شبح الحل يسكن مجلس النواب

مجلس النواب الحالي،الاكثر تعرضا للنقد في البلد،اذ ان صورته حظيت بتشويه كبير،لاعتبارات تبدأ بالتزوير في نتائج بعض مقاعده،وصولا الى الثقة التي منحها ويمنحها للحكومات.

هذا الارث الصعب ضغط على مجلس النواب كثيرا من اجل رفع شعبيته،وهو يبحث عن الشعبية،بشكل مفتعل،ولايمارسها بشكل اصيل،لانه تحت وطأة الاتهامات،ولاننسى ان عددا من ذات النواب اعترفوا سابقا انهم نجحوا بالتزوير في هذا المجلس،لتأتي شبهة الدوائر الوهمية،التي افرزت تشوهات اضافية قائمة على التزوير ايضا،بشكل غير مباشر.

بقي مجلس النواب تحت وطأة الاتهامات،وحاول النواب استرداد شعبيتهم،عبر التصعيد احيانا ضد الحكومات،وعبر فتح ملفات الفساد احيانا اخرى،وغرق النواب في لجان التحقيق النيابية،الا ان احدا لم يتنبه الى العقدة الاخطر،اي غياب دور التشريع الى حد كبير،لصالح تحسين السمعة تحت عنوان تفعيل الرقابة.

منذ شهور ومجلس النواب الحالي لم ينجز اكثر من ثمانية قوانين،لان الجلسات تضيع في حق الكلام وفي المداخلات،وفي اللجان،فيأتي السؤال كيف يمكن اضاعة دورة مدتها ستة اشهر،على ثمانية قوانين او اكثر بقليل،وما مصير عشرات القوانين المحشورة في اللجان النيابية.؟!.

بهذا المعنى فإن النواب يتصرفون تحت وطأة الشعور باحتمال حل مجلس النواب هذا العام،بعد ان يمر قانون الانتخاب،واذا كان هؤلاء يخافون الحل ولايريدونه،فإن عرقلة التشريع بات رسالة الى كل المرجعيات العليا والى الناس،تحت عنوان «عليَّ وعلى اعدائي»فالنواب وهم يعدون شهورهم الاخيرة قرروا تعطيل التشريع كليا،وتحويل مجلس النواب الى محطة دعائية صاخبة للانتخابات النيابية المقبلة.

هذا مايجري للاسف،اما تعطيل كامل لدور الرقابة من اجل مصالح محددة،واما نفخ في دور الرقابة،مقابل تحطيم دور التشريع،ولاتجد برلمانا في العالم يقر فقط ثمانية قوانين،خلال فترة قصيرة،لان الجميع تحت القبة يستمتع بإضاعة الوقت نكاية بالمؤسسات الاخرى،وردا مبطنا على احتمال حل مجلس النواب.

اذا كان الوضع هكذا فكيف سيقر النواب ذاتهم قانون الانتخاب حين تحيله الحكومة،ولحظتها سوف يشعر النواب ان حبل الحل التف على اعناقهم،وكيف يمكن التفريط بمصالح الداخل من اجل مصالح مجموعة من النواب لاتريد حل المجلس،وكيف يمكن الاختيار بين اهواء هؤلاء،ومصلحة البلد العامة بالذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة؟!.

الاصل ان يتوقف هدر الوقت تحت القبة فالمادة تأخذ ساعة لاقرارها واكثر،واغلب النواب يتوافقون على ضرورة اضاعة الوقت،دون حساب لكلفة ذلك على البلد،فيما ترقب عين جهات عديدة ما يجري تحت القبة من سلوكيات متعمدة لهدر الزمن،واشغال البلد في معارك جانبية.

نريد رقابة وتشريعا،بشكل متزن،دون ان يسيطر دور على الاخر،ونريد ان يتخلص النواب من مخاوفهم من شبح الحل الذي بات يسكن مجلس النواب،ويدفع النواب الى ممارسات تشي بالثأر والانتقام،والرغبة بعرقلة بلد بأكمله من اجل بقاء مائة وعشرين نائبا.

الحل قادم لامحالة،وكل هذه الالعاب البهلوانية،لن تؤخر قرار الحل،ولن تمنع التغيير في البلد.