عطا مرّ من هنا

أخبار البلد- 

قبل أربعة عشر عامًا ..كان عندي ضيوف ..!! فجأة ..ارتفع بكاء «ابني وطن» لدرجة أنه قطع حديثنا ..!! ركض نحوي و قال و دموعه لا تنشف عن خدّيه : بدي كنـِّسْ ..!! لم أفهم عليه بالبداية ..وكلما حاولتُ التركيز ؛ كلامه مع البكاء (الجعيري ) لا يوضّح مخارج الحروف ..وخصوصًا أنه -يومها- ( ابن سنتين فقط ) ..!! استنجدتُ بأمّه : شو مال وطن يا أمّه ..؟ قالت : ابنك بدّو يكنِّس ..!! إذنْ؛ طموح ابني في الكناسة يومها وركِّزوا على يومها..؟؟!! قلتُ لها : خليه يكنّس ..؟ قالت بحدّة : ما بدي يتعوّد على هيك شغلات ..!! قلت لها جادًا و ساخرًا : بل أريده أن يتعوّد ..فما أدراك يكبر ولا أضمن له أدنى وظيفة أو عمل في ( الوطن ) ؛ هيك بكون معو مهنة احتياط .. !! خليه يكنس يا بنت الناس؛ فكل أحلامه الآن بالتكنيس ..!!

أقول لكم ذلك ..وأنا أتذكر صديقي «بدر عليان» – رحمه الله - ) وهو يحدثني عن ( عطا ) ..!! قلت لبدر الذي كان يسكن منطقة بدر في حي نزال: شارعكم نظيف جدًا ..!! ضحك وقال : لأن عطا مرّ من هنا ..!! اعتقدتُ أن عطا شخصية لمسؤول كبير ؛ عشان هيك عندما يمر ؛ يصبح الشارع نظيفًا بشكل إجباري ..!! ولكن بدرًا استوقفني : حيلك حيلك ..ما عطا إلا وافد مصري يعمل مع عمال النظافة في أمانة عمّان ..ولكنني أتحدى في نظافة عطا كثيرين..!!

وللحقيقة ؛ فإن حكاية عطا استفزتني وشجعتني لأن أُنمّي أحلام «ابني وطن» بالتكنيس ..لعلّ وقت نظافة يقولون : وطن مرّ من هنا ..!! بل لعلني أمر على مواقع كثيرة في أوطاننا العربية المتناثرة و المتناحرة و أقول لعطا : مر عليها كلها يا عطا ..وإيّاك أن تبدأ تكنيسك من مكان لا تعرف خباياه ..بل ابدأ يا عطا من ضمائرنا و مرّ على ما فيها من وجع ..لعلّنا نشمّر عن سواعدنا ونكنّس معك ..!! لـ ( نمرّ ) كلنا من هنا و هناك وهنالك ..!!

ملاحظة على الهامش: ابني وطن الآن ابن 16 سنة أترجاه ينظّف وراه فقط وعلى الغالب ينشّف ريقي عندما يستجيب..!