أخبار البلد تحاور مدير مكتب القدس العربي بسام بدارين حول جدلية الإعلام والسياسية في الهوية الاردنية
أخبار البلد – حاوره عمر شاهين - في عام 2007 حضرت دورة في البحر الميت عن مراقبة الانتخابات البلدية للمدون والصحافي وبصراحة أذهلت بأسلوب بسام بدارين الذي كان مدربا ومحاضرا وصرت متابعا نهما له لأتعلم أسلوب المقال القصصي،والتقاط ما وراء المشهد الخبري، حتى لو لم تكن لديك مصادرك الإخبارية، ولم اترك مادة له في القدس العربي إلا وأقوم بقراءتها مرتين كي أتعلم من أسلوبه وانشرها كخبر رئيس في موقعي أخبار البلد والرصيف نت ولا أنكر إن قلت إني دوما عندما أجيب عن أفضل كاتب في الشأن الأردني أقول فورا بسام بدارين، ومع أني وجدت منه عدة مرات عدم ارتياح منه باتجاهي في مرتين التقينا قد يكون السبب لمناكفاتي معه في عمون بدايتها، ولكن أقول انه احد أساتذتي الكبار الذين أتعلم منهم الكتابة عن بعد واليوم أواجهه بأسئلة حامية الطرح وجريئة ومتأكد انه سيجيبها وبقوة حالة إرسالي لها. ومن تتبعي له أقول أن صديقنا يملك سعة اطلاع وتحليل يفوق ما يراه الكثيرون هذا عدى أسلوبه السلس الذي وصفته يوما " كتابة خاصة ببسام بدارين".
و يشغل بسام بدارين مدير مكتب القدس العربي من عام 1994 حتى كتابة التقرير.
عمر شاهين - بسام بدراين أنت تعرضت لهجوم شخصي من زملاء لك وبشكل حاد شابه التحريض ضدك بالقتل هل هو بغض شخصي أم لأنك مميز كمندوب للقدس العربي احد أهم الصحف العربية لدى المسئولين ؟
بسام بدارين : الهجوم الشخصي في الواقع من قلة من الزملاء فقط لاحظت مثلا أنهم شخصانيون بالعادة ليس تجاهي حصريا ولكن تجاه الجميع لكني بشكل أوسع أحد الأهداف السياسية المفضلة للعديد من الزملاء والنشطاء السياسيين ولأسباب متعددة أتصور بأن إجاباتي على الأسئلة اللاحقة ستوضحها.
ودعني أولا أفرق بين إستهدافي سياسيا .. ذلك أمر مشروع وأرحب به وبين الجرعة الشخصية في الإستهداف التي تحركها المشاعر او المصالح وأحيانا الأجندات .. إضافة لذلك بعض من لا أستطيع وصفهم بزملاء يهاجمونني شخصيا كما يهاجمون الجميع فالموضة هذه الأيام تشير لإن مهاجمة بعض الأشخاص تفيد في الظهور وجذب الأضواء ليس أكثر .. إنها عند نفر قليل من العابرين إلى مهنتنا الصورة الأمثل للمدرسة الكلبية في الفلسفة وهي تحديدا تضم التلاميذ المتخصصون {بتهميش} إنجازات الآخرين فقط لغرض التهميش ليس أكثر.
عموما لا أتوقع إطلاقا أن يكون المرء صحفيا مؤثرا وموجودا على الخارطة بدون هجوم وحملات وتشكيك وتشويه وإستهداف فتلك كلفة طبيعية لمن يتحرك لأن التصفيق أو الاستهجان مؤشرات حيوية تظهر على المسرح فقط عند الحركة .
وفي الواقع لم يهددني أحد بالقتل بل نشر أحد المواقع الإلكترونية قبل عامين مادة مفبركة وكاذبة عني أعقبها نشر تعليقات على نفس الموقع تهدد بقتلي وقد تصرفت السلطات بهذا الأمر قبل أن يعرض أحد الموتورين وهو للأسف عضو بالهيئة العامة لنقابة الصحفيين يوما مسدسه الشخصي ويضعه فوق الطاولة أمام آخرين في أحد المطاعم ملوحا بإطلاق الرصاص علي في حادث رواه لي بعض الزملاء الحضور .. ذلك ما حصل وأتصور أن التحريض يمكن أن يؤدي للعنف لكني مؤمن بان الأعمار بيد الله وأني وأنت والآخرين سنعيش عمرا واحدا بالتالي لا تقلقني التهديدات.
