شرعنة الفساد عبقريات آخر زمن؟!
د.محمد جميعان
استوقفني بيان تسابقت المواقع الالكترونية لنشره، صادر على لسان المهندس ليث الشبيلات، ولأنني استغربت أشد الاستغراب بعض ما ورد فيه من طرح تشريع يسامح الفاسدين ويطمئنهم بأنّهم في مأمن وسلامة بالصفح عنهم!
والأكثر غرابة من مضامين ما ورد أن يصدر هذا الطرح «المتكامل الأسس» من قبل (المعارض الأول) والأكثر (تضحية) والأعلى (سقفا) والأعنف (صوتا) و..و..، وأذكر ذلك حتى أحفظ للرجل موقعه، وحتى يتّسع صدره للخلاف والاختلاف ولا يحسبني من الجواري، أو على الأقل لفهم ما يرمي إليه، أو ربما أنّ ذلك لم يصدر عنه ابتداء!
أُثبت هنا نص ما ورد من طرح يخصّ مسامحة الفاسدين:
«وأكّد الشبيلات للعبادي أنّ النظام المأزوم بات يرمي للشعب فاسداً وراء الآخر من «الأربعين حرامي»، متأملاً أنّ في ذلك منع وصول مطالبات الناس، لا يمنع قيام ثورة فوضوية في المستقبل القريب لا سمح الله، سوى إعلان المسؤول الأول للناس اعترافه بمسؤوليته عن كل ما جرى واعتذاره الصادق للشعب وموافقته على وضع قانون للمساءلة والمسامحة يعيد للشعب ما نهبته منه مجموعة الفساد والفاسدين، وتكون المسامحة مقيّدة بحرمان كل من تورّط في الفساد من حقوقه السياسية حرماناً كاملاً، وتجريمه في أيّ وقت لاحق بالجرائم السابقة إن هو تدخل مباشرة أو غير مباشرة في الشأن السياسي».
ومرة أخرى أرجو أن يتّسع صدر الشبيلات، فأنا وإياه أبناء محافظة واحدة، يجمعنا هم الوطن والإصلاح، ولكل شيخ طريقته ومنهاجه، واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، وحتى أكون صريحا، لقد صعقت حد الجنون، أن يصدر هذا الطرح من ليث نفسه، لا سيما أنّ عجلة طحن الفساد بدأت واحدا وراء الآخر، وذلك باعتراف السيد ليث نفسه حين ذكر «يرمي للشعب فاسداً وراء الآخر من «الأربعين حرامي»!
فهل المقصود أن يقف النظام عن رمي الفاسدين واحدا وراء الآخر؟! وأين العيب في ذلك؟! وأنا هنا لا ألتفت إلى ما ساقه السيد ليث من تبريرات لدعم طرحه، ولكن مجرد أن نأخذ على النظام محاسبة الفاسدين ونلجأ إلى أسلوب التهويش والتخويف للنظام ولرأس الدولة من الاستمرار مرفوض. وحتى محاولة أن لا يستمر في محاسبة الفاسدين مرفوض جملة وتفصيلا ولا يمكن قبوله. بل نحن أحوج أن نرى أيّ فاسد، بل وكل الفاسدين الكبار خلف القضبان حتى يكونوا عبرة لمن يتسلّم المسؤولية بعدهم.
وهنا أشير إلى حديث سمعته من المراقب العام للإخوان المسلمين الشيخ همام سعيد، أراه صائبا فيما طرح، أنّ تقديم الفاسدين للحساب، وقد رأينا بعضهم، أمر «محمود محمود»، نشجّع صاحب القرار على المزيد المزيد، ولا نقبل أن يمارس عليه (الزجر) بأيّ أسلوب كان لإحباطه أو ثنيه عن مواصلة محاسبة الفاسدين واحدا وراء الآخر.
ولعل ما لفت نظري وتوقفت عنده طويلا أن يقدّم هذا الطرح في إطار محكم ومشروع متكامل اشتمل على النقاط التالية:
1- تخويف النظام من الاستمرار في فتح مزيد من الملفات ومحاسبة الفاسدين والحديث عن ثورة فوضوية في المستقبل القريب، إلاّ إذا أخذ بما يطرحه السيد ليث نفسه!
2- محاولة ثني النظام عن الاستمرار بالمحاسبة محاولا التخويف والتلويح والقول أنّ مواصلة محاسبة الفاسدين سيؤدي إلى أن تصل خيوطه إلى الديوان، من تصرفات لا تقوم بها إلاّ مجموعة يرتبط بعضها ببعض، وقد ثبت أنّ الخيوط فيها كلها تصل إلى الديوان الملكي، وما عاد هذا سراً عند أبسط الناس، ولا يمنع قيام ثورة فوضوية في المستقبل القريب.
