العسكر حين يُدَرِّسون الأجيال ..!!
الإضراب المستمر لمعلمي الأجيال ، ورفضهم السير بالعملية التربوية والتعليمية بأمانة المهمة الموكولة إليهم رسمياً وإنسانياً ، والطريقة الجافة التي يتعاملون بها مع المقترحات التي تتوصل إليها التدخلات المحايدة من أجل إنهاء الإضراب وثنيهم عن الاستمرار به ، وعدم الرغبة منهم في الحوار المباشر وسماع وجهة النظر الحكومية بصورة واقعية وتحليلية للوضع ألاقتصادي المتردي الذي يعاني منه الوطن وخاصة في ظل وضع عربي متردي وساحة عربية دامية نتيجة الربيع العربي ، كل هذا أدى إلى وقوفنا حائرين بما قد يرضي أصحاب الجميل المعلق في رقابنا نحوهم ، هذه الفئة من البشر الذين أخرجونا من ظلمات الجهل إلى نور العلم والمعرفة ، وجعل الحكومة أيضاً التفكير جدياً بوضع الحلول البديلة فيما لو لم يتم توقف المعلمون عن إضرابهم وعدم العودة إلى سبورة التدريس .
ما يؤسف عليه أن التعامل مع أمن واستقرار الوطن وكينونته بات على مبدأ ' إمسكه من الإيد إلّي بتوجعه ' ، مع تناسي المهمة التربوية والتعليمية الرئيسية والمبجلة نحوّ أجيال المستقبل ، مؤثرين الذات عن الواجب الديني والأخلاقي والإنساني لمهمتهم والأمانة التي عُلِّقَتْ بأعناقهم ليوم الدين وهي التربية التعليم .
مهما كان الوضع الاقتصادي الوطني أو الفردي مزري ومتردي ، فهو أفضل بكثير من أن يكون دموي ' لا قدر الله ' كما هوَّ الآن في بعض الدول العربية التي لم تعتمد حكوماتها مبدأ الحوار والتجاوب مع المطالب الشعبية الملحة كما فعل الأردن عبر قيادته الهاشمية التي لم تتوانى في توجيه تعليماتها في التغيير وتحاول الحكومة تنفيذها حسب إمكانياتها المتوفرة في الوقت الذي تعاني فيه الموازنة الأردنية عجزاً ومديونية ضخمة نتيجة العديد من العوامل العالمية وجيوب الفساد التي أتت على الأخضر واليابس وانتفخت جيوبها وبطونها من قوت الطبقات الفقيرة التي تضخمت أيضاً بعدد العاطلين عن العمل .
أكدت القيادة السياسية العليا في الأردن ومنذ عهد الراحل المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين ' يرحمه الله ' أن الإنسان أغلى ما نملك ' ، وانتهج جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ' أمد الله بعمره ' ذات النهج الحسيني وأكد أن أمن المواطن وكرامته واستقراره بكل النواحي هيّ ' خطٌ أحمر ' لا يمكن القفز عنها بأي شكل من الأشكال .
يجب علينا أن لا ننكر أن جيل اليوم قد أبدع في استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة ، بل وقد علّم أجيالنا نحن من قفزنا عن العقد الرابع من العمر ، ولكن ماذا تعلّم الجيل الجديد من عادات وتقاليد أمتنا التي كنا نفاخر الدنيا بها ..؟؟
هذا الجيل هوّ جيل ' الستلايت والنت والفيس بوك ' ، الذي تجاوز كل القيَّمْ المشرقة في منظومتنا العربية والإسلامية .. فأين هم من التحكم بالذات ..؟ وأين هم من تحديث مقومات حياتنا الاجتماعية بما يتلائم وعاداتنا العربية وقيمنا الإسلامية ..؟
لم يتعدى مفهوم هذا الجيل سوى التهافت على كل ما هوّ جديد في عالم التكنولوجيا دون التفكر بسلبياتها الموجعة التي من شأنها إبادة كل قيّمنا وإنسانيتنا العربية .. وقد تعلم الكثير من هذه التكنولوجيا بايجابياتها وسلبياتها إلاّ مفهوم ' الضبط والربط ' .. المفهوم الذي فقدَّ من مناهج مؤسساتنا التربوية والتعليمية منذُ أن عدلت القوانين وبات التلميذ يتطاول على معلمه والمجتمع بأسره وتعدى ليطال الوالدين .. آن الأوان أن نستعيد هيبة التربية والتعليم ، ' فالضبط والربط ' لهذا الجيل هو أساس تقييم المجتمعات المتقدمة وليس باستخدام التكنولوجيا فحسب ، بل يجب أن يعوا أنه كما لهم حقوق وواجبات على الوطن ، أيضاً عليهم حقوق وواجبات للوطن .
بالتالي مؤسستنا العسكرية وللأمانة هيّ خير من يطبق هذا المفهوم ' الضبط والربط ' بكل جوانبه المشرقة الاجتماعية و الإنسانية وهيّ مصنع الرجال الرجال .. فإن لمّ يكن بمؤسسة التربية والتعليم ، فلابد من إعادة ' خدمة العلم ' من جديد .. لأنها الوسيلة الأنجع في تنشئة جيل قادر على التقدم بأمته .akoursalem@yahoo.com
م . سالم عكور