القمة الثلاثية: دلالات خاصة بالتوقيت وتنسيق متواصل لتأكيد الثوابت الفلسطينية

أخبار البلد - أكد مراقبون، أن القمة الثلاثية بين الأردن ومصر وفلسطين، تمثل أهمية كبرى، ولها دلالات خاصة من حيث التوقيت، في ظل التنسيق المتواصل بين الدول الثلاث لحل القضية الفلسطينية التي تعد الأولوية، وأهم القضايا الرئيسية على كل محفل.

 

وأوضحوا في احاديثهم، أن القمة عقدت للتأكيد على ثوابت الفلسطينيين بحقهم في إقامة الدولة، مستقلة ومعزولة عن الهيمنة الإسرائيلية، مؤكدين أن القمة عقدت في وقت صعب للرد على الانتهاكات التي تزاولها إسرائيل ضد الفلسطينيين.
 

وفي هذا الصدد، يقول الوزير الأسبق هايل داوود، إن انعقاد القمة الثلاثية يبعث برسالة لإسرائيل، بأن الأردن ومصر توليان اهتمامًا بالقضية الفلسطينية، ولا يمكن الحديث عن سلام دائم واستقرار في المنطقة من دون وجود حل عادل للقضية يستند إلى القرارات الدولية، ومبادرة السلام العربية، واقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967.

وتابع داوود: "رغم أن التطورات الإقليمية والدولية على الساحة العالمية والداخلية في إسرائيل كانت تقلل من مركزية القضية الفلسطينية، في ظل وجود أكثر حكومة اسرائيلية متطرفة، جاء انعقاد القمة في هذا الظرف المهم، الذي يتطلب التنسيق والتشاور المستمر بين قوى ثلاث مهمة ومعنية بالقضية الفلسطينية.

وأضاف: "الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني لديها علاقة قوية ودور تاريخي ورؤية بشأن القضية الفلسطينية، وبالتالي هذه المسؤولية التاريخية على الأردن يفرض التشاور المستمر وبشكل دوري بين الدول الثلاث".

وأوضح أن هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها التشاور، لكن يمكن القول إنه باتت هناك آلية ثلاثية تضم الدول الثلاث، وهذه الآلية من الطبيعي أن تكون لها اجتماعات دورية بين قادة الدول الثلاث؛ لمتابعة تطورات القضية الفلسطينية وتأثيرات البيئة الإقليمية والدولية على هذه القضية.

بدوره، اشار السفير السابق سمير مصاروة الى أن القمة أكدت أهمية صناعة السلام العادل والشامل في المنطقة، وإعادة الروح لمشروع حلّ الدولتين، كونه يشكل الصيغة الوحيدة المقبولة على المستوى العربي والدولي والفلسطيني، قبيل انطلاق الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، في أيلول المقبل، في نيويورك.

ويضيف مصاروة إن الموقف العربي الثلاثي، سيحاول إقناع واشنطن بأهمية وضرورة إطلاق العملية السياسية، وعدم الاكتفاء بإجراءات بناء الثقة، على الصعيد المالي، وبعد ذلك يمكن للموقف العربي، مسنوداً بموقف أميركي إيجابي أن يضغط على الحكومة الإسرائيلية بحيث يجبرها على دخول المسار التفاوضي.

وتابع: "القمة الثلاثية جاءت استكمالا للقاء الذي جرى عقده الأسبوع الماضي بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأكد على أهمية أن يكون هناك حشد دولي من أجل إيقاف الانتهاكات الإسرائيلية أُحادية الجانب".

من جهته، أشار النائب السابق حابس الفايز الى "أننا أمام مرحلة سياسية تتطلب تعزيز هذه الشراكة والتنسيق والتعاون بين القادة الثلاثة ووزراء الخارجية، من أجل تفعيل العلاقات العربية والإقليمية والدولية؛ لتوفير مناخ وبيئة مناسبتين لإطلاق عملية سياسية ومفاوضات جادة تستند الى الشرعية، وإلى المرجعيات الدولية برعاية الرباعية الدولية".