3- قدّم السيد ليث طرحا يرفع المسؤولية عن ساحة الفاسدين تماما، عمليا وقانونيا وشعبيا من خلال إلقاء تبعات الفساد على رأس الدولة والطلب منه الاعتراف بمسؤوليته عن الفساد والاعتذار عن ذلك! حتى يكون سيناريو الطرح مبرما لا رجعة فيه، وكذلك لتثبيت عدم مسؤولية الفاسدين حقيقة غير قابلة للطعن يؤكّد السيد ليث على رأس الدولة تقديم الاعتذار وتحمُّل المسؤولية، «إعلان المسؤول الأول للناس اعترافه بمسؤوليته عن كل ما جرى واعتذاره الصادق إلى الشعب»!
4- ليصل السيد ليث إلى عمق الهدف الذي يريد في تثبيت الصفح عن الفاسدين، حيث يقول: «وموافقته (أيّ رأس الدولة) على وضع قانون للمساءلة والمسامحة يعيد للشعب ما نهبته منه مجموعة الفساد والفاسدين، وتكون المسامحة مقيدة بحرمان كل من تورّط في الفساد من حقوقه السياسية حرماناً كاملاً». نعم يريد قانونا للمسامحة يطمئن له الفاسدون ولا يلاحقهم جزائيا وحقوقيا! مقابل ماذا أيّها الأخوة (وحتى لا نصاب بالجنون)؟! أولا: مقابل إعادة الأموال المنهوبة؟! وثانيا: بحرمان كل من تورّط في الفساد من حقوقه السياسية، حرماناً كاملا؟!
5- لقد نسي أو تناسى البعض أنّ إعادة الأموال المنهوبة وحرمانهم (الفاسدون) من الحقوق السياسة هو تحصيل حاصل عندما يصدر حكم القضاء بحقة! فلماذا إذا نشرّع له قانونا للمسامحة والصفح يا سيد ليث؟! وكل من يعرف من الفاسدين أنّه لن يصدر بحقه حكم قضائي لن يأتي إليك لتصفح عنه ولن يعيد قرشا واحدا أبدا!
6- وحتى يثبت الصفح والمسامحة باليقين والحجة الدامغة، وحتى لا يقال أنّ الأمر فهم خطأ، يلحق ذلك بما نصه «وتجريمه (أيّ الفاسد) في أيّ وقت لاحق بالجرائم السابقة إن هو تدخل مباشرة أو غير مباشرة في الشأن السياسي». يا سلام! نؤجّل له العقاب إن تدخل في الشأن السياسي لاحقا؟! ومن هو(هذا الفاسد) حتى نفرد له تشريعا؟! ولماذا إذا لا يصدر الحكم بحقه ويبقى ماركة مسجلة وسجلا قائما بحقه؟! ولا نحتاح إلى أن نكون تحت رحمة الفاسد ليعود من جديد. هل الدولة هزيلة للحد الذي تحسب حسابا للفاسدين؟!
7- والسؤال هنا: هل نحن في بازار مساوامات مع الفاسدين نستعطفهم ونقدّم لهم الطروحات ليعيدوا السحت الحرام؟! ثم من قال لك أنّ ذلك لم يحدث؟! وأنّ بعض الفاسدين جاؤوا ببعض أموالهم المنهوبة وسلّموها بمبادرة منهم للهروب من الأحكام والسجن والعقاب، لمصلحة من ترمي للفاسدين حبل النجاة؟! ولمصلحة من تتبنّى ما يقترحه الفاسدون أنفسهم للهروب من حكم القضاء، ومشاهدة الأصفاد في أيديهم؟! وهنا يسجل للقيادة الأردنية رفضها التام لهذا الطرح عندم قدّم لها قبل أن يقدّمه السيد ليث.
8- لقد لفت انتباهي أنّ حديث السيد ليث جاء في زيارة للدكتور العبادي بعد نحو عشرة أيام من سجنه، ولكنه في اليوم التالي لسجن مدير المخابرات الأسبق محمد الذهبي بتهم الفساد وغسيل الأموال والاختلاس واستثمار الوظيفة، ومحور الحديث والمبادرة والطرح صبّت بشكل أو بآخر في خدمة حيتان الفساد من خلال مد حبل النجاة لهم مستخدما في ذلك أسلوب إفزاع النظام وتخويفه من الاستمرار في محاسبة الفاسدين واحدا وراء الآخر.
