تكون الصلاحيات بيد وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية، عندها ستصبح مثل هذه الهيئة مثل الهيئات الأخرى، وتفقد قيمتها المنشودة.
إنشاء الهيئة، حسب تقديرات الأمم المتحدة، يأخذ سنة من إقرار مشروع القانون الخاص بها، وسنة بالنسبة لنا وقت طويل، ومع ضغط الوقت بشكل كامل، يمكن أن يأخذ تأسيس الهيئة ستة أشهر، وهذا هو العامل الوحيد، الذي يمكننا من تحديد موعد دقيق للانتخابات.
• هل تتوقع إجراء الانتخابات النيابية خلال العام الحالي؟
- أتوقع ذلك، بل وآمل ذلك. وأتمنى أن تجري حكومتي غدا الانتخابات. ولمن يطالب بتسريع إجراء الانتخابات، فالبعض لا يدرك أن التعديلات الدستورية الأخيرة لم تعد تسمح للحكومة بأن تشرع قوانين وتشريعات (مؤقتة) بغياب البرلمان. لم نعد نستطيع وضع أي قانون جديد بدون البرلمان، وإذا أردنا أن نجري الانتخابات غدا، فستجرى وفق نظام الصوت الواحد والدائرة الوهمية، أي وفق القانون الحالي، وهذا معناه أننا رجعنا إلى المربع الأول. القضية تقوم على منطق بسيط؛ إذا أردنا أن نجري انتخابات فيجب أن تكون انتخابات نوعية، مختلفة عن كل الانتخابات، التي تمت بتاريخ الأردن. وحتى نتمكن من ذلك، نحتاج إلى هيئة مستقلة لإدارة الانتخابات والإشراف عليها، وهذه تحتاج عمليا لوقت، والحكومة تعمل على تسريع وتيرة العمل والإعداد.
والأهم من إنشاء الهيئة المستقلة، هو اختيار المفوضين في الهيئة. في الهند، فكرة هيئة الانتخابات هناك، وهي بالمناسبة من أفضل وارقى الهيئات في العالم، أنها تشرف على الانتخابات، ويرأسها حاليا شخص، اسمه محمود القريشي، وهو سيحضر إلى الأردن الشهر المقبل للاستفادة من تجربته وتجربة الهيئة الهندية، وهذا الرجل سمعته هي ما أعطى الهيئة الهندية مصداقيتها. وللعلم أكثر فإن الهند بلد فيها حزبيون، وفيها تزوير كثير، بسبب الفقر والمال السياسي، إضافة إلى انتشار الأمية وغيرها، وهنا لا بد من أن تكون الهيئة قوية جدا، وتحتاج إلى تدريب لكوادرها، وان لا يتبعوا وزارة الداخلية.
نعد في الحكومة أن تكون كل الإجراءات الخاصة بالهيئة المستقلة مكتملة وقوية، وأن تتمكن من إجراء انتخابات بأسرع وقت ممكن.
وأتوقع أن تجري الانتخابات في أقرب مما نعتقد، لكن دون أن نعين اليوم مواعيد محددة، فالمصداقية هي أن تفي بما تستطيع.
كذبة كبيرة هي القائلة إن الحكومة تتلكأ.
• في قانون الانتخاب، كيف تفكرون للقانون، هل وصلتم كحكومة إلى نتائج وتوجهات معينة، خاصة تجاه النظام الانتخابي، وهل لديك موقف من أي خيار للنظام، كقائمة التمثيل النسبي؟
- أنا ليس لدي موقف حاد من أي شيء أو أي خيار. موقفي الحاد هو أن لا تكون هناك انتخابات مزورة، أو أن تجرى وفق الدائرة الوهمية أو الصوت الواحد، فالأنظمة الانتخابية في كل العالم، لها مزايا ومساوئ، ومقاربتنا لها يجب أن لا تكون منطلقة من موقف مسبق. فأنا أميل، ولأسباب موضوعية، الى اعتماد نظام انتخابي نسميه، مجازا، نظام 1989 (اي نظام القائمة المفتوحة على مستوى الدائرة)، وهذا يعني أن تكون هناك إمكانية أمام الناخب لاختيار عدة خيارات ومرشحين. ويمكن أن يكون النظام الانتخابي المقبل مختلطا (بين الصوت الفردي والقائمة النسبية). لكن سأجيبكم عن أسباب اعتراضاتي على القائمة النسبية.