بالتأكيد للمؤسسة المهمة التي أعمل بها منذ عشرين عاما دور فمن لا عقل له في مجتمعنا يستهدف من يملك عقلا ومن لا يفهم كيف يصبح مستقلا يتآمر على المستقلين والذكي عموما يحتاج يوميا للاعتذار من كل الأغبياء حوله ومسألة تميزي شخصيا لست المعني بتحديدها وتخص الآخرين .. أنا أجتهد والباقي على ألله .
عمر شاهين - من يقرأ لتقارير بسام بدارين في القدس العربي قبل الربيع العربي أو بعده يجد انك حريص جدا على حيادية وشفافية في نقل ما يحدث في الأردن ومع ذلك ظلت العين الأمنية غير راضية عنك فيما يقال أن القصر كان يتابعك ولم تكن له نفس وجهة النظر هل هذا صحيح ؟
بسام بدارين : واحدة من أبرز إشكالات الإعلام في الأردن أن الجهات الرسمية لم تكن يوما موحدة فيما يتعلق بإنتاج {نص صحفي} أو قراءة نص صحفي ومحاكمته .. تحدثت عن هذه المشكلة عشرات المرات وهي مظهر أساسي في مرضنا الإعلامي الوطني سببه الرئيسي تعدد المرجعيات والقراءات الفردية لكبار صناع القرار في مختلف المواقع.
عليه ليس غريبا رصد تباينات في قراءة تقاريري الصحفية والقصص التي أنشرها داخل مؤسسات القرار.. لأتحدث بصراحة : لا أفترض إطلاقا بأن العين الأمنية ينبغي وفي أي مرحلة أن تكون راضية عني فأنا لا أسعى أبدا لذلك ولو حصل الأمر يوما لكان مؤشرا على { خلل ما} وهذا الخلل سيكون عند المؤسسة الأمنية أو عندي فالصحافة والأمن طرفان ينبغي أن يتعاكسا في الاتجاه دوما حتى يستفيد الوطن من محصلة هذا التعاكس .
بكل الأحوال ..نعم العين الأمنية بقيت ولا زالت وستبقى غير راضية عني لكن هذا شيء طبيعي وفي بعض المراحل كان لمؤسسة القصر قدرة أكبر على فهم المعطيات المهنية والعوائد الناتجة عن التعامل الإيجابي مع صحيفة عملاقة مثل القدس العربي فانا لست بسام بدارين الشخص في النهاية أنا أمثل صحيفة أزعم أنها الأكثر تأثيرا في الواقع الإعلامي والشعبي العربي منذ سنوات .
وحتى الآن أجد وفي عملي اليومي قدرا من المرونة والتفهم في القصر أكثر من بقية المؤسسات لكن في بعض الأحيان مارس القصر قراءة قاصرة وغير منتجة لمنتجي الإعلامي أو تأثر بالعيون غير الراضية في مكان آخر ..هذه المسألة مرتبطة دوما بالشخص المسئول في أي مؤسسة وتتخذ شكلا موسميا .. وهنا حصريا تكمن الإشكالية التي أتحدث عنها فالدولة الأردنية لا تقرأ النصوص الصحفية بنفس المسطرة وهنا مربط الفرس الذي يعني بان المصالح العليا للدولة وحتى للنظام تقرأ عندما يتعلق الأمر بالصحافة بالقطعة ووفقا لمزاج او مصلحة المسئول ثم تتغير بتبدل المسئول.
عمر شاهين - تتهم بأنك متحيز لقضايا الأصول الفلسطينية وهذا سبب هجوم بعض يمين الشرق أردنيين من مثقفين وكتاب عليك وخاصة في قضايا سحب الجنسيات يتهموك بأنك تغالي في طرح هذه القضية ولا تقدم وجهة نظر في قوننة فك الارتباط ؟
بسام بدارين : تقديم وجهة نظر في أي قضية ليس دوري ولا أولويتي فأنا لست مفكرا أو موجها للناس ولست صانع قرار ولا أريد أن أكون, وواجبي الأساسي كصحفي نقل الأحداث كما تحصل وما إكتشفته بأن الجدل يثار ضد المراسل الصحفي دوما عندما يقدم رواية {مستقلة} للحدث فما بالك إذا كان الحدث نفسه مثيرا للجدل أصلا من طراز القضايا المعقدة المتعلقة بالعلاقة الأردنية الفلسطينية.