وتابع الفايز: "القمة الثلاثية عقدت في مرحلة شديدة الخطورة وشديدة الحساسية، في ظل هجمة إسرائيلية متواصلة على الفلسطينيين، وتصعيد للعدوانية الإسرائيلية المتطرفة التي تتحكم في مسار السياسة الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني، وتنكر حقوقه".

وأضاف: "القمة تهدف أيضا الى حث الإدارة الأميركية الحالية قبيل انتهاء فتره ولايتها على الوفاء بوعودها، بالحفاظ على حل الدولتين، من خلال خطوات عملية تضع حدا للسياسة الاستيطانية العنصرية المستمرة في جميع الأراضي الفلسطينية، خاصة في القدس، والعمل على فتح مسار سياسي يفضي إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وحق العودة للاجئين".

المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات قال إن هذه القمة تأتي في توقيت عصيب على الفلسطينيين، بحيث يتصدر المشهد السياسي في دولة الاحتلال حكومة عنصرية شوفينية تدعو لترحيل الفلسطينيين، وتهويد وأسرلة المدن عبر إجراءات تصعيدية يومية على أرض الواقع تتضمن انتهاك حرمة المسجد الأقصى، بناء المستوطنات في أراضي الفلسطينيين، وعدم الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية، ولا باتفاقية أوسلو ولا حتى بمرجعية مدريد.

وتابع الحوارات: لا توجد مرجعية معترف فيها من قبل هذه الحكومة. وهي تقوم بعملية تصعيد ممنهجة، غايتها النهائية إنهاء أي فكرة للحل على أساس الدولتين، وايضا على في أساس الدولة الواحدة، وتكتفي بالحل على أساس اقتصادي مبني على جزر فلسطينية لا تتجاوز حقوقها عن حقوق البلديات، وهذا الامر حقيقة ينذر بالخطر، بخاصة أن المجتمع الدولي منغمس ومنشغل بالقضية الأوكرانية، والحرب هناك، ومنشغل بما يحدث في أفريقيا من انقلابات وحروب أهلية، كما أن العالم بدا أكثر اهتماما بقضية المناخ والتغير المناخي والاحترار الأرضي، أكثر من القضية الفلسطينية وقضايا المنطقة.

وأضاف "تأتي هذه القمة في إطار تصعيد إسرائيلي في المنطقة، والحديث والتلويح عن احتمالية تفجير الوضع في جنوب لبنان وسورية، وبداية بدء الانتخابات الأميركية، والإنشغال الأميركي بها، الى جانب انشغالها السابق بأوكرانيا، ولن يكون على جدول الانتخابات وجود حقيقي للقضية الفلسطينية او حلول لها، وربما تكون القضية الوحيدة في الشرق الأوسط الحاضرة حاليا، هي الملف النووي الإيراني".

وبحسبه، فإن نتيجة هذه القمة، يمكن أن يحقق إصرار الدول الثلاث فيه المسار الوحيد للحل الفلسطيني، بإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإنهاء الاحتلال والتغول الإسرائيلي، وحث المجتمع الدولي على إيجاد تسوية عادلة وشاملة تنهي الصراع على أسس الشرعية الدولية لحل القضية الفلسطينية، ويعيد التأكيد أن الحل الاقتصادي لن يجدي، وأن الحلول الجانبية التي لا تؤدي لإنهاء الصراع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لن تجلب السلام للمنطقة.

وأكد أن الشيء الوحيد القادر على جلب السلام للمنطقة، هو الحل العادل مع الفلسطينيين، وسواه سيبقي الأمور مشتعلة ومن دون حل، وستبقى المنطقة قابلة للاشتعال والتفجر في أي لحظة وفي أي نقطة مفصلية.