أولا: القائمة النسبية المغلقة، هي بعبارة أخرى، الصوت الواحد، وهذا ما لا يستطيع الناس رؤيته، ربما لأنه واضح جدا، ورأيي في القائمة النسبية ليس له علاقة بالكذبة الأخرى، التي تساق ضدي، وهي أنني أميل لصالح الإخوان المسلمين في تأييد نظام 89. وفي الوقت نفسه، لا أعتقد أن هدف الدولة الأسمى يجب أن يكون منع الإخوان المسلمين من التنافس بحرية والوصول إلى البرلمان. نعم، أنا لست عضوا في الإخوان المسلمين، ولم أكن يوما ضدهم، وأرفض النظرة، التي تقول إننا يجب أن نكون ضد الإخوان المسلمين. هذه نظرة يجب أن تنتهي، وهي مريبة، ولا يجب أن ننظر للمعارضة كأنها عدو، فهؤلاء هم، كذلك، أبناء وطن، وطبيعي أن يكون لهم أهداف سياسية، وهم ليسوا جمعية خيرية، بل حزب سياسي، له أهداف وغايات سياسية.
وبالمناسبة، فالإخوان يطالبون باعتماد القائمة النسبية، والمبرر الوحيد للقائمة النسبية أمام كل المؤيدين لها هو أنها تشجع الحياة الحزبية. أعتقد أن هذه الفكرة أو المسلمة خط منطقي وموضوعي، بدليل أنه في الخمسينيات كانت هناك أحزاب قوية، ولم تكن هناك قائمة نسبية، ولم يحل النظام الانتخابي السائد آنذاك، وهو أشبه بنظام الـ89 ، دون قيام أحزاب ووصولها بقوة للبرلمان، وتشكل كتل وأحزاب فيه.
إذن، ما يقرر وجود الأحزاب من عدمه هي عوامل موضوعية، لا علاقة لها بقانون الانتخاب، ولا علاقة لها أيضا بالقائمة النسبية.
والقائمة النسبية تؤدي إلى تفتت الحكومات، ففي إسرائيل يحكم نتنياهو بوجود ائتلاف، وفي بلجيكا تعطل تشكيل حكومة لمدة سنة لخلافات الكتل والاتئلافات، إذن هو ليس نظاما انتخابيا عظيما، بل وغير مجرب في البلد.
استطلاعات الرأي، التي تجري في البلد، تكشف أنه بعكس النخبة، التي عينت نفسها ممثلا للرأي العام، فإن غالبية الناس تعلن أنها ليست مع القائمة النسبية. وهو، كذلك، نظام صعب، وغير مفهوم، ومن الضروري أن يكون أي نظام واضحا ومفهوما وغير صعب في التطبيق.
ويمكن القبول بالقائمة النسبية إذا كان لديك أحزاب قائمة ومستقرة، مثلما هو الحال في إسرائيل، أما أن أجري انتخابات، وفق القائمة النسبية فيما ليس لدينا سوى حزب واحد قوي، هو العمل الإسلامي، فهذا كلام "مخربط" ولا أرى أنه يمكن أن يفيد الحياة الحزبية.
هذه هي اعتراضاتي على القائمة النسبية، ومع ذلك فإن موضوع القائمة النسبية مطروح للنقاش الوطني، ويمكن أن نصل إلى نظام مختلط، كل ذلك محل بحث حاليا.
• يتهم البعض الحكومة بالبطء والهدوء في الحركة، رغم أن البلد تمر بما يشبه العاصفة، ما ردك؟
- أين التلكؤ والتباطؤ؟ إذا أقر هذا النظام الانتخابي (القائمة النسبية) فسيكون بمثابة "افرهول (إعادة صيانة)" للنظام، ويحتاج الأمر إلى جودة، فكل يوم نكتشف أخطاء، في التعديلات الدستورية وفي غيرها. العمل الإصلاحي يحتاج، بطبيعته، إلى التأني. ولسنا في مرحلة ثورية، ومع ذلك أعود وأؤكد، أن الحكومة ليست لديها رغبة في التباطؤ، ولا توجد أسباب لذلك، خاصة وأن جلالة الملك عبر عن رغبته بأن تكون الانتخابات خلال هذا العام، لكن إن حدث هناك عارض ما فأين الخطأ.