بصراحة أنا لا أغالي في مسألة سحب الجنسيات بل أتهم نفسي أحيانا بأني لا أمنح هذا الملف الحيوي والأساسي والمهم جدا التغطية اللازمة ولعلم قرائك أخي عمر أنا أبالغ فعلا لكن في إخفاء الكثير من أسرار وفضائح هذا الملف ليس من باب الجبن أو الهروب من الكلفة ولكن من باب الإحساس بالمسئولية الوطنية وبسبب حساسية هذا الموضوع .
وثمة ما لم أقله صحفيا بعد في هذا الموضوع وهو موجع ومؤلم جدا خصوصا عندما يتعلق الأمر باستقصاء واكتشاف أدلة وبراهين على أن سحب الجنسيات منهجي ومبرمج ومقصود وليس مرتبطا بإجتهادات الموظفين وبعض الوزراء كما تعتقد الغالبية.
بصراحة أيضا لا أنفي التهمة المشار إليها في مطلع السؤال.. نعم أنا أركز قليلا لقضايا ومطالب النصف الفلسطيني من شعبي الأردني ومن يهاجمني لهذا السبب ويحاول إعاقتي وتشويهي ليس فقط من وصفتهم بزملاء اليمين الشرق أردنيين فلبعض هؤلاء وجهات نظر تقدر وتحترم وتستحق النقاش .
بل الأقسى والأسوأ ضدي هم جزء من كتيبة النفاق والإنتهازية في معسكر الإعلام والسياسة من ذوي الأصول الفلسطينية ولكي أكون واضحا لابد لي أن ألاحظ مثلا هنا بأن من يحرضون الناس ضدي أكثر من الإقليميين الأردنيين هم عدد محدود من الزملاء الفلسطينين الذين لم يولدوا في الأردن أو لم يحسموا بعد {أردنيتهم} مثلي أو من الذين حصلوا للتو على رقم وطني أردني ويعتقدون بأن الحفاظ عليه يتطلب الكذب والافتراء والتحريض ضد أمثالي .
نعم أنا متحيز في عملي لقضايا الأصول الفلسطينية لكن ليس بالتأكيد لأن {جدي الرابع} ولد في فلسطين .. متحيز هنا لأني مؤمن بمسألتين :أولا- هذا الموضوع لم يأخذ حقه إطلاقا من اهتمام الصحافة ,وثانيا – متحيز لأني أردني وهويتي الأردنية مسألة محسومة أبا عن جد ولأني بصراحة لا أرى مستقبلا للأردن قيادة وشعبا بمعزل عن فلسطين شعبا وقضية وقيادة فحتى اللحظة وكأردني {كامل الدسم} حسب تعبير الدكتور أنيس القاسم لم أتخيل بعد مستقبلا مستقلا على جانبي نهر الأردن فانا مع الضفتين وأؤمن بالشعب الواحد والعمق المتبادل .. لذلك تضغطني أردنيتي ومصالح مملكتي للإهتمام بمعالجة او محاولة معالجة حالة الخصام التي يريد الكثيرون تجاهلها ... هل يصنع لي هذا الإنحياز أعداء من الطرفين ؟.. نعم .
عمر شاهين - في صحف لبنانية وعراقية شيء طبيعي أن ينحاز أي كاتب لجذوره الجغرافية وقضاياه لماذا في الأردن نعتبر مثلا ناهض حتر أو احمد العبادي أو بسام بدارين او نبيل غيشان عنصريون عندما ينحازوا لقضايا تلامس جغرافيتهم ألا تجد أن الحساسية هي ما تعيق الاصطلاح في الأردن؟.
بسام بدارين : أنا أعمل بمدرسة صحفية إسمها القدس العربي وهي مدرسة قومية أولويتها تطلعات الشعب العربي للكرامة والحرية والتصدي للمشروعين الأمريكي والصهيوني في المنطقة .. لذلك تجد في القدس العربي فقط مثلا مقالات تطالب بإعادة سبتة ومليلة أو أراء ترفض إطلاقا أي تساهل في عروبة {لواء الإسكندرون}وترفض انسلاخ الصحراء الغربية وتجد خلافا لكل المنابر العربية تغطية موسعة جدا للصراع على تبعية جزر حنيش للعرب .
ما أقصده عموما أن الإطار العام لحركة المؤسسة التي أنتمي إليها منذ 20 عاما لا يقبل بقسمة على إثنين عندما يتعلق الأمر بعروبة الجغرافيا .. بالتالي لا تتبنى القدس العربي مسائل سحب الجنسية في الأردن لإنها صحيفة فلسطينية فقط فهي ليست كذلك أو لأن مراسلها في عمان أردني فقط .
