نتائج «التوجيهي».. النجاح والاخفاق والقبول الجامعي
أخبارالبلد- محور التعليم بشقيه المدرسي والجامعي وملحقيه بالتربية والبحث العلمي، هو القاعدة الأساس لبناء الشعوب وتقدم الأمم، وهو الصخرة الصلبة التي تحمل قواعد التقدم والإزدهار، يمنع العبث بمرافقه أو الاجتهاد بمحتوياته، بل ويمنع العبث بترتيب أبجدياته.
محور مكتمل الأركان ضمن مساق زمني وعمري بالتوازي، حيث تبرع علماء تطور مهارة الأطفال عن دراية وفكر بتحديد العمر الزمني المناسب لبدء تلقي التعليم باشكاله بتدرج يمزج الكلمة بالصورة والحرف لبناء معادلة ذهنية، تتعقد مدخلاتها بتدرج يناسب التطور الفكري، لمنتجات توظف بخدمة البشرية والانسان، فخلايا العقل البشري قادرة على صنع الفرق بعمر معين ودلالات يتخللها أساليب تقييم للاستيعاب والأداء، لإفراز المجموعات البشرية بتكامل وتكافل، فنحن بحاجة لمهارة فردية وجماعية بالأداء بكل مفاصل حياتنا لبناء جيش الوطن الذي يتكفل بتوفير?الأمن والأمان؛ المعلم المتفاني، الطبيب المتميز، المحامي المتيقن، المهندس المثابر، العامل الماهر، الفنان المبدع، الصحافي المتابع، المزارع المنتج وكافة أصناف المهن المجتمعية لصعوبة تفقيطها، والتي تمثل للفرد محطة انطلاق لمشروع عالم بمجال اختصاصه، ضمن مسلسل نظريات التطور التي شكلت الأساس لحاضرنا؛ فهناك مادة ومنهاج غير خلافي، وهناك طالب ومعلم لتحليل معالم المادة التعليمية وتطبيقاتها، إضافة لوسائل التقييم لفرز درجات الاستيعاب حتى تتمكن الشعوب من إتمام رسالتها بعصر متسارع، يحمل صراعات وتحديات، نجتهد بتحليل أهدافه? وحصد محصولها ولا نزاحم لنكون جزء من منظومتها الأدائية بسبب الأنانية وضعف المشاركة.
استطاعت الدولة الأردنية الفتية خلال مئويتها الأولى، إنجاز الكثير بمادة المحتوى لهذا الملف الشائك، فالتاريخ المدرسي والتعليمي شاهد على التطور الإيجابي، منجزات علمية أعطت دفعة قوية، بالرغم من محدودية الإمكانات للعائلة والفرد، كان الأساس بها أن شكل التعليم القبلة الأولى للعائلات الأردنية بكافة مضاربها، فاجتهد الآباء والأجداد لجمع محصولهم وثرواتهم وتسخيرها لتعلم أبنائهم، يبيعون حصادهم وأرضهم استثمارا بأبناءهم، فكانت الفترة الذهبية قبل افتتاح الجامعات الأردنية في ستينات القرن الماضي، لنجد الأوائل الذي خلدوا أعم?لهم بأيقونة الوطن قد تعلموا في الجامعة الأمريكية ببيروت والقاهرة، والجامعات المصرية والسورية والعراقية، مرورا بدول أوروبا الغربية والشرقية، والجامعات المنتشرة في الولايات المتحدة الأمريكية، فكان الموسم الحصادي مؤشرا ومبرْمجا بتضحيات تبذل وعطاء مسترد، وربما تعود ذاكرتي لمنتصف عقد سبعينات القرن الماضي، حيث الجامعة الأردنية الأم تجاهد لوحدها لرفد الوطن بحاجاته، وعندما كانت صفة الندرة تهيمن على كل المهن؛ متطلبات داخلية متزايدة، فرص عمل بدول الجوار، أماكن جذب لهجرة الكفاءات، واقع ساعد بهزات فكرية وارتدادات مجتم?ية؛ ساهم بتحرك حكومي لإنشاء جامعة اليرموك كأساس لولادة جامعة العلوم والتكنولوجيا، لتلبية الحاجة للنهضة والتطور، وما تبعها من تطور رهيب ومتسارع على الملف والمحتوى.
بدأ الوهن ينخر بهذا الملف بعد فترة حصار لمنع تأقلمه أو تقدمه، وتداخلت العديد من المصالح المتضاربة، فتقدمت بأولوية على المصالح الوطنية، حيث انتشرت المدارس الخاصة بعشوائية تحت شعار الاستثمار والتي تباينت أهدافها، ليتبعها حكما انتشار عشوائي غير مبرمج أو مبرر للجامعات الخاصة والحكومية، بتوزيع مناطقي لا يخدم العملية التعليمية، ويتخلل ذلك، تعرض الإقليم الشرق أوسطي لمسلسل من الحروب والصراعات التي أثرت سلبا على جميع مناحي الحياة داخل حدود الدولة الأردنية؛ هجرات ونزوحات، ضاعفت العدد السكاني بفترة وجيزة، ضغطت على ال?نية التحتية بشكل يصعب امتصاص آثاره، لتكون المدارس والجامعات والخدمات الطبية الضحية الأولى، وما تلا ذلك من تراجع وتأثير سلبي على المستوى والأداء، خصوصا أننا نعاني من متلازمة القرارات الفردية في مراكز صنع القرار، التي يصفق لها الأعضاء لأسباب ندركها بسليقتنا، فواقع الحال يشير أن القرارات تؤخذ بمنطق الفرد وتعكس وجهة نظره بصورة حصرية، تطبق بحضوره وتجمد بل وتلغى بغيابه أو رحيله، واقع مؤلم ومؤسف، أبعدنا عن نظريات التطبيق المؤسسية، التي تعنى بالمحتوى لخطط تطرح وتناقش وتدرس وتنقح بعد فلترة دقيقة بمخاض عسير، فتنال ع?امة الإجماع لتصبح مؤهلة للتطبيق، تشتم من بنودها رائحة الحرص الوطني كواقع مجرد من عبارات التنظير، فالخطط عبارة عن مشاريع فكرية قيد التقييم، يتكفل بوأدها عامل الزمن وتواضع الامكانات وضعف مساحة الذاكرة.
مناسبة الحديث التحضيرات المنزلية والوطنية لنتائج امتحانات «التوجيهي» لهذا العام، فالحدث بحد ذاته وأبعاده له منزلة يصعب العبث فيها لنبارك للناجحين الذين يقبعون في دائرة الحيرة على أبواب القبول الجامعي، ونتمنى التوفيق لمن لم يحالفهم الحظ بالمرات القادمة وللحديث بقية.