• ثمة حديث عن أن الحكومة تفكر بإعادة النظر بالدوائر الانتخابية، لتمثيل أكبر عدد ممكن من الأردنيين من أصول فلسطينية، ماذا تقول؟
- أن الحكومة تفكر بإعادة النظر بالدوائر الانتخابية فهذا أمر صحيح، أما أن ذلك لهدف سياسي كما ذكرت فلا. تغيير الدوائر الانتخابية يعني تكبيرها، وهذ يمنع، أولا، ظهور المال السياسي، الذي ظهر وجهه القبيح في الانتخابات الأخيرة والتي سبقتها، وكلما كبرت الدائرة كلما كان تأثير المال السياسي وشراء الذمم اقل. توسيع الدائرة يدفع ايضا الى تغيير نوعية النواب، من نواب خدماتيين الى نواب لمنطقة اكبر، واكثر تسييسا. ما نعاني منه الآن هو انحياز النوعية في الحياة النيابية إلى الخدماتية، مقارنة بالخمسينيات.
الدوائر الانتخابية الصغيرة، أحد اسباب افراز نوع نيابي خدماتي، حيث صار الكثير من النواب اشبه بمخاتير الأمس. وبعد مزج الدائرة الصغيرة بالدائرة الوهمية والصوت الواحد وصلنا الى تفتيت المجتمع الأردني.
الهدف من توسيع الدوائر ليس محكوما بالديموغرافيا. المطلوب بحد ذاته هو تكبير الدائرة الانتخابية، وإعطاء المرشح أكثر من صوت، لأن مدى ديمقراطية النظام الانتخابي، هي في عدد الخيارات، التي يعطيها للناس.
أرجو أن ننظر جميعا إلى ضرورة البناء بصورة صحيحة، وبما يخدم أهدافنا الوطنية على المدى الطويل، وإن أردنا أن نبني قاعدة صلبة، يُبنى عليها أردن جديد، فيجب أن لا نفكر في فترة الربيع العربي وضغوطها حاليا، لأن الربيع العربي يمكن يعود مستقبلا، إن لم تتم هذه الإصلاحات بشكل صحيح. ما آمله أن تكون هناك قاعدة صلبة، يمكن أن تشكل بداية لحل لكل المعضلات التي تواجهنا، ومن بينها الديموغرافيا الأردنية الفلسطينية، والتمثيل الإسلامي. لا نستطيع أن ندعي أننا ديمقراطيون، فيما نعد نظاما انتخابيا يكون الهدف منه إقصاء الإسلاميين، أو عدم الاعتراف بوجود الأردنيين من أصول فلسطينية في المكون الوطني الأردني. وفي ذات الوقت، يجب أن يكون النظام الانتخابي مطمئنا للأردنيين من أصول شرق أردنية، والحفاظ على الهوية الوطنية. هذا هو المطلوب من النظام الانتخابي، والتقسيم الذكي للدوائر الانتخابية، والتي عليها أخذ الديمغرافيا بعين الاعتبار، وأن توفر قاعدة، يتم من خلالها ضمان تمثيل للأردنيين من أصول فلسطينية بصورة مقبولة، وتمثيل للأردنيين من أصول شرق أردنية بصورة حقيقية وتحفظ الهوية الوطنية، إضافة إلى أن يضمن القانون والنظام تمثيلا عادلا للإخوان المسلمين والقوى السياسية والاجتماعية والحركات الأخرى. هذا هو الهدف من أي نظام انتخابي أو توسيع لبعض الدوائر الانتخابية نسعى إليه.
• ثمة مطالبات بتجنيس أبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين.. ما موقفكم من ذلك؟
- موضوع تجنيس أبناء الاردنيات موضوع قديم جديد، وأنا، كخيار شخصي، مع تجنيسهم، سواء كانوا أبناء أردنيات متزوجات من مصريين أو غيرهم. لكني أعتقد أن التوقيت حاليا غير مناسب لبحث مثل هذه القضية، خاصة مع التغييرات الكبيرة التي نمر بها. لا بد من إجراء حوارات أكثر مع شرائح المجتمع حول هذا الموضوع.

فتح الدستور لتعديلات جديدة قبل الانتخابات غير مطروح وأنا ضد تقليص صلاحيات الملك

• لماذا تأخر بدء الحوار مع الإسلاميين، وما هي شروطهم للمشاركة في الانتخابات والحياة السياسية، وهل سيتم إعادة فتح الدستور لمزيد من التعديلات، استجابة لمطالب الإسلاميين، وما رأيك بالعلاقة بين الإسلاميين والغرب، والانفتاح الظاهر بين الطرفين؟
- بالنسبة للحوار مع الإسلاميين، فالحوار معهم لم ينقطع. ولا مع غيرهم من قوى وجهات سياسية مختلفة.