بالنسبة لي لا أعرف الكثير عن صحافة لبنان والعراق لكني أشعر بأن الحديث عن اهتمام الصحافة هناك بالجغرافيا فقط يمنحها رصيد إيجابي مشكوك فيه فهناك طائفية وجهوية وشللية وأجندات انعزالية ولو كان الأمر على قدر الجغرافيا العراقية أو اللبنانية لهانت المسألة .
بعيدا عن الأسماء المشار إليها في صحافتنا يمكنك اشتمام كل الأمراض الانعزالية الإقصائية في أطروحات بعض الكتاب وبصراحة يستخدم البعض الجغرافيا ويوظفها والبعض القليل يستغل الجغرافيا لطرح خطاب إقصائي إنعزالي وهنا تصبح {الجغرافيا} قيمة تكافئ فيها هذه الطروحات السلبية التفتيتية وهي ليست كذلك لكن التصنيف والاتهام لا زال للأسف اللغة الدراجة على الأرجح بيننا عندما نختلف وللتمييز لابد من التفريق بين ألانعزالي الطائفي وبين الجغرافي فالثاني يمكنك تفهمه وإحترامه أحيانا والأول يستحق بإمتياز لقب{ العنصري} وأحيانا يتجاوزه بدرجات.
أما قصة حساسية الجغرافيا ودورها في إحباط وتباطؤ ألإصلاح فتلك أصبحت مكشوفة وفرية توظف لإعاقة الإصلاح من قبل المؤسسة الرسمية أحيانا أو لاستنساخ إصلاح منحرف مشوه إنعزالي إقصائي يخص جزء من الشعب فقط من قبل بعض نخب الإعلام الإقصائية .
عمر شاهين - هل تجد أن الأصول الفلسطينية الحاصلين على جنسياتهم يعانون من إقصاء حسب قراءة عقلانية بالحصص السياسية كالنواب والوزراء وفي الأجهزة الأمنية ولماذا كلما نوقش هذا الموضوع اتهم صاحبه بأنه من دعاة الحقوق المنقوصة أو التوطين ؟.
بسام بدراين : أنا أعترض مبدئيا على عبارة {حاصلون على جنسيات} مثل هؤلاء لا يوجد في بلادنا يوجد أردنيون من أصل فلسطيني لا مجنسين فالتعبير الأخير إنعزالي أيضا وغير دستوري وغير واقعي وما نتحدث عنه اليوم حصة في عقل الدولة الأردنية وليس في وظائفها ومقاعدها البرلمانية او حقائبها الوزارية .. إذا لم يحسم أمر هذه الحصة سنبقى عالقون في مشكلة تعطل كل حياتنا وتعيق مستقبلنا.
عليه لا أؤيد استخدام تعبير حقوق منقوصة فهو أيضا افتراء وتوظيف في غير مكانه فمجتمعنا مليء بمن نقص حقهم وينتقص ليس فقط غربي النهر ولكن شرقيه أيضا ومجتمع القانون ودولة المؤسسات هي الإطار الذي يحل إشكالات أي مواطن من أي مكان يشعر بانه لا يحصل على حقوقه.
وليس سرا ان واقع النقاش العام اليوم يتجاوز الإقرار بأن سياسات الإقصاء مورست بمنهجية في الماضي وارتبطت إداريا بمشهد يتجاوزه اليوم كل أردني يقل عمره عن 42 عاما وهؤلاء على الأقل 73 % من شعبنا حسب الدراسات يستحقون احترام خياراتهم بدلا من تحجيمها أو تهميشها بأمراض الأجيال التي سبقتهم .
أما التوطين فهي {تهمة معلبة} تعرضها الكثيرمن الدكاكين والبقالات التابعة لتجار الوطنية وأحب الوقوف هنا عند عبارة قالها الزميل ياسر أبو هلاله {أيها الجهلاء .. المواطن لا يوطن} .
عمر شاهين - ولكن هناك من يجد أن فلسطينيوا الأردن لا يهتمون بقضيتهم الأصل ثمة من يشعر أنهم يسعون لنسيان القضية الفلسطينية والاهتمام فقط بتحصيل حقوقهم ووجودهم في الأردن .. لا أرى تفاعلا شعبيا في مناطق الأصول الفلسطينية مع ما يحدث من تآمر على القدس والجدار العازل و غزة؟.
