اخيرا النيجر تتحدى فرنسا

أخبار البلد- اعلن قادة الانقلاب في النيجر وقف تصدير اليورانيوم والذهب الى فرنسا بعد اتهام الاخيرة الاعداد لعملية عسكرية تستهدف استعادة نفوذها والاطاحة بالانقلابيين في العاصمة نيامي.
الازمة التي تبعت اطاحت الحرس الرئاسي بالرئيس النيجري محمد بازوم تحولت الى ازمة اقليمية تتصدر فيها المشهد فرنسا ؛ علما انها ليست الازمة الاولى التي تواجهها فرنسا في منطقة الساحل والصحراء؛ اذ شهدت مالي ازمة مماثلة انتهت بمغادرة القوات الفرنسية البلاد بطلب من الحكومة العسكرية التي اكدت فشل العملية العسكرية التي قادتها فرنسا على مدى اكثر من عشر سنوات بحجة مكافحة الارهاب.
الامر ذاته تقريبا في افريقيا الوسطى التي استعانت بقوات فاغنر الروسية لضبط الامن لديها فالحرب على الارهاب تحولت لنزيف حقيقي للنفوذ الفرنسي في القارة الافريقية .
ففرنسا التي عجزت عن ادارة علاقاتها بمالي و افريقي الوسطى وتواجه صعوبات في السنغال لا يتوقع ان تنجح في استعادة نفوذها في النيجر رغم توافرها على قاعدة عسكرية تضم اكثر من الف جندي فرنسي ورغم مصالحها الاقتصادية القوية والعميقة بالحصول على اليوارنيوم.
فالجغرافيا النيجيرية تبدو عصية على فرنسا اذ تفوق مساحتها فرنسا بمقدار الضعف اي مليون و200 الف كم مربع مقابل 675 الف كم مربع مساحة فرنسا؛ مساحة شاسعة يصعب ادارتها و السيطرة عليها دون تعاون الجيش النيجيري والقبائل والاعراق التي تكن العداء لفرنسا ولسياساتها الاقتصادية؛ وهي معادلة مسؤولة عن استنزف النفوذ والحضور الفرنسي خلال الاعوام القليلة الماضية لتتوج بالانقلاب في نيامي؛ المعادلة ذاتها التي يصعب التصديق بانها ستعيد النفوذ الفرنسي الى سابق عهده .
فتمكن فرنسا من السيطرة على العاصمة النيجيرية نيامي لن يكون مستحيلا الا ان حفاظها على الامن في الدولة الفقيرة لن يطول وسيكلف فرنسا اضعاف ما ستحققه في المدى القصير؛ ففرنسا واجهتها اشكالات لوجستية خلال الاعوام الماضية دفعت القوى والمليشيا التي دربتها للتمر د على ارادتها في النيجر؛ فعجز فرنسا عن توفير الموارد الكافية عجز حقيقي دفع الحكومة النيجيرية الاستعانة بقوات شركة فاغنر الروسية والنفوذ الروسي لملء الفراغ اسوة بمالي وجمهورة افريقيا الوسطى.
تلويح فرنسا بالحرب لا يتوقع ان يحقق غاياته وردود فعل قادة الجيش النيجيري بوقف صادرات اليورانيوم دليل واضح على ذلك ما سيضطر فرنسا للتفاوض ودعوة دول ( منظمة اكواس ) في غرب افريقيا للبحث عن حلول تتجاوز فرض العقوبات والتهديد بالتدخل العسكري فالفوضى ستفاقم ازمة النفوذ الفرنسي المتاكل .
ختاما .. ازمة فرنسا في القارة الافريقية ليست وليدة اللحظة بل ازمة متدحرجة ازدادت سوءا بمرور الوقت؛ ازمة لن يوقفها تدخل عسكري لم يغب يوما عن المشهد في النيجر او حصار وعقوبات لشعب يعاني الكفاف؛ فالازمة تعبير اخر عن تاكل النفوذ الغربي الاوروبي الامريكي في افريقيا وضعف ادواته فالكلف ترتفع خصوصا ان ما ستخسره روسيا والصين في النيجر لايعد شيئا مقابل ما ستخسره فرنسا من توسع رقعة الحرب والفوضى في البلاد وهي اوراق يلوح بها قادة الانقلاب في النيجر كما لوح بها قادة الانقلاب في مالي من قبل وهو تحي احرج فرنسا وكشف عورتها في افريقيا .