ونحن مكلفون في كتاب التكليف السامي بالحوار مع الجميع لإعداد قانون انتخاب توافقي.
ولكن فيما يتعلق بالتعديلات الدستورية، وهل يمكن للحكومة أن تفتح ملف تعديلات جديدة على الدستور مرة أخرى قبل الانتخابات النيابية القادمة، فجوابي لا. أنا ضد تقليص صلاحيات الملك في الدستور، وبموجب المادتين 34 و35 من الدستور، لسبب بسيط جدا، وهو، أنه في الوضع الحالي، فإن الملك عندما يكلف حكومة ما، وتنال أو تحجب عنها الثقة، فهو تعبير عملي عن أن الشعب هو مصدر السلطات، وأن الحكومة لديها قوة نيابية. المهم في كل الأمر هو تأسيس الهيئة المستقلة للانتخابات بصورة مناسبة، وإجراء انتخابات نزيهة وغير مزورة.
إذا كان مجلس النواب قد تشكل نتيجة انتخابات غير مزورة، فهذا سيدعم فكرة برلمانية الحكومة واستنادها إلى قاعدة نيابية تمثيلية. ومع ذلك فقد تعهد جلالة الملك أمام البرلمان، كرسالة للجميع، بالرغبة للوصول إلى مرحلة تشكيل الحكومات البرلمانية، وقبل ذلك التشاور مع النواب في تشكيل الحكومات.
فمنطقيا ودستوريا، أنا لا أحبذ أن تكون الحكومة منتخبة، لكن كل شيء مفتوح للحوار الوطني.
وبخصوص المطالبة بانتخاب مجلس الأعيان (وفق تعديل دستوري)، فرغم أنني لست ضد التطوير السياسي، وإحداث تغييرات على غرار شكل مجلس اللوردات في إنجلترا، لكن يجب أن يكون أي تطوير مرتبطا بالعلاقة بين الواقع في المجتمع وقوة المجلس، ومراعاة ظروفنا المحلية، خاصة أن الأشياء البعيدة عن واقعنا مرشحة بقوة لأن تفشل.
يمكن في المستقبل أن تحدد بعض أسس اختيار أعضائه وبصورة تدريجية. لكني أعتقد أنه ولمصلحة الحياة النيابية الأردنية يجب أن يكون هناك مجلس أعيان، تتوفر في أعضائه الخبرة والحكمة وعدم الوقوع تحت ضغط الناخب، ليؤدي دور "الفلترة" والترشيد تشريعيا.
• ماذا عن رأيك في الحوار بين الإسلاميين والغرب؟
- فيما يتعلق بحوار الإسلاميين مع الغرب، أقول أنا لست ممثل الأميركان، أو ممثلا عن الإسلاميين. وحقيقة هناك دوائر في الخارجيتين البريطانية والأميركية تعنى بالإسلام السياسي، ومن السخف أن نقول إن هناك تحالفا إسلاميا أميركيا.
الغرب يدرك أن هناك قوة حقيقية للإسلام السياسي في الشارع، وهو مستعد للتعامل معهم، من باب اهتمامهم بمصالحهم، كما أن الإخوان المسلمين لديهم نظرة براغماتية سياسيا.
وحسب رأيي، فمن الصعب أن يكون هناك تحالف أميركي إسلامي، وسبق أن فشل مثل هذا التحالف أيام أفغانستان.
• هل هناك ملفات فساد ستطوى، وهل تؤيد حل اللجان النيابية الخاصة بقضايا الفساد وتحويلها لهيئة مكافحة الفساد؟ وما آخر التطورات في ملفات موارد والتحول الاجتماعي والفوسفات؟
- اولا، فتح الملفات ليس من عندي، هذه مهمة هيئة مكافحة الفساد. أما بخصوص ما يطرح من فكرة محاكمة عهد سياسي فهي غير واردة، أنا رجل قانون، والتطهير والمحاكمة السياسية "كلام فاضٍ"، بل وهذا عيب، وليس من الإدارة فتح كل الملفات مع بعضها.
