وترجل عميد الصحافة اللبنانية والعربية عن صهوة قلمه الملتزم

اخبار البلد- ترجل عميد الصحافة اللبنانية والعربية، طلال سلمان عن صهوة قلمه الملتزم بقضايا الوطن والناس، ذاك القلم الهادر الذي عانق القومية العربية والقضية الفلسطينية طيلة مسيرة كفاحه التي بدأها في عام 1956 في جريدة الشرق، وهو الذي أصدر في عام 1974 صحيفة السفير التي حملت شعار "صوت الذين لا صوت لهم" وسعت لتعميم الثقافة الوطنية القومية وكانت قضية فلسطين متكأها الأول، ورفدها سلمان بملحق شهري سمي "ملحق فلسطين".


ولماذا فلسطين؟ قال لنا سلمان "لأن زماننا يبدأ بفلسطين ويمتد مع فلسطين من الماضي إلى المستقبل الذي سوف تشكله فلسطين بموقعها فينا وموقعنا منها.. تكون فلسطين فنكون بها، تحضر فلسطين فيحضر التاريخ جميعا، تغيب فلسطين أو تغيَّب فنغيب عن المستقبل جميعا".


صحيفة السفير التي شُبهت بربطة الخبز بالنسبة لقرائها في لبنان والوطن العربي، والتي يجب تأمينها عند مطلع كل نهار، غطت محطات تاريخية ومفصلية، منذ انطلاق عددها الأول في السادس والعشرين من آذار 1974، الذي تضمن مقابلة مطولة مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، الذي وصفه سلمان بالقائد الذي قدر له أن يسهم في صنع مرحلة هي غاية في الأهمية من تاريخ القضية والأمة.


تنقل سلمان في كل ميدان له علاقة بقضية الأمة العربية وفلسطين، طاف على قواعد المقاتلين، والتقى قادة الثورة الفلسطينية، وكان من ضمن مؤلفاته العديدة كتاب "مع فتح والفدائيين".


قاوم سلمان الإسرائيليين عند اجتياحهم بيروت في عام 1982 لا سيما بعد صدور أمرهم بتوقيف الصحف اللبنانية قسرا عن الصدور، إذ رفضت "السفير" الإذعان وأخذت أسرة الأربعين شخصا قرارا بالصدور للتاريخ، وأطلقت في الرابع من آب 1982 إعلانها الصارخ "بيروت تحترق ولا ترفع الأعلام البيضاء".


افتتاحية السفير التي خطها سلمان في أعداد صحيفته الصادرة على مدى عقود كانت جريئة إلى حد عرضته لأكثر من محاولة اغتيال، لكنه لم ينحن ولم يتراجع، ولم تكن الصفحة الأخيرة الموقعة بكاريكاتير ناجي العلي بأقل جرأة وهو يختزل المشهد السياسي اليومي في البلاد ولطالما قُرئت الجريدة بدءا من تلك الصفحة.


هكذا أيضا، وبعد مسيرة صحفية امتدت 42 عاما، وحين تعثرت "السفير" ماليا بسبب الأزمات الاقتصادية والمالية التي عصفت بلبنان والتي انعكست تحديات صعبة عليها، لم ينحن مارد الإعلام الحر والنزيه طلال سلمان لأي تمويل مشروط بتغيير هوية الصحيفة وتاريخها ومواقفها السياسية الداعمة لقصايا الوطن العربي، فكان القرار الاضطراري بتوقفها عن الصدور بتاريخ الرابع من يناير (كانون الثاني) 2017.


حتى رمقه الأخير دافع طلال سلمان عن تحرير فلسطين وحقوق أهلها المشروعة، دافع عن اللاجئين الفلسطينيين الذين هجرهم الاستعمار الإسرائيلي من بيوتهم وأراضيهم، وفي وطنه لبنان حرص في إحدى مقالاته تحت عنوان "الفلسطينيون جوهرة الشرق الأوسط" على تبيان قدرات الفلسطينيين وحجم الدور الذي لعبوه في الاقتصاد اللبناني، إنشاء المصارف، وطيران الشرق الأوسط، وكازينو لبنان، ومراكز البحث العلمي، وفي النقد الأدبي، والعمل الاذاعي، والموسيقى والمسرح .."


طلال سلمان، أيها المعلم، يا من قلت إن العروبة فلسطين، الوطنية فلسطين، الدين فلسطين، القضية فلسطين، والأمة فلسطين، في رحيلك الأليم "سوف تفتقدك فلسطين".