إيجابية البنوك لتقديم التمويل..

أخبار البلد- في إحدى جلسات المؤتمر الثامن لرجال الأعمال والمستثمرين الأردنيين الذي التأمت أعماله أمس، استعرض محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور عادل شركس ميزات القطاع النقدي الأردني واستقراره وأهمية القطاع المصرفي المحلي ودوره كلاعب اساسي في عملية التنمية الاقتصادية على الصعيد الوطني، وأيده في ذلك رؤساء تنفيذيين للبنوك المحلية الذين أبدوا استعدادا لتمويل مشاريع استثمارية حيوية منفردين او على شكل تجمع مصرفي.
ليس منا من يشكك في استقرار القطاع المصرفي المحلي بالرغم من كل الظروف التي تحيط بالاقتصاد الوطني الذي يعاني مشكلات متعددة على رأسها ارتفاع مستوى المديونية وزيادة نسب البطالة وغيرها، اضافة الى ان البنوك المحلية تعمل باستمرار على مواكبة التطورات الحاصلة في هذا القطاع على الصعيد العالي، وقامت بشكل جيد بتسخير التكنولوجيا لرقمنة خدماتها واتاحة الخيارات المتعددة امام المستفيدين لاختيار الانسب لهم لاداء معاملاتهم المصرفية، عدا عن قيامها بالتوسع من خلال نشر فروعها في كافة مناطق المملكة.
أضف إلى ذلك فقد كان القطاع الاكثر ربحية مقارنة مع القطاعات الاقتصادية الاخرى على مدار سنتين تقريبا في ظل ارتفاع اسعار الفائدة الذي أقره البنك المركزي وعكسته المصارف على المقترضين، وهذه الارباح جاءت بنسب غير مسبوقة.
الطرح السخي الذي قدمته المصارف امس امام ثلة من المشاركين في اعمال المؤتمر ومعظمهم من رجال الاعمال، مؤشر واضح على رغبة المصارف بتعزيز انخراطها اكثر في الاقتصاد الوطني، لضمان استمرار تحقيقها للربحية عند هذه المستويات التي وصلتها في العام 2022 ومتوقع ان تحققها في العام 2023، او ما يقاربها نسبيا في النمو.
هذه الرغبة ممكن ان تقرأ بعدة تفسيرات، اولها ان البنوك تريد ان تعيد النشاط لعملياتها من خلال تقديم تسهيلات ائتمانية للمشاريع الكبرى مع تشددها في الضمانات، ولكن باسعار فائدة جاذبة للاستثمار، فقد كان ملفتا ان المصارف تدرك تماما ان اسعار الفائدة الحالية تمثل عبئا على المستثمرين ذلك انها تزيد كلف استثمارهم بشكل كبير جدا ومرهق لهم.
اما التفسير الاخر، فهو ادراكها ان سلعتها الوحيدة التي تتاجر بها وهي الاموال، ستصبح في المستقبل القريب مستنزفة لارباحها الحالية، ذلك ان معظم المصارف المحلية تعاني من تكدس الودائع وزيادتها مقارنة مع السنوات السابقة، مع التزامها بسداد الفوائد على الايداع، في المقابل هناك إحجام واضح عن طلب تسهيلات مصرفية في ظل الارتفاع الكبير في اسعار الفائدة، اي عدم توازن بين عرض الاموال لديها والطلب عليه، ما يؤدي الى تراجع مستوى الربحية في المستقبل المنظور.
وهناك من يرون ان هذا القطاع يريد ان يعود لممارسة نشاطه كونه الذراع الاساس في اي تعزيز النشاط الاقتصادي في اي من دول العالم وركيزة اساسية في تحقيق التنمية الشاملة، كما انه احد اهم وابرز محددات الاستثمار في اي اقتصاد.
مهما كانت الاسباب، فان هذا العرض السخي من المصارف يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار وبشكل جدي، لكن على البنوك المحلية ان تدرك تماما بان سياسة التشدد مطلوبة وهي التي تُبقي القطاع محصنا امام اي تغيرات او مؤثرات سلبية على الصعيد المحلي او الاقليمي اوالعالمي، أما ابقاؤها على سياسة الزيادة المتتالية في اسعار الفائدة دون ان تبحث عن بدائل لهذا الامر من خلال عروض وخدمات مصرفية اقل كلفة سيوصلها الى تحقيق الحد الادنى من الارباح بعد تعطل عملها الرئيسي والمتمثل في نقل الاموال من قنوات الادخار الى قنوات الاستثمار.
معاناة الاقتصاد تتمثل في نقص التمويل وارتفاع تكاليف الاموال بصورة جلية، وان السوق تحتاج الى تحقيق نوع من التوازن، وهذا دور المصارف الأساسي.