لماذا يتراجع ترتيب الأردن بمؤشرات الحريات الصحفية ?

ضرب الصحافيين بساحة النخيل والاعتداء على مكاتب وكالة الأنباء الفرنسية شكلا ضربة لمكانة الأردن في مؤشر .

* بعد 4 سنوات على اقراره لم يشكل قانون الحصول على المعلومات النقلة المأمولة .

شهد عام 2011 عدة أحداث أثرت على حرية الرأي وحرية الصحافة في الأردن.

ومن أهم ما جرى اجراء تعديلات على الدستور واقرار مجلس الوزراء "الاستراتيجية الإعلامية" التي سرعان ما تراجع عنها بإقراره تشريعات مخالفة لها كانت السبب الرئيسي في استقالة وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الزميل الكبير طاهر العدوان. وكان يمكن للاستراتيجية الإعلامية أن تشكل خارطة طريق للمستقبل وتحل اشكاليات عديدة ظهرت حول دور وسائل الإعلام في المجتمع وخاصة الإعلام الجديد.

وفي آخر تقرير لمنظمة "مراسلون بلا حدود" التي تتخذ من باريس مقرا لها تراجع ترتيب الأردن بمؤشر حرية الصحافة من 120 عاما 2010 إلى 128 عاما 2011 .

ويلاحظ أن دولا عديدة سبقت الأردن في هذا المؤشر منها: هايتي في المرتبة ,52 مالطا والبوسنة ,58 موريتانيا 67 (وهي الأولى عربيا بحرية الصحافة), والكويت ,78 لبنان ,93 ليبريا ,110 قطر ,114 سلطنة عُمان ,117 والجزائر 122 .

ويقع خلفنا في القائمة كل من: تونس ,134 العراق ,152 السعودية ,158 مصر ,166 السودان ,170 اليمن ,171 وارتيريا الأخيرة في القائمة.

وفيما يخص التعديلات الدستورية تمت إضافة تكرار عبارة "تكفل الدولة" مرتين إلى النص الأصلي للمادة 15 من الدستور واضافة فقرة : "تكفل الدولة حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي والرياضي بما لا يخالف أحكام القانون أو النظام العام والآداب". وذلك على غرار الدستور المصري (المادة 49).

وأصبح نص المادة 15 بعد التعديل:

1- تكفل الدولة حرية الرأي , ولكل اردني ان يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ان لا يتجاوز حدود القانون.

2- تكفل الدولة حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي والرياضي بما لا يخالف أحكام القانون أو النظام العام والآداب .

3- تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام ضمن حدود القانون.وهكذا اصبح الدستور ينص على عبارة "تكفل الدولة" 3 مرات وفي ذلك دلالة دستورية عميقة لو يتم تطبيقها. والملاحظ على نص المادة (15) من الدستور الأردني شأنها شأن معظم الدساتير تحيل إلى القانون أمر تنظيم استعمال المواطنين لحريتهم في التعبير ومن ضمنها حرية الصحافة وذلك من خلال استخدامه لعبارة (ضمن حدود القانون).وحسنا فعل المشرع الدستور باضافة المادة 128 إلى نصوصه:

1- لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها.وإن المشرع في تنظيمه لحرية الراي والتعبير بما في ذلك التنظيم القانوني للإعلام إنما يرسخ قيم الحرية واحترام حقوق الانسان. وبعد .. وفي ضوء النص الدستوري لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة هل الممارسات التي تقوم بها الحكومة تتوافق مع النص الدستوري?!

فعندما تتقدم الحكومة بمشروع قانون معدل لقانون هيئة مكافحة الفساد وتضع في عقوبة حدها الأدنى 30 الف دينار و60 الفا في حدها الأعلى هل تضمن بذلك حرية الرأي لكل أردني? وضمان أن يساهم في مكافحة الفساد? وحسنا فعل مجلس الأعيان بعدم الموافقة على التعديل, ومن ثم عاد النواب إلى صوابهم بالموافقة على إلغاء النص.

هل ضرب الصحافيين في ساحة النخيل إعمال لنص الدستور بكفالة حرية الصحافة?

وهل يكفي مجرد علاج الزميل "سامي محاسنه" وعدم تعويضه عن الكسور التي أصابت يده اليمنى - لاحظ أنها يد الكتابة?

كما شكل الاعتداء على مكاتب وكالة الأنباء الفرنسية ضربة لمكانة الأردن في مؤشر حرية الصحافة. وعلى الرغم من تأكيدات الحكومة بأنها ستحقق في الحادثة إلا أنه لم يتم تقديم الفاعلين للقضاء.

وقد أعطى ذلك مؤشرا أنه يمكن تخويف الصحافيين من قبل فئات تأخذ القانون ما دامت الدولة تسكت عن ذلك.



وشهد العالم بأسره المسودة الأولى لتاريخ مصر المعاصر يدون في ميدان التحرير في القاهرة. وكان نموذج "المواطن الصحافي" قد حظي بتقدير في أماكن أخرى, ويستحق النسخ, على طريقة الكمبيوتر, ولا سيما في البلدان العربية مثل الأردن المجاورة. وهناك المئات من "عشائر الانترنت" تفعل ذلك تماما.