حقيقة، لدينا فساد، والمتهمون بالفساد لهم الحق في القانونين، الدولي والمحلي، بمحاكمة عادلة، ويمكن فتح الملفات إذا كانت الإمكانات موجودة حقيقة. أما فيما يتعلق بملفات الفساد الموجودة، والتي يحقق فيها النواب، فهذا أمر يتعلق بهم، ولا أستطيع التعليق عليه، بل ولا املك إلا أن أعبر عن أملي، في أن لا تؤخر هذه الملفات النظر في قوانين الإصلاح.
عندما جاءت الحكومة قبل أكثر من ثلاثة أشهر، سمعت أن هناك صفقة لإعادة الأموال، مقابل إغلاق ملفات فساد على الطريقة الأميركية. وحقيقة أنا لا أؤمن بالتسويات لحل قضايا الفساد، وربما تكون هناك استثناءات، تتم في بعض الملفات، إلا أن مفهوم أن "أسرق وبعدين برجع المصاري" غير مقبول.
وهذا ضد شعوري وموقف من العدالة، وأؤمن أن في القصاص حياة، حيث أنه يردع الفاسدين. أنا لا اميل الى هذه الطريقة، وعقد تسويات ما. وما اعلمه ان هذا الموضوع اوقف.
أما فيما يتعلق بقضية موارد، ففي كل دول العالم فإن السلطة التنفيذية هي المسؤولة عن إرسال الملفات للادعاء العام، وحاليا هذا غير موجود أو مطبق لدينا. فالنواب والحكومة والهيئة وغيرها من جهات اختصاص ترسل ملفات إلى الادعاء العام.
أوكد أنه ليس هناك قرار سياسي بتقديم او تأخير ملف فساد دون آخر، والحكومة لا تتدخل بكيفية ورود هذه الملفات.
• ماذا عن الخصخصة، فقد كانت لكم مواقف "ثورية" من هذه القضية، فأين أصبحت اليوم؟
- فيما يتعلق بموضوع الخصخصة، أقول إن موقف الحكومة من الخصخصة واضح، وقد عبرت عنه في بيانها الأخير أمام النواب. أولا، الخصخصة بحد ذاتها لها ما لها، وعليها ما عليها، ولا تعني بالضرورة فسادا، وثمة شروط يجب إتمامها لإنجاح عملية الخصخصة، تتعلق بنقل الأموال وشراء الأسهم والأصول، وهكذا.
ولكن إذا ثبت، عبر التحقيق، أن ثمة مخالفات تمت في الاتفاقيات، فهذا ما سيكشفه التحقيق. الحكومة تعمل حاليا على هذا الموضوع، ولدينا محامون أردنيون، ومحامية أجنبية يعملون عليه. الجهاز الفني لدينا قليل لدراسة هذه الاختلالات، التي تعنى بنص غير واضح. ما يعنيني حقيقة هو تكبير العوائد للخزينة من عملية الخصخصة، وزيادة حقوق الأردنيين. القانونيون يعملون حاليا على تفسير النصوص في الاتفاقيات وبما يخدم صالح الأردن، وتحديد المناطق المعنية، إن كانت امتيازا أم لا، وإنهاء أي إجحاف في الاتفاقيات.
أستطيع أن أجزم أن شركة "كميل هولدينغ ليمتد"، التي تعاقدت معها الحكومة الأردنية في خصخصة الفوسفات، هي شركة بروناوية، بل وقد وصلتنا كحكومة أردنية رسالة من الحكومة البروناوية تفيد أن الشركة تابعة لحكومة بروناي، أما بقية الأمور في موضوع الفوسفات، فهي تحت البحث من قبل البرلمان، وليس من المناسب لي أن أتحدث بهذا الموضوع، حرصا على سرية التحقيق.
• ثمة حديث عن عزم الحكومة وضع تشريع أو قانون ما ينظم العمل الصحفي في المواقع الإلكترونية، هل هذا دقيق؟
- نعم، تتجه الحكومة لوضع قانون للمواقع الإلكترونية، ولكن لم يكتب فيه بعد أي حرف. ملامح القانون كما نفكر به هو الوصول إلى حل وسط، ومعادلة مقبولة بين حرية التعبير وحقوق الأشخاص، وصيانة حرماتهم وأعراضهم من القذف والتشهير.
وقد حاورت الحكومة المواقع الإلكترونية والنواب والأعيان والنقابات المهنية والصحفيين، ولجان الحريات في النقابات.
