مخيم جنين .. الأرض بتتكلم عربي

أخبار البلد- الاغنية باللهجة المصرية "الأرض بتتكلم عربي" التي وضعها الشاعر فؤاد حداد وأداها لحنا و غناء الفنان الكبير سيد مكاوي ، كانت والحديث موجه الى زعماء إسرائيل ، ومعهم المطبعين ، عربا و فلسطينيين ، قديمهم و حديثهم ، ان هذه الأرض تتكلم العربية ، لم يقل الشاعر انها تتكلم الفلسطينية او العراقية او المغربية او الخليجية ، وان كلمة الأرض ليست مقتصرة على فلسطين فقط ، بل على الأرض التي تمتد من المحيط الى الخليج .


هذه الأرض التي تتوزع على القارتين الأعظم و الاقدم في التاريخ الإنساني ؛ افريقيا وآسيا ، و بالحضارتين الاعرق ؛ حضارة النيل والفراعنة ، و حضارة كنعان ما بين النهرين ؛ حدائق بابل المعلقة والكتابة المسمارية و مئة اله عبدهم الكنعانيون ومن بينهم آلهات إناث كعشتار .


ليست الأرض تتكلم العربية فقط ، من خلال نحو نصف مليار انسان ، و تتكلم معهم شمس ساطعة و مياه حلوة عميقة ، و ثروات لا تعد و لا تحصى . فما الذي جعلكم تعتقدون انكم قادرون على اختراقها ، ما الذي جعلكم تعتقدون انكم قادرون على تغييرها ، ما الذي جعلكم تعتقدون انكم قادرون على حكمها حتى ولو بالحديد والنار و المسح والابادة .


جنين جزء لا يتجزأ من هذه الأرض ، تتكلم عربي ، و تنتمي بالتالي الى العروبة و نفس الطبيعة الناطقة و الصامتة ، تتاخم المرج ، و البحيرة و جنوب لبنان ، فيها مخيم جاء سكانه من حيفا و عكا والكرمل و صفد و عشرات القرى التي هدمت و دمرت قبل خمس وسبعين سنة ، كيف تعتقدون انه بامكانكم ترويضه و تدجينه و نزع جذوته و نضاله الذي لم يبدأ بالكتيبة ، بل لثلاثة أجيال مضت في طريق المقاومة والفخر والكرامة ، لقد نظر الجيل الرابع ، جيل الكتيبة ، الى سلام الوهم قبل ثلاثين سنة ، فوجد انه لم يجلب الا الخيبة والخداع والصغار للشعب كله والأمة برمتها . حتى الخيمة التي نصبت مؤخرا في قرية الغجر ينظر اليها الجنينيون انها نصبت من اجل نصرتهم ، كما ينظرون الى انهم قادرون بدورهم على حمايتها من الذئاب والخنازير البرية .


لا ينفع و لا بأي حال ، و لا بأي وسيلة ، ولا بأي مجزرة او جزرة ، ان يغير مخيم جنين جلده ، لأن هذا مناف للطبيعة ، و مناف للقيم والأخلاق والأعراف ، و مناف للأرض التي تتكلم العربية .


بعد اتفاقية أوسلو ووادي عربة ، أعاد الفنان الأردني الكبير موسى حجازين أداء اغنية سيد مكاوي (الأرض بتتكلم عربي ، و يا خوفي تتكلم عبري) . مستحيل يا أخ موسى ، مستحيل ان يتكلم مخيم جنين عبري ، و إن تكلم فسيأتيه مخيم بلاطة و عين الحلوة واليرموك و الوحدات ، فيعيدوا الى شوارعه وأزقته عربيته وعروبته .


"الارض بتتكلم عربى قولوا الله / ان الفجر لمن صلّاه" . أما محمود درويش في قصيدته الخالدة "أيها المارون بين الكلمات العابرة" ، فقد طالبهم ان يخرجوا من اربع مفردات "حائية" كل مفردة من ثلاثة أحرف فقط : اخرجوا من بحرنا من ملحنا من قمحنا من جرحنا .