وسيعلم الذين فسدوا أي منقلب ينقلبون
كنت دائما أعتقد أن الفساد في الأردن أقلّ كثيرا مما يروج له في الصالونات، حتى أتى ملف الفوسفات ليؤكد لي أن الفساد أكبر كثيرا مما أعتقد. وعليه، كان غضبنا بلا حدود حين دوهمنا بمحاولة سحب قضايا الفساد عنوة من لجان التحقيق النيابية، وعلى رأسها الفوسفات.
نحن دخلنا منتصف النهر، ولا سبيل لإنقاذ البلد إلا بالتقدم إلى الأمام. فهناك انهيار عام للثقة، والنكوص كارثة. يجب الوصول إلى الحقيقة الكفيلة بتصفية الحساب مع مرحلة سابقة، ووضع الأردنيين على طريق جديدة. فالآن، توجد ثورة مطلبية، وترى الفئات الشعبية الساخطة أنها تدفع ثمن مراكمة أصحاب الملايين لثرواتهم. وقد قال لي أحد المعلمين في سجال مرير: لو استعادت الخزينة مليارا من أموال الفاسدين، فنحن نتنازل عن كل قرش زيادة على الرواتب.
جلسة النواب يوم الأربعاء الماضي عكست بصورة غير مباشرة لحظة مواجهة عنيفة بين الفساد ومكافحة الفساد. وقد بدا أننا أمام عملية متهورة لاختطاف الملفات اغتصابا من يد المجلس! ومن العجيب أن يعقب تصويت خلافي جدا على مذكرة خلافية جدا (سحب رسميا 45 نائبا من أصل 75 تواقيعهم عليها) الإعلان فورا عن سحب الملفات جميعها من لجان التحقيق باستثناء أربعة، حتّى بدون انتظار اجتماع المكتب الدائم للمجلس ليبحث في كيفية تنفيذ محتوى المذكرة التي تقترح تحويل تلك الملفات إلى هيئة مكافحة الفساد باستثناء تلك التي تشمل وزراء. فكيف يتقرر أي ملفات تشمل وزراء أو لا تشمل بدون دراسة ومشاورة مع اللجان المعنية؟!
كان معلوما أن المستهدف الأول هو ملف الفوسفات، ولذا بادرت لجنة التحقيق الخاصة بالفوسفات على الفور إلى عقد اجتماع، وإرسال مذكرة إلى رئاسة المجلس تقول فيها إنها تحقق مع وزراء ورؤساء وزارات، وكلهم جزء لا يتجزأ من القضية التي توشك أن تصدر فيها التقرير النهائي. وقد أحدث الأمر توترا في المكتب الدائم للمجلس. وبالنتيجة، صدر تصريح جديد يفيد بإبقاء ملف الفوسفات لدى اللجنة. والصحيح أن كل الملفات يجب أن تخضع أولا بأول للتدقيق مع اللجان، ليتقرر بالتفاهم معها الإبقاء عليها أو تحويلها. وكان يمكن التفاهم على ذلك لو سلمت النوايا، وكان الهدف التخفيف على المجلس.
ما حدث يوم الأربعاء كان محاولة لاستباق النتائج وخطف ملفات فساد من يد المجلس، وأولها ملف الفوسفات. وعلى جرأة هذه الخطّة، تبقى مناورة مشروعة برلمانيا من أصحاب المصلحة فيها لولا طريقة إدارة الجلسة، والتصويتات، والعدّ الذي شكك العديد من النواب فيه. وتم تجاهل الأمر بصورة لا سابق لها في التاريخ النيابي، وهي حتما تستدعي وقفة لوضع ضوابط صارمة في طريقة التصويت والعدّ، لأن أحدا لا يقبل لنفسه ولغيره تمرير تصويتات تحمل شبهة التزوير!