9- لقد أفزعني أكثر ما ينشر على المواقع الالكترونية بمعلومات مفصّلة، يقال بأنّها سوف تنشر لاحقا، عن محاولات خبيثة وبائسة ويائسة من حيتان الفساد وأتباعه وأزلامه، لتعطيل محاكمتهم وعدم فتح مزيد من الملفات، من خلال خلط الأوراق وإثارة البلبلة والمساس برأس الدولة وسقوف تهجمية عالية مربكة وغيرها من الأساليب، وذلك من أجل تخويف النظام وتقديم أنفسهم (أيّ الحيتان والفاسدين) على أنّهم حماة النظام والمدافعين عنه في وجه أولئك (المتهورين) الذين يريدون تهديده، وقد أتقنوا هذه الصنعة سابقا ولا نريد أن نمكّن لهم الأمر لاحقا، بل نريد أن يأخذوا جزاءهم وعقابهم ويعيدوا الأموال التي نهبوها كاملة، دون مساومة واستعطاف أو تقديم التسهيلات لهم، ولن يسمح لهم الشعب إطلاقا أن يعودوا إلى الساحة السياسية إلاّ إذا جاء شعب آخر لا يعرف ما اقترفته أيدي هؤلاء الفاسدين، أو الرهان بأنّ الشعب فقد ذاكرته وهو يسمع الحكم الذي يصدر بحقهم واستسلم للأمر الواقع.
10- وأخيرا، لن يفرح الفاسدون بالاختباء خلف خيط أو خط أو جدار رأس الدولة، ولن يخاف من تهويشهم، وإن ظنّوا ذلك فهم جاهلون واهمون لأنّ الدستور واضح بين حين حمى الملك وجعله منزها، وأكد أن أوامر الملك الشفهية والكتابية لا تعفي الحكومة والوزراء من مسؤولياتهم، فكيف إذا كان الأمر يتعلّق بسلوكيات الفاسد نفسه وجشعه وطمعه وجرب بطنه، فلا والله لن نكون للفاسدين مطية ولا طريقا للصفح عنهم، ولن نقدّم لهم تسهيلا، بل نقولها واضحة صريحة نعم فضح الحيتان والفاسدين وأذنابهم وتقديمهم للقضاء والمحاسبة، ولسوف تجد الشعب ثورة على كل الفاسدين.
drmjumian@gmail.com
استوقفني بيان تسابقت المواقع الالكترونية لنشره، صادر على لسان المهندس ليث الشبيلات، ولأنني استغربت أشد الاستغراب بعض ما ورد فيه من طرح تشريع يسامح الفاسدين ويطمئنهم بأنّهم في مأمن وسلامة بالصفح عنهم!
والأكثر غرابة من مضامين ما ورد أن يصدر هذا الطرح «المتكامل الأسس» من قبل (المعارض الأول) والأكثر (تضحية) والأعلى (سقفا) والأعنف (صوتا) و..و..، وأذكر ذلك حتى أحفظ للرجل موقعه، وحتى يتّسع صدره للخلاف والاختلاف ولا يحسبني من الجواري، أو على الأقل لفهم ما يرمي إليه، أو ربما أنّ ذلك لم يصدر عنه ابتداء!
أُثبت هنا نص ما ورد من طرح يخصّ مسامحة الفاسدين:
«وأكّد الشبيلات للعبادي أنّ النظام المأزوم بات يرمي للشعب فاسداً وراء الآخر من «الأربعين حرامي»، متأملاً أنّ في ذلك منع وصول مطالبات الناس، لا يمنع قيام ثورة فوضوية في المستقبل القريب لا سمح الله، سوى إعلان المسؤول الأول للناس اعترافه بمسؤوليته عن كل ما جرى واعتذاره الصادق للشعب وموافقته على وضع قانون للمساءلة والمسامحة يعيد للشعب ما نهبته منه مجموعة الفساد والفاسدين، وتكون المسامحة مقيّدة بحرمان كل من تورّط في الفساد من حقوقه السياسية حرماناً كاملاً، وتجريمه في أيّ وقت لاحق بالجرائم السابقة إن هو تدخل مباشرة أو غير مباشرة في الشأن السياسي».
ومرة أخرى أرجو أن يتّسع صدر الشبيلات، فأنا وإياه أبناء محافظة واحدة، يجمعنا هم الوطن والإصلاح، ولكل شيخ طريقته ومنهاجه، واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، وحتى أكون صريحا، لقد صعقت حد الجنون، أن يصدر هذا الطرح من ليث نفسه، لا سيما أنّ عجلة طحن الفساد بدأت واحدا وراء الآخر، وذلك باعتراف السيد ليث نفسه حين ذكر «يرمي للشعب فاسداً وراء الآخر من «الأربعين حرامي»!