بسام بدارين : من يقول لي بان فلسطين قضية تخص الفلسطينيين فقط سأرمي كلامه في سلة المهملات فالشعب الفلسطيني غربي النهر يقف سدا منيعا ضد مؤامرات التوطين والمشروع الصهيوني الذي يستهدف شرقي نهر الأردن وأوساط اللاجئين في الأردن تتميز بالحكمة والتقدير وهي تحاول تجنب التعبير عن هويتها الوطنية الفلسطينية بشكل صارخ .
ولا أوافق إطلاقا على التعميم الخاص بقصور التفاعل الشعبي لكن أدعو لملاحظة مسألة جوهرية وهي أن السلطة الرسمية تمنع كل أصناف التعبيرات الجماهيرية عن هوية اللاجئين وبالتالي القصور حجة على السلطة وليس على الناس الذين يتعرضون بالتوازي لسياسات إدارية تقصيهم وتستهدف حقوقهم وحتى كراماتهم .
ولا أتصور إطلاقا بأن من يرفع شعار{ الأردن وطن يعيش فينا لا نعيش فيه وفلسطين لا نرضى بديلا عنها إلا الجنة} يمكن أن يتهم بالتقصير في التعاطي مع قضيته الفلسطينية فلو فكر الجمهور الفلسطيني في الأردن بعدم التقصيرلإنتهينا بمشهد يتهم هذا الجمهور بأنه يجازف بالأمن والإستقرار في وطنه الأردني .
عمر شاهين - هذا يقودني لسؤال كنت آنت قد اشتغلت عليه سابقا حول انعدام مشاركة الأصول الفلسطيني والمخيمات في الحراك الأردني هل هذا نتاج حالة خوف أم أنهم مبعدون عن العملية السياسية بأكملها ولا يهمهم مستقبلها؟
بسام بدارين : متابعاتي لهذا الأمر تقود لأنه ليس ناتجا عن حالة خوف بل عن حالة تقدير شديدة الحساسية للوضع الأردني في ظل الربيع والحراك .. هذه المسألة مطروحة بقوة الآن للنقاش في كل أطياف الوسط الفلسطيني .
واعتقادي أن الوسط الفلسطيني يتميز بحكمة شديدة وهو يتفاعل مع معطيات الحراك فالحراك نفسه بلا هوية محددة حتى الآن ومعطياته كثيرة وبعض من يحاولون ركوب موجته يطرحون خطابا إقصائيا ويريدون ديمقراطية تستثني الأردني من أصل فلسطيني وعلى العكس تماما يخشى الوسط الفلسطيني لو شارك بالحراك أن يصبح المجال متاحا لدخول اعتبارات وأطراف أخرى بعضها خارجي على خطوط المسألة لذلك يفضل كثيرون التعامل مع المشهد بدقة وصبر حفاظا على الأمن والاستقرار والأهم حفاظا على الهوية الوطنية الأردنية وكذلك على الدولة الأردنية .
عمر شاهين - لاحظت تعاطفا في تقارير القدس العربي لتغطية الحراك الأردني مع النظام هل هذه سياسية صحيفة القدس العربي أم رؤيتك ونقلك لما يحدث حتى لا افهم خطا أي أنكم لا تنقدون النظام الأردني مثل باقي دول الربيع العربي وتقاريركم لينة جدا بهذا الاتجاه ؟
بسام بدارين : لا يوجد فرق بين القدس العربي وبين تقاريري فأنا والقدس العربي وتقاريري {ثلاثة في واحد} تماما مثل مشروب نسكافيه المطور ..كثيرون لا يفهمون هذه المسألة عندما يخصني الأمر وبعض هؤلاء وتحديدا في المعارضة يحاولون التدخل وإقناع مؤسستي بوجود مثل هذا الفارق الوهمي.
تغطياتي للحراك ليست متعاطفة مع جهة ولا ينبغي لها أن تكون وكل ما أفعله هو نقل ما يجري وتصوري أني خدمت الحراك بسبب أهدافه النبيلة بعدم التعامل مع تناقضاته فهل يجعلني ذلك مثلا منحاز للحراك على حساب النظام؟.
الكثير من شعارات الحراك اليوم كتبت عنها عشرات المرات أيام الأحكام العرفية وعندما كان للكلمة المنشورة كلفة وصحيفة القدس العربي وبالتالي أنا لسنا ضد النظام في الأردن فنحن لسنا صحيفة المعارضات العربية كما يحب البعض أن نكون .