يجب أن يعرف المنافقون أن أكبر خدمة للوطن وللعرش ولجلالة الملك هي إظهار الحقيقة. وبعد التحقيق في الفوسفات أصبحنا نعرف أن اسم جلالة الملك كان يزجّ زورا وبهتانا في الصالونات بسبب توقيع الاتفاقية-الفضيحة في الديوان. وهو إثم من المعنيين للتغطية على الفساد. ولو استمر الإصرار على سحب ملف الفوسفات فالنتيجة كارثية أمام الرأي العام، لكن لحسن الحظ سيستمر عمل اللجنة، وستنشر الحقيقة، وسيعلم الذين خانوا الأمانة واستباحوا مقدرات الشعب الأردني أي منقلب سينقلبون.
jamil.nimri@alghad.jo
الغد
نحن دخلنا منتصف النهر، ولا سبيل لإنقاذ البلد إلا بالتقدم إلى الأمام. فهناك انهيار عام للثقة، والنكوص كارثة. يجب الوصول إلى الحقيقة الكفيلة بتصفية الحساب مع مرحلة سابقة، ووضع الأردنيين على طريق جديدة. فالآن، توجد ثورة مطلبية، وترى الفئات الشعبية الساخطة أنها تدفع ثمن مراكمة أصحاب الملايين لثرواتهم. وقد قال لي أحد المعلمين في سجال مرير: لو استعادت الخزينة مليارا من أموال الفاسدين، فنحن نتنازل عن كل قرش زيادة على الرواتب.
جلسة النواب يوم الأربعاء الماضي عكست بصورة غير مباشرة لحظة مواجهة عنيفة بين الفساد ومكافحة الفساد. وقد بدا أننا أمام عملية متهورة لاختطاف الملفات اغتصابا من يد المجلس! ومن العجيب أن يعقب تصويت خلافي جدا على مذكرة خلافية جدا (سحب رسميا 45 نائبا من أصل 75 تواقيعهم عليها) الإعلان فورا عن سحب الملفات جميعها من لجان التحقيق باستثناء أربعة، حتّى بدون انتظار اجتماع المكتب الدائم للمجلس ليبحث في كيفية تنفيذ محتوى المذكرة التي تقترح تحويل تلك الملفات إلى هيئة مكافحة الفساد باستثناء تلك التي تشمل وزراء. فكيف يتقرر أي ملفات تشمل وزراء أو لا تشمل بدون دراسة ومشاورة مع اللجان المعنية؟!
كان معلوما أن المستهدف الأول هو ملف الفوسفات، ولذا بادرت لجنة التحقيق الخاصة بالفوسفات على الفور إلى عقد اجتماع، وإرسال مذكرة إلى رئاسة المجلس تقول فيها إنها تحقق مع وزراء ورؤساء وزارات، وكلهم جزء لا يتجزأ من القضية التي توشك أن تصدر فيها التقرير النهائي. وقد أحدث الأمر توترا في المكتب الدائم للمجلس. وبالنتيجة، صدر تصريح جديد يفيد بإبقاء ملف الفوسفات لدى اللجنة. والصحيح أن كل الملفات يجب أن تخضع أولا بأول للتدقيق مع اللجان، ليتقرر بالتفاهم معها الإبقاء عليها أو تحويلها. وكان يمكن التفاهم على ذلك لو سلمت النوايا، وكان الهدف التخفيف على المجلس.
ما حدث يوم الأربعاء كان محاولة لاستباق النتائج وخطف ملفات فساد من يد المجلس، وأولها ملف الفوسفات. وعلى جرأة هذه الخطّة، تبقى مناورة مشروعة برلمانيا من أصحاب المصلحة فيها لولا طريقة إدارة الجلسة، والتصويتات، والعدّ الذي شكك العديد من النواب فيه. وتم تجاهل الأمر بصورة لا سابق لها في التاريخ النيابي، وهي حتما تستدعي وقفة لوضع ضوابط صارمة في طريقة التصويت والعدّ، لأن أحدا لا يقبل لنفسه ولغيره تمرير تصويتات تحمل شبهة التزوير!
يجب أن يعرف المنافقون أن أكبر خدمة للوطن وللعرش ولجلالة الملك هي إظهار الحقيقة. وبعد التحقيق في الفوسفات أصبحنا نعرف أن اسم جلالة الملك كان يزجّ زورا وبهتانا في الصالونات بسبب توقيع الاتفاقية-الفضيحة في الديوان. وهو إثم من المعنيين للتغطية على الفساد. ولو استمر الإصرار على سحب ملف الفوسفات فالنتيجة كارثية أمام الرأي العام، لكن لحسن الحظ سيستمر عمل اللجنة، وستنشر الحقيقة، وسيعلم الذين خانوا الأمانة واستباحوا مقدرات الشعب الأردني أي منقلب سينقلبون.
jamil.nimri@alghad.jo
الغد