• ما هي بدائل الحكومة لمدونة السلوك الإعلامي؟
- أعتقد أن مواثيق الشرف لا تنفذ، والقوانين هي التي تعد ملزمة أساسا، لأن القوانين صارمة. نحن نمر بأزمة أخلاق في الصحافة، ويجب أن تعالج، والدعوة وجهتها الحكومة للصحفيين أنفسهم، للمشاركة في وضع تصور قانوني، يحفظ حقوق المواطنين. يجب تنظيم عمل المواقع الإلكترونية، وستقوم الحكومة بتنظيمها. نظرة الحكومة ليست فوقية لهذا الملف، وتريد التعاون والحوار مع الجميع، وتحديدا مع الصحفيين ونقابتهم، للوصول إلى صيغة منظمة لذلك.
• هل تغير تصورك للولاية العامة، في ظل العمل الميداني وتجربتك في الحكومة. وثمة حديث غير واضح عن خلافات أو توافقات بين حكومتكم وبين مراكز القرار الأخرى؟
- أعتقد أنه اذا كانت هناك حكومات نيابية، تحظى بثقة البرلمان، وتسود حياة برلمانية نزيهة، فإن الولاية العامة للحكومة تتحقق. تاريخيا، من أكثر الحكومات الاردنية التي حافظت على الولاية العامة كانت حكومة توفيق أبو الهدى، وحكومة إبراهيم هاشم، وذلك بسبب شخصيتيهما القويتين، فلم تكن لديهما مهادنة فيما يتعلق بالمال العام، وكانا نزيهين إلى أبعد الحدود.
أعتقد أن هذه الصفات، هي التي يجب توفرها بالرئيس، إضافة إلى النزاهة والشجاعة والشخصية القوية. ولكن إذا كان رئيس الوزراء ضعيفا، أو أن منتهى غايته وأمله أن يكون رئيسا للحكومة، فإنه سيفرط بالولاية العامة، ولو جاء تشكيل حكومته نتيجة انتخابات نيابية.
• هل ستجري تعديلا وزاريا على حكومتك؟
- لا أفكر فيه حاليا.
• هل هددت بالاستقالة بعد أحداث المفرق، والاعتداء على مقر جبهة العمل الإسلامي قبل أسابيع، حيث نقل عنكم عدم رضاكم عما حدث مع الاسلاميين؟
-لا، لم أهدد بالاستقالة، ولكنني لم أكن راضيا.
• ثمة توقعات وتحذيرات من إمكانية تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إلى الأردن جراء تدهورالأوضاع السياسية والأمنية هناك، ما هي جاهزية المملكة لاستقبال اللاجئين؟
- كل دولة يجب أن تكون لديها جاهزية لمثل هذه الظروف، ويجب أن نكون مستعدين للأسوأ. ونحن حقيقة على اتصال مع منظمات دولية، ولدينا تجارب مريرة في هذا الإطار، وتعاملنا سابقا مع مآس وكوارث، حدثت سابقا في المنطقة.
• فيما يتعلق بالعلاقة مع حركة حماس، خاصة بعد زيارة خالد مشعل، برفقة ولي عهد قطر، إلى عمان، هل ثمة لقاءات أو زيارات جديدة، وما شكل العلاقة السياسية بين الأردن وحماس في الفترة المقبلة؟
- نعم، ستكون هناك دعوة قريبة لمشعل لزيارة ثانية لعمان. أما فيما يتعلق بشكل العلاقة مع الحركة فأؤكد أنه لا نية لإعادة العلاقة مع حماس، بالشكل التنظيمي السابق في الأردن، أي افتتاح مكتب لها هنا.
• ماذا عن موضوع التعامل مع إسرائيل، ومواجهة خطر التصريحات والتهديدات الصادرة عن اليمين المتطرف ضد الأردن، والتلويح بمخططات الوطن البديل؟
- المشكلة الآن ليست بالوطن البديل. هم اليوم يروجون أن الأردن هي فلسطين، وهذه مشكلة إقليمية، وأبعادها متشابكة ومعقدة.
هنا أود أن أقول، إن إسرائيل مجتمع يمعن أكثر باتجاه اليمين، ولذلك أسباب موضوعية، ولكن ما يجب الوقوف عنده، أن نظامهم الانتخابي، هو الذي يسمح بوصول الأكثرية المتطرفة والراديكالية إلى الحكومات. لكن الجانب الرسمي هناك ينفي دائما أن يكون هذا هو موقف إسرائيل تجاه الأردن.
