تحذيرات.. على إشارات «التوجيهي»!

أخبار البلد- نجحنا جميعا ولم يفشل أحد، فحتى تعذّر الحصول على إجازة عبور جسر «التوجيهي» ليس بنهاية المطاف. ما هي إلا مرحلة إعداد، فإن تعثّر أحدنا، أخذنا بيديه وبأيدي ذويه إلى عام يتحقق فيه نجاح أحلى وأكبر.

وليسمح لي أحبتي الكرام، إخوتي قراء الدستور الغراء، بالقيام بأعمال الدوريات الراجلة المتقدمة في استعارة لما يقوم به إخوتنا نشامى الأمن العام. حال الأردني في حله وترحاله، كما عيون الأردن الحبيب الراصدة دائما لكل ما يزيد أفراحنا ويحاصر ما سواها، بلا هوادة..

مما نفاخر به كأردنيين في المهجر، علوّ كعب معلمينا وطلابنا، علو شأنهم استنادا إلى قوة عزمهم وشكيمتهم. لا نعرف التراخي أبدا، فنعمل ونجهد ونجاهد أن نبني على كل نجاح نجاحا أكبر، والأهم أن نحوّل كل حجر عثرة «ستامبلينغ ستون» يعاند قدمنا، إلى حجر بناء «بيلدينغ بلوك».. استخدمت مرارا هذا التشبيه في الرد على ترهات وشبهات المتشبهين بالرجال -رجال الشأن العام- من بعض رواد الفضائيات الهجينة والمنصات الطارئة.

ليس سرا أن موضات وتقليعات ما أنزل الله بها من سلطان، جراء لعنة الكائن المهجّن (عولمة اليسار المنحل المختل)، ليس سرا أنها تطرق أبواب مجتمعاتنا في هذا الشرق المبارك بقوة، في العقدين الأخيرين، مطلع الألفية الثالثة.

من تلك التقليعات موضة بدأت بالتفشي إلى حد مرعب في أمريكا، وهي الإقلاع عن التعليم الجامعي. بدأت الموضة بالتخلي عن أحلام و»أوهام» التعليم الجامعي العالي. كانت بلاد العم سام مشهورة بين جامعات العالم بالاختصاصات المزدوجة، كتحصيل شهادتي ماجستير في فترة زمنية واحدة. تحت ذريعة الكلفة المالية وفوائد القروض وعدم إسقاطها في حالة إعلان الإفلاس، تراجعت نسبة الحاصلين على الشهادات العليا بين الأمريكيين عن معدلاتها ما قبل العولمة!

بلغت نتائج هذه القيادة اللامسؤولة والمتهورة بعد تقاطع ما يوازي التوجيهي في النظام التعليمي الأمريكي، انعطافات ومنحدرات لم يتخيلها أحد، تمثلت بتراجع مستويات الدراسة الجامعية الأولى، لا بل وحتى اجتياز امتحان الثانوية العامة، بما فيه المجاز إنجازه عبر آليات الدراسة عن بعد ومنزليا بالكامل، بحيث يكون أحد الوالدين هو مدرس جميع المواد ومدير «المدرسة-البيت»!

من المسابقات التعليمية التلفزيونية الشهيرة منذ عقود في أمريكا، مسابقات التهجئة المعروفة باسم «سبيلنغ بي» بمعنى «نحلة التهجئة»! صار الخطأ في التهجئة واستخدام بعض المفردات الهابطة محل تندّر حتى في صفوف المتراشقين في الحملات الانتخابية على جميع المستويات، بما فيها الرئاسية!

حذاري وحذاري ثم حذاري من هذه الموضة شديدة السميّة.. لنقطع الطريق على أي فحيح يبخ سمه باسم حرية التعبير أو التجريب وما هو سوى تقليد أعمى وانسحاق وهوس ثقافي لا مبرر له. نسأل الله أن يزيدنا علما وعملا بما ينفعنا وينفع الناس أجمعين، بما يرضي رب العالمين سبحانه..

الانقطاع عن الدراسة ولو بحجة تقليد «رواد الأعمال» يحمل مفاسد أكثر من مكاسب. هذه مرحلة عمرية حرجة، بحاجة إلى إشغال دائم ذهنيا وجسديا. حتى المواءمة بين الدراسة والعمل اتضحت نتائجها الكارثية في أمريكا التي أدت إلى الحصول على الشهادة الجامعية الأولى بثمانية أعوام بدلا من ثلاث أو أربع سنين. حملت تلك النتائج أضرارا جانبية أكثر خطورة، كالزواج قبل أوانه وما شابه، مما يفت ك بالنسيج الأسري الاجتماعي. هي قضية أمن فردي وجماعي وقومي بامتياز. فالتراخي بإحدى منظومات المجتمع له تداعياته الكارثية على غرار انهيارات الدومينو! لنبقِ منارات التربية فالتعليم الأردني النوعي المتميز حصون ودروع، فهي سر قوتنا الناعمة والخشنة أيضا..