الرمز والشخصية



قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : - ... وما زال الرجل يصدُق حتى يسمّى عند الله صِـدّيقاً .. – وهذا قول فصل في معنى الرمز ، وقد يكون كذّاباً أو كذوباً كما جاء في الحديث ، وعليه فإن الشخص الرمز هو رمز لقيمة عُليا / سفلى ، وفي التاريخ الإنساني رموز كثيرة لقيم عُليا أولها أنبياء الله عليهم السلام ، وفي العصر الحديث غاندي ، ومارتن لوثر كنج ، وإذا أردنا تعريفاً للشخصية... سواء أكانت عامة ، أم خاصة ، فليس من الصعب ذلك ، وأظن أنه في بال كل واحد منكم تعريفاً خاصاً به ، ومجموع هذه التعاريف لا تصل في اختلافاتها إلى التناقض فيما بينها ، لذلك أقول : إن الشخصية الخاصة والفردية في مجتمعها الصغير هي شخصية الأب ، أو الأم ، وقد يكونا كليهما ، وبتوسع أكبر مساحة يكون الجد ، وهذه الشخصية أخذت احترامها إضافة إلى قرابة الدم ، من مجموع خدماتها المتميزة للأفراد الذين حولها ، أما الشخصية العامة فهي التي منحتها وظيفتها سلطة واسعة لتقديم خدمات أوسع لمجتمع كبير ، متعدد في انتسابه ، متباعد في مواقعه ، لكنه متوحد في جغرافية الوطن ،مع التنبه الى حقيقة ما اصاب هذه الشخصية من خلط اعتباري، يجب عل المجتمع ان يرفضه كمرض عضال،باعتبار ان زعامات اليوم هم رموز الامة بحكم وظائفهم وحاجاتهم لا بحكم واجبهم، فتصدرت الوظيفة بدور الزعامة والرمز وتحصنت من خلالها، مع انه وفي حال التقصير بالواجب فعلى المجموع تصويبها ، ومطالبتها بالحقوق ، وإذا ما استمرت الشخصية العامة بتقصيرها ، عندها عليها أن تتنحى عن وظيفتها ، أو تسقط شرعية حضورها من الجميع ، وليس من الصعب استبدالها بشخصية أخرى بعكس الرمز كما نلاحظ ، وما حصل في ألمانيا قبل يومين اثنين فقط هو دليلنا على ما نقول ، فالرئيس الألماني - كريسيان فولف – قد استقال من منصبه لتهمة الفساد حتى قبل أن تثبت التهمة ، وقال في معرض حديثه عن الاستقالة : إن ثقة المواطنين قد تأثرت .فهل لدى الشخصية العربية الجرأة الكافية على القول والفعل ، واتخاذ كريستيان قدوة لم تزل طازجة ، من هنا ندرك أن سقوط الشخصية بسبب فسادها لا يؤدي إلى زعزعة استقرار الوطن ، بل على العكس من ذلك ، فإن سقوطها ومحاكمتها هو الذي يدعم الاستقرار والأمن معاً ، ولم تر ألمانيا بسقوط هذه الشخصية زعزعة لاستقرارها ، فلماذا نخاف على الوطن من محاكة الفاسدين ، فليسقطوا جميعهم ويبقى الوطن ، إنهم ليسوا برموز ولن يكونوا كذلك ، إنهم شخصيات فسدت في وظيفتها وتحاول ان تفسد ماحولها، وعلينا ان نسقطهم قبل ان يسقطوا الوطن.