الأردن يتجه لإنتخابات مبكرة ووزير المالية يهيىء الشارع لجنون الأسعار ويحذر من الدخول في العقدة اليونانية
: إنها إذا لحظة الحقيقة في الأردن.. خرج وزير المالية الدكتور أمية طوقان بالتزامن مع تحول الحراك السياسي إلى فعاليات وإضرابات إجتماعية ليقول وبصريح العبارة: إذا لم نتخذ إجراءات تصحيح سريعة سنتجه إقتصاديا للكارثة وسندخل في ترتيب العقدة 'اليونانية'.
مقاصد الوزير هنا واضحة فالرجل تحدث لصحيفة 'الغد' اليومية الأحد عن تحرير أسعار المحروقات في نيسان (ابريل) المقبل وعن وقف الدعم للأغنياء وتعويض الفقراء متعهدا بأن لا تمس الإصلاحات حصريا الخبز والغاز.
يعني ذلك أن الحكومة تختار توقيتا غريبا للغاية لمصارحة الناس وإبلاغهم بأن الأسعار ستصبح أكثر جنونا إعتبارا من نيسان المقبل، الأمر الذي يبرر سياسيا التسريع بإجراء إنتخابات عامة حتى ينشغل الناس بها فبعض أوساط القرار بدأت تتحدث فعلا عن إنتخابات 'أبكر' مما يتوقع الجميع وهو خيار يعني بأن الوزير طوقان وبعده حكومته سيتخذان القرار الأصعب وهو تحرير أسعار المحروقات وقد يرحلان.
على هذا الأساس هي لحظة الحقيقة فتحرير سعر المحروقات إتجاه هربت منه كل الحكومات منذ عام 2003 وداعبته حكومات معروف البخيت ونادر الذهبي وتغيرت من أجله وزارات عدة مرات وخبراء الخزينة يقولون بأن المسار أصبح إجباريا لكن حتى اللحظة لا أحد يدرس التداعيات أو يستطيع تقديم صورة عن النتائج.
والمفارقة أن أصعب القرارات ستتخذ ـ من سوء حظ الحكومة - في اللحظة التي تحولت فيه حراكات الشارع من الهتاف السياسي إلى الهتاف المطلبي المعيشي فقطاع المعلمين يدخل السياسة من أوسع الأبواب وهو يصرح بسعيه لإسقاط الحكومة إذا لم تغط الظلم التاريخي الذي لحق بالمعلم وتزيد رواتب المعلمين بنسبة 100.
وأمس أعلن زعيم الحراك التعليمي مصطفى الرواشده بأن إضراب المعلمين سيتواصل.. قال الرجل ذلك ردا على وزير العمل ماهر الواكد الذي كان يلمح مساء السبت إلى قرب إنفراج أزمة المعلمين وتوقيع بروتوكول متفق عليه معهم حتى يعود التلاميذ للدراسة في مدارس الحكومة المتعطلة للأسبوع الثاني على التوالي.
بوضوح يقول المشهد المحلي الأردني اليوم أن تمكن المعلمون من 'لي ذراع' الحكومة وإجبارها على مضاعفة رواتبهم سينتهي بتحشد كادر القطاع العام على الدوار الرابع حيث مقر رئاسة الوزراء لتقليد الحراك التعليمي وهو ما تخشاه أوساط القرار.. لذلك تبدو أجندة تبكير الإنتخابات هي الإتجاه المرجح لإحتواء ما يتفاعل في الشارع.
لذلك إجتمع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمس بأعضاء مجلس النواب المنقسمين فيما بينهم على ملفات الفساد وأقام لهم مأدبة غداء ثم حثهم على التسريع في الإهتمام بواجبات التشريع وتحديدا تلك المتعلقة بتشريعات الإصلاح السياسي وأهمها تشريعات العملية الإنتخابية الجديدة.
هنا المطلوب واضح وهو تجنب الغرق في وحل ملفات الفساد وإستغلال الوقت المتبقي على عمر الدورة العادية للبرلمان لتجهيز البلاد لإنتخابات 2012 التي لا زال البعض يشكك بإمكانية تنظيمها فعلا في التوقيت المعلن.
.. هذا الوقت لا يتجاوز ثمانية أسابيع مما يعني أن البلاد بصدد التسارع إصلاحيا على أمل حصول شيء ما في الشارع والظرف الموضوعي لكن كل المؤشرات ترجح بأن حزمة الدكتور طوقان القاسية التي يهيىء الرأي العام لها ستزيد القسوة على مشهد قاس في الأساس ومفتوح على كل الإحتمالات.