قانون جرائم أنظمة المعلومات

وخلافا للممارسات الأفضل في هذا المجال وما اتخذه مجلس اوروبا الذي أكد فيه ضرورة عدم تبني تشريعات منفصلة للانترنت, وعدم وضع تقييدات على مضمون ما ينشر عبر الإنترنت بشكل أكبر مما يتم تطبيقه على وسائل الإعلام الأخرى قامت الحكومة بإقرار قانون جرائم أنظمة المعلومات كقانون مؤقت رقم 30 لسنة 2010 (نشر بتاريخ 16/9/2010 في الجريدة الرسمية عدد 5056 صفحة 5334)

ويفرض القانون عقوبات قد تصل من 5 إلى 15 سنة اشغال شاقة على مخالفيه. ومثل هذا القانون والعقوبات الواردة فيه من الطبيعي أن تؤثر على ترتيب الأردن بمؤشرات حرية الصحافة.

قانون ضمان حق الحصول على المعلومات

صدر قانون ضمان حق الحصول على المعلومات رقم 47 لعام 2007 بتاريخ 17/6/2007 كأول قانون من نوعه في العالم العربي. (نشر القانون في الجريدة الرسمية بعدد 4831 صفحة 4142)

وجاء في الأسباب الموجبة لمشروع القانون ان حرية الوصول الى المعلومات اصبحت الحجر الاساسي في الحريات الصحافية والعامة. وغني عن البيان ان اغلب المعلومات متوفرة لدى السلطة التنفيذية ومؤسساتها, ولترجمة مبدأ الشفافية والمشاركة في اتخاذ القرار لا بد من اتخاذ الخطوات التشريعية والتنفيذية التي من شأنها التسهيل على الصحافي والمواطن للحصول على المعلومات.

ويؤخذ على قانون ضمان حق في الحصول على المعلومات في الأردن أنه يجعل اولوية التطبيق للتشريعات النافذة وليس لقانون ضمان حق الحصول على المعلومات في الأردن, سواء صدرت هذه التشريعات في وقت سابق أو لاحق على إقرار قانون ضمان حق الحصول على المعلومات في الأردن.

ويعتبر قانون حماية أسرار ووثائق الدولة رقم 50 سنة 1971 الذي صدر كقانون مؤقت يعتبر أكبر معيق لتطبيق قانون ضمان حق الحصول على المعلومات.

ما هي الدروس المستفادة بعد مرور 4 سنوات على اقرار قانون ضمان حق الحصول على المعلومات في الأردن?

وبعد مرور اربع سنوات على إقراره يمكن القول بأن قانون ضمان حق الحصول على المعلومات لم يشكل النقلة المأمولة بتسهيل تدفق المعلومات للمواطنين. ولم يغيّر القانون ثقافة السرية الشائعة عند المؤسسات الحكومية. فما زالت نصف الوزارات لا تعرف بوجود هذا القانون كما أن حوالي 40% من الصحافيين لا يعرفون أنه موجود, وذلك حسب نتائج استطلاع نفذه مركز الأردن الجديد للدراسات. كما أظهرت دراسةأخرى اجراها المركز نفسه على أكبر 150 شركة في الأردن أن 75% منها لا يعرف بوجود قانون ضمان حق الحصول على المعلومات, ولم تقدم أي منها طلبا رسميا باستخدام القانون للحصول على المعلومات.

وقد تلقى مجلس المعلومات بضع شكاوى لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة واحدة فقط من صحافي. ويبدو أن عدم اللجوء لتقديم شكاوى لمجلس المعومات سببه أن قرارات المجلس غير ملزمة للجهات التي ترفض تقديم المعلومات لطالبيها.

ومع أن القانون ينص على قيام مجلس المعلومات بإصدار تقارير دورية إلا أنه لم يعلن هذه التقارير على الملأ واكتفى بإرسالها لمجلس الوزراء, مع أن المقصود بالتقرير السنوي إعلانه علانية لبيان مدى استجابة المؤسسات الحكومية بتقويم المعلومات وحجم الرفض والأسباب وبيان جهود مجلس المعلومات في الترويج للقانون.

كما قام مجلس الوزراء بناء على تنسيب من مجلس المعلومات بإقرار قيمة البدل المستوفاة مقابل تقديم المعلومات كما ينص على ذلك القانون.

وتم في القرار تأكيد أن البدل يعطى للأوعية وليس للمعلومات المتضمنة بها. وتم النص على تزويد طالب المعلومات بأول عشر صفحات مجانا, وإذا زاد العدد عن ذلك يدفع الثمن من أول صفحة ويكون ثمن تصوير ونسخ الصفحة 25 فلسا.

المادة 18: يحدد مقدار أي بدل تستوفيه الدائرة مقابل تصوير المعلومات المطلوبة او نسخها بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب المجلس. قرار مجلس الوزراء رقم 502 الصادر بتاريخ 23/1/2008

وقد فشل الطعن الوحيد المقدم لدى محكمة العدل العليا برفض جهة الإدارة تزويد صحافية بالمعلومات.

(قدمت الطعن الصحافية مجدولين علان التي قامت بتحقيق صحافي بدعم وإشراف شبكة أريج إعلاميون من اجل صحافة استقصائية عربية, وكشف التحقيق أن 5% فقط من 130 صحافيا وصحافية, استخدموا حق الحصول على المعلومة.)

وهناك حاجة لمزيد من الجهود للتعريف به وتشجيع استخدامه خاصة لدى الدوائر الحكومية المسؤولة عن إنفاذه. كما أن مؤسسات المجتمع المدني مدعوة للمشاركة لشرحه والترويج لاستخدامه وتسهيل تدفق المعلومات للمواطنين والصحافيين.