شتان بين الطلقة و«الفشكة»!

أخبار البلد- قبل رشفة قهوة الصباح الأولى طالعتني فضائية أردنية بخبر محلي صاعق وإن كان ليس بخبر. جريمة قتل الناس عمدا رميا بالرصاص ما عاد خبرا لكثرة تكراره. لكنه صعقني كأب عندما علمت مع سريان الشريط الإخباري أن القتيل رضيع وأن ميدان الرماية المزار الجنوبي حيث أضرحة الشهداء.
اللهم أفرغ صبرك على ذوي الشهيد المغدور. اللهم ألهمهم عدم إسقاط حقهم الشخصي، فلدي حق عام أيضا كأردني وكإنسان بأن يقدّم القاتل -أيا كان وإن كان قريبا من الدرجة الأولى- إلى العدالة.
أيا كانت ظروف انطلاق تلك الرصاصة فما هي سوى فشكة فارغة كرأس مطلقها، فارغة خاوية من أي إدراك، من أي إحساس بأمانة الروح والحياة وحتى أمانة امتلاك طلقة. الطلقة غالية عند الفرسان، عند الرماة المحترفين لا الهواة الذين يتعاملون مع السلاح غواية، لا احترافا ولا حتى هواية.
كاتب هذه السطور عضو في رابطة البنادق الوطنية. كمقيم شرعي ومن ثم كمواطن أمريكي، لدي حق في امتلاك السلاح واقتنائه ضمن ضوابط صارمة.. رغم كون المادة الثانية من التعديلات الدستورية الأمريكية تحمي الأمريكي مواطنا ومن قبل بمجرد كونه مقيما شرعيا، تحمي الحق في اقتناء السلاح ولا يسمح تحت أي ذريعة ب «التعدي» على ذلك الحق من أي جهة كانت، على مستوى الولاية أو فدراليا.
ورغم كثير من الفوارق بين قوانين السلاح في دول العالم فإن الفوارق الأكثر عمقا وأهمية هي الفوارق الثقافية. نعتز أيما اعتزاز بالسلاح كعرب. لكن من يعي قيمته يعلم منذ نعومة أظفاره أنه أمانة ورسالة لا مجرد حديد وبارود. تعلمنا في بيوتنا وديرتنا أن ليس كل شخص جديرا باقتناء سلاح فما بالك بحمله.
لم تقصر أجهزة الدولة في تشريع وتطبيق القوانين الخاصة بالسلاح، لكن ومن باب اختصاصي ومهنتي، أرى تقصيرا في الجانب الثقافي والمعرفي. كثير من جرائم القتل -وأصر على كونها جرائم قتل عمد- كثير منها في الأصل روحية أخلاقية. ابحث عن جذر الجريمة، تراها انتفاخا في الأنا وكبرا اجتماعيا وكبرياء وخيلاء في الروح..
إن كنا نعتز بالفرسان الحقيقيين في ساحات الجهاد والنضال بالقول «وما رميت إذ رميت»، آن الأوان أن نواجه أولئك القتلة بأن الشيطان من رمى بأيديهم، أفلا تبّت أيديهم.. فشتان بين الطلقة والفشكة!