«والله لنكيّف»!

أخبار البلد- 

تلك من التعليقات المحببة باللهجة الأردنية التي بدأت تعليقا عفويا في حوار نكاد لا نعرف لا أصله ولا فصله. لكن لعفويته لامس القلوب، فصار ما يعرف بالميم الاجتماعي، الاقتصادي وحتى السياسي!

يبدو أن شهرة رواج تعليق «والله لنكيّف»، لم تأت من المألوف بل من نقيضه. كما لو قال أحدهم تعليقا على موجة التحذيرات الصادرة عن موجة الحر القياسية التي ستعبر بلادنا من السبت حتى الثلاثاء على أبعد تقدير.

قياسية وعابرة. سمتان قد تهدّئا من روع البعض الذين يحبون الإثارة ويؤثرون الفزع والهلع من كل شيء، لأسباب عادة ما تكون ذاتية. عجيب هو إصرار البعض على إدامة الشكوى، والعجب العجاب وحدة الشاكين حتى في سرديّاتهم وخلاصاتهم «الخنفشارية»!!

يوفر ركوب التكسي الأصلي خاصية الدردشة السلسة وأحيانا الإجبارية ومن طرف واحد! موضوعان خفيفان على اللسان، أجمع عليه قادة الناقل الأصفر: الحر والازدحام. كشكل من أشكال الاحتجاج الناعم على نبرة الشكوى المتفشية أفقيا وعموديا في مجتمعنا الطيب الفضفاض في فضفضته، ردي على الشكوى الأولى جاء بتوظيف أحد مفردات حصادنا الثقافي الوطني: والله لنكيّف!

«كيف بالله؟!» سألني أخ سائق باستهجان لامس الاستنكار! فأجبته لولا الحر الطبيعي الموسمي لما كان التين والعنب، والصبر والبطيخ -أصفره وأحمره-،والخروب والرطب والتمر، وجميعها من مكملات صيامنا السنوي المبارك. فما بالنا لا نطيق صبرا؟!

أما الرد على شكوى الزحام الذي يعيق الحركة فتطلب الأمر البدء بخير الكلام، حمد رب الأرباب رب العالمين على نعمته. لولا الأمن والحركة الاقتصادية لما كان ازدحام. وما كان ازدحام ولا انسداد لو التزم الكل بمسربه.. بل قل، لولا نعمة الكهرباء لما كانت أيّ من النعمتين-»الشكوتين» اللازمتين قائمة أصلا! انظر حولك فترى..

للأمانة، كثير من هذا الحوار الحقيقي وبأكثر الدرجات دقة، انتهى بتغيير الموضوع والنبرة.. تبادلت والأخوة السائقين -من زوايا عمّان الحبيبة الأربع- لمع الأخبار ومنها ملفات شغلت الرأي العام شهرا أمضيته بين الأهل والأصدقاء. من بينها مشاريع قوانين شغلت حيزا من النقاش العام والسجال والجدال الذي لا يفسد للود قضية.

قضيتنا في كل ما طرح، لا تخرج عن مفهوم «التكيّف». التكيف والتأقلم والمرونة والمناورة والمثابرة من أسباب البقاء. وليس أي بقاء، بل نجاح وتميّز في الميادين كافة، بعون الله.

والله لنكيّف كلنا، إن كل واحد منّا تكيّف! إن لم يكن في قدرتي شراء مكيف أو تشغيله، مازالت أشجارنا واقفة وارفة.. واقفة بعز وإباء، ووارفة الظل والظلال..