الرقم الوطني و»السوشال»..

أخبار البلد- لا لست أعني بـ «السوشال» اختصار ما اصطلح على تسميته وسائل التواصل الاجتماعي. ما عنيته هو اختصار متداول بين الأمريكيين العرب وهو رقم الضمان الاجتماعي الترجمة الحرفية للوثيقة الأهم التي يعرف بها الفرد في أمريكا مقيما دائما ومن ثم مواطنا عند استيفائه الشروط، ومن بينها ما هو أقوى من العقد الاجتماعي، حيث يتضمن الأمر قسما بالولاء وحمل السلاح دفاعا عن «الجمهورية» -وليس بالضرورة الديموقراطية- ووحدة الاتحاد (الولايات الخمسين) أمام أعدائها الداخليين والخارجيين على حد سواء.


البعض للأسف، تداول الاصطلاح باختصار بتّار.. أبرز ما يراه هو أهم ما فيه -مصلحيا- وهو «الاجتماعي» المقرون بـ «ضمان»، هو في الأصل مالي مرتبط بتلقي راتب تقاعدي عند بلوغ العام الثاني من العقد السادس مع فرص تحفيزية لإرجاء استيفاء الراتب للعقد السابع، بحيث ترتفع قيمته كلما تأخر طلب الحصول على ذلك الراتب الذي تحدده سنوات الخدمة وما تقاضاه المواطن الأمريكي من رواتب قبل التقاعد أو ترك العمل أو انتهائه لأي سبب كان.

استلهمت هذه المقالة من منشور على «الفيس» لأخ عزيز وزميل قدير من الأردنيين الأمريكيين المقيمين إلى جوار مقر الأمم المتحدة في نيويورك. ما لفت انتباهه وأحزنه، عدم تعبير عدد قليل من الأمريكيين من أصول عربية -لا أريد ذكرها- بكونهم مهاجرين بجوازات سفر أردنية أو أبنائهم، دون ذكر ذلك، وليس فقط دون التعبير عن اعتزازهم وامتنانهم بما قدم لهم الأردن. توقف الأخ الزميل محمد الدقامسة في منشوره عند اعتزاز أولئك القلة بكونهم أمريكيين من أصول عربية دون إشارة إلى كونهم حصلوا على تأشيرات وبالتالي إقامة فمواطنة في بلاد العم سام، كونهم كانوا في كنف الأردن ورعايته وحماه..

لست أدري لم تذكرت تساؤل بعض الإخوة العرب عن أصول ومنابت أي أردني يلتقون به في أمريكا، وكذلك الحال في بريطانيا. أتراها تصرفات البعض التي تبرر ذلك التساؤل: أردني-أردني؟ بمعنى التساؤل عن المنابت والأصول كلما قدمنا أنفسنا كأردنيين..

الصحيح أن الإجابة التي لم أرد بغيرها في كل مكان، ألا خير في ناكر جميل أو أصل.. لا خير ولا أصالة في ناكر فضل الوالدين، لا خصال خير في من زرعه الله، في أرض الله، ما لم يكن أصيلا في جذوره وثمره. و»بالعربي الفصيح» لم تقدم أي دولة عربية -قيادة وشعبا- من «المحيط إلى الخليج»، ولا أي أمة من بلاد «خير أمة أخرجت للناس» لمن هم ليسوا بمواطني تلك الدول كما قدّم هذا العرين الهاشمي لكثير من العرب والمسلمين. يحزنني الأمر إلى حد رفض الإتيان بأمثلة تتعلق بالجنسية أو العرق أو الدين أو الطائفة، لكن كوني أحمل بعرفان وامتنان ما هو أبقى من «رقم» متسلسل أو متغير، أنصح «المعنيين» بشؤون الزيارة والإقامة والمواطنة والتقاعد لا بل وحتى عبور الترانزيت -في جميع أنحاء العالم- انصحهم باعتبار المواطنة التزاما أخلاقيا تعاقديا عماده التعبير عن الانتماء عملا لا قول ا. فما بالك إن ضنّ البعض عن الانتماء لأرقام يحملونها حتى بالقول، لا بل حتى بالمجاملة، حتى لا أقول بالنفاق! بئس ناكر الجميل، قليل الأصل.. تلك هي الأصول التي تعنينا، هنا وهناك..