أهمية اجتماع دول بريكس في جوهانسبيرغ

أخبار البلد- كشفت الأرقام الأخيرة عن تفوق مجموعة " BRICS"  (الصين ،روسيا ،الهند،البرازيل،جنوب افريقيا ) لأول مرة عن دول مجموعة السبع الأكثر تقدما في العالم (فرنسا، اميركا، بريطانيا، وألمانيا، واليابان، وإيطاليا، وكندا)، بعد أن وصل مساهمة "بريكس" إلى 31.5 بالمئة في الاقتصاد العالمي، مقابل 30.7 بالمئة للقوى السبع الصناعية.
التقديرات الجديدة لحجم الاقتصادات في المجموعتين حملت دلالات مهمة مع اقتراب موعد انعقاد  قمة دول بريكس في جوهانسبيرغ عاصمة جنوب افريقيا في الـ 22 من شهر اب / اغسطس الحالي لمناقشة عدد من الملفات ابرزها التبادل التجاري بالعملات المحلية لدول المجموعة الى جانب النظر في طلبات 40 دولة ترغب في الانضمام لمجموعة بريكس؛ ما يعني التوسع في النظام المالي الجديد واعطاء قوة دفع لبنك التنمية الجديد التابع للمجموعة الذي يفترِض انضمام الدول اليه مسبقا قبل المضي في اجراءات الانضمام والعضوية للمجموعة وهو ما قامت به مصر مؤخرا . 
دلالات مهمة اكتسبها اجتماع دول بريكس الذي اعقب الاشتباك التجاري القصير بين ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترمب والصين نهاية حقبته الرئاسية 2020؛ ومن ثم التوتر الكبير الذي تبع الحرب الاوكرانية 2022؛ والقيود التجارية والمتبادلة بين الصين والولايات المتحدة في عهد ادارة الرئيس جو بايدن التي كان آخرها يوم الخميس الفائت، فرض فيه قيودا امريكية على الاستثمار في قطاع اشباه الموصلات الصيني مقابل فرض الصين قيودا على تصدير معدني (الغاليوم والجرمانيوم) اللذين يُعدان مفتاحا لتصنيع الإلكترونيات وأشباه الموصلات، علما ان الصين تبلغ حصتها من انتاج الجرمانيوم 60% ومن الغاليوم 80% من حجم الانتاج العالمي.
العالم اشد استقطابا مما كان عليه قبيل الحرب الاوكرانية والعقوبات على روسيا والقيود التجارية على الصين؛ وهو استقطاب يدفع نحو تشكل نظامين اقتصاديين متوازيين ومتداخلين الاول تسيطر عليه مجموعة السبع والثاني تسيطر عليه مجموعة بريكس؛ ما يوفر خيارات جديدة للدول النامية والصاعدة والراغبة في التحرر من القيود الموجودة في النظام الذي تفردت الولايات المتحدة في قيادته عقب انتهاء الحرب الباردة والذي بات مثقلاً بالعقوبات والقيود التي افرطت اميركا في استخدامها .
النظام الجديد الذي تطرحه دول بريكس الموازي لمجموعة السبع لن يناقش عملة جديدة ولكنه سيناقش التوسع في التعامل التجاري بالعملات المحلية وعلى رأسها اليوان الصيني والروبل الروسي  والروبية الهندية والريال البرازيلي ومناقشة نظم تحويل مالي جديدة تكسر الاحتكارات الامريكية والاوروبية في دول مجموعة السبع .
قمة جوهانسبيرغ تتميز بإقبال شديد من الدول الطامحة والصاعدة بالانفتاح على الخيارات التي تقدمها مجموعة بريكس بثقلها الاقتصادي لتضيف بذلك قوة دفع مهمة خصوصا ان السعودية والجزائر وايران وتركيا وكازخستان من ضمن الدول المهتمة بالمجموعة ونشاطها . 
العالم ما بعد الاشتباك التجاري الصيني الامريكي وما بعد وباء كورونا وحرب اوكرانيا اكثر انفتاحا على التعددية الاقتصادية التي تفتح الباب لخيارات جديدة لسلاسل التوريد وللنظم المالية وخصوصا التحويلات وللاسواق كالطاقة والغذاء فالصين تملك ربع انتاج العالم من الحبوب وهي الى جانب روسيا والبرزايل والهند تتحكم بما يقارب نصف الانتاج العالمي.
مجموعة البريكس ليست مجموعة هامشية يمكن تجاهلها؛ وما ستناقشه في جوهانسبيرغ وما ستقرره في اب / اغسطس الحالي سيكون له انعكاسات مهمة على الاقتصاد الدولي وتوزيع القوة فيه وهي قمة يترقبها العالم باهتمام شديد، فإما ان تكون عنوانا لنجاح وكسر الاحتكار العالمي الامريكي او عنوانا لفشل لن تقبل به او تستطيع تحمل عواقبه الصين وروسيا ومن ورائهما الهند والبرازيل وجنوب افريقيا.