فهل المقصود أن يقف النظام عن رمي الفاسدين واحدا وراء الآخر؟! وأين العيب في ذلك؟! وأنا هنا لا ألتفت إلى ما ساقه السيد ليث من تبريرات لدعم طرحه، ولكن مجرد أن نأخذ على النظام محاسبة الفاسدين ونلجأ إلى أسلوب التهويش والتخويف للنظام ولرأس الدولة من الاستمرار مرفوض. وحتى محاولة أن لا يستمر في محاسبة الفاسدين مرفوض جملة وتفصيلا ولا يمكن قبوله. بل نحن أحوج أن نرى أيّ فاسد، بل وكل الفاسدين الكبار خلف القضبان حتى يكونوا عبرة لمن يتسلّم المسؤولية بعدهم.
وهنا أشير إلى حديث سمعته من المراقب العام للإخوان المسلمين الشيخ همام سعيد، أراه صائبا فيما طرح، أنّ تقديم الفاسدين للحساب، وقد رأينا بعضهم، أمر «محمود محمود»، نشجّع صاحب القرار على المزيد المزيد، ولا نقبل أن يمارس عليه (الزجر) بأيّ أسلوب كان لإحباطه أو ثنيه عن مواصلة محاسبة الفاسدين واحدا وراء الآخر.
ولعل ما لفت نظري وتوقفت عنده طويلا أن يقدّم هذا الطرح في إطار محكم ومشروع متكامل اشتمل على النقاط التالية:
1- تخويف النظام من الاستمرار في فتح مزيد من الملفات ومحاسبة الفاسدين والحديث عن ثورة فوضوية في المستقبل القريب، إلاّ إذا أخذ بما يطرحه السيد ليث نفسه!
2- محاولة ثني النظام عن الاستمرار بالمحاسبة محاولا التخويف والتلويح والقول أنّ مواصلة محاسبة الفاسدين سيؤدي إلى أن تصل خيوطه إلى الديوان، من تصرفات لا تقوم بها إلاّ مجموعة يرتبط بعضها ببعض، وقد ثبت أنّ الخيوط فيها كلها تصل إلى الديوان الملكي، وما عاد هذا سراً عند أبسط الناس، ولا يمنع قيام ثورة فوضوية في المستقبل القريب.
3- قدّم السيد ليث طرحا يرفع المسؤولية عن ساحة الفاسدين تماما، عمليا وقانونيا وشعبيا من خلال إلقاء تبعات الفساد على رأس الدولة والطلب منه الاعتراف بمسؤوليته عن الفساد والاعتذار عن ذلك! حتى يكون سيناريو الطرح مبرما لا رجعة فيه، وكذلك لتثبيت عدم مسؤولية الفاسدين حقيقة غير قابلة للطعن يؤكّد السيد ليث على رأس الدولة تقديم الاعتذار وتحمُّل المسؤولية، «إعلان المسؤول الأول للناس اعترافه بمسؤوليته عن كل ما جرى واعتذاره الصادق إلى الشعب»!
4- ليصل السيد ليث إلى عمق الهدف الذي يريد في تثبيت الصفح عن الفاسدين، حيث يقول: «وموافقته (أيّ رأس الدولة) على وضع قانون للمساءلة والمسامحة يعيد للشعب ما نهبته منه مجموعة الفساد والفاسدين، وتكون المسامحة مقيدة بحرمان كل من تورّط في الفساد من حقوقه السياسية حرماناً كاملاً». نعم يريد قانونا للمسامحة يطمئن له الفاسدون ولا يلاحقهم جزائيا وحقوقيا! مقابل ماذا أيّها الأخوة (وحتى لا نصاب بالجنون)؟! أولا: مقابل إعادة الأموال المنهوبة؟! وثانيا: بحرمان كل من تورّط في الفساد من حقوقه السياسية، حرماناً كاملا؟!
5- لقد نسي أو تناسى البعض أنّ إعادة الأموال المنهوبة وحرمانهم (الفاسدون) من الحقوق السياسة هو تحصيل حاصل عندما يصدر حكم القضاء بحقة! فلماذا إذا نشرّع له قانونا للمسامحة والصفح يا سيد ليث؟! وكل من يعرف من الفاسدين أنّه لن يصدر بحقه حكم قضائي لن يأتي إليك لتصفح عنه ولن يعيد قرشا واحدا أبدا!