لكن إن أردنا الحديث عن العلاقة بين الأردن وإسرائيل بمنظور تاريخي، فلا يمكن النظر لهذه العلاقة بمعزل عن السلام الشامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
لأنه حتى لو أن الحكومات العربية أدارت ظهرها لقضية فلسطين، فإن الشعوب العربية لن تدير ظهرها على حساب الحق الفلسطيني.
نحن نمر اليوم مع الإسرائيليين بوضع غير مريح، ولا أريد تحميل تصريحات متطرفيهم، فقط، مسؤولية ذلك، لكن المراقب للوضع في إسرائيل، لا بد أن يقلقه حالة التحول، التي تمر بها إسرائيل نحو اليمين والتطرف.
• هناك حديث وتحليلات وآراء تذهب باتجاه أن الحكومة غير مرنة ومتشددة في مواقفها، وما قصة إدارة أزمة المعلمين عنا ببعيدة، ألا يوجد أفق لحلول وسط لأزمة المعلمين؟
- الحكومة ليست متصلبة، وفي الأساس بدأت بالتنازلات، فاعترفت بأن مطالب المعلمين بالعلاوة حقوق مفهومة للمعلمين، وهي مسألة جدلية، ثم قدمت لهم زيادة العلاوة بنسبة 10 % سنويا على مدى ثلاث سنوات، لتصل في النهاية الى 100 % كما كانت. كلنا مع تحسين أوضاع المعلمين، ونريد لهم حياة كريمة، ولكن نحن نمر في موازنة صعبة، والزيادات على رواتب المعلمين الآن ستزيد أزمة الموازنة، وأتمنى أن يقبلوا بعرضنا بصرف العلاوة، وما موازنة العام المقبل عنا ببعيدة، فهي ستعد في شهر تشرين الثاني (نوفمير) المقبل، أي أن المعلمين قريبا جدا سيأخذون العلاوة 100 %، لكن نتمنى عليهم أن يتفهموا ظروفنا، ونحن في مجلس الوزراء ما زلنا نناقش كل البدائل المطروحة لحل مشكلة علاوة التعليم. أتمنى على المعلمين أن يتحملونا في الأشهر السبعة المقبلة، وستصرف كافة علاوتهم في موازنة العام المقبل، فنحن لا نملك أي موقف ضد المعلمين بل نحن معهم.
• لكن، لو أعدتم ترتيب أولويات الموازنة، فقد تستطيعون صرف علاوة المعلمين كاملة؟
- المشكلة هنا، تكمن في أننا لو صرفنا كامل الزيادات المطلوبة على رواتب المعلمين، فستأتي شرائح أخرى من المهنيين والموظفين للمطالبة بعلاوات وزيادات على رواتبها. عندها سنخشى في الحكومة على استقرار الدينار، واستقرار موازنة الدولة، والسيطرة عل العجز المالي. لو خيرت بين استقرار الحكومة أو استقرار البلاد، لقلت، وبدون جدل، "تطير الحكومة ولا تتأثر البلد".
علاوة الـ100 % صرفت للمعلمين كاملة، مع قرار الحكومة بصرف الـ10 % الأخيرة على رواتبهم، وإن الـ20 % المتبقية، هي منحة إضافية على رواتب المعلمين، وليست حقا، وهي امتياز يستحقه المعلم، لكن نتمنى أن يصبروا علينا، لنصرفه لهم في موازنة العام المقبل.
• فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية، إعادة هيكلة القطاع العام، استهدفت إقرار زيادات على الرواتب، وتكريس أجواء من العدالة الوظيفية والاجتماعية. لكننا نسأل: هل أثبتت هذه الهيكلة عدم جدواها، خصوصا بعد أزمة المعلمين، ورفض الممرضين والمهندسين لها؟
- لقد علق العاملون في القطاع العام آمالا كبيرة على إعادة الهيكلة. وأعتقد، وبعيدا عن العواطف المجردة، وإذا ما وازنا بين مساوئ وحسنات مشروع خطة الهيكلة، فسنجد أن المشروع جيد، وإلى حد بعيد، هو يشبه عمليات التقنين، وهي عمليات قد يتضح أن فيها ثغرات لدى تطبيقها على أرض الواقع، وهذا أمر غير مستغرب، خصوصا إذا علمنا أن كل المعالجات السابقة لتشوهات الهياكل الوظيفية في القطاع العام لم تكن قائمة على أسس صحيحة، فكانت معالجات الرواتب قائمة على الزيادات غير المنظمة، وهي التي زادت الأمر تعقيدا.