مسألة أخرى مهمة يتجاهلها البعض أيضا الحراك بتفاصيله اليومية حدث أردني بالمعنى المحلي وصحيفة القدس العربي لا تهتم كثيرا بالجوانب المحلية لذلك أبرز في تقاريري أهم الحراكات وليس كل الحراكات وليس من واجبي كمراسل مهني التصفيق للحراك أو للنظام في أي وقت بل وضع قارئ صحيفتي وقاعدته الأساسية العرب في المهجر بصورة رواية كل الأطراف .. باعتقادي أن دليل استقلاليتي ونجاحي المهني اليتيم يبرز في تلك اللحظة التي تغضب فيها تقاريري المعارضة والنظام معا وأنا بصراحة أواجه ذلك كثيرا لكنه يجعلني أشعر بأني في الطريق السليم .
عمر شاهين- كيف تجد تعامل النظام الأردني مع الربيع العربي بين سياسية الأمن العام الناجحة وما يقابلها من عدم تفاعل مع الإصلاح السياسي السريع؟
بسام بدارين : لاحظ مثلا أنك تستخدم في سؤالك ببساطة اليوم مفردة{ النظام} وهي كلمة كان إستخدامها إعلاميا في الماضي القريب مكلفا للغاية .. ألا يمكنني اعتبار هذه المسألة من ميزات النظام الأردني ؟.. عموما وبرأيي الشخصي يتعامل النظام حتى الآن بذهنية مرنة مع تداعيات الربيع العربي لكن مفاصل النظام لم تطور بعد آليات حقيقية تخلصنا من المخاوف الكلاسيكية من كلفة الإصلاح الحقيقي حتى لا أقول السريع .
الحراك الأردني حقق الكثير في عام واحد وهزم الكثير من أنماط الحكم التي استقرت عشرات السنين وهذا منجز يحسب له لكن مستوى التفاعل الإصلاحي لا زال محكوما باعتبارات ومعطيات تعتمد على ثقافة الخوف من نتائج الإصلاح وفي مؤسسة القرار اليوم من له مصلحة بتعطيل الإصلاح وإعاقته لكن الموجة قادمة لا محالة ولم يعد من الممكن الاستمرار بسياسة شراء الوقت .
عمر شاهين - هل تجد هناك مد إخواني سيسرق الربيع العربي ؟
بسام بدارين : المعارضة سواء أكانت إسلامية أم علمانية تحصد المزيد من المكاسب يوميا بسبب أخطاء الأغبياء في النظام العربي وتحديدا هؤلاء الذين استعان بهم الكثير من الزعماء العرب وأنا لا أتحدث عن توقعات تخص المد الأخواني لأننا نعيش اليوم هذا المد فعليا لكني أعترض على مفردة { سرقة} فعندما يهزم الفساد العلني أنظمة الحكم لا تستطيع اتهام من يملأ الفراغ بأنه يسرق النتائج فمن سرق الأوطان أصلا وقبل الربيع هم الفاسدون .
عمر شاهين- كيف تصف لنا عبدالباري عطوان كانسان رأيته خارج مقالاته وكيف تقيم سنوات عملك في القدس العربي ؟.
جواب: الأستاذ عبد الباري لا يعيش إطلاقا خارج مقالاته فهو رجل صادق وواضح ويقول ما يؤمن به ويكتب قناعاته ولا يساوم إطلاقا عليها ويمارسها في كل صغيرة وكبيرة والرجل بسيط جدا ومباشر وبالنسبة لي كان دوما أكثر من رئيس عمل بل صديق وأخ كبير تعلمت الكثير عبر العمل معه.
وسنوات عملي في القدس العربي لا أستطيع تقييمها لسبب بسيط وهو أني لم أعمل في مكان آخر حتى أعقد مقارنات فانا مرتاح جدا وأشعر بأني انسجم مع نفسي في العمل بالقدس العربي ولا زالت وستبقى هي بيتي المهني الأول وقد تكون الأخير .
عمر شاهين- هناك من يقول أن الفيس بوك واليوتيوب سوف يضرب الإعلام سيما بعد التقاء الصحافيين والكتاب في الأنظمة الحاكمة البائدة ؟.
بسام بدارين : لا أعرف كيف يمكن للإعلام أن يضرب نفسه؟.. قيس بوك وتويتر وغيرهما وسائل إعلام بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وهي اليوم الوسائل الأكثر تأثيرا.
مع الشكر والتقدير