الضبابية تخيم على مصرف لبنان مع نهاية ولاية رياض سلامة

أخبار البلد-

 
يواجه مصرف لبنان حالة من الضبابية بشأن قيادته، اعتباراً من الإثنين المقبل، عندما يتنحى الحاكم رياض سلامة بدون تعيين خليفة له، ما ينذر بخلل وظيفي جديد في دولة تعاني بالفعل من شلل سياسي، وانهيار مالي منذ سنوات.

وقال سلامة: البنك المركزي لا يزال بإمكانه احتواء الانهيار المالي في البلاد، من خلال "مبادرات نقدية"، حتى بعدما تنتهي ولايته في نهاية الشهر الجاري.

انهيار مالي كارثي

وقال سلامة (73 عاماً) إن الاقتصاد اللبناني قد ينمو بما يبلغ 4% هذا العام، لكنه لم يذكر مزيداً من التفاصيل.

ويترك سلامه منصبه بعدما قضى فيه 30 عاما، وشُوّهت سمعته بفعل عوامل الانهيار المالي الكارثي، الذي بدأ في عام 2019، وتوجيه اتهامات له بالفساد في فرنسا وألمانيا ولبنان، رغم نفيه ارتكاب أي مخالفات.

وتعكس أزمة القيادة الانقسامات بين النخبة الحاكمة التي لم تتمكن من الاتفاق على رئيس أو حكومة كاملة الصلاحيات منذ أكثر من عام، مما جعل الأزمة المالية تتفاقم بدون جهود تُذكر لمعالجتها منذ عام 2019.

وكان من المقرر أن يجتمع مجلس الوزراء، الخميس، لاختيار خليفة لسلامة، لكن الاجتماع أُلغي بعد خلافات سياسية، وليس في الأفق ما يشير إلى حل على المدى الطويل.

وبموجب القانون اللبناني، يفترض أن يحل أقدم نواب سلامة، وهو وسيم منصوري، محله مؤقتاً. لكنه والنواب الثلاثة الآخرين لن يقبلوا إلا على مضض، وسيضغطون من أجل الحصول على ضمانات سياسية.

وسيتعين على قادة مصرف لبنان الجدد التعامل مع فجوة في النظام المالي، تزيد قيمتها على 70 مليار دولار، ودعم سياسي غير مؤكد في دولة منقسمة للغاية، وغضب شعبي جامح من تبدد الثروة الوطنية والخاصة.

وبالنسبة للبنان، يعني هذا أن منصباً رئيسياً آخر سيبقى شاغراً بشكل رسمي ورهينة انهيار نظام سياسي قائم على أساس تقاسم السلطة بين الطوائف، والذي أدى بالفعل إلى تفشي الفوضى في معظم وظائف الدولة.

الضغط السياسي

حاول رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع بعد شهور لم يتم فيها إحراز أي تقدم بشأن العثور على خليفة لسلامة.

لكن جماعة حزب الله الشيعية المسلحة وحليفها المسيحي حزب التيار الوطني الحر، وكلاهما جزء من الحكومة الائتلافية الحاكمة، يرفضان هذه الخطوات ويقولان إن حكومة تصريف الأعمال لا تملك السلطة لاتخاذ قرار التعيين.

وألغي اجتماع مجلس الوزراء، الخميس، بشكل مفاجئ بسبب عدم حضور الوزراء المرتبطين بهذين الحزبين.

ومنصب حاكم المصرف المركزي، مثل منصب الرئاسة الشاغر، يشغله مسيحي من الطائفة المارونية، واتهم التيار الوطني الحر ميقاتي بمحاولة الاستحواذ على صلاحيات للرئيس عن طريق محاولة تعيين حاكم للمصرف من قبل مجلس الوزراء بينما تعود هذه الصلاحية إلى رئيس الجمهورية.

وهدد منصوري ونواب حاكم المصرف الثلاثة الآخرون الشهر الماضي بالاستقالة، إذا أجبروا على تولي المنصب ويريدون صلاحيات لإقراض المزيد من الأموال للحكومة، إذا لزم الأمر والإلغاء التدريجي لمنصة صرف معقدة لليرة التي تراجعت قيمتها كثيراً.‭

والتقى ميقاتي بنواب حاكم المصرف، الخميس، وقال مكتبه إنه يعتبر مطالبهم مشروعة وإن مقترحاتهم تتفق مع خطة الحكومة، في محاولة على ما يبدو للحفاظ عليهم.

لكن ليس من الواضح ما إذا كان بوسع ميقاتي تنفيذ هذه التغييرات في ظل المأزق السياسي في لبنان. وأحجم منصوري عن التعقيب لكن نائباً آخر هو سليم شاهين قال إنه يتوقع أن يتولى منصوري إدارة البنك المركزي ابتداء من الأسبوع المقبل.

وقال إن نواب حاكم المصرف يمنحون النخبة السياسية 6 أشهر لإجراء إصلاحات بناءة، لكنه لم يفصح عما إذا كانوا سيهددون مجدداً بالاستقالة إذا لم يتم إجراء تغييرات. وأضاف "شرطنا أن تكملوا الإصلاحات المطلوبة، بدءاً بقانون ضوابط رأس المال".

وقال مايك عازار، الخبير في الشؤون المالية في لبنان، إن نواب الحاكم في مأزق وأضاف "السؤال هو هل سيفعلون الشيء الصحيح ويتصرفون باستقلالية، كما يسمح لهم القانون، حتى في مواجهة ما سيكون بالتأكيد ضغوطاً سياسية شديدة".