طبعا مشروع الهيكلة، مشروع وطني، بدأت به الحكومة السابقة، واستكملته الحكومة الحالية، أما الغضب الذي جاء كرد فعل على مشروع الهيكلة من بعض القطاعات، فأعتقد أن أسبابه أكثر وأبعد من مشروع الهيكلة.
لأن المشروع في الأصل قد استفاد منه الكل، ولكن الاستفادة الناتجة عن تطبيق خطة هيكلة القطاع العام، لم تكن بالطريقة التي كان الناس يتوقعونها، وهنا حصلت المشكلة.
• المساعدات العربية للمملكة، ونقصد هنا مساعدات دول الخليج، هل هناك نية لطلب مساعدات إضافية من مجلس التعاون الخليجي، لصالح الموازنة في ظل أزمتها المستفحلة؟
- ثمة حديث عن مساعدات مالية من دول خليجية لنا، لكن لا أعتقد أنه يجب علينا أن نعقد آمالا كبيرة على ذلك، فمن خلال تجربتي، من الأفضل أن نبني خطتنا المالية على أساس أن لا وجود لهذه المساعدات، فـ"سوء الظن من حسن الفطن". ثمة كلام عن زيادة نسبة المساعدات الخليجية، وحديث عن تقديم مساعدات من دول محددة. نحن سنعلن عن ذلك في حال حصوله، لكن لا أستطيع الآن الإعلان عن وجود حديث أو اتصالات، كما لا أستطيع أن أحتسب هذه المساعدات في حسبة إيرادات الموازنة، وذلك إلى أن تأتي، وتصبح واقعا ملموسا.
• مستقبل الدينار في ظل المؤشرات الحالية، هل هناك قلق على استقرار الدينار؟
- ثبات الدينار، بالنسبة لنا، أمر في غاية الأهمية، لذلك أرجو أن لا يفسر تشدد الحكومة في قصة منح الزيادات على رواتب المعلمين، أو أية فئة أخرى تطالب بعلاوات وزيادات ضمن نهج الرفض المبدئي لمنح مثل هذه الزيادات أو تحسين أوضاعهم المالية والوظيفية. لكن المانحين، الذين يقدمون المساعدات للموازنة العامة، ينظرون ببالغ الأهمية إلى رواتب الدولة، ولا يعجبهم الإفراط في تقديم الزيادات.
لذلك، أنا لست قلقا على وضع الدينار، كما أني مطمئن نسبيا إلى ما نتلقاه من دعم دولي على عدة أصعدة، وقد لمست ذلك جيدا، خلال زيارة جلالة الملك الأخيرة إلى واشنطن.
وللأمانة، أنا زرت البيت الأبيض عدة مرات، وكنت بمعية الأمير الحسن والمغفور له جلالة الملك الحسين، رحمه الله، لكن زيارتي الأخيرة بمعية جلالة الملك عبدالله الثاني، وبدون مبالغة، كانت أفضل زيارة لواشنطن، فالتزام الرئيس الأميركي أوباما، والتزام إدارته والكونغرس بالأردن التزام قوي، كذلك الأمر مع التزام البنك الدولى والخزانة الأميركية. صحيح أن المساعدات الخارجية قد تأخرت، لكني لست خائفا على استقرار البلاد اقتصاديا، ومتفائل بأوضاعنا، لكن يجب أن نظل حذرين.
• اليوم، وأمام استمرار أزمة انفجارات خط الغاز المصري، ما بدائل الحكومة؟
- بدأنا التحرك مع قطر، لكني لا أجد مجالا متاحا، على هذا الصعيد، سوى من العراق، لكن ما يجب أن نقوم به لتدارك أزمة الغاز المصري هو التقنين، واتباع سياسات ترشيدية في الاستهلاك. أما عن بدائل حقيقية جاهزة حتى الآن فلا يوجد لدينا.
نحن نحاول اليوم زيادة الطاقة التخزينية لدينا، إلى جانب تحرير الأسواق، وفتح المجال أمام أكثر من شركة، وسأزور العراق قريبا جدا، لبحث الأمر، كما أن اتصالاتنا مع القطريين ما تزال مستمرة، كما نحاول البحث في موضوع الغاز مع الأشقاء السعوديين.