6- وحتى يثبت الصفح والمسامحة باليقين والحجة الدامغة، وحتى لا يقال أنّ الأمر فهم خطأ، يلحق ذلك بما نصه «وتجريمه (أيّ الفاسد) في أيّ وقت لاحق بالجرائم السابقة إن هو تدخل مباشرة أو غير مباشرة في الشأن السياسي». يا سلام! نؤجّل له العقاب إن تدخل في الشأن السياسي لاحقا؟! ومن هو(هذا الفاسد) حتى نفرد له تشريعا؟! ولماذا إذا لا يصدر الحكم بحقه ويبقى ماركة مسجلة وسجلا قائما بحقه؟! ولا نحتاح إلى أن نكون تحت رحمة الفاسد ليعود من جديد. هل الدولة هزيلة للحد الذي تحسب حسابا للفاسدين؟!
7- والسؤال هنا: هل نحن في بازار مساوامات مع الفاسدين نستعطفهم ونقدّم لهم الطروحات ليعيدوا السحت الحرام؟! ثم من قال لك أنّ ذلك لم يحدث؟! وأنّ بعض الفاسدين جاؤوا ببعض أموالهم المنهوبة وسلّموها بمبادرة منهم للهروب من الأحكام والسجن والعقاب، لمصلحة من ترمي للفاسدين حبل النجاة؟! ولمصلحة من تتبنّى ما يقترحه الفاسدون أنفسهم للهروب من حكم القضاء، ومشاهدة الأصفاد في أيديهم؟! وهنا يسجل للقيادة الأردنية رفضها التام لهذا الطرح عندم قدّم لها قبل أن يقدّمه السيد ليث.
8- لقد لفت انتباهي أنّ حديث السيد ليث جاء في زيارة للدكتور العبادي بعد نحو عشرة أيام من سجنه، ولكنه في اليوم التالي لسجن مدير المخابرات الأسبق محمد الذهبي بتهم الفساد وغسيل الأموال والاختلاس واستثمار الوظيفة، ومحور الحديث والمبادرة والطرح صبّت بشكل أو بآخر في خدمة حيتان الفساد من خلال مد حبل النجاة لهم مستخدما في ذلك أسلوب إفزاع النظام وتخويفه من الاستمرار في محاسبة الفاسدين واحدا وراء الآخر.
9- لقد أفزعني أكثر ما ينشر على المواقع الالكترونية بمعلومات مفصّلة، يقال بأنّها سوف تنشر لاحقا، عن محاولات خبيثة وبائسة ويائسة من حيتان الفساد وأتباعه وأزلامه، لتعطيل محاكمتهم وعدم فتح مزيد من الملفات، من خلال خلط الأوراق وإثارة البلبلة والمساس برأس الدولة وسقوف تهجمية عالية مربكة وغيرها من الأساليب، وذلك من أجل تخويف النظام وتقديم أنفسهم (أيّ الحيتان والفاسدين) على أنّهم حماة النظام والمدافعين عنه في وجه أولئك (المتهورين) الذين يريدون تهديده، وقد أتقنوا هذه الصنعة سابقا ولا نريد أن نمكّن لهم الأمر لاحقا، بل نريد أن يأخذوا جزاءهم وعقابهم ويعيدوا الأموال التي نهبوها كاملة، دون مساومة واستعطاف أو تقديم التسهيلات لهم، ولن يسمح لهم الشعب إطلاقا أن يعودوا إلى الساحة السياسية إلاّ إذا جاء شعب آخر لا يعرف ما اقترفته أيدي هؤلاء الفاسدين، أو الرهان بأنّ الشعب فقد ذاكرته وهو يسمع الحكم الذي يصدر بحقهم واستسلم للأمر الواقع.
10- وأخيرا، لن يفرح الفاسدون بالاختباء خلف خيط أو خط أو جدار رأس الدولة، ولن يخاف من تهويشهم، وإن ظنّوا ذلك فهم جاهلون واهمون لأنّ الدستور واضح بين حين حمى الملك وجعله منزها، وأكد أن أوامر الملك الشفهية والكتابية لا تعفي الحكومة والوزراء من مسؤولياتهم، فكيف إذا كان الأمر يتعلّق بسلوكيات الفاسد نفسه وجشعه وطمعه وجرب بطنه، فلا والله لن نكون للفاسدين مطية ولا طريقا للصفح عنهم، ولن نقدّم لهم تسهيلا، بل نقولها واضحة صريحة نعم فضح الحيتان والفاسدين وأذنابهم وتقديمهم للقضاء والمحاسبة، ولسوف تجد الشعب ثورة على كل الفاسدين.
drmjumian@gmail.com